أخبار السودان

هل تسلم الجيش السوداني أسلحة إيرانية؟

أعلن الجيش السوداني عن حصوله على “أسلحة نوعية” قال إنها “ستساهم بحسم المعركة” مع قوات الدعم السريع، وتزامن ذلك التصريح مع تقارير تتحدث عن تزويد إيران للجيش السوداني بأسلحة خلال الـ6 أشهر الماضية، ضمن إستراتيجية تهدف إلى تمهيد الطريق لوجود بحري إيراني على ساحل البحر الأحمر.

الإعلان الذي جاء على لسان مساعد القائد العام للجيش الفريق ياسر العطا، في تصريحات لتلفزيون السودان، تأتي في وقت تتجه فيه الأنظار نحو محادثات جنيف المرتقبة لوقف الحرب في البلاد.

كما يستبق رد الجيش السوداني على الدعوة الأمريكية لطرفي الحرب في السودان، إلى بدء جولة محادثات جديدة تنطلق يوم 14 أغسطس/ آب الجاري في سويسرا.

واعتبر محللون ذلك دليلًا على وجود خلافات داخل معسكر الجيش السوداني حول العملية التفاوضية.

سلاح إيراني

وتحدث ياسر العطا في الترويج للمقابلة التي ينتظر أن يبثها تلفزيون السودان كاملة، اليوم السبت، عن حصول الجيش “السوداني على أسلحة نوعية قادرة على تغيير موازين الصراع المسلح مع قوات الدعم السريع”.

ولم يكشف “العطا” عن الجهة التي منحت الجيش السوداني السلاح، لكن تقارير أشارت إلى أن “إيران زودت الجيش السوداني بأسلحة مختلفة خلال الفترة الماضية”.

بينما أكد المستشار في قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، على منصة “إكس” أنه “إذا كان حديث العطا صحيحًا، فإنه يؤكد وصول الباخرة الإيرانية التي تحمل الأسلحة والذخائر للجماعات الإرهابية التي تقاتل الشعب السوداني، وفي كل الأحوال أشاوس الدعم السريع ينتظرون وصول هذه الأسلحة لاستلامها من هذه الجماعات الإرهابية والتسلُح بها”.

ونشر موقع “بوليتكال كيز” معلومات خاصة عن أن إيران زودت، خلال الأشهر الستة الماضية، الجيش السوداني بالأسلحة، في إستراتيجية تهدف إلى تمهيد الطريق لوجود منفذ بحري إيراني على ساحل البحر الأحمر.

ووفقًا للمعلومات رفض السودان طلب إيران لاستقبال حاملة طائرات هليكوبتر على ساحله، لكن المراقبين يعتقدون أن السودان قد يخفف موقفه مع استمرار حربه مع قوات الدعم السريع.

وقال الموقع إن طائرات “مهاجر-6” الإيرانية كانت حيوية لنجاح القوات المسلحة السودانية في استعادة أجزاء من أم درمان، ويعتقد المحللون أن الخرطوم لن تكون قادرة على تحمل الضغوط الإيرانية.

وأضافت المعلومات أن السلطات الإيرانية استأجرت 17 شقة في بورتسودان، حيث نقل الجنرال عبد الفتاح البرهان حكومته بعد اندلاع القتال في نيسان/ أبريل 2023.

ويرى محللون أن إيران تبحث عن موطئ قدم في المنطقة، وإذا حصلت على تنازلات جيوستراتيجية، ستقدّم المزيد من الطائرات دون طيار.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أعاد السودان وإيران العلاقات الدبلوماسية التي انقطعت في العام 2016، بعد ذلك، بدأت الطائرات العسكرية الإيرانية بالوصول إلى بورتسودان، وبدأت الطائرات دون طيار الإيرانية في استهداف مقاتلي قوات الدعم السريع.

ويذكر أن وجود قاعدة بحرية في السودان سيضع الجيش الإيراني وسط أحد أكثر ممرات الشحن ازدحامًا في العالم، ويظل السماح لإيران بإنشاء قاعدة يفتح الباب أمام هجمات من دول أخرى في السودان، كما أن روسيا تضغط أيضًا من أجل وجودها البحري على البحر الأحمر.

رفع الروح المعنوية

ورأى المحلل السياسي والكاتب الصحفي، أبوعبيدة برغوث، أن “حديث الفريق ياسر العطا، لا يخرج من سياق رفع الروح المعنوية المنهارة لدعاة استمرار الحرب، لجهة أنه، وفق العرف العسكري، لا توجد جهة عسكرية تكشف عن حصولها على أسلحة وإمداد عسكري”.

وقال برغوث لـ”إرم نيوز” إن “مجموعة استمرار الحرب التي يعبر عنها ياسر العطا تعيش حالة من الإحباط بعد ما اكتشفت أن كل السلاح الذي حصلت عليه خلال الفترة الماضية انتهى إلى لا شيء، وأن السودانيين تأكدوا تمامًا أنه لا نصر للجيش، وبدأوا يطالبون بصورة عاجلة بوقف الحرب”.

وأضاف أن “المبادرة الأمريكية حينما طرحت علّق الجميع الآمال عليها في وقف الحرب، لذلك فإن المجموعات المتطرفة التي تريد استمرار الحرب هي التي تصدر مثل خطاب ياسر العطا لرفع الروح المعنوية”.

تناقض بين البرهان ومساعده

بدوره، يعتقد المحلل السياسي علي الدالي، أن “تصريحات الفريق ياسر العطا، تكشف عن وجود صقور وحمائم داخل الجيش السوداني، وتؤكد وجود تيار متطرف جدًا بقيادة ياسر العطا يدعو لاستمرار الحسم العسكري، مقابل تيار آخر يدعو للسلام عبر التفاوض”.

وقال الدالي، إن “تصريحات العطا تظل آراء شخصية لو كانت المؤسسة العسكرية ملتزمة بقانون القوات المسلحة وباللوائح والأسس العسكرية، فإن رأيها هو الذي يمضي”.

وأشار إلى أن “آخر تصريحات لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، تدل على أنه غير رافض للسلام والتفاوض، وأظهر خلالها استعداد الجيش الكامل للسلام عبر التفاوض رغم الاشتراطات التي وضعها، ما يدل على التناقض بين قائد الجيش ومساعده”.

وأضاف أن “التصريحات المتناقضة بين البرهان والعطا تدل على وجود صقور وحمائم داخل الجيش السوداني، الأول بقيادة ياسر العطا وبعض الإسلاميين الذين يعبرون، بشكل مباشر، عن ضرورة استمرار الحرب حتى الحسم العسكري، يناصرهم في ذلك بعض الضباط الإسلاميين داخل الجيش، الذين يرفضون، بشكل مباشر، مسار التفاوض”.

وأكد أن “الرأي الأكبر داخل المؤسسة العسكرية، والذي يعبر عنه البرهان، يبدو أنه لا يرفض السلام”.

وأشار الدالي إلى أن “خيار الحسم العسكري مستبعد جدًا؛ لأن المعطيات تجعله غير ممكن، ويستغرق وقتًا طويلاً، كما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في الاقتصاد، ويستنزف الجيش نفسه”.

موقف تفاوضي

واعتبر المتحدث الرسمي باسم تنسيقية “تقدم” بكري الجاك، أن تصريحات ياسر العطا، تأتي في سياق تصاعد التوتر بين الأطراف المتقاتلة، حين يقترب موعد التفاوض، “وذلك بغرض تحسين الموقف التفاوضي لكل طرف بما يمكن أن يحققه في الميدان، وفق عرف النزاعات”.

وقال الجاك، إن “(تقدم) لا ترى أن ما يدور في السودان هو صراع تقليدي، وسيكون للسيطرة في الميدان انعكاس كبير في التفاوض، أو في إعطاء أي طرف أفضلية تفاوضية”.

ودعا القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع للتهدئة، وتجنب أي تصعيد عسكري؛ لأنه ستكون له آثار سلبية على المدنيين أكثر من أن تكون له قيمة أو أثر في تحسين الموقف التفاوضي.

وأضاف أن “الحقيقة الماثلة، الآن، أن جموع الشعب السوداني في معسكرات اللجوء، وفي مقار النزوح، وفي الفيافي، والعراء، تتطلع إلى الوصول إلى السلام، وعودة الحياة المدنية من خلال مفاوضات جنيف المرتقبة في الرابع عشر من هذا الشهر”.

وأردف أن “الخيار الأسهل والأقرب هو التفاوض والحوار، معتقدًا أنه رغم التصريحات التي تدعو لاستمرار الحرب، إلا أن التفاوض هو الأقرب للتحقق لإنهاء الأزمة في السودان”.

 

    المصدر :

  • إرم نيوز

‫3 تعليقات

  1. في المسرح السياسي الدبلوماسي للحرب على السودان

           كتبه /  د. ابراهيم البشير عثمان
               سفير سابق وأستاذ العلوم السياسية

    ما من حرب واحدة في التاريخ ، بحجم حرب السودان الراهنة ، الا و  تجري على مسرحين..
    مسرح قتالي عسكري مؤقت ، طال امده او قصر .
    و مسرح سياسي – اقتصادي- قيمي.. أطول عمرا ،  و أكثر عمقا  و أبقى أثرا في حياة الشعوب.. هذا هو الذي من أجل غاياته الاستراتيجية  تجيش الجيوش و تشن الحروب. و لقد صدق كلاسوتز حين قال :” war is continuation of politics by other means ” اي الحرب استمرار للسياسة بوسائل اخرى ”

    فلا ينبغي إن يغرب للحظة عن ذاكرة شعب السودان  و قيادته ، إن معركة  أشد وطأ ، على الصعيد السياسي  – الدبلوماسي يلزمنا خوضها تماما كما نخوضها على المسرح العملياتي الميداني .
    فمثلما حشد العدو قبل 15 ابريل 2023 ، اقصي ما استطاع من لوازم الحرب ضد شعب السودان وجيشه : بالجند و المرتزقة ..  و بالتدريب و التمويل والسلاح.. و بالاسناد الدبلوماسي الدولي و الاقليمي  ، وبشراء ذمة كل  من توفرت عنده  القابلية لبيع ذمته ، فأنه  يحشد اليوم كذلك ، و بذات الأدوات و المنهج ، مواقف  دول و قادة و منظمات على الصعد الاقليمية و الدولية ، من أجل حرمان السودان من بلوغ نصر كاسح ، به تتحرر  ارادته الوطنية الخالصة و يتحقق استقلاله و سيادته على ارضه. 
    يحشد العدو اليوم سائر مستلزمات المواءمة الظرفية التي بها يتحقق له ما لم يتمكن من انتزاعه – لبلوغ اهدافه الاستراتيجية – بقوة السلاح .
    أن الهدف الاستراتيجي الأعلى للحلف الرباعي الذي شن الحرب على السودان قد افصحت عنه يوميات الصراع نفسه بكل وضوح ، قولا و فعلا , وهو انهاء دولة السودان و ازالتها من خريطة العالم ، بعد القضاء على جيشها، و ايلولة ميراثها – بمقادير متفاوتة – لكتل التحالف الأربع .

    التحالف الذي انخرط في الحرب على السودان يتألف من  كتل أربع ، متساندة و متناسقة ، بأعلى درجات الأعتماد المتبادل ، لكل منها دوره المرسوم حسب المتاح  الظرفي في فضاء حركته ، لكن الهدف الاستراتيجي النهائي واحد..هو تفكيك السودان بدءا بتفكيك جيشه.

    الكتلة الأولى :
    تحالف دولي تقوده بريطانيا و امريكا و فرنسا و اسرائيل و الأمارات المتحدة.  و كأنما أوكل شركاء هذه الكتلة للأمارات  – او كان ذلك طوعا من ذاتها – أن تتولى مهام السيطرة و التوجيه و القيادة ، بما في ذلك الكلفة المالية و اللوجستية و سائر مطلوبات التنسيق و القيادة .
    ففي عواصم هذه الكتلة تم تصميم مشروع  تفكيك السودان ،  لسنين خلت ، منذ ان كان ذلك نظرية “خام ” تعتمل مدارستها خلف ابواب مغلقة في اجهزة مخابراتها ، و في مراكز  فكرها الاستراتيجي ، انتظارا لانضاج الظروف التي تجعل انفاذ المشروع ممكنا. و قد تواترت ثم تكاملت هذه الظروف بصناعتها للحراك  الذي انهى حكم الأنقاذ.. وبزوال الأنقاذ أزيلت العقبة الأكبر أمام مشروع تفكيك السودان . وقد راى الناس كيف  تصدر سفراء هذه الكتلة (بتنمر  طاغ) ذلك الحراك .  تلك ممارسة استباحت تماما سيادة السودان ، في سلوك لم تسجل مدونات التاريخ الدبلوماسي العالمي له نظيرا .  فالعلاقات الدولية المعاصرة لم تعرف وظيفة حظيت ممارستها بتنظيم قانوني شديد الدقة و التفصيل كما شهدت  وظيفة التمثيل الدبلوماسي  . فمنذ   مؤتمر فينا 1815حين نشأت فكرة التمثيل الدبلوماسي المقيم ، مرورا بكل تعرجات العلاقات بين الدول- عبر القرون – حتى ميثاق الأمم المتحدة ، و انتهاء باتفاقية فينا 1961 التي تفصل بدقة ما يجب التزامه في ممارسة  التمثيل الدبلوماسي . ثم اتفاقية فينا 1963 التي تنظم بذات النهج العلاقات القنصلية . هذه هي أدوات القانون الدولي الحاكمة للتمثيل الدبلوماسي . غير أن سفراء هذه الكتلة استمرأوا استباحة البلاد و انتهاك سيادتها . فلقد كان منسوبو الكتلة الثالثة في هذا الحلف (كما نبين ادناه )  موظفون تحت ادارة هذه الكتلة الأولى . فهي التي دفعت، و ما انفكت تدفع ، رواتبهم و تكاليف حركاتهم ، و هي التي كانت تصنع  سياسة البلاد الداخلية و الخارجية في سنوات حمدوك و قحت ، و هي التي ترفع اليها تقارير أدائهم . بل ذهبت هذه الكتلة في يناير 2020 الى مخاطبة الأمين العام للأمم المتحدة سرا  ،(باسم حمدوك) لأنشاء بعثة سياسية تتولى بالكامل ادارة السودان في جميع شعاب الادرة . و بذلك سعت  بتخف ماكر لتصفية استقلال البلاد و وضعها فعليا تحت الأنتداب الدولي .
    تلك كانت حالة ” الرق المنحوس ” التي وفرتها غيبوبة الدهر الكبرى في أخر 2018 و ما بعده  . فقد تهيأت سوانح تولدت منها اغراءت  المتربص الأجنبي  بأستعمار السودان…
    ” االرق المنحوس ” (بهذه المناسبة ) مصطلح نحته العلامة عبدالرحمن الكواكبي عندما كان يخط كتابه الموسوم ” طبائع الاستبداد و مصارع الأستعباد ” ، ويعني به هيمنة و استغلال القوى الأجنبية المترصدة لحالة الضعف المتردي في دولة ما قضت أقدار الله أن تنزلق في مهاوي التيه العدمي .  فلقد تلقفت هذه الكتلة – المترصدة أصلا بالسودان – حالة الغيبوبة حينذاك ، وتولت بذاتها التحكم في وجهة البلاد .

    و الكتلة الثانية:
    تحالف اقليمي من تشاد ، و بعض اعيان دول الساحل الأفريقي ، وأفريقيا الوسطى ، وكينيا ، ويوغندا ، و اثيوبيا،  و ليبيا حفتر، و جنوب السودان..ثم عناصر قيادية في المنظمات الاقليمية ( الاتحاد الأفريقي و الايقاد) . وقد ضخ بين عناصر هذه الكتلة مال سياسي كثيف اتخذ صورا متعددة ، حتى ازكمت أخبار الرشاوي أنوف الأفارقة على نحو لم يسجل التاريخ له نظائرا . المراد من هذه الكتلة توفير إسناد اقليمي  قاري  تطوره حليفتها الكتلة الأولى – حين نجاحها في الاستيلاء على البلاد و تدمير جيشها –  الى إسناد دولي يدعم ويعترف بنتائج امانيهم في مشروع تفكيك السودان.

    الكتلة الثالثة :
    صنعت الكتلتان – الدولية و القارية – تحالفا سودانيا وظيفيا داخليا تخيروا لعناصره كيانات و احزاب وافراد تتولى ظاهريا قيادة البلاد على اثار  أمانيهم في تحطيم الجيش السوداني و قتل قيادته ، كما كانت تمضي  مخططاتهم في منتصف ابريل 2023 . كانت امانيهم الجانحة أن يكون الأمر خاطفا  في بضع ساعات أو بضع أيام . و كان ذلك التاريخ هو الذي يشهد ميلاد دولة  جديدة ،   بقيامها يزيلون  فعليا من خريطة العالم بلدا أسمه السودان كما يعرف نفسه ، و كما يعرفه العالم . وقد أعدوا الساحتين الاقليمية و الدولية لاستقبال هذا السقط الحرام و الأعتراف به.

    المنهج المصمم لبلوغ ذلك الهدف الاستراتيجي ، هو ذات المنهج الذي جربته – قبل ثمانبة عقود – اطراف  الكتلة الأولى نفسها  في فلسطين , حين مكنت بريطانيا و حليفاتها العصابات الصهيونية من ارض فلسطين . ضع مليشيا الدعم السريع اليوم مكان عصابات الصهاينة ، الهاغاناه و والارجون في اربعينات القرن الماضي ، و ضع حميدتي و اخيه في مكان  شامير  و مناحم بيجن ، و سيمثل بين ناظريك تطابق السلوك و الاداء الميداني لدي العصابات الصهيونية في فلسطين و عصابات المليشيا الجنجويدية في السودان ,  و سيستبين لك في كلا الحالين  تطابق المنهج بالتمام و دون أدنى شطح او تزيد .  فإن ما اعدوه للسودان هو اعادة انتاج  المنهج الصهيوني – ( الاستعماري – الاستيطاني – الاستئصالي- الأحلالي ) المجرب القديم.

    الكتلة الرابعة :
    الدعم السريع . وهو الموكل إليه – و بأسناد الكتل الثلاث المتحالفة – تنفيذ الهدف الاستراتيجي على الأرض : تفكيك الجيش السوداني بعد قتل قيادته ، و تلك هي المقدمة اللازمة لتفكيك البلاد كلها . فقد اوعزوا لقيادة الدعم السريع ، تحت أحساسها الطاغي بالقوة العسكرية و المالية ، معززين ذلك بوعود مغلظة ، إن يحظى استلاؤهم على البلاد بدعم يشمل العالم كله ، بما في ذلك اعتراف امريكا، و أوربا، و اسرائيل ، و دول عربية على رأسها الأمارات ، فضلا عما بات مضمونا  لهم دعم و إسناد الاتحاد الأفريقي و الايقاد و توابع الكتلة الأولى في افريقيا . وبسطوا بين يدي حميدتي وشركائه و أسرته ، وهم الملاك الحصريون للدعم السريع ، رغائب  لم تخطر على قلب أحد منهم . رغائب جامحة بقيام مملكة ثرية و قوية  على انقاض دولة كان اسمها السودان !! أما حميدتي نفسه ، فأغدقوا له وعدا غرسوه في مدارك سمعه و بصره . وعدا بشجرة الخلد و ملك لا يبلى !!
    لا يماثل ما وسوست به كتل هذا الحلف في روع حميدتي و عشيرته إلا ما وسوس به ابليس في اذنى  آدم و حواء أذ اخرجهما من الجنة ، و  دلاهما بغرور  ليذوقا شجرة الرغائب الشيطانية حتى بدت لهما اليوم سوأة الكذبة الكبرى . و كأني بمن غرسوا في كيانه رغائب الملك العريض ، بنشدون اليوم  مع من قال :
    ما دمت يا أغبى الملوك صديقنا
                  فلنا بحسن غبائك استثمار !!

    أردت  مما سبق  وضع القوى المنخرطة في حرب الشعب السوداني و جيشه في قوالب انتسابها المتساندة  . وهذا  – كما اقدر – شأن كل معالجة منهجية يقود تسلسلها المنطقي الى استلال الخلاصات  المتأسسة على حقائق جلية تمشي على الأرض.

    علينا جميعا  ، قيادة و شعبا ، التأمل المتبصر ،   في الاسئلة التقريرية التالية ، و التي بنيت على معطيات التوصيف المنهجي  اعلاه .  فأذا تحقق التجرد من كوابح و كلابيب و تغبيش الأنا ، سواء أكان ذلك الأنا حظ نفس او طائفة أو حزب أو قبيلة او أي كيان جزئي.. اذا تحقق ذلك فأن ما يتولد من خلاصات هذه الاسئلة ستبدو  بدهيات منطقية.
    أول هذه الأسئلة هو : من هو عدو اهل السودان  الذي يقتلهم و يخرجهم من ديارهم و ينهب ما يملكون و يدمر مؤسساتهم التي أنشأوها عبر سبعين سنة بشق الأنفس. ومن يهتك اعراضهم ، و يبيع نساءهم سبايا في نخاسات أفريقيا في القرن الحادي و العشرين..
    الجواب المكشوف الذي استبان لكل ذي بصر و بصيرة أن عدو السودان هو من ألف حشدا دوليا و اقليميا صنع من كياناته هذا الحلف الرباعي المشؤوم لانهاء وجود السودان ، بداء بتحطيم جيشه..
    فتراكيب هذا الحلف بكتله الاربع  هي  التي تشن الحرب على أهل السودان  بتضامن و تكامل و تناسق .
    و لكل من  مكونات هذا الحلف دور يناسب حاله . فمنهم من تولى التمويل و التسليح ، و منهم من تولى حشد المرتزقة و مباشرة أعمال القتل و النهب و الدمار و هتك الاعراض ، و منهم من تولى الدعم السياسي و الدبلوماسي على المستويين الاقليمي و الدولى ، و منهم من تولى  الاصطفاف السياسي الداخلي و مهام الاستخبار و عمل الادلاء الذين يرشدون القتلة الى ضحاياهم و من يتولون ادارة  الحرب الدعائية و النفسية.
      فهل ترك هذا التشكيل العدواني لأهل السودان غشاوة تصرفهم عن رؤية مكوناته المتحالفة و المتساندة ؟ وهل  من احد لا يزال جاهلا بالادوار المتناسقة التي تنفذها  كل واحدة من مكوناته ، ضمن استراتيجيته الكبرى ؟ و هل من عاقل يمكن أن ينزل أيا من مكونات هذا التحالف الابليسي منزلة الوسيط النزيه المحايد ، كما تسعى اليوم امريكا و الامارات !؟ بينما تتولى بريطانيا عرقلة مظلومية السودان أمام مجلس الأمن  و الهادفة الى ادانة حليفتها الأمارات بالاشتراك الجنائي في جرائم الحرب ؟

    و ثاني الأسئلة هو : ما هي الغايات الاستراتيجية التي من أجلها تشكل التحالف المشؤوم  ودارت من أجل تحققها عجلة هذه الحرب بكل ما اصبح شاهدا من قتل و سحل و دمار و دماء ؟
    الاجابة هي : إن الغاية الأستراتيجية هي الاستيلاء الكامل على البلاد..على الأرض خالية من سكانها.. في أكبر تجربة استعمارية – استيطانية – استئصالية – احلالية في تاريخ أفريقيا . تجربة تقوم على ساقين  هما: التفكيك..واعادة التركيب . او  الابدال .. ثم الاحلال . تجريد السكان من ارضهم بكل أشكال القهر المادي و المعنوي..و احلال أخرين مكانهم.. حرث ديموغرافي عميق، ثم غرس بشري جديد.
      التاريخ الاستعماري لمكونات الكتلة الأولى في هذا الحلف يعج بمخزون كثيف من تجارب الابدال و الأحلال، كما حدث للهنود في امريكا . و كما احدثه اطراف هذا الحلف بالذات لأهل فلسطين . و كما حدث لسكان استراليا الأصليين. و كما حدث لأهل جنوب افريقيا . و لسكان الكاريبي الأصليين…الخ. فقد ارتبط الاستعمار الاستيطاني في جميع تجاربه بمبدا الأبدال و الاحلال. و ما تخلفت ابدا اداتان يعملهما لبلوغ ذلك الهدف في كل بلد حل فيه : أداة الأزالة الكاملة لكل مظنة للمقاومةtotal elimination .l ، او أداة الابادة الجماعية genocide  عندما  يكون ذلك ضروريا لتحقيق الابدال الكامل.
    السؤال الثالث المترتب على هذه الحقائق المجردة هو: هل   لأعمال الدعم السريع في كل تجمع سكاني هاجمه صفة اقل من أزالة elimination واستباحة كل شيء ( البيت و المال و الممتاكات و العروض) . ؟ او هي أقل من صفة الابادة الجماعية genocide  ؟ الأجابة مبذولة بوفرة شهدها كل العالم ما عدا كتل هذا الحلف الأربعة.  اسألوا عنها المساليت في الجنينة واردماتا .. و ود النورة و الشرفة.. و الرهد .. و أم صميمة ..بل سلوا عنها كل بيت في كل قرية أو مدينة حل فيها الجنجويد  بمساندة و تضامن  حلفائهم من كتل الحلف الرباعي الشرير.
    فهل نرى من سياق الصراع و يومياته ، اقلاعا عن أهداف الحلف الاستراتيجية التي من اجل بلوغها استفرغت كتل التحالف كل وسعها..؟
    عشرات الاسئلة الموضوعية تتناسل لتأكيد حقيقة كثيرا ما يجنح بعضهم لتغافل دلالتها المركزية في الحرب الراهنة..حقيقة الفعل المتضامن و المتناسق لمكونات التحالف الذي يقود الحرب على شعب السودان و قواته المسلحة.
    الكتلة الأولى في الحلف الشرير هي القاطرة التي تجر خلفها الثلاث الاخريات. و هي التي تبتدر بدائل الصراع حسب منطوق الوقائع الظرفية التي تنتجها تفاعلات الحرب اليومية . فإن بدت دلائل خسرانهم القتال راجحة ، ذهبت لتفتح مجرى اخر من مخزوناتها السياسية والدبلوماسية و غيرها.. و مثلما حشدت للحرب انصارا في افريقيا ( دول و منظمات ) تحشد لبديلها الظرفي داعمين من ذات المصادر . و إذ تفعل كل  أحابيل  الدبلوماسية الجبرية  coercive  diplomacy ، التى اعتادت أعمالها بأضطراد منذ نهاية القطبية الثنائية ، تظل أهدافها ثابتة بانتظار وقائع ظرفية مواتية لاستئناف زحفها نحو الهدف الاستراتيجي.. هدف التفكيك  ثم اعادة التركيب . او بعبارة ربما أكثر وضوحا ؛  هدف الاستئصال ثم الأبدال و الاحلال ..و أعادة انتاج الاستعمار الاستيطاني القديم بخصائصه التي ذكرنا..
    و من مخزونات تجارب الكتلة الأولى في ادارتها لصراعها الاستراتيجي معنا ، خلال الاربعين سنة الماضية ، استلت امريكا – بتضامن و تنسيق جهير مع رصفائها في الحلف الرباعي – استلت فكرة محادثات جنيف .
    منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، حينما انفردت الولايات المتحدة ببسط نفوذها على العالم ، أثر تفكك الاتحاد السوفيتي ، لم يتغير كثيرا منهج التعاطي الثنائي مع السودان . ظل العنوان المميز لعلاقتها معنا هو أعمال الدبلوماسية الجبرية coercive diplomacy القائمة على افتراض فعالية ركائزها الأربعة : 1/ المطالبات المضطردة المتناسلة ، او – بتعبير ادق- اصدار الاوامر..2/ وجوب الاذعان لتلك الأوامر.. 3/ التلويح بالعقوبات..4/ وعود ( لم تتحق يوما ) ان تم الأذعان للمطالبات و الاوامر . تلك هي أدوات الدبلوماسية الأمريكية الجبرية تجاه السودان على مدى أربعة عقود.
    حين كان السودان يتحاشى المواجهة غير المتكافئة مع امريكا فيما مضى ، كان حريصا أن تتأسس علاقاته معها ( ومع كل العالم ) دون التفريط في سيادته و استقلاله . و إن نتعاون في المشترك الإنساني العام  ، وإن نحترم الخصوصيات الثقافية و المجتمعية والدينية لكل أمة .  غير أن نوازع الهيمنة – تحت احاسيس القوة – هي التي طغت على موجبات التعايش السلمي و التعاون و اعتماد علاقات صحية بين الأمم..حتى شاع قول من قال  what is good for the west should be good for the rest.. أي ما يراه الغرب خيرا يجب إن يراه غيرهم خيرا.

    ما تراكم من دروس علاقتنا مع امريكا في ماضينا القريب ،  لا يزال طريا في ذاكرة الدبلوماسيين السودانيين .
    بعيد عودة جون قرنق من امريكا بعد اتمام دراسته للدكتوراة في جامعة ايوا ،  قاد عام 1983، بدعم أمريكي متعدد  الجوانب تمرد الحركة الشعبية . لم تشفع للرئيس نميري انحيازه الكامل للسياسة الأمريكية انئذ ، حتى يكف حليفها قرنق عن تمرده . فأهداف الحركة الشعبية يومها  هي أهداف امريكا الاستراتيجية ، فلا ينبغي تخليها عن حليف استراتيجي مؤكد من أجل صديق وظيفي مؤقت . ذهب النميري و جاء سوار الذهب ثم الصادق..و تمدد دعم امريكا و حليفاتها للحركة الشعبية في خط تصاعدي مستمر .

    ثم جاءت الأنقاذ من أجل أنقاذ السودان من السقوط في جحيم المشروع  الاستئصالى  ( شديد التماثل لدرجة التطابق مع ما يجري الان : اقرأ منافستو الحركة الشعبية عام 1983)  للحركة الشعبية ، وهي تدرك  يقينا حقائق دعم امريكا  السياسي و اللوجستي لها .
      في العام 1996 لم تعد الحركة الشعبية تسيطر على اي موقع كانت تحتله قبل هذا التاريخ . هنا  تكاثفت  وتائر الدبلوماسية الجبرية الأمريكية لأنقاذ جيش قرنق . لأجل ذلك صممت ما كان يعرف ” بشريان الحياة ” وهو خط الامداد بالمؤن و العتاد العسكري الذي ظل يغذي الحركة الشعبية لعشر سنوات لاحقة . انه منهج معتاد للدبلوماسية الجبرية تسعي امريكا اليوم لأعادة انتاجه في جنيف .
    اكثر من عشرين عاما كانت امريكا و الترويكا داعمين يفيض وافر لحركة الجيش الشعبي بكل مطلوبات الصراع ضد السودان . و تحطمت  على مدى عشرين عاما عشرات الدعوات من حكومات السودان المتعاقبة لوقف اطلاق النار و الجنوح لتسوية عادلة . تحطمت تلك الدعوات تحت ضغوط أمريكا وحلفائها على الحركة الشعبية لرفض التسوية مع حكومة السودان .
    ثم ضخ النفط السوداني في اغسطس 1999 . و ما لبث أن بدت اثاره الموجبة على مجمل الحياة ، كما كان موجبا على تسليح و امداد القوات المسلحة . في هذه المرحلة فقط ظهر  التحول المتسارع من جهة امريكا والغرب عموما ، لأنهاء التسوية السياسية إعجل ما يمكن . تقديرات الموقف الأمريكي كانت تقول إن الصعود الأقتصادي للسودان حينها بسبب عائدات النفط لا بد أن يفضي للصعود في وتائر التصنيع العسكري و ما يترتب عليه من اختلال في موازين القوة لصالح السودان . واصبح من كانوا  – لأكثر من عشرين سنة –  يحرضون حركة قرنق لتمتنع عن اجابة أي دعوة للسلام ، يسارعون مع عقارب الساعة لوقف الحرب و المضي الى تسوية سلمية . لم تكن تلك دعوات منشأها الرغائب الإنسانية الخيرة  المحبة للسلام ، و انما  حركها توجس مقلق لديهم من تفوق الجيش السوداني بسبب ما توفر له من عتاد وامداد . و لأجل ذلك أجرى الرئيس الأمريكي بوش الابن محادثات هاتفية بالرئيس عمر البشير ، وزار الخرطوم  وزير الخارجية كولن باول ، و الامين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ، و اعداد  لا حصر من الدبلوماسيين و السياسيين و البرلمانيين – امريكيين و اوربيين – جميعهم ينسج على منوال واحد هو  ؛ ابرام التسوية السياسية مع الجنوب  و بنحو متسارع . وظلت الاداة الابرز في جميع ذلك الزخم هي أداة الدبلوماسية الجبرية.
    وفي هذا السياق – كما كتبت وزيرة التعاون الدولي النرويجية هيلدا جونسون – عمد إثنان من أعضاء الكونغرس الأمريكي هما دونالد باين و ثوماس تانكريدو الى تحرير رسالة الى الرئيس الأمريكي بوش الابن تحوي إثني عشر إسما لسودانيين ، جلهم ضمن الفريق الحكومي المفاوض في نيفاشا ، يتهمانهم فيها بتهم زائفة بأعمال ارهابية أبان فترة سابقة من حياتهم السياسية . ويدعوانه لاصدار عقوبات بحقهم . و انتهى سيناريو تلك الضغوط بأصدار ما أسموه قانون سلام السودان . جميع ذلك الحراك المحموم كان هدفه استخلاص صيغة للتسوية تحت التهديد تتبنى ما تريد امريكا حصاده من استثمارها السياسي طويل الأجل في حرب الجنوب . ( أظن القارئ الكريم يرى التماثل المتطابق مع ما يجري هذه الايام !!)
    قالت الوزيرة النرويجية هيلدا جونسون – وقد كانت دائمة الحضور في نيفاشا – انها بتنسيق مع حلفائها الامريكيين نقلت مضامين تلك الضغوط و التهديدات للفريق الحكومي المفاوض علها تحدث شرخا تتسرب منه رغائب الامريكيين في استخلاص اقصى ما يمكنهم من املاءات . كان رد الفريق المفاوض إن ابلغوا هيلدا بأن مثل تلك الضغوط و التهديدات لن تنتج حصلية موجبة في خزائن من أطلقها.
    على هذا المنوال  كانت تجري – ولم تزل – مناهج   الدبلوماسية الجبرية الأمريكية..و الراجح عندي اعمالها فيما دعت إليه ادارة بايدن في أخر أيامها هذه قائد الجيش الى جنيف ، مدفوعة في ذلك بما استجد من تغيرات مهمة لمراكز القوة في النظام الدولي الراهن ليست في مصلحة امريكا ، خاصة ما بدى واضحا إن قطبا دوليا عالميا موازيا يجري تشكله بتقدم نشط .  هذا قطب تخلو صحائفه من أدوات التسلط الجبري التي كانت و لم تزل هي ما يصبغ علاقات السودان بأمريكا و حلفائها في الكتلة الأولى من تحالف العدوان على شعب السودان و جيشه.

    و لكن دعنا نفترض إن الرئيس البرهان قرر المشاركة في هذا الأجتماع ، و هو أفضل سيناريو للامريكيين و الاماراتيين مثلما هو أفضل سيناريو للدعم السريع و حواضنه السياسية .
    لكنه بالمقابل السيناريو الاسوأ للمؤسسة العسكرية السودانية بفصائلها المختلفة ، و للغالب الساحق من الشعب السوداني .
    وفق هذا السيناريو المتخيل تثور عدة اسئلة :
    + هل سيحضر البرهان بصفته رئيسا لمجلس السيادة ، و بهذه الصفة فهو رأس الدولة  و المسؤول الاعلى فيها بمؤسساتها المدنية و العسكرية.
    + أم  بصفته قائدا للجيش السوداني فقط يواجه في الطرف المقابل قائد الدعم السريع ؟
    وفق هذا الموقف المتخيل فإن الرئيس البرهان إن استجاب للدعوة – كما أرادوا – ممثلا للجيش فقط :
    –  فقد اسقط بطوع ارادته صفته الدستورية كرأس للدولة.
    –  وأسقط تبعا لذلك قراره بحل الدعم السريع .
    – وأسقط قراره باعتبار الدعم السريع كيانا ارهابيا متمردا يجب قطع دايره .
    –  وبهذا يعيد صياغة التكييف السياسي و القانوني للدعم السريع بشكل يماثل حركة قرنق ( 2005) و جبريل و مناوي اليوم . و هكذا يكون الجيش السوداني قد اصبح  فصيلا متوازيا  مع غيره من الفصائل.
    + واعادة قائد الدعم السريع و أخيه الى موقعه السابق نائبا لرئيس مجلس السيادة ، و فك تجميد ارصدة الدعم السريع في البنوك . و دفع ديات حوالى 150000 قتيل منهم ، و علاج اعداد مماثلة من الجرحى . و اعادة معسكراتهم التي استولت عليها القوات المسلحة.
    + و إعلان وقف لأطلاق النار تبقى بموجبه قوات الدعم السريع في مواقعها التي احتلتها . و الزام الجيش السوداني بالكف عن مهاجمتها . و ترجمة كل ذلك في وثيقة تتبناها الأمم المتحدة و الاتحاد الأفريقي و الايقاد. و على ذلك تستقدم قوات دولية تفصل بين ” الفصيلين”! ويبقى الوضع هكذا لسنين طويلة  تترسخ أثناؤها تماما اهداف الحلف الشرير في الأستيلاء على السودان ، بعد تمزيق اوصاله بين هذه الكانتونات.
    + وتذهب موجهات النقاش في مثل هذه الحالة الأفتراضية الى إن الأمر كله خلاف بين شخصين هما الفريق أول عبدالفتاح البرهان و الفريق أول محمد حمدان دقلو.
    +  إن مشروع  التسوية بمعالمه الأفتراضية هذه (  لكنها الأكثر قربا للحقيقة ) قد تم أعداده مسبقا – قبل الدعوة الى جنيف  – على نحو  قد لا يتطابق بالتمام  مع جميع  ما كان قبل منتصف ابريل 2023  ، لكنه محاولة جادة بأحابيل  سياسية جريئة للقفز مباشرة لبلوغ الاهداف الأستراتيجية للحرب..أهداف الاحتلال الاستيطاني -الأستئصالي – الاحلالى ! ولم تكن حقيقة الدعوة الى جنيف الا اخراجا شكليا لما تم تصميمه في عواصم  الكتلة الأولى التي تقود تحالف الحرب على السودان .
    + وفق منطق هذا السيناريو . لا يبدو ثمة مجال يخص قضايا قتل الناس و سلبهم و هتك أعراضهم و نهب ممتلكاتهم و دمار المؤسسات و احتلال البيوت. سيتم القفز على كل ذلك دون أن يطرف لهم جفن . معلوم أن هذه هي القضايا  التي تضمنها اتفاق جدة الشهير ، و التي يثير  حتى مجرد طرحها  غضب جميع كتل التحالف الأربع . و لم يصمم منبر جنيف – كما يدل التوليد المنطقي – الا للتخلص مما التزموا به هناك في جدة !! 
    فمنهج التناول المناسب لهم إن يظل التداول ثنائيا man to man لا مكان فيه لمؤسسات دستورية تحكمها قواعد العمل الحكومي المؤسسي . لأجل ذلك فأن الدعوة لجنيف تجنبت بمكر شديد الصفة الدستورية للسيد البرهان كرئيس لمجلس السيادة و للجهاز الحكومي التنفيذي .
    + يحدث كل ذلك بأعمال الركائز الاربع للدبلوماسية الجبرية المذكورة إعلاه . وقد احاط بالبرهان ( حين يكون في جنيف) من يصفون أنفسهم بالوسطاء ، مع أنهم قادة الحلف الرباعي بكتله المفصلة في صدر المقال .
    + كل ما ورد في النقاط إعلاه – كما قلنا – مشاهد لسيناريو افتراضي ، لكنه مستخلص من حقيقة جوهرية تجعل رجحان حدوثه كليا أو جزئيا أمرا واردا . والحقيقة هي إن الحلف الرباعي الذي صنع الأزمة أولا منذ اواخر 2018 ، ثم رسم مسارها في محطاتها العديدة ، ثم ابتدر الحرب الراهنة ، هذا الحلف لم يبدي أبدا ثمة تغير جوهري ، لا في تركيبته المتضامنة و المتناسقة ولا في أهدافه الاستراتيجية . 

    إن دعوة جنيف تأتي  ايضا ضمن تكتيكات املتها تقديرات المرحلة ، سواء  ما تعلق بخسائر بشرية متعاظمة للدعم السريع  عصية على الاستعواض ، او ما يتعلق بنزيف مالي لا يتوقف ، او كان ذا صلة بالحمولة السياسية و الجنائية لأطراف الحلف.. او كان سعيا لأكتساب اصوات المتضامنين في ضحايا الحرب في الانتخابات الأمريكية .

    و على ذلك جاء رد وزارة الخارجية السودانية على دعوة الامريكيين لاجتماعات  جنيف . والراجح إن تعتبرها كتل الحلف الرباعي رفضا للدعوة . في حين لا يزال الوقت مبكرا لتفسير محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس البرهان اليوم ،  (وقد اودت بحياة عدد ممن كان حاضرا  ) ، هل أتت ردا على موقفه حيال دعوة الأذعان الأمريكية الى جنيف ؟
                 كتبه /  د. ابراهيم البشير عثمان
               سفير سابق / أستاذ للعلوم السياسية
              1 اغسطس 2024

  2. المتغطي بايران عريان، إيران لا يعتمد عليها و ستجلب لك من المصائب ما أنت في غني عنه ويجب أن نضع في الاعتبار أن دول الغرب وعلى رأسها أمريكا لن تسمح بأي نفوذ إيراني في منطقة البحر الأحمر علاوة على السعودية ودول الخليج. فأي عاقل لن يضحي بمصالحه العديدة الدائمة مع هذه الدول من أجل مصلحته المؤقتة مع إيران، لكن نعذر البرهان والفلول فهم غرقى والغريق يتعلق بقشة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..