
تأمُلات
كمال الهِدَي
عندما ننتقد أنفسنا بقسوة على ضعف حيلتنا وسطحيتنا وتهاوننا واتكاليتنا لا يأتي ذلك من فراغ.
لو تذكرون إبان ثورتنا وأحداث سريلانكا كنت أكتب حول عزيمة ثوار سريلانكا على إحداث التغيير ، بينما إكتفينا نحن هنا بتضحيات خيرة شبابنا وفقدانهم لأرواحهم العزيزة وتوهمنا أن تسليم أمرنا بعد ذلك لشخص واحد (دكتور حمدوك) ومعه حاضنة كثيراً ما اختلفنا واتفقنا حولها سوف (يعبر) بنا لبر الأمان، وكنت كلما كتبت منبهاً للتهاون الحاصل وداعياً الشباب للمحافظة على ثورتهم أمام المؤشرات غير المبشرة من تلكؤ لرئيس الوزراء أو وزير إعلامه فيصل ، أو مؤآمرة جوبا ، كلما كتبت عن ذلك سمعت عبارات من شاكلة “يا أستاذ الثورة دي محروسة وهي ثورة وعي”.
وها هي الأيام أثبتت لنا إنها لا محروسة ولا ثورة وعي ، وإلا لما إنقسمنا حول هذه الحرب العبثية ولما وجد جيش الكيزان فرداً واحداً يؤيده فيها ، دع عنك أن تقف الملايين بجانب جيش يحارب من صنعهم بأيدي قادته الخونة .
. ومثلما قدم لنا السريلانكيون درساً لم نستفد منه ، ها نحن أمام درس البنغلاديشيين- الذين لا أشك أن بعضنا يتوهمون أننا أفضل منهم- فهناك رفض ثوار يُفع حكومة الجيش وأصروا على من يرونهم أكفأ لإدارة البلد ، أما نحن فلم نتخذ موقفاً صلباً ونحن نرى طرد بعض وزراء حكومة حمدوك لأن الكيزان والطفيليين وجدوا فيهم حجر عثرة ، وحتى حمدوك -على علاته- اكتفى مؤيدوه الكثر بثورة الأسافير و(شكراً حمدوك)، لكنهم لم يكونوا صناديد بالقدر الكافي للمحافظة على خيارهم ، وها هو الأمر ينتهي بنا لتأييد جيش الوطن المزعوم في حرب أراد بها شرذمة الوطن.
* شعب الجعجعة
كلامك فارغ ماعنده اي معنى، أم يكن امام حمدوك الا وان يفعل ذلك كما أن قليل جدا من ضباط الجيش من القيادات كانوا مسلمين بالتغيير وقالوا كلام يثلج الصدر لكن تم اقالتهم بعد الانقلاب.
لاتحاسب الثورة وقادة الثورة.
مصيبة السودان هو هذا الجيش وبالتحديد قادة الجيش تخيل جيش يقودة البرهان ونوابه العطا والكباش ماذا ينتظر منهَ، لو يفكرون تفكير سليم ولمصلحتهم هم لوقفوا مع الثورة الشعب وحموها الي ان تصل بر الأمان والذى هو إصلاح وتحييد للأجهزة حاملة السلاح.
أقول ليك يا أستاذ كمال ، عن بنغلاديش، الدولة التي كما قلت يرى بعض السودانيين أنهم أفضل منها حكما على العمالة الرثة من البنغال التي يقابلونها في الخليج… بنغلاديش، ورغم سنوات الشيخة حسينة العجاف، لديها ثاني أكبر احتياطي من العملات الأجنبية في جنوب شرق آسيا، تحتكر تصدير الملابس الشعبية الأكثر مبيعا في كل شمال أمريكيا، لديها أكبر مفاعل نووي للطاقة النظيفة في منطقتها وهو مفاعل روبور الذي بدأ التوليد في 2023، الدخل القومي مقارنة مع عدد السكان أفضل من الهند والباكستان، حجم اقتصادها يعادل حجم اقتصادنا مئات المرات “الناتج الكلي القومي يساوي 1.7 ترليون دولار” … نحن يا أستاذ لا في العير ولا في النفير، نحن شعب الجعجعة كما قلت أنت وأضيف أنا نحن كبلد اسمه السودان خرجنا من حسابات التاريخ ولن ندخلها مرة أخرى إلى يوم القيامة …. بالمناسبة وأنت رجل رياضي، ألا تشعر بانك تنتمي لأمة فاشلة عندما تشاهد الرياضيين من كولمبيا وأوغندا وكينيا وإثيوبيا وحتى بوتسوانا وليبريا وسانت لوشيا “عدد سكانها أقل 200 الف من نسمة” ينافسون ويحصدون الميداليات في أولمبياد باريس
لا يمنك المقارنة بين الثورتين فالجيش البنقلاديشي غير مؤدلج مثل جيش الكيزان وهنا مربط الفرس يا استاذ كمال ففي ٦ أبريل ٢٠١٨ توسم الشعب خيرا في هذا الجيش واعتصم أمام قيادته وافتكر ان القبة تحتها فكي….تحيل كيف كان سيكون الوضع الآن إذا كان لنا جيش قومي مهني غير مؤدلج هذا الجيش الذي يحول دون تقدم ورفاهية الشعب منذ خروج المستعمر…