ماذا عنى المبعوث الامريكي بالمسائل العملية!!

حيدر الشيخ هلال

اكبر دليل على عبثية هذه الحرب ان طرفيها مع عدم اكتراثهم بحياة وسلامة المدنيين تنقصهم الفطنة التي دائما ماتفوت عليهم اقتناص الفرص التي قد تحقق لهم مكاسب سياسية ودبلوماسية يستطيعون من خلالها طرح شروطهم على طاولات التفاوض بكل ثقة!! .

ماسمي بإعلان جدة او اتفاقية جدة التي وقع عليها الطرفان لم تلزم طرف دون الاخر ، فليس من المنطق ان يطالب احد طرفيها من الاخر تنفيذ بنود هو نفسه لم يلتزم بها فسلامة المدنيين وايصال المساعدات للمتضررين بندين فشل فيهما كلا الطرفين فشلا زريعا جراء التعنت والعنجهية واللامبالاة .. فما زال المدنيين تحت قصف النيران والنازحين يتضورون جوعا وتفتك بهم الامراض والافات والفيضانات وتنقصهم معينات الحياة ولا تستطيع المنظمات الوصول إليهم بسبب الاقتتال!! .

إن إجراءات بناء الثقة التي توجبها المسؤولية تجاه المدنيين الذين يدعي كل طرف انه يحارب من اجلهم كانت تتطلب قليل من الجراءة والشجاعة والوعي ليتنازل كل طرف عن بعض غروره من اجلهم ، لا أن تستخدم قضاياهم كورقة ضغط من اجل مكاسب سياسية رخيصة!! .

فمن المؤكد ان الهروب من منابر المفاوضات ليس واحدا من اجراءات المسؤولية المدعاة هذه وهو جريمة لن يسكت عنها المجتمع الدولي وسيتعامل معها بالحسم المطلوب في وقته ، فتصريح المبعوث الامريكي (توم بيرييلو) بان المحادثات ستمضي قدما بدون وفد الجيش مع ان غيابه سيعيق اجراء وساطة رسمية مما سيجعلهم يركزون على (المسائل العملية) حسب توصيفه ، تلميح بان الحلول مفتوحة امام خيارات اكثر جدية وفاعلية!! .

من ناحية اخرى!! بالامس تم تدوين مدينة الابيض بالمدافع مما ادى لسقوط عدد من المدنيين وجرح اخرين بحسب شهود عيان من المدينة وهذه جريمة نكراء وسقطة شنيعة من الدعم في هذا التوقيت المهم ، إذ يبدو أن قيادتهم قد تناست الطلب الذي دفعت به لجنتا العلاقات الخارجية بمجلس النواب والشيوخ للرئيس بايدن تطالبه بفرض عقوبات بشكل عاجل على الدعم السريع وقيادته وقد امهلته (١٢٠) يوما (لتحديد ما اذا انخرطت قوات الدعم السريع وقيادته في عمليات قتل خارج نطاق القضاء او التعذيب او غيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان) حيث ستنتهي المهلة الممنوحة للادارة الامريكية في غضون ايام، فلا يظن الدعم السريع بهرولته الى كل منبر تفاوضي سيقنع المراقبين بأنه حريص على السلام والمدنيين ومن اجلهم يريد ايقاف الحرب في حين آلته الحربية على الارض مازالت تقتل وتدمر ومازالت حياة المدنيين تنتهك في اكبر خرق لحقوق الانسان!! فإن كان حريصا على السلام كما يدعي فعليه الكف عن مهاجمة المدن وقتل المدنيين حتى لا تضطر الادارة الامريكية فرض عقوبات عليه وعلى قائده!! لان هذا الوضع سيزيد المشهد تعقيدا في ظل غياب وفد الجيش. فاذا كان (احدهم مجرم والثاني غائب) فمن الطبيعي ان يقفز المراقبوون والوسطاء على مفاوضات جنيف ويقترحون الحلول الاممية في حال تهديد السلم والاخلال به ووقوع العدوان على المدنيين ، أي الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة!! .

عليه يتحتم على قيادة الجيش التحلي بالمسؤولية وانتهاز فرصة الثلاثة ايام التي منحت لهم للحاق بالمفاوضات وطرح انفسهم كقيمين على مصلحة المواطن بواقع المهنية وليسو ازيال لواجهات سياسية اخرى ، وأن يبدون مرونة لفتح مسار سياسي شامل يعقب ترتيبات وقف اطلاق النار ، يتم فيه مناقشة مسألة معالجة اشكال وجود هذه القوات خارج غطاء المؤسسة العسكرية للدولة!! .

[email protected]