مقالات وآراء

من لا يريد صعود الجبال يعيش ابد الدهر بين الحفر

عثمان بابكر محجوب

تعيش الساحة السودانية حالة من التخبط نتيجة عدم رغبة الاحزاب والمنظمات وباقي الفعاليات السياسية عموما ، الاعتراف بعجزهم المزمن عن مواكبة الاحداث التي تعصف بالبلاد برؤية سياسية عقلانبة تتعامل مع ما يواجهها من تحديات ضمن خطة مناسبة لا يكون مصدرها تحقيق طموحات شخصية او احلام يقظة . لكن وبكل اسف تأبى هذه الحركات والمجموعات ان تكون صادقة في التفاعل مع مشاكل البلاد الحقيقية لرأب الصدع في موازين القوى السائدة وبدلا من ذلك اختارت ممارسة الحركات الاستعراضية البهلوانية اسلوبا لها من مرحلة ما قبل الثورة وخلالها وما بعدها لتجد نفسها اليوم على مقاعد المتفرجين ، تستجدي دورا لها في المعادلة عبر ممارسات فلكلورية صبيانية يعتمدها اي فنان فاشل هدفه اعتلاء خشبة المسرح بأي ثمن . وما نراه من حراك لها لوقف الحرب يعتمد المراهنة لا المواجهة . فهل يعقل ان محنتنا في السودان سوف تتوقف وهم يتحملقون حول طاولة قمار سياسي ؟ اليس من الاجدى لهم ان يقرأوا ما الت اليه الاحوال في البلاد من خلال جراح السودانيين واوجاعهم بسبب التشرد والمرض والجوع لا اعتماد قراءة وحيدة تتلخص بانتظار معجزة يجترحها العم سام بحيث يتحقق بها الانتقال الى الحكم المدني مع تبخر الحركة الاخونجية والحركة الجنجويدية بعد خروج المارد الاميركي من قمقمه لمكافأة نزلاء سوق عكاظ .
حل في البلاد دمار هائل ، وبلغ النزوح ارقاما قياسية ولم يترك الجوع باب بيت الا وطرقه او سيطرقه ويتربص الموت بالجميع والاسطوانة ذاتها تتكرر مع العلم ان مواقف المتقاتلين معلنة ولا حاجة للتخفي خلف المغالطات لتبرير عدم تحمل المسؤولية او العجز عن المواجهة من قبل جهابذة حيا على السلم . فالكل يعلم انه على الضفة الاولى يتواجد البرهان وجيش سناء ومن خلف الحجاب يحرك علي كرتي زعيم الحركة الاسلامية المجرمة دميته والبوصلة اتجاهها عودة الاخونج الى الحكم . فلماذا لا نصدق بان البرهان صادق؟! لقد أعلنها ومنذ البداية ولم تمر مناسبة الا وكرر ما اعلنه : لا طريق الا طريق الحرب. الحرب ليست المشكلة ، الحرب هي الحل . هكذا يردد بوضوح وبمنتهى الصراحة . فلماذا نحاول ان نضلل اهلنا الضحايا بجعلهم يتأملون وقف الحرب عبر المنابر والمبادرات علما ان لا حل الا عبر الميدان . على الضفة الاخرى يجلس حميدتي مع جماعة الجنجويد ويجب ان لا يخفى على أحد ان حميدتي يعرف جيدا من اين تؤكل الكتف . وحكايته ليست غريبة حيث انها تكرار لنفس الحكاية التي عاشتها شعوب أخرى منذ فجر التاريخ وحتى السودان وملخصها ان الفلاح يعيش حياة استقرار بينما الراعي يعيش في الترحال وفي لحظة ما يقرر الراعي الاستقرار فيطرد الفلاح من ارضه ويسكن دياره . لذلك لا خوف من حميدتي حول تقسيم البلاد ، هو لا يريد العودة الى دارفور ، هو لا يريد العودة الى الارض التي تذكره انه يوما ما كان راعيا للابل وكم نستغرب انه يوجد هناك من يصدق ان حميدتي هو رسول الديمقراطية الى قبائل السودان.
وملخص القضية ان حميدتي والبرهان بعد ازاحة البشير اضطررا تحت ضغط الثورة استوعبا الصدمة الاولى معا وبعد انقلابهما على الحكومة المدنية اصبحا وحدهما في الساحة ولم يعد من مجال لدولة يحكمها رأسان بل يجب التفرد بالثروة والسلطة ولهذا السبب بدأت الحرب وهذا ليس توصيفا غايته تبسيط الامور بل هي الحقيقة لذلك هناك احتمال ان يتفقا من جديد بقسمة مغايرة لان الطرفان دون قضية. وكي لا نوهم اهلنا باكاذيب المنابر والمبادرات نقول ان الحرب دخلت طريق المرواحة أسوة بليبيا واليمن وغيرها من الدول المكلومة ولا نرى في الافق اية مبادرة دولية حاسمة لان العالم اليوم باكمله يعيش حالة من عدم اليقين نتيجة تصدع النظام الدولي الذي يتجه يوما بعد يوم نحو الانهيار وبات الحديث عن استخدام الاسلحة الذرية حديثا مألوفا حتى الحديث عن حرب عالمية ثالثة بتنا نسمعه من قادة دول وما قيمة السودان في هذه المعمعة حتى يلتفت احد الينا ويهتم لخلاصنا .يبقى ان نقول لا حل الا بالمواجهة لان ارضنا خيرة وشرف لاي سوداني مخلص ان يرويها بدمائه وكفى منا اغراق الصحافة والاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بما يصدر عن ألسنتنا من علكة .

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..