مقالات وآراء

لماذا عاد كمال عبد المعروف ؟!

مناظير 

زهير السراج

* إنتشرت الكثير من التحليلات الخاطئة عن اسباب عودة الفريق اول (متقاعد) كمال عبدالمعروف الى بورتسودان مؤخرا من جمهورية مصر التي اتخذها مقرا له بعد سقوط النظام البائد ، وهى المرة الاولى التي يزور فيها السودان (إذا اعتبرنا أن بورتسودان هى السودان) منذ مغادرته له ، ولقد تولى الفريق اول معروف رئاسة هيئة اركان الجيش السوداني خلال حكم النظام البائد ، وتم تعيينه نائبا لرئيس المجلس العسكري الانتقالي الذي تشكل لحكم البلاد بعد سقوط النظام البائد في 11 ابريل ، 2019م وضم اعضاء اللجنة الامنية للنظام البائد تحت قيادة الفريق اول عوض ابنعوف وزير الدفاع والقائد العام للجيش ولكنه لم يستمر سوى يوم واحد بسبب الرفض الجماهيري الواسع له (المعروف للجميع) ، بالإضافة لسبب آخر معروف للبعض (وربما يكون السبب الرئيس في حل المجلس العسكري واعادة تشكيله مرة أخرى وخروج بعض العناصر منه) وهو التهديد المباشر لقائد قوات الدعم السريع (اللواء وقتذاك حميدتي) بإتخاذ موقف معارض له ، وعندما يهدد قائد عسكري تأتمر بأمره قوة عسكرية كبيرة باتخاذ موقف معارض لسلطة قائمة ، فإن ذلك لا يعني سوى شئ واحد وهو التمرد العسكري الذي ربما يقود الى مواجهة عسكرية في وقت حرج جدا ، لذلك استقال (الفريق اول عوض ابنعوف) من منصبه كرئيس للمجلس العسكري وبالتالي من قيادة الجيش، واستقال نائبه (الفريق اول كمال عبد المعروف) من منصبه كنائب لرئيس المجلس وبالتالي من رئاسة هيئة الاركان ، بالإضافة لاعضاء آخرين مثل مدير عام جهاز الامن والمخابرات (الفريق اول صلاح قوش) ليحل محل الفريق اول عوض ابنعوف في قيادة الجيش ورئاسة المجلس العسكري الشخص الثالث في الجيش حسب التراتبية العسكرية (الفريق اول عبد الفتاح البرهان) وكان يشغل وقتذاك منصب المفتش العام للجيش وهو الذي قام بترقية حميدتي الى رتبة الفريق وتعيينه نائبا لرئيس المجلس العسكري الانتقالي وبالتالي انتهت الأزمة الحادة ، ولاحقا قام البرهان باصدار مرسوم (في 30 يوليو ، 2019م) بتعديل قانون قوات الدعم السريع ومنحها الاستقلالية الكاملة من القوات المسلحة والتي كانت مقيدة ببعض الشروط مثل حالات الحرب واعلان حالة الطوارئ العامة أو عند صدور أمر من القائد الاعلى للقوات المسلحة (رئيس الجمهورية) (المادة 5 من قانون قوات الدعم السريع لعام 2017م)! .

* السؤال الذي ربما يدور في اذهان البعض .. “لماذا رفض حميدتي التشكيل الاول للمجلس العسكري الانتقالي وهدد بالانسحاب منه ومعارضته رغم انه كان احد اعضائه؟!” السبب هو عداؤه الحاد مع كمال عبد المعروف الذي كان رافضا لقانون قوات الدعم السريع قبل اجازته من المجلس الوطني للنظام البائد في يناير 2017م ، ومُصراً على وضع قوات الدعم السريع تحت سلطة القائد العام للقوات المسلحة وتبعيتها لقانون القوات المسلحة ، إلا أن حميدتي الذي كان مقربا جدا من الرئيس المخلوع ومحل ثقته التامة لدرجة انه كان يطلق عليه اسم (حمايتي) بدلا عن (حميدتي) ويعتمد عليه في محاربة التمرد في درافور وجنوب كردفان وفي تأدية الكثير من المهام العسكرية الخاصة ، كان يرفض رفضا مطلقا تبعية قواته لقانون القوات المسلحة ووضعها تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة (الذي كان وقتذاك الفريق اول ابنعوف) ، مطالبا باستقلاليتها الكاملة ، بل انه خرج برأيه إلى العلن واعلن في أكثر من حوار تلفزيوني وصحفي أنه لا يقبل اطلاقا بتلك التبعية وسيعود الى باديته اذا حدث ذلك ، مما حدا بالمخلوع إيجاد حل وسط وهو تضمين مادة في قانون قوات الدعم السريع (المادة 5 التي ألغاها البرهان لاحقا) تنص على تبعيتها للقائد العام للقوات المسلحة في حالة الحرب واعلان حالة الطوارئ العامة وصدور امر بذلك من القائد الاعلى للقوات المسلحة (رئيس الجمهورية) ، وكان ذلك انتصارا واضحا لحميدتي الذي خرج في حوار تلفزيوني ساخرا من القائد العام للقوات المسلحة وقال انهما يركبان في سرج واحد وليس لاحد سلطة عليه سوى رئيس الجمهورية (القائد الاعلى للقوات المسلحة)! .

* منذ ذلك الوقت ظل حميدتي يسخر من الجيش وقادته كلما وجد الفرصة لذلك ، مما أجج العداء بينه وبين كمال عبدالمعروف لدرجة أن الإثنين لم يكونا يطيقان بعضهما البعض وظلا يتحاشيان بعضهما حتى في الاجتماعات الرسمية ، ويذكر أحد المصادر الخاصة أنهما أوشكا على الاشتباك بالإيدي في إحدى الاجتماعات وكان المخلوع سعيدا بذلك لأنه يضمن عدم اتحادهما ضده ، إلا أن طموحات حميدتي السياسية قادته ابان ثورة ديسمبر المجيدة الى الوقوف مع قرار اللجنة الامنية للنظام البائد بالتخلص من الرئيس السابق وتولي الحكم بشكل مؤقت بدلا عنه الى حين اتضاح الرؤية ، غير ان تعيين كمال عبدالمعروف نائبا لرئيس المجلس العسكري ، الامر الذي يعني أنه سيكون رئيسا لحميدتي وخشية الاخير من اين يؤثر ذلك على وضعه كقائد لقوات الدعم السريع ، جعله يرفض دخول المجلس والتهديد بمعارضته ، مما ادى لاستقالة ابن عوف وكمال عبد المعروف وإعادة تشكيل المجلس وتعيين حميدتي نائبا لرئيسه ، ثم ترقيته الى رتبة الفريق اول وتوسيع سلطاته فيما بعد بمراسيم دستورية من الفريق اول البرهان الذي كان من كبار المؤيدين لحميدتي أملا في الحصول على دعمه لرئاسة البلاد ! .

* تحدث الكثيرون في تحليلات خاطئة بأن عودة الفريق أول كمال عبدالمعروف الى البلاد جاءت بتوجيهات من الحكومة المصرية (الإستخبارات) لحث البرهان على القبول بالتفاوض مع قوات الدعم السريع (وكان ذلك خلال زيارة رئيس المخابرات المصرية مؤخرا لبورتسودان واجتماعه مع الفريق البرهان) ، وبنوا على ذلك احلام واهية بقرب موافقة الجيش على الجلوس للتفاوض مع الدعم السريع لوقف الحرب في السودان ، وكان ذلك إعتمادا على مقال مزور نُسب الى صحفي مصري مختص في الشؤون السودانية ليس له وجود اسمه محمد الشربيني ، منشور في موقع مزور ليس له وجود بعنوان بوابة مصر الغد ــ حسب الزميل المحقق الصحفي المميز عثمان فضل الله ، وحسب بحثي في الانترنت عبر محرك البحث قوقل ، وحسب الصحفية المصرية المختصة في شؤون السودان صباح موسى التي رجحت ان يكون كاتب المقال صحفي او شخص سوداني بغرض خلق ربكة في الساحة السياسية! .

* المرجح ، أنه إذا كان لعودة كمال عبدالمعروف أى دور عسكري أو سياسي قادم ، فإنه سيصب في إتجاه التصعيد ضد قوات الدعم السريع بما عرف من خصومته الشديدة لحميدتي ومعارضته القوية لاستقلالية قوات الدعم السريع ، وقربه الشديد من الحركة الاسلامية السودانية (الحركة اللا اسلامية) وهو ما جعل الفلول يهللون لعودته وينثرون الاحلام بقرب عودتهم للحكم ، وعلى كل حال ستكشف لنا الأيام أى دور سيقوم به كمال عبدالمعروف ، أم ان هدفه من الزيارة كان اجتماعيا بحتا ، حسب تحريات الزميل عثمان فضل الله! .

 

[email protected]

‫9 تعليقات

  1. يا دكتور السراج
    انك واهم ومن يوافقك فالجيش السوداني منذ تأسيسك خاضع لمصر ومخترق منذ عبدالله خليل فعبود فنميري فالبشير واخيراً وليس اخراً البرهان فمصر آخر من يفكر في استقرار السودان ولا داعي لتضليل الناس مصر لا تريد خيرا للسودان وجيش السودان كما الجيش المصري بلادة وغباء ومن يقود دبابة ليس بامكانه قيادة شعب جيش مصر شغال شركات وسلخانات كما جيشكم وانظر للجنيه المصري والديون المتراكمة وسطوة العسكر وشهوة السلطة كفاكم تغبيش وتحليل خاطيء قولوا خيرا او اصمتوا

  2. الي الكاتب الكبير د. زهير تحليل عميق نقف أمامه وناخدها إجابة كما يقولون ولكن انا أريد وأنت تريد وغيرنا يريد والله يفعل ما يريد سائلا الله أن يكذب الشينة ويطفئ نار الحرب عاجلا ويولي علينا من يصلحنا وزادكم الله حرصا على أهلنا وبلادنا آمين

  3. ستة إحتمالات وراء عودة الفريق اول (متقاعد)/  كمال عبدالمعروف الي بورتسودان بعد غياب خمسة أعوام وخمسة شهور؟!!
     الاحتمال الاول:
     نشرت صحيفة الراكوبة في يوم ٤/ أغسطس الماضي ٢٠٢٤، خبر جاء فيه أن مساعد القائد العام للجيش السوداني ياسر العطا أثنى قبل أيام قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان عن التنحي . وأفاد العطا في مقابلة مع تلفزيون السودان بثت أمس السبت، بأن البرهان المقيم بالعاصمة البديلة بورتسودان أبلغه عبر الهاتف قبل أيام برغبته في التنحي لأنه “وصل الحد”، على أن يتفق كل من العطا ونائب قائد الجيش شمس الدين كباشي على نقل السلطة للأخير.
     اذا الاحتمال الأول لعودة عبدالمعروف العاجلة لبورتسودان القيام بعملية تسلم السلطة من البرهان، وتولي ادارة شؤون البلاد بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة بدل عن القائد السابق.

     الاحتمال الثاني:  
     وصول عبدالمعروف الي بورتسودان جاء بطلب عاجل وشخصي له من كبار الضباط والقادة العسكريين لاصلاح الحال المائل في الجيش بعد أن خربه البرهان وزج فيه جحافل من “كتائب الاسلاميين” وجماعة تنظيم “براء بن مالك” “و المستنفرين”، ووصلت الفوضى الي حد منح قائد “براء بن مالك” رتبة رائد!!، وقام الجنرال/ ياسر بزج الجيش في معركة لا تخصه مع الإمارات وتشاد وكينيا.

     الاحتمال الثالث:
     ان يكون البرهان نفسه من هو طلب حضور عبدالمعروف ليسلمه منصب رئيس الحكومة العسكرية التي ستشكل قريبا.
     
     الاحتمال الرابع:
     في يوم ٢٥/ أكتوبر ٢٠٢١ قام البرهان بالسفر الي القاهرة ليطلع الرئيس السيسي علي نيته في انقلاب يقلب الطاولة علي الجميع وينفرد بالسلطة، ومنحه السيسي مباركته ومساندته التامة، وقام البرهان بالانقلاب، واليوم ارسل السيسي عبدالمعروف لبورتسودان ومنحه مباركته ومساندته في انقلاب (ابيض) يتم في هدوء وبلا ضوضاء يقلب الطاولة علي الجميع.

     الاحتمال الخامس:
     أن تكون السيدة/ سناء حمد هي من كلفت عبدالمعروف السفر الي العاصمة الجديدة ينسق بين الحركة الإسلامية والضباط الإسلاميين في الجيش.

     الاحتمال السادس:
     وصول عبدالمعروف لبورتسودان لنقل رسالة عاجلة وهامة من زملاءه الجنرالات وعددهم يفوق الـ(٤٠٠) متقاعد مفادها انه يجب عليه (البرهان) أن يوقف فورا الحرب ويجنح للسلم والجلوس مع عدوه اللدود “حميدتي” للوصول الي اتفاق سلام، عبدالمعروف حتما قد نقل للبرهان عدم رضا الضباط داخل وخارج السودان من تصرفاته الفردية في ادارة شؤون البلاد… وعدم رضا شعوب وحكومات العالم من تعنته في حوار مع “حميدتي” ومنع قوافل الاغاثة من العبور لمناطق الجوع. 

  4. اليس غريبا ان يكون هؤلاء:-
    عوض ابنعوف،صلاح قوش،كمال ع المعروف، طه عثمان الحسين، كلهم مقيمين بالخارج بعد سقوط نظامهم..عدا واحد منهم ..السودان فى مشكلة اذا اتى كمال ع المعروف لاستلام السل

  5. صدقني يا دكتور زهير اكذوبة الجيش المتهالك هذه فرية الجيوش تظهر وقت النكبات والسيول اما هذا الجيش فمعمر بقتل الشعب واتحداكم ان تذكروا لنا حرب واحدة خاضها هذا الجيش منذ ان كان قوة دفاع تابعة للإنجليز والاستعمار
    فعبدالمعروف لا يختلف عن أبوعوف او سيخوف كلهم رتب رنانة وعقول فارغة فلا فرق عندنا بين البيبسي والكوكاكولا الاختلاف في العبوة والطعم واحد وسلم لي على عباس كامل

  6. مع كل التقدير والاحترام ليك يا دكتور زهير ارجو ان تسمح لي اختلف معك. فحضور كمال عبدالمعروف بشحمه ولحمه ودخوله في اجتماعات مغلقة مع البرهان بعد استقاله استقبالا رسميا تؤكد ان الرجل جاء في مهمة محددة لا اعتقد بأن القصد منها توليه لمنصب جديد حتي يدير الحرب كمساعد للبرهان او نيابة عنه ولو حدث فسوف يشكل ذلك اساءة وتشكيك في قدرات باقي العصابة الكباشي والعطا وجابر بل حتى البرهان نفسه. هنالك تذمر لا يخفى على احد من شخصيات شغلت مناصب كبيرة في الجيش ابرزها احمد ادريس من الحالة التي وصل اليها الجيش والبلد بشكل عام ومن الطريقة التي يقود بها البرهان وعصابته الامور. المنطق يقول ان كمال عبدالمعروف حضر لتقديم النصح للبرهان والعطا وكباشي لا سيما وان الاوضاع على الارض لا تبشر بخير. قناعتي الشخصية ان السلطة بالنسبة للبرهان وكباشي والعطا وجابر هي الهدف الذي لن يحيدوا او يتنازلوا عنه ولن تستطيع اى جهة سواء كان عبدالمعروف او من يمثلهم – قوش , ابنعوف او غيرهم – اقناعهم بالتخلي عن السلطة. الحكاية كلها زوبعة في فنجان. سوف تستمر الحرب حتى تدخل امريكا او حتى تقتحم قوات الدعم السريع بورتسودان وتقتلع البرهان ومن معه اقتلاعا وتخلص البلد من هذه العصابة ومن الكيزان الى الابد كما تنبأ بذلك الاستاذ الشهيد محمود محمد طه.

  7. حسب كاتب المقال فان كمال عبدالمعروف حينما كان قويا في السلطة تنحى بسبب رفض حميدتي , فهل باستطاعته ان يفعل شيئا الان ؟؟؟

  8. يا سيد.. بورتسودان كما الخرطوم كما كادوقلي هي السودان.. يبدو ان تقلبك في نعيم كندا انساك مدن السودان.
    تحليل فطير وساذج… لكن اتمنى ان تكون زيارته عودة في اتجاه كنس نفايات افريقيا.
    الحرب حتى آخر جنجويدي…. او آخر سوداني.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..