
هناك فرضية لينينية تقول (لا حركة ثورية ، دون نظرية ثورية) ، والنظرية الثورية ضرورتها تكمن في إنتاج معرفة بالواقع المزمع تغييره. والنظرية الثورية التي قامت عليها الأحزاب الشيوعية هي الماركسية ليس فقط من أجل استقراء الواقع وتحليله ، بل من أجل العمل على تغييره. ولكن الماركسية ، على الرغْم من نبل مقاصدها وشمولية قوانينها ، فهي ليست كاملة ، أو حتى جاهزة ، بل لا بد من العمل عليها وتطويرها لتتحول من الفكر المجرد إلى التطبيق العملي ، وتطبيق مبادئها العامة حسب خصوصيات كل بلد وظروفه الموضوعية والذاتية ، ودرجة تطوره ونمطه الاقتصادي وتركيبته الطبقية. أي تطوير وبلورة النظرية بما يتناسب مع الواقع.
أعتقد أن الحزب فيما مضى توفق تاريخياً إلى حد بعيد في معالجة النظرية الماركسية لتتناسب مع الشأن والواقع السوداني ، أي سودنة الماركسية ، انعكس ذلك في إسهامات الشهيد عبد الخالق محجوب المتعددة منها ما قدمه في تقرير (الماركسية وقضايا الثورة السودانية) ، ومحمد إبراهيم نقد في (قضايا الديمقراطية في السودان) و(حوار حول النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية) و(حوار حول الدولة المدنية). لكن للأسف تلك الجهود لم تستمر طويلاً حيث انقطعت وكأن رحم الحزب أصابه العقم في انتاج المفكرين المجددين ، حيث كان من الممكن المضي قدماً في التطوير والبلورة للنظرية الماركسية لمجاراة ومضاهاة الواقع السوداني المتغير والمتقهقر بوتيرة عالية ، لكن أصابها الجمود في مقتل بعد الفشل في بلورة المناقشة العامة للنهوض بالحزب والنظرية معاً. الماركسية في الحزب حقيقة قائمة ، ومفاهيمها وأطروحاتها معروفة. لكن الحزب ابتعد عن جوهرها وتمسك بمظهرها. فبدلاً من الانكباب عليها ودراستها لمسايرة مستجدات العصر والأوان ، تم إفراغها من محتواها العلمي، وتحولت إلى مجرد كبسولات ثقافية ومجرد شعارات وراية مرفوعة. فلا غرو أن أصابها الجمود ، وصار ضررها أكثر من نفعها ، وتحولت لعقبة كؤود تحول بين الحزب وطموحه في الانتقال من حزب ثوري صغير الحجم ، إلى حزب جماهيري بمئات الآلاف من الأعضاء ، وملايين المؤيدين والأصدقاء ، تحقيقاً لذلك الشعار الذي رفع في المؤتمر الثالث (اجعلوا من الحزب الشيوعي قوة اجتماعية كبري). التمظهر والمباهاة ، حزب ماركسي … حزب لينيني و”البيرق الأحمر” المرفوع و”سايرين سايرين في طريق لينين”، تلك الحلاقيم والأبواق لن تخدم القضية التي كافح ونافح كل من لينين وماركس من اجل إرساء دعائمها ، وهي قضية الاشتراكية والعدالة الاجتماعية. إنني الآن على ثقة ، لو أن ماركس بعث من جديد ، وأطلع على برامج الحزب الشيوعي السوداني ولائحته الحالية وشاهد وقرأ المشهد السوداني المتخلف ، الذي يقوم (من ساسه لرأسه) على الدين والتدين والقبلية والجهوية والطائفية ، لما تردد في تكرار مقولته الساخرة “انه إذا كانت هذه هي الماركسية … فمن المؤكد أنني – أنا- لست ماركسيا”. كما من المؤكد بأننا لن نكون ماركسيين أكثر من ماركس نفسه.
إن تحول الحزب إلى قوة اجتماعية كبرى هو الضمان الوحيد لإنجاز البرنامج الوطني الديمقراطي. وذلك ما زال ممكناً ، حيث نجد قطاع كبير من المثقفين الثوريين ، والكادحين المؤمنين بحقهم في الحرية والعدالة والديمقراطية والتقدم والحياة الكريمة في أمن وطمأنينة ، يلتفون حول ذلك البرنامج. وهو برنامج تأخر كثيراً ، ويعد متواضعاً قياساً على الإمكانات والثروات والموارد الهائلة للسودان. يهدف إلى النهوض بالإنتاج الزراعي والحيواني والصناعي وتوفير متطلبات الحياة الأساسية من تعليم وصحة وأمن وتنمية وحريات أساسية ، وطرق ومواصلات برية وبحرية وجوية ونهرية لربط أجزاء السودان مع بعضه البعض ، وربط السودان بالعالم الخارجي. وهو عمل يتطلب تحالف واسع بين مختلف فئات المجتمع وطبقاته من عمال ومزارعين ورعاة وتجار وصناع ورأسماليين وقوات نظامية … برنامج يسع كل الشعب ولن يرفضه أي سوداني ذو وجدان سليم. وهو ليس بحاجة إلى كل تلك التقعرات الفلسفية البعيدة عن متناول فهم الإنسان العادي ، وخير من جسده وعبر عنه في كلمات بسيطة هو الشاعر محجوب شريف الذي لخصه لنا في بيت شعر واحد (حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتى … وطن شامخ وطن عاتى … وطن خيّر ديمقراطي).
كان من الممكن لتلك المناقشة العامة والعصف الذهني الذي تخللها ، والتي استطالت حوالي 14عاماً أن تنتج لنا حزباً ثورياً سودانياً مسلحا بأفضل ما أنتجه الفكر الإنساني لو تمت معالجة أطروحاته الحيوية بواسطة مؤتمرات وحلقات نقاش ولقاءات ومنابر متعددة داخل الحزب وخارجه. لكن الضيق بالرأي الآخر ، وعدم قبول تيارات متنوعة الرؤى ومتعددة الآراء داخل الحزب ، عصف بكل تلك الأطروحات الحية والآراء التي حوتها المناقشة العامة … حيث كان بعض أفراد من التيار المتشدد قد هدد بأن تغيير اسم الحزب والتخلي عن الماركسية خط أحمر دونه خرط القتاد. وظل عدد من الشيوعيين الأصوليين يرددون عبارة هي لوحدها كافية لتعصف بأي صراع فكري : (لو تبقى ثلاث فقط من الحزب متمسكين بمبادئ الماركسية اللينينية وباسم الحزب الشيوعي ينصبون خيمتهم ويعلقون عليها راية مكتوب عليها “هنا الحزب الشيوعي السوداني”).
كان من المتوقع بعد المناقشة العامة أن يحدث انقسام في الحزب لكن لوجود عقلاء في الحزب في كلا التيارين ، بوزن محمد إبراهيم نقد والتجاني الطيب بابكر ، وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر بينهما ، نقد المرن مع التغيير ، والتجاني المتشدد مع الثوابت في البرنامج واللائحة ، لكن بفضل الروح الرفاقية التي كانت تسود بينهما ، تجاوزا ذلك المنعطف في المؤتمر الخامس الذي يمكن تسميته (مؤتمر التسويات) ، الذي توصل لصيغة وسطى هدأت الصراع بين التيارين. فكان التخلي في البرامج عن أي ذكر لديكتاتورية البروليتاريا والمجتمع الشيوعي، إسقاط مبدأ المركزية الديمقراطية من الائحة ، على أن يظل اسم الحزب كما هو… والماركسية هي الأيديولوجية التي يهتدى بها الحزب في قراءة الواقع وتحليله ومنهجه في مساره النضالي وعمله وسط الجماهير ، هكذا كانت أبرز مخرجات تلك التسوية … لكن وكما قال أحد شعراء الجاهلية :
أرى تحت الرماد وميض نار … وأخشى أن يكون لها ضرام.
كان الضرام بسبب غياب المعالجة الصحيحة للصراع الفكري الذي أبرزته المناقشة العامة ، بعد التهديد بالانقسام. اتخذ الصراع سمات الصراع الشخصي وكانت نتيجة تلك التسوية الضيزى خروج عدد كبير من التيار الداعي للتغيير عن الحزب على رأسهم الخاتم عدلان الذي أسس حركة حق ، وخالد الكد ، ود. عبد السلام سيد أحمد وعبد اللطيف عثمان ، الذين ابتعدوا عن الممارسة الحزبية المباشرة. وكان الأخيران ، عبد السلام وعبد اللطيف ، قد توليا مهام السكرتير العام للجبهة الديمقراطية للطلاب السودانيين أكبر وأهم واجهة للعمل الجماهيري والثوري للحزب الشيوعي. وكان من المتوقع لكليهما ، لو ظلا في الحزب ، أن يشكلا امتداداً طبيعياً لاؤلئك المفكرين الأفذاذ الذين طوروا وأضافوا الكثير للماركسية والاشتراكية العلمية أمثال عبد الخالق محجوب ومحمد إبراهيم نقد. لكن خروجهما عن الحزب لن يقدح في نجاحهما في الحياة أو في العمل العام فالأول أستاذ جامعي عمل كمدير لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في أكبر منظمة لحقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) (Human Rights Watch) ، والثاني خبير اقتصادي يشار له بالبنان ويكفي نجاحه في محفظة السلع الاستراتيجية ، وتنمية صندوق المعاشات خلال حكومة حمدوك.
وللحديث بقية …
في اللقاء القادم (6) المركزية الديمقراطية … أُس العِلَّة
في مجال المعرفة والتحليل والامساك بناصية المنهج وطرق البحث يا استاذ عاطف عبد الله يعد الدكتور عبد السلام سيد احمد الاكاديمي المقتدر الهادئ المتزن الرصين فقداً يثير الدهشة والتعجب لدي الكثيرين منذ ان فارق درب القدة -يكسر القاف- وقد كان من قيادي الجبهة الديمقراطية في جامعة الخرطوم وبالذات في كلية الاقتصاد ..
انطلق عبد السلام سيد أحمد الحاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية وقدم مساهمات متعددة اقليمية ودولية كمحاضر في بريطايا وكندا و كناشط في مجال حقوق الانسان …
وشغل منصب الممثل الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
عمل أستاذًا مشاركًا “اسوسيات بروفسير” في جامعة وندسور باونتاريو – كندا.
وقبل ذلك عمل كباحث مشارك ومحاضر في جامعات كامبريدج ودورهام في بريطانيا. كما عمل باحثاً في منظمة العفو الدولية ومديراً لبرنامج المنظمة للشرق الأوسط.
كنت أعتقد أن عصام ابو عديلة سيكون مفكرا من طراز فريد
كيف ضاع؟؟؟؟ لا أدري
لكن قطع شك للحزب مسؤولية في ذلك
لكن تصنيع وفبركة المفكرين ما شغال
الحزب كان وما زال حزب مثقفين ثوريين ممكن تقول عنهم برجوازية صغيرة
ولم يكن ولم يستطع أن يصير إلي حزب للطبقة العاملة
الصعوبات موضوعية وليست ذاتية
حيث أن الظرف الموضوعي لتكون حزب للطبقة العاملة لم ينضج بعد
وتلك قصة أخري
اسفي علي حزب يتركه تمثال هؤلاء لينعق فيه البوم ويبرطع فيه امثال كمال كرار وامال الزين وهنادي الفضل فلاغرو ان استقال من كابينته لاحقا الاستاذ الكبير كمال الجزولي فهو قطعا شعر بانه وسط هؤلاء غريب اليد والوجه واللسان
والاغرب هذا الأجش السكرتير العام الذي خلف الاستاذ الكبير ودملين الايستحي ان يجلس في مكان ودملين ويمارس دوره
هذه قيادات بدل فاقد ايها الرفاق انهضوا واعيدوا لحزبكم وجهه المشرف وحيوته وجماهيريته واطردوا المتحرشين والساقطين اخلاقيا والتافهين من قيادتكم
من المهم تصحيح معلومة ظلت ترد في سلسلة مقالات الأستاذ عاطف وهي المتعلقة بما أسماه إسقاط مبدأ المركزية الديمقراطية.
الصحيح ان الحزب الشيوعي لم يسقط في مؤتمر الخامس ” المركزية الديمقراطية”، بل ان الصحيح والدقيق عندي هو أن ذلك المؤتمر كان قد قام بالابقاء عليها مع تغيير الاسم علي طريقة احمد وحاج احمد. فالمركزية الديمقراطية صار اسمها ” الديمقراطية المركزية بينما ” الفراكشن الشيوعي ” تحول الي ” لجنة التنسيق” وهو محاولة لتخفيف “الوصاية” علي منظمات العمل العام بغرض تجفيف التعددية في الرأي داخل المجتمع المدني .
مع إن الديمقراطية كما هو متعارف عليها في عالم اليوم لها مركزيتها الخاصة وهي المتعلقة بسيادة رأي الاغلبية علي رأي الاقلية.
لذلك فإن ما تركه المؤتمر الخامس بعد اكثر من ١٣ سنة، لا يمكن اعتباره إصلاح سياسي بل أجد تعبير ” استهبال” سياسي هي الاكثر ملاءمة لوصف ما حدث وان الراحل نقد المسئول الأول عن هذا الاخفاق ويبدو أن الرجل كان يدرك ان سيرته ترتبط بالمحافظة علي بقاء الحزب حين تصدي لقيادته في ظروف استثنائية بعد إعدام قيادته علي يد الدكتاتور جعفر نميري.
الحرص علي بقاء الحزب علي حساب الإصلاح الديمقراطي كان موقفا انانيا من قبل ما عرف ب ” القيادة التاريخية” ..
قضيه أصلاح الحزب الشيوعي قضية خاسرة وقد فات اوانها بدليل اننا نجني نتائجها اليوم في هذا الظرف الاستثنائي الذي يعيشه السودانيون والسودانيات داخل السودان وخارجه إذ أصبح وجود الحزب عبء ثقيل علي المعارضة المدنية لدرجة إنه اصبح من المستحيل التفريق بين مواقفه ومواقف الكيزان .
الدكتور طلعت الطيب معي الدستور المجاز في المؤتمر الخامس ولم اجد فيه اي ذكر للمركزية الديمقراطية او الديمقراطية المركزية كما ذكرت فلو أمكن تحديد الفصل ورقم المادة في الدستور المجاز في المؤتمر الخامس
معلومات عامة عن ابرز القيادين في الحزب للمعلومية عن اقطاب المركزية:
المهندس محمد مختار الخطيب – يكاد نشاطه السياسي السابق ينحصر في نقابات مشروع “مؤسسة” حلفا الجديدة
المهندس صديق يوسف إبراهيم النور
“والده الشيخ يوسف إبراهيم النور حامد النور عمر دليل عمر حمد المكنابي مؤسس مسجد الشيخ يوسف بالملازمين والخلاوي التي تحولت فيما بعد إلى معهد لتعليم أصول الدين والقرأن – وبجانب نشاطه كقيادي سياسي تولي صديق يوسف المداومة في ورعاية امر مسجد والده”
المهندس علي بابكرالكنين – السكرتير التنظيمي للحزب
مختار عبد الله
مسعود احمد الحسن
تاج السر عثمان بابو
الحقوقي صالح محمود عثمان
فتحي محمد الفضل – الناطق الرسمي
حمدان مصطفي حمدان
هيثم دفع الله رئيس تحرير صحيفة الميدان
الاقتصادي د. صدقي عوض كبلو
الحقوقية أمال حسين الزين
ود. امال جبر الله سيد احمد
والصحفي والاقتصادي كمال الدين سر الختم كرار
نسيت واحد مهم ومن عتاة الستالينين ولا يعرفه الكثيرون
إسمه المعروف بيهو عبد الجليل
من المحتمل أنه اقدم متفرغ في الحزب
سلام ابو احمد
الموضوع لا يحتاج الي بحث وكبير عناء انظر لدستور الحزب لتعرف ماذا تغير
اذ ما زال مبدا ضروره خصوع الهيئات الدنيا للهيئات العليا
مازال محولات تكوين راي عام من خلال الاتصالات الأفقية ممنوع ويعتبر تكتل عقوبته الفصل ( التهمة التي فصل بها د الشفيع خضر سعيد)
مازالت من واجبات العضوية تبني رأى الحزب ايا كان
وهذا يتناقض مع حرية التعبير والضمير
مازال التصعيد الموتمر العام يتم داخل الوحدات دون تمكين العضوية من المتابعة والمراقبة no monitoring process
مالذي تغير اذن بعد مناقشة عامة استمرّت لأكثر من ١٣ سنة؟
محمد سيد احمد الخطيب
صديق يوسف
يوسف حسين
واخرون كيزااان تم تجنيدهم وزرعهم منذالبداية هههههههههههههههههههه
شسيوعيبين وهم ههههههههههههه
للاسف قيادة الحزب الشيوعي الحالية واحد من الاسباب ربما السبب الرئيسي للحرب وماوصل له السودان بعد تحولهم لقوي مضادة واسقاطهم لحكومة الثورة (حكومة حمدوك) فقط لان حمدوك وعدد من افراد حكومته تركوا الحزب يوما ما. ما يسمي اللجنة المركزية هم طبعا شوية شماسة ماعندهم قدرة يسقطو حاجة لكن راكبين حزب عملاق بتاريخ وتأثير كبير علي الشارع ولجان المقاومة بالضبط زي ما الكيزان الان راكبين الجيش. دي الخطورة الان. المؤكد بعد تقف الحرب لن تقوم لهم قائمة كما لن تقوم للكيزان. النتيحة لن يكون هناك جيش او حزب شيوعي كما كانا قبل الحرب.
مابني على باطل فهو باطل