مقالات وآراء

هل تكتمل النبوءة ؟!

 

مناظير
زهير السراج

أصدر الرئيس الأمريكي بيانا أمس بشأن الحرب الدائرة في السودان بين قوات الجيش والدعم السريع منذ منتصف ابريل، 2023 ، دعا فيه طرفى الحرب الى “سحب قواتهم وايقاف الهجوم على المدنيين بواسطة قوات الدعم السريع، وإيقاف القصف العشوائي وتدمير البنية التحتية بواسطة القوات المسلحة السودانية، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، والعودة إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب”، وهى المرة الثانية منذ توليه الرئاسة التي يصدر فيها بيانا بشأن السودان.

• صدر البيان الاول في الرابع من مايو (2023 ) بعد ثلاثة أسابيع من نشوب الحرب، أعلن فيه الرئيس الامريكي إصدار “أمر تنفيذي بفرض عقوبات على الأشخاص المسؤولين عن تهديد السلام والأمن والاستقرار في السودان وتقويض الانتقال الديمقراطي في البلاد باستخدام العنف ضد المدنيين أو ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان”، واصفا العنف الذي يحدث في السودان بأنه “مأساة وخيانة لمطلب الشعب السوداني بتشكيل حكومة مدنية والانتقال للديمقراطية”، وداعيا الطرفين لايقاف المعارك، وتعهد بمواصلة الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع العسكري والسماح بوصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها بدون عرقلة.

• وجاء البيان الثاني على خلفية المعارك الشرسة التي دارت في الايام الماضية في مدينة الفاشر وأحدثت الكثير من الخسائر البشرية والمادية وهلعا واسع النطاق وسط السكان، والتخوف من نزوح مئات الآلاف من السكان وحدوث كارثة إنسانية كبرى اذا سيطرت عليها قوات الدعم السريع، بسبب التمايز العرقي والعداء التاريخي بينها وبين القبائل التي ينتمي إليها معظم سكان المدينة وضواحيها.

• فضلا عن ذلك، فإن سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر تعني السيطرة على كل ولايات دارفور الكبرى التي لم يتبق منها تحت سيطرة الجيش سوى اجزاء متفرقة من ولاية شمال دارفور وعاصمتها مدينة الفاشر الإستراتيجية التي يبلغ عدد سكانها حاليا حوالى مليوني مواطن وتُشكِّل مع باقي مناطق الولاية حوالى نصف مساحة دارفور الكبرى، وبسيطرة الدعم السريع عليها تكون قد فرضت سيطرتها على معظم منطقة غرب السودان وحدوده الغربية وامنت خطوط امداداتها البشرية واللوجستية، وسيطرت على المنافذ البرية التي تقود الى وسط البلاد والدول الحدودية من ناحيتي الغرب والشمال الغربي ومنها (طريق الاربعين) الذي يربط غرب السودان بشماله وهو الطريق الرئيسي والوحيد لتصدير الابل السودانية الى جمهورية مصر.

• تنتج دارفور أكثر من 60 % من الماشية السودانية (الإبل والبقر والضأن والماعز)، كما تزخر بكميات وافرة من الذهب والنحاس والحديد والألومنيوم، ولقد بلغ انتاجها من الذهب في عام 2022 حوالى 16 طنا من جملة الإنتاج في قطاع الشركات الذي بلغ حوالى 41 طنا، حسب بيان صادر عن الشركة السودانية للموارد المعدنية التابعة لوزارة المعادن في 3 ابريل، 2023.، بينما جاء في تقرير لصحيفة (إندبندنت عربية بتاريخ 27 ديسمبر، 2023) أن الإنتاج السنوي لجبل عامر (في شمال دارفور) يبلغ حوالى 50 طنا سنويا (نسبت الصحيفة الرقم لوكالة رويترز للأنباء)، غير أنني لم اجد ما يؤكد ذلك الرقم في موقع الوكالة العالمية. المعروف أن ذهب الجبل كانت تسيطر عليه قوات رئيس مجلس الصحوة بقيادة (موسى هلال) الذي كان حليفا لرئيس النظام البائد عمر البشير ثم إستولت عليه قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي في عام 2017 اثر خلاف نشب بين الرئيس المخلوع وموسى هلال ادى لاعتقال الاخير، ثم تنازلت عنه قوات الدعم السريع ممثلة في شركة الجنيد التي يرأسها شقيق قائد قوات الدعم السريع، لحكومة السودان في عام 2021 !

• بالاضافة الى بيان الرئيس الامريكي حول دارفور، صدرت بيانات مماثلة من الامين العام للامم المتحدة والاتحاد الاوروبي تشجب المعارك الدائرة في الفاشر وتدعو لتوقفها وحماية المدنيين.

• ينبع هذا الاهتمام بدارفور ليس فقط لمحاذاتها لمنطقة الساحل الافريقي الملتهبة والمتنازع عليها دوليا، والتي تستشري فيها الحركات الارهابية، وإنما الخوف ايضا من اندلاع صراع عرقي يفضي الى كارثة إنسانية تعيد الى السطح مرة اخرى كارثة عامى 2003 و2004 التي استخدم فيها قادة النظام البائد والحركة الاسلامية (اللا إسلامية) إبنهم البار وقتذاك وعدوهم الحالي (حميدتي) وقوات الجنجويد (الدعم السريع) لارتكاب جريمة الابادة الجماعية ضد مواطني دارفور ذوي الاصول الافريقية، وحرق مساكنهم وقراهم وطردهم منها وإستجلاب عرب الشتات ليقيموا بدلا عنهم، وذلك تحت اشراف مباشر لعدد من القادة المدنيين وبعض ضباط الجيش من بينهم ابنعوف وقائد الجيش حالياالبرهان الذي كان وقتذاك ضابطا في دارفور، وها هو إبنهم (البار) يستعد لتكرار جرائمه مرة اخرى، بينما يمثلون هم دور الضحية ويذرفون دموع التماسيح باسم الكرامة على الذين تقتلهم وتنهبهم وتغتصبهم الان قوات حميدتي، معتقدين ان العالم سينساهم وينسى جرائمهم البشعة.

• أذكر أن أحد كبار الزملاء الصحفيين من أهل دارفور قال لى في عام 2003 قبل أن تظهر جرائم دارفور على السطح وتصبح الخبر الاول في نشرات الاخبار العالمية، بأن دارفور لن تهدأ إلا إذا قضت على البشير واعوانه، ولقد تحقق جزء من نبوءته بمطاردة المحكمة الجنائية لهم منذ ذلك الوقت وحتى اليوم لتقديمهم للعدالة ومحاسبتهم، ويبدو ان النبوءة في الطريق الى الاكتمال بالقضاء عليهم جملة واحدة بمن فيهم صنيعتهم وابنهم البار !

[email protected]
الجريدة

 

‫8 تعليقات

  1. الطاغية البشير اصبح حبيسا ومرعوبا فى السودان الفضل ولن يتمكن من الخروج ولن تستقبله اى دولة بسبب مذكرة التوقيف ومعه بقية مجرمى الابادة الجماعية عبدالرحيم وهارون . وضاقت عليهم الدنيا ليعيشوا تحت بوت البرهان الى حين . والبشير الآن تجاوز الثمانين سنة ورأى الذل والتحقير فى نفسه وامامه خياران فقط اما ان يسلم لمحكمة الجنايات لان الخواجات لا يغفرون ابدا . او يغادر الفانية تلاحقه لعنات المظلومين تاركا جبال الاموال فى المصارف الاجنبية ليستولى عليها الخواجات كما فعلوا مع اموال صدام وعلى عبدالله صالح والقذافى وبن على والجنرال البشير فى رعب حقيقى يرتجف كلما سمع شيئا عن تفاوض وقرب توقف الحرب . واصبح بومة لا تعيش الا فى الخراب . وانا شمتاااااااان الحمد لله رأيته ذليلا حقيرا يستجدى الاحقر منه مناوى الذى صرح بتسليمه .

  2. ( كارثة عامى 2003 و2004 التي استخدم فيها قادة النظام البائد والحركة الاسلامية (اللا إسلامية) إبنهم البار وقتذاك وعدوهم الحالي (حميدتي) وقوات الجنجويد (الدعم السريع)
    هذا الكلام غير دقيق يا دكتور زهير في 2003 و2004 لم يكن حميدتي ومليشاته قد ظهروا في الصورة وكان موسى هلال وبعض قادة العصابات أمثال على كوشيب هم من يتولون، نيابة عن حكومة البشير، عمليات قتل وتهجير واغتصاب وقمع سكان دارفور ثم ظهر حميدتي بعد ذلك بسنوات وتخلص من المجرمين القدامى وأولهم موسى هلال وأصبح هو الزعيم الأوحد للجنجويد

    1. يا جنجويدي يامرتزق يا من تكتب بإسم “الدنقلاوي” أرجع للآركايف في اليوتيوب تحديدآ ، تجد تسجيل قديم للصحفية البريطانية من أصل سوداني نعمه باقر أجرت فيه تحقيقآ صحفيآ فوق العادة سنة 2013 مع حميدتي وهو في مكان ما في البرية ، وكان محاط بهالة من الأمن والسرية المدهومة بمخابرات حكومة البشير آنذاك. صحيح موسى هلال إبن عم حميدتي كان هو قائد الجنجويد في ذلك الوقت ومنذ 2000 ولكن محمد حمدان دقلو كان في ذلك الوقت أيضآ قائد له وزنه الصاعد في قوات مليشيات الجنجويد الإرهابية ، وكان حميدتي يعمل كقائد للمرتزقة بدون قيود من موسى هلال ، وهو أقر بذلك لنعمه باقر أثناء ذلك اللقاء.

      https://youtu.be/YxY8Oi5l-BM?feature=shared

      1. يا غبي
        الدنقلاوي صحح كاتب المقال فيما يتعلق ب ( كارثة عامى 2003 و2004) و أنت حسب كلامك تقول ان اللقاء لقاء نعمة باقر مع حميدتي حدث سنة 2013 يعني بعد عقد من الزمان

        اذن انت تثبت ان كلام المعلق ( الدنقلاوي ) صحيح في هذا الصدد .

        هذا مع أني اختلف مع الدنقلاوي في أمور فكرية و لكن هذا لا يمنع من قول الحق و تصحيح كلامه عندما يكون كلامه صحيحا

  3. شكرا يا استاذ دنقلاوي. كلامك صحيح ولكن حميدتي شارك في الجرائم ولكن كان جندي برتبة صغيرة. تحياتي وامتناني.

  4. تزييف الحقائق لا يجدى يا أستاذ زهير أنت تعلم جيدا أن حميدتى ليس مسؤولا عن جرائم دارفور ولم يكن له وجودا فى ذلك الحين ولكن يبدو خوفك من هجوم الفلول عليك اضفت تلك الفرية لابعاد الشبهة عنك فى محاباة الدعم السريع نفس التاكتيك الذى يستعمله مثقفاتية النخبة فى احاديثهم عن هذه الحرب خليط من التدليس والنفاق وازدواج المعايير.

  5. اصدقكم اقول وتحققوا منه هل تعلمون اخوتي بمافيكم كاتب المقال ان حميدتي لم يشارك قط في جرائم دارفور وان كل جرائم دافور التي اوصلتهم الي الجنائية كان ورائها الكيزان بقيادة العوير المدعو البرهان.
    وقدصرح حميدتي انه مستعد للتحقق في جرائم دارفور
    وأخطر من كانت لهم اليد في مشاكل دافور هم الزرق وبالأخص المساليت وليست القبائل العربية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..