
في 10 مارس 2018م نشرت الميدان رسالة الحزب الموجهة إلى اجتماع نداء السودان الذي كان منعقداً بالعاصمة الفرنسية باريس ، بعدها صدرت نشرة أخبار الحركة الجماهيرية التي يشرف على تحريرها المكتب الإعلامي للحزب ، نافية صدور الرسالة من الحزب!. وجاء رد الميدان في كلمة العدد الصادر في 20 مارس 2018م تأكيد صدور الرسالة من الحزب ، ووضحت بأن النشرة الجماهيرية مخترقة!.
هناك العديد من الشواهد أن الأجهزة الأمنية للنظام البائد قد اخترقت الأحزاب والكيانات السياسية كافة ، ولم يسلم الحزب الشيوعي السوداني من كيدها ومكرها. وقد تبجح بذلك رئيس الجهاز أمن النظام السابق صلاح قوش ، وأمن على ذلك عضو اللجنة المركزية الأستاذ علي الكنين في لقاء له مع تلفزيون السودان. وعلى الرغم من تراجعه لاحقاً عن ذلك الإقرار ، إلا أن تغيير أقواله لن يغير من حقيقة نجاح الأجهزة الأمنية في عمليات الاختراق ، ولن تزيل الشك ، بل تحيله إلى يقين. لو سلمنا بعملية الاختراق ، هل جلس قادة الحزب لتحديد مداه ، ومعالجة أثاره ، وهل كان قاصراً فقط على الأجهزة الأمنية السودانية فحسب ، أم أن هناك أجهزة أمنية واستخباراتية إقليمية ودولية على الخط؟ وهل حدوده أعمال تصنت وتجسس ، وسرقة معلومات ، أو وتزوير وفبركة بيانات باسم الحزب ، أم العملية أكبر من كل ذلك بأن تم زرع أفراد داخل الحزب ، أو جندوا أفراداً من القيادة كي تقوم بما عجزت عنه كل الأجهزة الأمنية الداخلية والخارجية منذ عهد الاستعمار حتى عهد الإنقاذ البائد القيام به؟! وهو هدم هذا الصرح من الداخل بدءاً من تصفيته من خيرة كوادره وأبناءه المخلصين ، إلى ضرب قوى الثورة وشلّ حركتها بالانقسامات (الحرية والتغيير ، تجمع المهنيين ،ولجان المقاومة) وتبني خطاب ومواقف سياسية تخدم خط أعداء الثورة وسياسة منسجمة مع أهداف الفلول ، وتصريحات وشعارات تتماهى مع الموقف الرسمي للحركة الإسلاموية بعد الثورة …
لست بحاجة لشواهد لإثبات أن خط الحزب الراهن يخدم الفلول ، تكفي الإشادة المستمرة من الفلول بمواقف الحزب! ويكفي وقف العدائيات معه ، يكفي المقترح الذي تداولوه في مؤتمرهم الذي عقدوه في رمضان المنصرم بتركيا بأن حال استعادتهم للحكم على الطريقة الطالبانية ، أو الحوثية ، أن يتحالفوا مع الحزب الشيوعي ليكسروا طوق العزلة الدولية المتوقع أن يضرب حولهم … وفي ذلك هم محقون ، حيث نشاهد هذه الأيام في العديد من المنابر والمنصات التي لا يمكن للفلول الوصول إليها ، أو يجدوا لهم فيها موطئ قدم ، تتم استضافة بعض قيادات اللوبي الشيوعي فيها (من المسموح لهم بالتحدث) يقومون بدور الفلول وأفضل في مهاجمة القوى المدنية الأخرى خاصة تقدم ، والدول التي لها موقف جاد ضد الوجود الإسلاموي في المنطقة. لذا فلا عجب أن يؤجل الفلول معركتهم التاريخية وعداءهم الأيديولوجي ضد الحزب الشيوعي ليركزوا على الخطر الحقيقي الماثل أمامهم وهو القوي التي تعمل على تفكيك التمكين وتقود التحول المدني الديمقراطي وأعني قيادات قحت وتقدم.
وكذلك من الشواهد على الرضا التام من الفلول والإسلامويين على سياسة وخط الحزب هو أن قائمة الشرف التي أمر نائب عام الغفلة بالقبض عليهم من المدنيين وكيلت لهم التهم بتقويض نظام البرهان الغير دستوري ، وشن الحرب ضد دولة الانقلاب ، قد شملت ستة عشر من خصومهم على رأسهم الدكتور عبدالله حمدوك ، وآخرين من أبرزهم ، إلى جانب حمدوك ، رئيس حزب المؤتمر السوداني ، المهندس عمر الدقير ، ورئيس الحركة الشعبية ، الأستاذ ياسر عرمان ، وعضو مجلس السيادة السابق ، الأستاذ محمد الفكي ، ووزير مجلس الوزراء السابق ، الأستاذ خالد عمر ، بجانب وزيرة الخارجية السابقة ، الكنداكة مريم الصادق المهدي.
منذ متى خلت قائمة المطلوبين لدى الأنظمة الإسلاموية من شيوعيين؟ وكانت بيوت الأشباح وسجونهم ومعتقلاتهم طوال عقود حكمهم المشئوم لا تخلو من الشيوعيين ، كأنها شيدت وصممت خصيصاً لهم ومن أجلهم. فلماذا تبدل الحال الآن؟! .
كما أن من علامات التماهي بين خط الحزب والإسلامويين والفلول نجده في الادعاء الكذوب بأن تنسيقية تقدم تمثل الغطاء السياسي للدعم السريع. وقد ألمحت الكثير من كلمات الميدان ومقالات لكتاب شيوعيين إلى ذلك دون أي مسوغات أو ذكر لوقائع وقرائن أحوال يمكن أن تثبت ذلك. وهي دراما كيزانية سيئة التأليف والإخراج والتمثيل لتبرير نشاطهم المحموم لتأجيج الحرب ودورهم كغطاء سياسي لذراعهم العسكري ممثلا في الجنة الأمنية التي تسيطر على الجيش. فكيف لطرف يمثل الغطاء السياسي للطرف الذي ما زال حتى الآن يحقق النصر تلو النصر يدعو إلى وقفها؟! وهو موقف ظلَّ ثابتاً قبل قيام الحرب إلى يومنا هذا ، وعلى الرغْم من ذلك ظل الحزب الشيوعي (الرسمي) مصمما على الترويج للدعاية الكيزانية بأن تقدم تمثل غطاء” سياسيا للجنجويد دون خجلّ أو وجلّ! .
هناك ظاهرة أخرى مستجدة سنها السكرتير السياسي محمد مختار الخطيب ، وأقول مستجدة ودخيلة على الحزب حيث لم نشهدها في السكرتيرين السياسيين السابقين له عبد الخالق محجوب أو محمد إبراهيم نقد ، كما لم نشهدها من أي من قيادات الحزب ، أو خطبائه في المنابر الرسمية في السابق. والظاهرة تتمثل في الهجوم غير المبرر على دول الخليج عامة والعداء السافر لدولة الإمارات العربية المتحدة ، التي تقف بصلابة ضد التمدد الإسلاموي في المنطقة ، والتي ظلت تدعم جهود المعارضة السودانية بسخاء خلال حكم الإنقاذ. يمكن للمرء أن يتفهم موقف الإسلامويين العدائي لها وسعيهم الحثيث لشيطنتها ، لكن لا أفهم سبب عداء الحزب الشيوعي لها ، وما المنفعة التي تعود للحزب من جرّاءِ استعداء معظم دول الخليج ذات الوجود السوداني المميز فيها ، وبينهم عدد لا يستهان به من الشيوعيين والديمقراطيين وأصدقاء الحزب! هذا الأمر ليس وليد تداعيات الحرب العبثية التي يدور رحاها الآن ، بل هو موقف يجري بثبات منذ أن تولت هذه المجموعة مقاليد الحزب. ولقد شهدنا السكرتير السياسي في ندوة بميدان مدرسة أمدرمان الأهلية قبل عدة سنوات من نشوب الحرب ، وربما كان الظهور الجماهيري الأول له بعد الثورة ، قد أخذ يكيل الهجوم على العديد من الدول في المحيط الإقليمي ، وقال في دولة الإمارات ما لم يقله مالك في الخمر ، فانطبق عليه القول “سكت دهراً ونطق كفراً”، دون مراعاة لوضع فروع الحزب في تلك الدول ودور الشيوعيين والديمقراطيين في أنشطة الجاليات السودانية ، ودورهم في دعم الحزب ، والتصدي لسياسات وأنشطة الإسلامويين والفلول في أوساط الجالية والأندية الاجتماعية السودانية في تلك الدول. فلمصلحة مَنّ يتم ذلك؟ إن لم يكن لمصلحة الفلول والحركات الإسلاموية.
يجب التحري والاستقصاء بطرق جادة وصارمة للتحقق من مسألة اختطاف الحزب من المجموعة أو الأقلية التي تسيطر الآن على قراره ، لكن حتى لو افترضنا أن الحزب غير مختطف ، فالقيادة الراهنة غير كفؤه سياسياً أو نظرياً لقيادة الحزب ، وفي ظل استمرار وجودها ستنتج قيادات شبيهة بها ضعفاً وفقراً وتكتلاً وتآمراً في الهيئات والمكاتب والمناطق والمدن ، وفي ظلها صار الحزب كياناً طارداً ، وستقود لا محالة لتصفية وجوده تماما مثلما تمت تصفية كثير من المنظمات الديمقراطية مثل اتحاد الشباب والجبهة الديمقراطية للطلاب بالوصاية والتدخلات وسوء التدبير.
وللحديث بقية …
في اللقاء القادم (9) ضعف فكري أم سوء تقدير
أصبت الهدف تماما هادي المرة
إختراق وعمالة غريبة وعجيبة للكيزان
ومستوي متدني للغاية للقادة في المركز والمكاتب المتخصصة
والنتيجة المرة أن الحزب يفقد مواقعه وسط الجماهير
الحزب يتنفش تحت الماء
ويغرق يغرق ويغرق
الحزب مواجهة بمعضلة مصدرها في طبيعة التكوين الهش لبعض الكوادر التي نقلت التجربة الفطيرة للكادر الطلابي في براغ وشرق اوربا وولع وادمان هذه الكوادر لتأجيج الخلافات الجانبية الفطيرة والتأمر والنسنسة الطلابية البغيضة …
طبعت هذه النزعة سلوك البعض وتجلت فيما جري المؤتمرات الاخيرة .. والنتيجة قيادة باهتة بكماء …
قيادة في ملامح تكوينها واسلوب عملها “شئ من حتي” تلك النزعة للتكتل والتآمر وسوء الظن … تشكك وتتعالي علي اي محالة للنقد والاصلاح، فالمتأمر بالسليقة يري في الغير متأمرين والمعتاد علي الشللية يفسر اي حوار داخل او خارج الاطر كمحاولة للاستقطاب وتمهيد لانقسام مدبر جاهز.
ولهذا اتفق معك تماماً في الخلاصة التي استخلصتها من قراءة صائبة للواقع المايل يا استاذ عاطف عبد الله -لعلها فراسة وذكاء الاديب الثوري- إذ تقول محقاَ … اقتباس:
“في ظل استمرار وجودها ستنتج قيادات شبيهة بها ضعفاً وفقراً وتكتلاً وتآمراً في الهيئات والمكاتب والمناطق والمدن ، وفي ظلها صار الحزب كياناً طارداً ، وستقود لا محالة لتصفية وجوده”
– انتهي الاقتباس ..
من الجماهير واليها نتعلم منها ونعلمها !!
ربما كان هناك كثير من الحقيقة في ما تقول
فقد كنا نسمع بخلافات الثوريين في أوساط الطلاب السودانيين في شرق أوربا
وصراعاتهم التي وصلت حد الضرب
ونفس الأسطوانة … إتهامات بالعمالة للإتحاد الإشتراكي وللأمن
لمحرد الخلافات في الرأي
وشارك فيها نفس العناصر التي رفضت العودة للسودان في الأيام الحالكات في أعقاب
إندحار إنقلاب هاشم العطا في يوليو واحد وسبعين
وقوموا يا الناس الرفضتوا العودة خوفا من معتقلاب كوبر وشالا
أرجعوا بعد الديمقراطية الأخيرة وعيثوا فسادا في الحزب
وباقي القصة يتمها التاريخ في سجلاته
تبكي بس زي تسقط بس
مافي حاجة اسمها حزب شيوعي لقد تفرغ دمه بين الاحزاب الديمقراطية
وكل زول شال شلية
عرمان وشلته ومجموعة وراق وجماعة الشفيع خضر
والاحزاب المتماهية معه المؤتمر السوداني
وغواصات الاحزاب الكبيرة في الامة والاتحادي
يا عاطف اهتدي بالله ووقف نوع الكلام دا. ما تدخل نفسك في مشكله كبيرة زي دي.
اليوم الاثنين ٢٣/ سبتمبر الحالي ومرور الذكري
الـ(٩٧) عام علي عيد ميلاد عبدالخالق محجوب.
(…- ولد عبد الخالق محجوب في حي السيد المكي بمدينة أم درمان السودانية العاصمة الوطنية لدولة المهدية و أحد معاقل الحركة الوطنية والثقافية، في 23 سبتمبر عام 1927.
آراؤه ومواقفه السياسية:
كان ذا حضور مؤثّر في المحافل الشيوعية العالمية. ألّف عدد من الكتابات والتي تمحورت حول إيجاد صيغة سودانية للماركسية بدلا عن التطبيق الحرفي للتجربة السوفييتية أو الصينية، كما كان له موقف واضح من الخلاف السوفييتي – الصيني. رفض التبعية للحزب الشيوعي السوفييتي على النقيض من عدد كبير من الأحزاب الشيوعية الأخرى كما كان يرفض الربط بين مبدأ حرية العقيدة والإلحاد. عارض انقلاب جعفر نميري في 25 مايو 1969 لتعارضه مع مبدأ الديمقراطية الذي ظل يدعو إليه الحزب ولكن لم يستطع الحصول على موافقة أغلبية السكرتاريا المركزية للحزب لإدانة الانقلاب والذي حُسب على الحزب الشيوعي السوداني المشاركة فيه نظرا لتعيين عدد من أعضاء الحزب في الحكومة التي شكّلها نظام 25 مايو.
انقلاب هاشم العطا:
عارض انقلاب هاشم العطا في 19 يوليو 1971 الذي استولى على السلطة لمدة لمدة ثلاثة أيام قبل أن يسترد النميري السلطة، اتهم الحزب الشيوعي السوداني بتدبير الانقلاب نظرا لاشتراك عدد من الضباط المنضمين للحزب الشيوعي فيه وعلى إثر ذلك تمت تصفية عدد كبير من قيادات الحزب الشيوعي.
رفض الهرب من البلاد حيث قدم اقتراح بأن يلجأ إلى سفارة ألمانيا الشرقية معللاً ذلك بأن رسالته الأساسية هي نشر الوعي بين صفوف الجماهير ومحارية العسكرتاريا وإقامة الديمقراطية في السودان واختبأ لمدة 4 أيام قبل أن يسلّم نفسه لوقف المجازر التي كانت ترتكب في صفوف الشيوعيين السودانيين. ليتم إعدامه على يد جعفر نميري إثر محاكمة صورية حولها عبد الخالق إلى محاكمة للنظام مما اضطر القضاة إلى تحويلها لجلسة سرية.
إعدامه:
انتهت حياة عبد الخالق محجوب على حبل مشنقة سجن كوبر في الساعات الأولى من صباح الأربعاء 28 يوليو 1971 م، رثاه عدد كبير من الشعراء العرب والسودانيين كما شكّل إعدامه صدمة كبيرة للحركة الماركسية العربية والسودانية لم يعد الحزب الشيوعي السوداني لسابق نفوذه أبدا بعد إعدامه مع أغلب قيادات الحزب. وبموتة انتهى فصل من الفكر في الحياة السياسية والاجتماعية السودانية .
المصدر- “ويكيبيديا”-