مقالات وآراء

وسائل التواصل الاجتماعي سرادق عزاء! السودانيون يموتون بالقهر والحزن والقمع والغربة وأوجاع الحرب!

 

ياسر عرمان

اقتلعت الحرب ملايين السودانيات والسودانيين، وشردتهم وحاصرتهم داخل منازلهم ومدنهم وقراهم واجبرت الملايين منهم للنزوح واللجوء تحت سطوة القهر والحزن والقمع وضيق ذات اليد والامراض المزمنة وانقطاع سبل كسب العيش فمات الناس حزناً وتحولت وسائل التواصل الاجتماعي لسرادق كبير للعزاء والحزن ورحيل ووداع الأحبة من الأسرة والأهل والجيران واناس الحي والقرية والمدينة.
إن اي جولة في وسائل التواصل الاجتماعي تمطر حزناً وجبراً للخواطر في ذات الوقت والانسان للإنسان رحمة وهو في الأصل ضيف في هذه الارض وطوبي للضيف أينما كان وحل.
أوجاع الحرب عجلت برحيل الكثيرين بعد ان اقتلعوا عنوة من جذورهم وفارقوا رائحة المنازل وأغنام ومواشي القرية والمزارع ورائحة الليمون والصور القديمة التي تركت عالقة على جدران البيت الكبير، وغابت لمة الاسرة والجيران والأحبة، وتدمرت المدن والاحياء والمؤسسات وجرفت ذاكرة المتاحف ودار الوثائق حتى يكون السودان بلا ذاكرة، وجُرح النسيج الاجتماعي جرحاً غائراً ونازفاً من دم القبائل والأقاليم، إن الطلقة والدانة ستتوقف يوماً ما ولكن الدم الراعف لن يصبح ماء.
من سيعيد للسودانيين إنسانيتهم التي جرحت؟ ويعيد بسمة الأطفال الذين روعوا؟ ومن يستطيع أن ينظر في أعين النساء المغتصبات؟ وكبار السن الذين خدموا مجتمعنا ومتقاعدين كانوا يبحثون عن منزل مطمئن وشجرة ظليلة وكتاب قديم ينُفض عنه الغبار وعنقريب في شمس الضحى، وميشيعون لا يعكر صفوهم الرصاص والارتكازات من سيعيد هؤلاء الأوفياء مرة أخرى إلى منازلهم وأكواخهم ومن يُرجع لنا مراسم تشييع الأحبة التي مضت ؟
إن الماضي لا يعود ولا يسترجع فهو ليس مثل الكتابة على الألواح الاكترونية التي يسهل بها الحذف والحفظ والاسترجاع، ولكن في الماضي دروس للمستقبل، فما يحدث اليوم بدأ في توريت أغسطس ١٩٥٥ وانتهى بحل عالج الاعراض وترك المرض في ٣ مارس ١٩٧٢ في اديس ابابا، لقد كان ٣ مارس عيداً ولكنه لم يكن لوحدة السودان! وجائت نيفاشا والسلام الشامل الذي لم يكن شاملاًً! وتمسك البعض بالشريعة فوق أسنة الرماح وتمسك الآخرين بالمواطنة، ثم جائت اتفاقيات لا تحصى ولا تعد وحروب تناسلت حتى وصلت الخرطوم، ان حرب اليوم هي وليدة حروب الأمس.
الآن نحن بلا مركز وبهامش على طول السودان وعرضه مليئاً بالانتهاكات والجرائم ولا يحفظ حق المدنيين في الحياة.
وستنتهي الحرب ولكن السلام رفيق للعدل متى ما زادت جرعة العدل زادت جرعة السلام وهو يكمن في المواطنة بلا تمييز وتغيير الاتجاه، إن صفحة الماضي مليئة بثقوب الحرب، إذا اردنا ان ننهي الحرب علينا بالسلام المستدام وترك هشاشة الحلول الجزئية خلفنا ولنعالج بالجملة لا بالقطاعي في مشروع جديد، والمستقبل حرية وسلام وعدالة وهو خيار الشعب، ونجده في ديسمبر وليس أبريل.
طوبى لمن مات بالقهر والحزن والقمع والغربة وأوجاع الحرب.
وطوبى لمرور مائة عام على ثورة ١٩٢٤.
وطوبى للسودان الجديد.

٢٣ سبتمبر ٢٠٢٤

‫8 تعليقات

  1. وتلك الأيام نداولها
    بين
    الناس
    صبرا
    جميل
    عسى
    الله
    إن
    يرحمنا
    ويغفر
    لنا
    اسرافنا
    في
    أمرنا
    أنه عزيز
    حكيم

    1. نريد أن نسمعها او الصحيح نقراها مما كتبه ياسر عرمان
      من المتسبب فى حرب 1٥ أبريل ٢٠٢٣م
      طبعا لو صمت تكون مصيبة

  2. مقال جميل… بس قول الكاتب (تمسك البعض بالشريعة والبعض بالمواطنة) فيه كثير من الشطط… من قال ان الشريعة والمواطنة متناقضان؟ … يبدو ان الكيزان قد عكروا كل شي وسمموا الحياة الفكرية والثقافية حتى اثروا في أفكار أعدائهم نفسهم فصار الكل لا ينظر لشي الا عبر هؤلاء الكيزان عليهم من الله ما يستحقون

  3. بشروا ولا تنفروا ولا تلقوا بالا للخونة و العملاء و المارقين من القوى المدنية البغيضة و قذرة , و لنرى الجانب الاخدر من الكأس.
    فموت العديد من السودانين سيتيح تحقيق منهج التمكين الاسلامى الاصيل و السمح , حيث تحتفظ حركتكم الاسلامية الخدراء بقواها البشرية خارجا فى مأمن من شرور الحرب وويلاتها بالدول السمحة , و حين أنتهاءها ستعود اسر الاسلاميين السمحة وهم يحملون الشهادات الرفيعة من ارقى الجامعات لحكم الشعب السودانى و تحقيق اشواقه الخدراء فى المغبشة و المخدرة و المغرزة و أشاعة السعن و المراحات.
    وهى من الحكم الالهية البالغة التى تتجاوز العقل البشرى الاخدر , فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.

  4. هذا هي النهاية الطبيعية لصراعات الايدلوجيات و الدكتاتوريات بين النخبة الفاشلة في السودان بدل ان يكون الصراع عن التنمية كان الصراع بين انت كافرا و أنا مؤمنا و كان الصراع بين أنت عميل و انا وطني بيّن الاخوة في البيت الواحد هذا هو الميراث الطبيعي للصراع الايدلوجي بين النخب المتخلفة في السودان.

  5. طائر الشوم أينما حل بافكاره الزارعه للاختلاف والتخلف ترك دمارا شاملا لقد عمل هذا العرمان مستشارا لحمدوك حميدتي وأشعلوها حربا ضروص والان يتباكون على نتائج الحرب و أصبح يقول اني برئي منكم اني اخاف الله رب العالمين واخاف على السودان يا لسؤ حظ السودان بهؤلاء الخونه الذين يعملون لمصالحهم الايدلوجيه ولايحترمون تنوع الناس في الدين والمذهب والقبيلة والتفكير الناس تختلف في كل شئ مثل البصمه ويوحدهم الدستور ولايوحدهم اكذوبه السودان الجديد

  6. من الذي كان سبباً في ذلك ؟
    هو الدعم السريع الذي قال عنه ياسر عرمان ذات يوم ان الدعم السريع يصلح نواةً للجيش السوداني متخيلاً ان الشعب السوداني لا ذاكرة له ، ولكنه يا سادتي هذا هو غراب الشؤم الذي أينما حلّ يحل الدمار والخراب

  7. با اخى زول نصيحة، لقد مشى عرمان بنفس رؤية إحلال الجيش بالدعم السريع عندما قال فى قناة الجزيرة بالصوت العالى ، لقد اقتلعنا الدعم السريع من الفلول وسيكون اساس، وليس فقط نواة ، الجيش الجديد، وتسجيلات قناة الجزيرة مع عرمان والمزيع احمد طه موجودة . والشعب السودانى يسأل لماذا اقتلعت قحت بعرمانها الدعم السريع من الفلول فى نفس الوقت الذى تنادى فيه ليل نهار بخروج العسكر من السياسية؟!!! طبعآ وبعد هذه الحرب البغيضة الإجابة واضحة. ومع كل ذلك يخرج علينا هذا المجرم القاتل العرمان يمكتوب عن ما يحدث للشعب السودانى نتيجة للحرب . يظن هذا المجرم أن الشعب بلا ذاكرة ،ولكن هيهات لو اصبح المحيط مدادا لك لتكتب به متعاطقا مع ضحايا الحرب إلى الأبد لن يشفع لك وعليك انتظار القصاص فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..