مقالات وآراء

لماذا يظهر الناس ابتهاجا باخبار انتصارات الجيش؟

طلعت محمد الطيب

ربما لاحظ الكثيرون مثلي ان معظم أفراد الشعب خاصة في الوسط والشمال النيلي قد ابتهج بخبر انتصارات الجيش “المبالغ فيها طبعا” لأن الوضع علي الارض لم يتغير كثيرا .
لكن دعنا نتحدث عن فرح الناس مع تسليمنا بحقيقة ان انتصارات الجيش حتي الان “متخيلة” بضم الميم . هذا الابتهاج في تقديري له عدة أسباب يمكن ان اجملها – حسب وجهة نظري – في العوامل التالية:
أولا : تجاوزات وسرقات وقتل كان قد حدث من قبل أفراد قوات الدعم السريع سمعنا بها وتابعناها ، ولكن ذلك لا ينقي حقيقة أن ضحايا الجيش من المدنيين لا تقل عن ضحايا تفلتات أفراد الدعم السريع في النهب و”الشفشفة” وقتل المدنيين الابرياء والذي غالبا ما يحدث بسبب سلاح الطيران واستهدافه لمناطق مكتظة بالمدنيين.
ثانيا : اعلام الكيزان وتأثيره علي الناس وخوف كثير من هؤلاء النفر التصريح بارائهم خوفا من التخوين وهذا طبعا قاد إلي إضعاف المعسكر المناهض للحرب بشكل كبير. بالاضافة إلي الاحساس بالعجز والضعف الذي يتسبب فيه مناخ الحرب اللئيمة.
ثالثا : وهو الاهم ، العامل الاثني حيث اعادت الحرب بين الدعم السريع من جهة والجيش ، إضافة إلي المشتركة وكتائب الاسلاميين من جهة ثانية ، اعادت إلي الاذهان ذكريات ما حدث علي أيام الخليفة عبد الله التعايشي من كراهية وقتل بين ابناء الغرب وابناء البحر.
هذا جعل الرأي العام في وسط وشمال السودان يميل إلي تاييد الجيش خوفا من الاخر “الغرابي” وحتي “الأجنبي النيجيري أو التشادي” حسب توصيف اعلام الفلول.
ونحن نعلم ان الانسان حينما تنتابه المخاوف من المحهول يفقد القدرة علي التفكير المنطقي ويتخذ مواقف خاطئة.
رابعا : استطاع اعلام الكيزان حتي الان ان يبيع فكرة مفادها أن النصر الحاسم قد أصبح وشيك وهذا الوهم جعل بعض الناس ياملون في ان يساهم ذلك الحسم العسكري السريع والمتوقع في وقف الحرب ، وقد جاء ذلك خصما علي المعسكر المناهض للحرب والذي تم تجريمه واتهامه بالانحياز لقوات الدعم السريع.
فعلي سبيل المثال أنا شخصيا اتي باخبار من طرف اعلام الدعامة ليس بهدف تأييدهم ، ولكن بسبب الرغبة في فضح مزاعم البلابسة والفلول بنصر ساحق وسريع ، ومساعدة الناس بالتالي علي متابعة واقع الحرب علي الارض دون تزييف ، ولكن للأسف لسبب ما ، ظل الناس يصدقون اكذوبة النصر الحاسم للجيش وكتائب الاسلاميين والمشتركة منذ اندلاع الحرب وحتي الان ، أي لأكثر من سنة ونصف علي القتل والنهب وتدمير البني التحتية المتآكلة أصلا.
خامسا : فقد معسكر الحرب لليسار ، أو مأ يعرف بالجذريين في معركة يلعب فيها الاعلام دورا كبيرا ، لأنهم وعلي قلتهم ، فما زالوا يشكلون دعما لاعلام الفلول لاغني للاخيرين عنه لانه يشكك في مواقف القوي الوطنية الاخري . وتأثير هؤلاء ياتي بسبب استقرارهم في الغرب وتمكنهم من السوشيال ميديا وكل اشكال الحراك لتوفر حرية التظيم والتعبير ، وقد ساعدوا اعلام الفلول علي نفي الشبهة عنهم بأعطاء الانطباع بأن الرأي العام المؤيد للجيش هو ” رأي محايد”. في ذات الوقت حقق هذا التأييد للجيش ، حقق لهم احساسا نفسيا مريحا يمكن ان نصفه بالاحساس بالانتماء إلي المجتمع والاستمتاع بدفء العشيرة ، خاصة وإن عبارة “شيوعية” ظلت دائما ما تؤرقهم وتسبب لهم احساسا بالإغتراب عن المجتمع وهو إحساس مؤلم مافي ذلك شك.
هذا ما خطر بذهني من عوامل يمكن ان تساعدنا علي فهم أسباب ذلك الابتهاج ولكني متأكد من أن التاييد الذي يجده الجيش لا علاقة له بمعادلة “القبول”او أي شرعية مرتبطة به لأن الناس في اغلبها مطلعة علي فساد قيادات الجيش وتمكين الاسلاميين فيه ، وكل مواقف الجيش المناهضة لثورة ديسمبر ودورها في قتل شباب الثورة العزل .

 

[email protected]

‫8 تعليقات

  1. فرح ( الوطنيين ) بانتصارات الجيش لأنهم يعلمون أنها حرب وجود و حرب إما سودان و إما دولة عرب الشتات الافريقي علي انقاض الوطن…

  2. الابتهاج بانتصارات الجيش ليست مبالغ فيها و كن علي يقين مرتزقة عربان الشتات الافريقي تشتت شملهم و لا قيادات لهم في الميدان فمعظم قياداتهم هلكوا و مشوا الخور… مافي مليشيا تهزم جيش و مافي مليشيا تحكم دولة

  3. يا أبا عزو ، الظاهر عليك أنت من المساكين اللي أحتفلوا باكراً ، راجع أخبار إبادة متحرك مصفاة الجيلي و الدعم في حجر العسل. اقعد كرر في عبارتك العنصرية البغيضة بتاعة عربان الشتات الافريقي لحدي ما تلقي نفسك أنت في شتات حقيقي و دائم. اما حكاية ما في مليشيا تحكم دولة فهي غير صحيحة بدليل حكم كيزانك أنفسهم لأكثر من 3 عقود.

    1. حمد النيل… انا ليس بعنصري و الحمدلله و انا ذكرت عربان الشتات ( الافريقي ) و لم اقول عربان السودان و ما حدث من عربان الشتات الافريقي في السودان لم يحدث من قبل و لشئ في نفسك تغاضيت عن ما فعله عربان الشتات الافريقي في الشعب السوداني و الوطن و مسكة في أنني عنصري و هو نفس ما يذكره بعض المغفلين النافعين و المغيبين حين نذكر حقائق مرتزقة عربان الشتات الافريقي و اجندتهم في السودان يطلع المغيبين و يعزفون علي اسطوانة الكيزان و الفلول…

  4. هناك ثلاثة عوامل أساسية
    1. الاعلام حيث أن الاعلام تسيطر عليه الدولة العميقة دولة الجيش و الكيزان و لا تنس ان الجيش ظل يحكم اغلب الفترات بعد الاستقلال .
    2. أغلب المحتفلين يوم الجمعة الماضي كانوا خارج السودان في مصر تحديدا و هؤلاء اغلبهم من أسر ضباط الجيش و الشرطة و موظفي الدولة ( العميقة)
    3. الرغبة القوية في انهاء الحرب حيث يظل البعض يعتقدون ان اي انتصار للجيش سيقود الى انهاء الحرب .

    من العوامل الجانبية هي :
    1. الفوضى الامنية في مناطق سيطرة الدعم السريع بسبب غياب اي جهاز للشرطة او انفاذ القانون
    2. ضعف اعلام الدعم السريع و بالذات الاعلام الداخلي او المحلي
    3. الانتهاكات المتكررة في بعض المناطق من بعض افراد الدعم السريع

  5. يا كاتب المقال هاك المثل الشعبي “الفي بطنو حرقص براه برقص” يعني لازم تحشر الجذريين في مقالك لأنهم لم يقفوا مع تقدم بقيادة حمدوك، حمدوك الذي خان ثورة الشعب. شوف موضع آخر.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..