مقالات وآراء

انتصارات الجيش

تأمُلات
كمال الهِدَي
. غرابة سلوكياتنا وتصرفاتنا ومواقفنا بدأت مند زمن ليس بالقصير وليست وليدة الفترة الحالية التي يشهد فيها بلدنا حرباً عبثية قضت على الأخضر واليابس ودمرت الوطن وشردت من بقوا أحياء من أهله.
. لكن المحير في أمرنا أننا مع كل مصيبة جديدة وبدلاً من استيعاب الدروس القاسية نزداد غرابة وسذاجة وطيشاً.
. انتفض الشعب وقدم أرواح خيرة شبابه من أجل تغيير نظام تجار الدين واللصوص والقتلة والمغتصبين.
. وها نحن بعد مرور سنوات من الفشل والخذلان بسبب توقفنا دائماً في منتصف الطريق ، وفقدان روح المثابرة لإكمال ما نبدأه ، ها نحن نشاهد جموع من ذات الشعب الثائر يحتفون بإنتصارات مزعومة لذات المغتصبين والقتلة واللصوص الذين ثرنا ضدهم.
. والسبب دائماً هو تفكيرنا الرغبوي وانجرارنا وراء العاطفة وتصديقنا لكل ما نقرأه أو نسمعه دون تمحيص أو تروٍ.
. هب أن سذاجتنا وبساطتنا دفعتانا لتصديق فرية أن موازين القوة في الحروب يمكن أن تنقلب رأساً على عقب خلال سويعات أو أيام معدودة- وهذا أمر لا يصدقه أو يتوقعه عاقل- فما الذي يبرر خروج السودانيين بالمئات لتأييد تقدم جيش الكيزان الذي يقود معركة لا علاقة لنا بها في هذا المحور أم ذاك! .
. وما هو مبرر ترديد الأناشيد الوطنية في مثل هذه الأوقات وكأن جيش الكيزان البغيض (وطني جداً) ويقاتل قوات غازية نزلت في أرض السودان بطائرات الصهاينة وحلفائهم! .
. ألا يقاتل هذا الجيش مليشيا صنعها بإيدي قادته الخونة العملاء ، ولا يزال يقود عملياتها عدد مقدر من ضباط هذا الجيش نفسه! .
 ألم يبدأ عرابهم الترابي بتجنيس الأجانب ومنحهم الجواز السوداني نظير حفنة دولارات ولأجل غايات غير نبيلة! .
. فكيف بالله عليكم يزعم الواحد منكم بأنه يؤيد الجيش لأن هذه الحرب وجودية ، وأن جل الجنجويد أجانب احتلوا بلدنا! .
. بلدنا أُحتل منذ العام ٨٩ ، وبسبب تنازلنا كشعب عن حقوقنا استمر هذا الاحتلال لعقود طويلة  وكان طبيعياً أن تصل الأمور لمرحلة هؤلاء الجنجويد .
. لما تقدم لا أفهم موقف أي عاقل يناصر أياً من طرفي هذه الحرب القذرة التي تستهدف إنسان السودان وبأيدي سودانيين قبل أن يكون ذلك بأيدى الأطراف الخارجية التي لا ينكر إلا مكابر أدوارها القذرة ، لكن يبقى السؤال دائماً : من الذي سمح بكل هذه التدخلات سوى الكيزان صُناع الجنجويد ومخربو كل جميل في هذا السودان وباعة أراضينا منذ زمن طويل! .
. لن تُحسم الحرب بهذه السهولة حتى وإن تقدم الجيش في عدد من المحاور ، أو سيطر الجنجويد على محاور أخرى.
. وأي إنتصار (بعيد المنال) لأي من الطرفين يُفترض أن يُقابل بالأسى والحزن لا بالأفراح والأهازيج لو كنا شعب واعٍ ووطني كما ندعي.
. فالبلد قد تدمر والمنشآت خُربت والبيوت نُهبت وأحُرقت في حرب عبثية كان من الممكن أن نضغط كشعب منذ الساعات الأولى لإيقافها.
. لكننا لم نفعل وانقسمنا حولها بجهالة ، وما زلنا بعد كل هذه الأشهر الطويلة والخراب والدمار الشامل نتوهم أن إنتصار أي من طرفيها يمكن أن ينقذ البلد من الأسوأ .
. ولأننا شعب يستغرق دائماً في الجزء ويتجاهل الكل متعمداً يحتفل بعضنا داخل وخارج البلد بإنتصارات يظنون أنها ستقضي على الجنجويد ، ناسين كل انسحابات الجيش وخيانة الكثير من قادته التي أسقطت مدناً بأكملها .
. لكنه دأبنا الذي لا نرغب في التخلي عنه ، فنحن في الكرة يستهزي الأهلة بالمريخاب ويعتبرونهم جنجويد لأن حميدتي دعم ناديهم في فترة ما متغافلين حقيقة أن من يديرون الهلال منذ فترة جوكية كيزان فاسدين احتكروا السلع الحيوية وساهموا في تدمير اقتصاد البلد كما زادوا نيران الحرب الحالية اشتعالاً ، و(مطنشين) فكرة أن إدارتي الناديين في وقت مضى دعمتا القتلة (البرهان وحميدتي) عندما كانا أحبة متناغمين.
. وننسى أيضاً أن هلالنا الذي نتباهى بكونه نادي الحركة الوطنية لُقب ب (سيد البلد) وأن هذا البلد بأكمله قد أضاعه هؤلاء الكيزان المراوغين الذين يجلبون لنا المحترفين والمدربين الأجانب بأموال قذرة.
. وفي السياسة نريد القضاء على مليشيا الجنجويد لكننا نغض الطرف عن حقيقة أن هذا الجيش الواهن يقاتلها بدعم حركات ومليشيات أيضاً ، وأنه حتى لو قدر له سحقها (وهو المستحيل بعينه لإعتبارات عديدة) ، يكون بذلك قد سلم مصيرنا لمليشيات أخرى .

. فيا لغرابتنا كشعب تضحك من غفلاته وسذاجته الأمم بإعتباره الشعب الوحيد في عالمنا الذي يفرح ويهلل لمن يدمرون وطنه ويحتفي بالحرب والدمار ، وفي ذات الوقت نتمشدق بعبارات من شاكلة “نحن شعب محب للسلام” وكأن من يغنون للقتل ويرددون (بل وجغم) ويتبادلون فيديوهات القتلى البشعة كائنات نزلت علينا من الفضاء .

‫9 تعليقات

  1. استاذ كمال , الشعب في الداخل كان شغال بقصة ( فتاة الاستوب) شهور , والمغتربين جارين ورا أية افرو والحرب مدورة في قراهم . ديل ما تنتظر منهم خير ,

  2. صدقت ورب الكعبة !1
    والمحزن ان المصيبة اعظم واجل …”فالاحتفالات” المتواصلة بانتصارات لا تري بالعين المجردة هي مجرد احدي اعراض مرض مزمن اصاب هذا الشعب المنكوب !!
    العالم يبحث والبحوث تتطور و تتقدم … والبشرية تبتدع في كافة مناحي البحوث والعلم …
    و نحن نتقدم بكل وقاحة في الاستنكاح و استغلال غيرنا ونبدع في ذلك دون ان يرمش لنا جفن …
    كيف و متى تغير سلوك واخلاقيات الانسان السوداني لهذه الدرجة ..؟؟؟
    و الله حالات النصب و الاحتيال يا استاذ كمال الهدي في مصر وفي حي الفيصل بالذات مركز المحتفلين والمهيصيين اصبحت شئ يحير و يشيب لها الراس !!

  3. الحرب نعم اشعلها كيزان الجيش وعندما عجزوا عن هزيمة كيزان الدعم السريع لجاءاوا لاوضع الحيل بالضرب في وتر القبلية وقد استجاب لهم البعض وليس الاغلبية ولاتنسى أن الاحتفالات لم يكن اغلب المشاركين فيها محتفلين بسبب انتصار احد اوهزيمة احد فهناك الكثيرون من خرجوا للفرجة فقط ولاتنسى الكيزان وختطهم المحكمة وتقسيم الأدوار في المشاركة في الحرب كل المتصدرين الاحتفالات بالقاهرة وفي أي مكان هم من الكيزان

  4. للأسف رغم اختلافي معك في مقالات كثيرة إلا أنه ولأحقاق الحق لقد قلت الحقيقة المؤلمة فعلاً جزء كبير من الشعب مغيب عن حقيقية الحرب ودوافعها والمستفيدين منها والمروجين لها لضمان استمرار مصالحهم الشخصية التي تعودوا عليها لنيلها منذ عقود دون حسيب أو رقيب طالما يملكون البندقية وأجهزة العدالة وأجهزة الآمن والمليشيات لحرب أشعلوها للسيطرة على البلاد والعباد ولا يهمهم قتل الملايين وتشريدهم طالما أبناءهم وربائبهم ينعمون بما نهبوه في تركيا ومصر وماليزيا ويبيثون سمومهم عبر أجهزة مخابراتهم في الميديا لاستنفار الضعفاء والمغيبين لحمايتهم هم فقط ومصالحهم و حتماً ستنتهي الحرب وسيجد المستنفرين والمغيبين بأنهم خدعوا ورمي بهم في القمامة وي ليت الشعب يصحى كل أطراف الحرب مجرمين وقتلة وسبب دمار السودان والخطر من ذلك كله هم عبيد الكيزان حركات الارتزاق المصلح هم الخطر القادم بعد الجنجويد والمعركة لم تنتهي إلا بزوال أسبابها.

    1. الشكر موصول من ود الشريف لغاية علي حاج احمد مرورا بحاج احمد وابو شنب وبقية كوكبة سودان الغد، كلكم فطاحلة التفكير المنطقي السليم ، والله انتو افضل من يمثل السوداني المثقف والفاهم يا ريت ربع السودان يبقى زيكم ، شكرا فقد اثلجتم صدري ، فقد سئمنا من الغوغاء والرد على الغوغاء ، سلمت اياديكم ، وثورتنا مستمرة حتى النصر

  5. انه شعب غبي ساذج اهبل عبيط انقسم بين الطرفين المجرمين مؤيدا لهذا وهاتفا لذلك… شعب غريب والله وعجيب ..الجنجويد لصوص وحراميه وقتلة ولا تتناسب همجيتهم هؤلاء الرعاع للسكن في المدن دعك من ان يحكمو اهل المدن…اما الكيزان فخمسة وثلاثون سنة كافية بأن يذهبوا الي مزبلة التاريخ تصحبهم اللعنات….. انه شعب جاهل ومتخلف بينما العالم كله يتطور ويتقدم يوميا ووصل مرحلة تكنولوجيا الجيل الخامس وحرب الرقائق الالكترونية والحكم المدني النظيف مازال يهتف لجنرلات الحرب وامراء الحروب والمليشيات وينظر باعجاب للدبابير التي تملأ الكتوف ولا ينظر الي ما بداخل عقولهم التي لا تعرف غير السيطرة والقمع بقوة السلاح….. شعب يستاهل كل ما يحدث له من تشريد ونزوح وجوع

    1. بالرغم من كلامك يبدو قاسياً لكن للأسف فهو صحيح؛ وينطبق علينا المثل الكلب يحب خناقه؛ والكيزان يلعبون على إستطالة الحرب ليكسبوا مزيداً من البهائم من خلال زيادة العلف في الميدياً ووجدوا الساحة شبه خاوية من خلال ضعف الشق المدني المناصر للثورة وعدم سيطرتهم على الإعلام كما الكيزان الذين شكلوا لجان وغرف إعلامية. لكن مع كل ذلك فهو لخير فقد تمايزت الصفوف وإن شاءلله ثورة ديسمبر منتصرة فلن تذهب ارواح الشباب سدى والحق غالب وإن تأخر والله مولانا وهم مولاهم الشيطان والطغيان والسلطان.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..