تفسيرات شيطانية (٤) : الشفاعة والمقام المحمود

محمد الصادق
جاء في التفاسير عن قوله تعاليَ : ﴿مَقامًا مَحْمُودًا﴾ ذكر الطَّبَرِيُّ ومُجَاهِدٌ أَن :
َّ “الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ هُوَ أَنْ يُجْلِسَ الله تعالى نبيه محمد مَعَهُ عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَقد رُوِي فِي ذَلِكَ حَدِيثًا.. وَذَكَرَ النَّقَّاشُ عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ أَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فَهُوَ عِنْدَنَا مُتَّهَمٌ”
ورُوي : “يقعده على الْكُرْسِيّ بَين يَدَيْهِ وَقَالَ بَعضهم : يقيمه عَن يَمِين الْعَرْش”
وجاء كذلك : “قالَ : ﴿مَقامًا مَحْمُودًا﴾ ولَمْ يَقُلْ مَقْعَدًا. والمَقامُ مَوْضِعُ اَلْقِيامِ لا مَوْضِعُ اَلْقُعُودِ”.
•°• وهذا القول هو ضمن أربعة أقوال في تفسير (المقام)،
والثلاثة الاخري هي:
١- حمل لواء الحمد
٢- كل مقام يجلب الحمد
٣- مقام الشفاعة
لكن ما ذكره المفسرون عن الإجلاس يطابق ما جاء عن المعراج في سورة النجم:
{وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوۡسَیۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ }
جاء في التفاسير:
“والَّذِي دَنا فَتَدَلّى هو جِبْرِيلُ، وقِيلَ هو النَّبِي..ّ
فالمَعْنىُ: ثُمَّ دَنا مُحَمَّدٌ مِن رَبِّهِ دُنُوَّ كَرامَةٍ فَتَدَلّى: أيْ هَوى لِلسُّجُودِ. وبِهِ قالَ الضَّحّاكُ.
﴿فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنى﴾ أيْ فَكانَ مِقْدارُ ما بَيْنَ جِبْرِيلَ ومُحَمَّدٍ، أوْ ما بَيْنَ مُحَمَّدٍ ورَبِّهِ قابَ قَوْسَيْنِ: أيْ قَدْرَ قَوْسَيْنِ”
فإذن القول بأن المقام المحمود هو أجلاس النبي علي العرش يتطابق مع القول بدنوه من ربه إلي مقدار قوس أو قوسين.
>>> وإذن فالمقام المحمود هو حينما بُعث النبي إلي السماء للقاء ربه بعدما أُسري به.
أي أن المقام هو المعراج.
وعلي ذلك فقد كان الصحابة
يدعون ربهم أن يبعث النبي
ذلك المقام..
وقد تمّ ذلك للرسول في الدنيا
ونال النبي ذلك المقام بالفعل
وتوقف أصحابه عن ذلك الدعاء
وربما استبدلوه بأدعية أخري.
أما ما جاء أن المقام هو الشفاعة، فهو لا يتطابق ادني تطابق مع شيء من القرآن، برغم التفاصيل والإسهاب الذي تعج به كتب الحديث والتفاسير والشروحات.
فقد تفننوا في تنويع الشفاعة بل (الشفاعات)، فقد زعم البعض أنها شفاعتان، وقيل ثلاث، وقيل خمس:
١ – شفاعة عَامَّةُ
٢- ُإِدْخَالِ قَوْمٍ الْجَنَّةَ دُونَ حِسَابٍ
٣- ادخال قَوْم الجنةٍ اسْتَوْجَبُوا النَّارَ بِذُنُوبِهِمْ (اصحاب الكبائر)
٤- إخراج قوم من النار
٥- زِيَادَةِ الدَّرَجَاتِ فِي الْجَنَّةِ
بل جاء اكثر من ذلك فقد روي حديث :
” لَا أَزَال أشفع حَتَّى يسلم إِلَيّ صكاك بأسماء قوم وَجَبت لَهُم النَّار، وَحَتَّى يَقُول مَالك خَازِن النَّار: مَا تركت للنار لغضب ربك في أمتك من بقية) !! .
وكل ذلك لا ذكر له في القرآن، فالقرآن يقرر أنه لا شفاعة إلا لله:
◇ {قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَـٰعَةُ جَمِیعࣰاۖ}
◇ {مِّن قَبۡلِ أَن یَأۡتِیَ یَوۡمࣱ لَّا بَیۡعࣱ فِیهِ وَلَا خُلَّةࣱ وَلَا شَفَـٰعَةࣱۗ}
◇ {مَا لَكُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِیࣲّ وَلَا شَفِیعٍۚ}
وقد جاء أن النبي نصح ابنته وحذرها :
(يا فاطمة.. أنقذي نفسكِ من النار فإني لا أغني عنكِ من الله شيئاً)
>>> لكن تغافل الناس عن هذا
وتمسكوا بمرويات شيطانية
تثبط الناس عن العمل
اتكالا علي شفاعة الرسول
بقليل من التدبر ومقارنة الآيات ببعضها، يمكننا إدراك المعني الحقيقي للشفاعة:
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في القواميس:
“شفع: الشَّفْعُ: خِلَافُ الوَتْر، وَهُوَ الزَّوْجُ. تَقُولُ: كانَ وَتْراً فَشَفَعْتُه شَفْعاً. وشَفَعَ الوَتْرَ مِنَ العَدَدِ شَفْعاً: صيَّره زَوْجاً”
>>> ف(شفيع) بمعني “ثانٍ”:
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِی سِتَّةِ أَیَّامࣲ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ یُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِیعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ}
فالمعني: لا (ثانٍ) لله،
له حول وقوة بذاته،
أي لا أحد غير الله يستطيع أن يخلق شيئا إلا بإذن الله؛ ولذلك جاء:
{وَإِذۡ تَخۡلُقُ مِنَ ٱلطِّینِ كَهَیۡـَٔةِ ٱلطَّیۡرِ بِإِذۡنِی
فَتَنفُخُ فِیهَا فَتَكُونُ طَیۡرَۢا بِإِذۡنِیۖ
وَتُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ بِإِذۡنِیۖ
وَإِذۡ تُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِیۖ}
■ {ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَیۡنَهُمَا فِی سِتَّةِ أَیَّامࣲ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِیࣲّ وَلَا شَفِیعٍۚ}
□ {إِنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ یُحۡیِۦ وَیُمِیتُۚ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِیࣲّ وَلَا نَصِیرࣲ}
>>> فهنا شفيع بمعني “نصير”
○ {وَكَم مِّن مَّلَكࣲ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ لَا تُغۡنِی شَفَـٰعَتُهُمۡ شَیۡـًٔا إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ أَن یَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن یَشَاۤءُ وَیَرۡضَىٰۤ}
{یَوۡمَ یَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلۡمَلَـٰۤئكَةُ صَفࣰّاۖ لَّا یَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَـٰنُ وَقَالَ صَوَابࣰا}
● {وَخَشَعَتِ ٱلۡأَصۡوَاتُ لِلرَّحۡمَـٰنِ فَلَا تَسۡمَعُ إِلَّا هَمۡسࣰا یَوۡمئِذٍ لَّا تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَـٰنُ وَرَضِیَ لَهُۥ قَوۡلࣰا}
○ {یَوۡمَ یَأۡتِ لَا تَكَلَّمُ نَفۡسٌ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ}
>>> فالشفاعة هنا بمعني القول أي الكلام.
جاء في التفاسير:
“قِيلَ: الْهَمْسُ تَحْرِيكُ الشَّفَةِ وَاللِّسَانِ. وَقَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: “فَلَا يَنْطِقُونَ إِلَّا هَمْسًا”. وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ، أَيْ لَا يُسْمَعُ لَهُمْ نُطْقٌ وَلَا كَلَامٌ”.
ولكن حتي من يتكلم (يشفع) وتسمع شفاعته فإن ذلك لا ينفع:
{فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَـٰعَةُ ٱلشَّـٰفِعِینَ}
وقد جاء في البخاري:
(.. فأقولُ : أيْ ربِّ أصحابي، فيقولُ: إِنَّكَ لا عِلْمَ لكَ بما أحدثوا بعدَكَ، إِنَّهم ارتَدُّوا بعدَكَ على أدبارِهم القَهْقَرَى)
وشفاعة النبي في القرآن جاءت بطريقة مختلفة عمّا هي في بعض المرويّات :
{وَقَالَ ٱلرَّسُولُ یَـٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِی ٱتَّخَذُوا۟ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورࣰا} :
فعلا .. لقد وضعوا القرآن علي جنب وجروا وراء التفاسير والمرويات والشروحات التي بها الغث والسمين.
>>> إننا لا نستطيع أن ننكر ما جاء في القرآن من الدنو والتدلي، بإقتراب محمد من ربه الي مسافة قوس او اثنين، وسجوده علي العرش بين يدي ربه؛
اما القول بشفاعة النبي، والقرآن يقول بأن الشفاعة لله وحده؛ وجعل الرسول شفيع لله (ثانٍ له) وإعطاء الرسول ميزات ليست له، بأن يدخل اصحاب الكبائر الجنة، ويخرج أناس من النار، ويرفع البعض إلي درجات لا يستحقونها، فهذا هو الغلو الذي حذر منه النبي نفسه:
فعن عمر بن الخطاب:
(لا تطروني كما أطرت النصاري عيسي ابن مريم إنما أنا عبد؛ فقولوا عبدالله ورسوله؛ وعن أنس: أن ناسا قالوا يارسول الله يا خيرنا وإبن خيرنا وسيدنا وإبن سيدنا: فقال
(يأيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان أنا محمد، عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله).
>>> لقد قرر الله في كتابه..
-وليراجع نفسه كل من لا يعتقد..
أنه قرار “نهائي”-:
{مَا لِلظَّـٰلِمِینَ مِنۡ حَمِیمࣲ وَلَا شَفِیعࣲ یُطَاعُ}
>>> وليراجع نفسه كل من كان يصف النبي بأنه “شفيعنا” أو “شفيع الأمة” أو “الشفيع”..
فهذه إذن نصيحة،
والدين النصيحة -كما في الحديث:
(لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)
ونرجو من كل من فهم المعلومةأن يساهم بنشرها وبشرحها، حتي تعم الفائدة،
ولكي نزيل المفاهيم الساذجة والخبيثة
المأخوذة من الموروثات
المليئة بالإسرائيلييات والمتناقضات.
□■□■□■□■
>>> تذكرة متكررة<<<
نذكّر بالدعاء علي الظالمين
في كل الأوقات .. وفي الصلاة
وخاصة في القنوت
-قبل الركوع الثاني
في الصبح
علي الذين سفكوا الدماء
واستحيوا النساء
واخرجوا الناس من ديارهم
وساموهم سوء العذاب
وعلي كل من أعان علي ذلك
بأدني فعل أو قول
(اللهم اجعل ثأرنا
علي من ظلمنا)
فالله .. لا يهمل
ادعوا عليهم ما حييتم
ولا تيأسوا..
فدعاء المظلوم مستجاب
ما في ذلك شك:
{قُلۡ مَا یَعۡبَؤُا۟ بِكُمۡ رَبِّی
لَوۡلَا دُعَاۤؤُكُم}.
لعل صاحب المقال انزلق نحو الجبرية و القدرية دون وعى منه , و الخوض فيها قد يحيل هذا الرد الى ما يطول ذكره .
الا أنى أكتفى هنا بقول الائمة أحمد و الشافعى ومالك فقالوا إن الله يأمر بما لا يريده كالكفر والفسوق والعصيان واحتجوا على ذلك بما أنه لو حلف على واجب ليفعلنه وقال إن شاء الله فإنه لا يحنث وبأن الله أمر إبراهيم بذبح ولده ولم يرده منه بل نسخ ذلك قبل فعله ووقع امره لاحقا بالذبح العظيم.
واقوال الائمة و المذاهب فى ذلك لا حصر لها بما لا يترك من سهامنا فى هذا الموضوع سوى رؤوسها و التى لا تجتمع الا فى الايمان.
و الايمان لغة هو مطلق التصديق , فالشفاعة أمر محسوم للرسول صلى الله عليه و سلم , أما كيفية أحتسابها وطرائقها فذاك تقدير ألهى لا يحق لمؤمن الخوض فيه.
الدين عندما يصبح لوثة عقلية .
الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ هُوَ أَنْ يُجْلِسَ الله تعالى نبيه محمد مَعَهُ عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَقد رُوِي فِي ذَلِكَ حَدِيثًا.. وَذَكَرَ النَّقَّاشُ عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ أَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فَهُوَ عِنْدَنَا مُتَّهَمٌ”
عندما يرفض العقل الخرافة ، سرعان ما يقتل هذا العقل،،،((فهو عندنا متهم))!!!!
هل الاسلام اصلا بدا من العصر العباسي؟؟؟
قال الحق تبارك و تعالى : ” وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ (9) فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ (17) لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ (18) أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ ”
قول كاتب المقال : (إذن القول بأن المقام المحمود هو أجلاس النبي علي العرش يتطابق مع القول بدنوه من ربه إلي مقدار قوس أو قوسين.)
هو قول غير صحيح و محض كذب و افتراء جملة و تفصيلا
المقصود بقوله تعالى( عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) هو جبريل. عليه السلام و كذلك في قوله تعالى ” و لقد رآه نزلة أخرى ” فان المقصود هنا و أيضا حبريل عليه السلام هو .أما قوله تعالى ( فكان قاب قوسين أو أدنى ) فهناك من ذهب الى أنه جبريل عليه السلام و هناك من يقول انه المولى عز وجل و القرب هنا من قبيل قوله تعالى في سورة ق ( و نحن أقرب اليه من حبل الوريد) و مثل قوله تعالى ( ان ربي قريب مجيب )
و جملة فان القول ( هو أجلاس النبي علي العرش ) هو قول بغير علم و افتراء على الله تعالى بالكذب و فيه شيء من الشرك بالله تعالى
يالمشتهى السخينه استميحك عذراً فى اختلاس تعليقك كى ابدأ به ردى على هذه المهووس الظلامى.
الدين عندما يصبح شكل من أشكال اللوث العقلى الذى يؤدى إلى الانفصال التام عن الواقع فهو حينها يكون بمثابة المخدر الذى يجعل متعاطيه يعيش فى أمكنه مغايره وأزمنه مختلفه ومتداخله تسمح له بأنتاج صور وافكار تكون أقرب إلى الأساطير والخرافات منها إلى وقائع وحقائق، فأصحاب الهوس الدينى متعلقون بحكم تركيبتهم النفسيه
المشوهه بكل ما يمكن ان يؤدى إلى انفصالهم عن واقعهم المعاش فى عملية هروب إلى عوالم متخيله ليس فيها من صراعات الجنس البشرى سوى المواجهه الأخيره يوم البعث حيث كل البشر يخضعون لسلطه واحده وهم جميعهم امام هذه السلطه سواء فى عملية الحساب الأخروي،هذا الضعف البشرى ازاء الحكم المطلق ادى بأصحاب الهوس الدينى إلى البحث عن الشفيع المنقذ من الهلاك فى الاخره وبهذه الفرضيه يمكنهم مواصلة العبث فى الحياة الدنيا طالما ان هناك من سيشفع لهم فى الاخره، فكان سيدنا محمد هو هذا الشفيع المخلّص ثم لم يكتفوا به وحده فضموا اليه شفيع آخر وهو الشهيد. كان لابد لهولاء من البحث فى مقولات وليس احاديث نبويه تؤطّر لسيناريو الشفاعه وترفع من قدر الشفيع لدرجه انه سيجلس مع الله على كرسيه، هذا التأطير سيعزز من الفرضيه بل ويكسبها قدسيه تجعل من يشكك فيها خارج عن المله وربما يستباح دمه وماله. أنا هنا لا أدافع عن من ينفى او يشكك فى شفاعه سيدنا محمد بل وددت فقط اظهار جانب من جوانب الهوس الدينى الذى ادى بأصحابه إلى القول بل الايمان القاطع بأسطورة المعراج التى بني عليها هؤلاء نظرية الشفاعه وما يدعمها من أساطير قدسيه ترقى إلى مستوى تجسيد الإله وتصويره تصوير مادى صرف ( فهو يجلس على العرش وبجواره سيدنا محمد) وهم بعد ذلك يُكفرون من يشكك فى أسطورة المعراج التى لم يأتى لها ذكراً فى التنزيل مع انها أقوى من حيث التأثير من قصة الإسراء التى ذكرها الله سبحانه وفصلها فى التنزيل. فى النهايه وعوداً على صاحب المقال فأنه يعيش كغيره من اصحاب الهوس الدينى فى عالم آخر
وواقع اخر يهرب اليه من خلال اصراره على نقل اما الأساطير والخرافات التى ليس لها علاقه بالقران الكريم او بكل ما يتعلق بالنساء من زواج ونكاح وعده وحيض وطلاق. وفى كلا الحالتين هو منفصل عن الواقع تماماً.
اتسائل احياناً متى يتوقف هذا الناقل لأمراض العصر العباسي والعصر الاموى عن نشر هذه الامراض ومتى يفيق من غيبوبته الدينيه ويعيش الواقع ليكتب لنا عن علاقة الدين والحركات المتأسلمه بأزمات السودان وكوارث الحكم والسلطه فى الوطن العربي ككل بدلاً من البحث فى معنى كلمة قاصر ومحاولة معرفة مكان سيدنا ادم وشرح كيفيه فتق السماوات والارض ونفى او إثبات الشفاعه.