مذبحة هنا.. ومذبحة هناك!

مناظير
زهير السراج
* رغم كل التعهدات والتصريحات التي أدلى بها قائد مليشيا الدعم السريع بحماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان في المناطق التي تسيطر عليها قواته، لا يزال الإنسان وحقوقه وحياته هم الهدف الأول لها وليس الجيش وكتائبه وحركاته، فكل يوم وكل ساعة بل كل لحظة هنالك مدنيون قتلى ومصابون ومعتقلون ومختطفون من اعتداءات وجرائم وانتهاكات الدعم السريع، وكأن الحرب اندلعت للانتقام من المواطن المسكين والتنكيل به، بسبب الفظائع المتواصلة التي يتعرض لها من الطرفين، تارة قطع رؤوس وتارة مذابح وتارة اغتصابات وتارة اعتقالات وتارة تعذيب وتارة نهب وسلب وتخريب وتدمير وكل فظائع الدنيا، وما خفى أعظم!.
* فُجعنا مؤخرا بالمجزرة البشعة التي ارتكبتها المليشيات المتحالفة مع الجيش ضد شباب وأطفال منطقة الحلفايا بتهمة التعاون مع مليشيا الدعم السريع، وهي تهمة زائفة شائنة تدل على حقد وضغينة الذين اصطنعوها واستغلوها لقتل الأبرياء للانتقام من لجان المقاومة والشباب الذين أسقطت ثورتهم الظافرة النظام الفاشي البائد!.
* الكل يعلم بأن كل ما فعله الضحايا الأبرياء هو إعداد الطعام والإشراف على (التكايا) ومساعدة الأهالي على الظروف القاسية التي يعانون منها بسبب ظروف الحرب واحتلال منطقتهم بواسطة قوات الدعم السريع، وهو ما يتطلب التعامل معها كسلطة احتلال، وليس التعاون معها، لقضاء حوائج المواطنين، فهل هذه جريمة يستحقون عليها المذبحة البشعة التي تعرضوا لها بتهمة التعاون مع الدعم السريع، وحتى لو كانت التهمة صحيحة، وكانوا خونة ومتآمرين بل تابعين لمليشيا الدعم السريع، فهل يجوز دينيا وقانونيا وأخلاقيا اتهامهم ومعاقبتهم وقتلهم بتلك الطريقة؟!.
* وقبل ثلاثة أيام تهجمت مجموعة تابعة لمليشيا الدعـم السـريع، تتكون من نصف دستة من الوحوش المدججين بالسلاح، على أسرة بريئة تُقيم في حي المزاد بمدينة ود مدني، مكونة من أب وأم وطفلة صغيرة، إضطرت بسبب الفقر وضيق اليد للبقاء في المدينة بعد فرار الجيش وسيطرة مليشيا الدعم السريع عليها، فكان نصيبها الغدر والاعتداء الوحشي على الأب برؤوس البنادق وربـطـه وإهانته وتهديد طفلته بالذبح والتناوب على اغتصاب زوجته واحدا تلو الآخر منذ منتصف الليل وحتى الفجر أمام عينيه وعينى طفلته، ولم يتركوها إلا وهي في حكم الأموات تعاني من تهتك شديد في الرحم وإنهيار عصبي حاد، بينما إنهار الأب وفقدت الطفلة النطق.. بالله عليكم هل هؤلاء بشر أم وحوش، وهل يمكن أن تكون الوحوش بهذه الوحشية والدناءة.. والله إنني أظلم الوحوش لو قلت أنهم وحوش، وأظلم الدناءة لو وصفتهم بالدناءة، فكل صفات الدناءة والوضاعة والقذارة أنظف منهم تريليون مرة!.
* وفي حجر العسل بولاية نهر النيل، شنت مليشيا الدعم السريع هجوما وحشيا غادرا على مواطني المنطقة بعد إنسحاب الجيش منها، بتهمة التعاون مع الجيش، وأرغموهم على النزوح بالملابس التي على أجسامهم وإلا كان مصيرهم القتل والذبح.. نفس التهمة يلقي بها الطرفان على المواطن البرئ لقتله وذبحه وتشريده!.
* وبين هذا وذاك اعتداءات واعتقالات تنفذها مليشيا الدعم السريع ضد المواطنين في محلية أبو كارنكا بولاية شرق دارفور، وتوجه حمم مدافعها على مواطني أم درمان، بينما تقصف طائرات الجيش المدنيين في مليط بدارفور وجنوب الحزام في الخرطوم جنوب.. ومحاكمات جزافية وعقوبات بالإعدام لشبهة التعاون مع العدو رغم الحديث النبوي الصريح بدرء الحدود بالشبهات.. ولكن مِن أين لقاضٍ يخشى الحاكم أن يخشَ الله ويفهم أحاديث الرسول، ويقيم العدل؟!.
* إنها ليست حربا بين الجيش ومولوده المتمرد.. وإنما حرب الطرفين على المواطن البرئ، لتحقيق مصالحهم وأجندتهم القذرة على حساب حياته واستقراره وكرامته ومستقبل اجياله!.
الجريدة
هنا جرح لنا و هناك جرح