الخصومة مع الإسلاميين!

مناظير

زهير السراج

* بشأن إمكانية التصالح بين الإسلاميين ومختلف الأطراف السياسية وغير السياسية، والتوجه نحو هدف واحد هو التخلص من وحشية وجبروت هذه المليشيا المسماة بالدعم السريع، أقول:

* كلنا نعرف بأن هذه الميشيا صنعها الإسلاميون لأجل توطيد سلطانهم في الهامش، في خبث لم يفعله حتى المستعمر، إذ لجأوا إلى محاربة أهل دارفور وجبال النوبة بجيرانهم في نفس المنطقة واستغلال النزاع بين الزراع و الرعاة، وقصدوا من فعلهم هذا محاربة قبائل الهامش بأقل تكلفة بدلا من إرسال الجيش، وأن يكون أجر هؤلاء الوحوش هو أموال وممتلكات وأعراض خصوم الحكومة في مناطق الهامش، وقد ارتكبت المليشيا، كما يعرف الجميع، أسوأ الفظائع والجرائم برعاية حكومة الإسلاميين، وما يحدث الآن في السودان هو ذات السيناريو الذي حدث في دارفور و جبال النوبة، هذا فضلا عن الكثير من الأساليب الوحشية التي مارستها الحكومة ضد المواطنين في المركز والمناطق الأخرى.

* الغفران لهؤلاء الذين وضعوا البلاد في مسار الهلاك مؤلم جدا، خاصة إن عداء السودانيين لهم صار عقدة مركبة وليس خلافاً سياسياً عادياً، حيث مارس النظام البائد (نظام الإسلاميين) سياسات بغيضة وعمد إلى إثارة الكراهية والنعرات القبلية في البلاد، وليس سرًا إنهم في سبيل مشروعهم عمدوا إلى تحقير أهل الهامش وإزدراء ثقافاتهم و لغاتهم ومعتقداتهم بل حتى ملامحهم وألوانهم التي تخالف صورة (العربي المسلم) التي في أذهانهم، وهم أبعد ما يكونوا عن الإسلام.

* إن الإسلاميين يتصدرون المشهد الآن بوجود بقاياهم في الجيش ومؤسسات الحكم المدنية، ويعدون العدة لعودتهم إلى الحكم وهو أمر في غاية الصعوبة حتى لو انتصروا على التمرد، تحت ظل خصومتهم مع كل مكونات المجتمع السوداني، فهل سيغيرون جلودهم لأجل أن يقبل بهم السودانيون؟!

* إن غالبية المقالات التي تتحدث عن الحرب تكيل السباب لأهل الإنقاذ والإسلاميين، ونادرا ما تتناول انتهاكات الدعم السريع شماتةً في الذين تجبروا على البلاد والعباد ثلاثين سنة، قتلوا فيها الآلاف وسرقوا ونهبوا وخرَّبوا كل ما طالته يدهم بالاستعانة بالجنجويد الذين انقلبوا عليهم الآن وأذاقوهم نفس السم وطردوهم إلى أطراف البلاد!.

* الكراهية والشماتة في أهل الإنقاذ هما السبب في عدم اصطفاف الشعب خلفهم ضد الجنجويد، لأن عهد السودانيين بهم إنهم أهل فجور في الخصومة، وعاملوا خصومهم السياسيين أسوأ معاملة، ولم يُفرِّقوا بين الخصومة السياسية والخصومة الشخصية، فعاملوا خصومهم بحقد شديد وكراهية وعداء شخصي غريب!.

* تصالح السودانيين مع الإسلاميين مبدأ لا يؤمن به أهل الإنقاذ، وقد جُبلوا على إقصاء الآخر في كل شيء، فهل هناك مجال لتأجيل خصومة السودانيين مع الإسلاميين والتحالف معهم من أجل الهدف الأسمى بتخليص البلاد من هذه الحرب وهم يرونهم يعدون العدة للعودة المستحيلة إلى الحكم بعد انتصارهم على الدعم السريع و من ثم الاستئثار بحق المنتصر على طريقة الغزاة.

* أرجو من الله أن يحدث ما ذهبتَ إليه بأن يتناسى السودان خصومتهم مع الإسلاميين ويجمعهم الهدف الأسمى من أجل البلاد، ولكن تحت لواء المصلحين منهم وليس الذين ينفردون بالمشهد الآن ويبشرون الشعب بمائة عام من الحرب، لقد زرع أهل الإنقاذ كراهية الآخر مثل ما لم يفعلها أحد.

الفاتح أحمد
* تعقيب:
شكرا للأستاذ (الفاتح أحمد) على المشاركة الصريحة، ولكن لا بد أن أصحح شيئا قد يكون ملتبساً على بعض القراء الأعزاء مثلما إلتبس على الأخ (الفاتح)، وهو أنني لم أطلب من الناس التصالح مع الإسلاميين ومؤآزرتهم في الحرب، وإنما تساءلت عن إمكانية التصالح بين الجميع على طريقة (الحقيقة والمصالحة) لإيقاف الحرب وتأسيس وطن يساهم في إدارته وتنميته الجميع بدون إقصاء لأحد، بالشروط التي يتفق عليها الجميع.

الجريدة

[email protected]