هل يمكن الفصل بين الجيش والحركة الإسلامية في السودان؟ (١ من ٢)

طلعت محمد الطيب
ربما كانت بداية التحالف العملي بين الحركة الاسلامية والجيش قد بدأ فعلا في نهاية سبعينات القرن الماضي بتدشين ما عرف بالمصالحة الوطنية بين الدكتاتور نميري والحركة الإسلامية ، اذ يبدو أن الحركة المسلحة في ٧٦ كانت قد افزعت النميري رغم انتصار الجيش فيها.
كذلك، ما زلت اعتقد ، أن المصالحة بين الاسلاميين والجيش لم تكن تتم لولا مباركة الرئيس المصري الراحل أنور السادات ، او بالاحري ، بإيعاز منه حتي يتسنى له أن يستخدهم كترياق مضاد لليسار بشقيه القومي والماركسي والذي كان معارضا لاتفاقيات السلام مع إسرائيل.
يعتقد البعض ، وأنا منهم ، ان وحدة اللغة والجغرافيا مع الجارة الشمالية مصر قد جلبت مشاكل عديدة علي السودان اهمها هذه الحرب الوجودية اللعينة باعتبار إنها الثمار المرة لأفكار حسن البنا وسيد قطب ، إضافة إلي سوء تقدير القيادة المصرية وتخبط سياساتها تجاه السودان وذلك بدءا من تاييدها لانقلاب الانقاذ وتوفير غطاء من الشرعية الدولية له ، رغم أنه كان انقلابا علي حكومة مدنية منتخبة.
كانت أحداث العنف في جامعة الخرطوم في مارس ١٩٨٠م تعد من أول مظاهر التنسيق بين الجيش والقوات النظامية مع الحركة الاسلامية في قمع المعارضين السياسيين حين ادخل الكيزان السيخ في الجامعة. كان واضحا منذ ذلك الزمان أن الجيش قد بدأ ينحرف عن دوره في حماية دافع الضرائب والنظام العام والقانون. كان إعفاء البنوك الإسلامية من الضرائب وتسهيل نشاط الاسلاميين داخل الحيش ، كان ايضا يبدو واضحا ، إلي أن جاء إنقلاب الانقاذ وفصله لعشرات الالاف من المعارضين واستبدالهم بكوادر اسلامية ، ثم التعذيب في بيوت الاشباح وتصعيد ما عرف بالحرب المقدسة في الجنوب.
كذلك كانت كل أحداث العنف والموت في دارفور وجبال النوبة مرورا باحداث العيلفون وكجبار ومناطق اخري في شمال البلاد واستمرار العنف في الجامعات … الخ ، وحتي قتل المتظاهرين في أحداث سبتمبر ٢٠١٣. ثم ما تلي ثورة ديسمبر من دخول كتائب الظل إلي ساحة الاعتصام وقتل اكثر من مائة إنسان أعزل وإغتصاب الفتيات ، إضافة إلي ما كان يفعله القناصة من كتائب البراء والبنيان المرصوص من استهداف الناشطين وقتلهم ، كل ذلك يجب أن يفهم بأنه ياتي في إطار التنسيق بين الجيش والحركة الإسلامية والذي كان قد دشنه نميري واستمر فيه حتي قبيل انقلابه علي الاسلاميين بأشهر قليله من عزله. وقد أصبح هذا التنسيق وذلك التعاون هو النموذج المتبع في سياسات الجيش والاجهزة الأمنية في السودان .
صحيح المصالحة فيز١٩٧٧ مثلت حدثا فارقا في تاريخ السودان حيث أطلقت يد الترابي وتنظيم الإخوان في المدارس والجامعات والكلية الحربية حيث تمكن تنظيم الإخوان من إدخال عدد كبير من طلابه في الثانويات الى الكلية الحربية وبعضهم ما زال على رأس العمل إلى اليوم. لذلك العلاقة بين الجيش الكيزان ليست مجرد تنسيق وتعاون إنما هي علاقة عضوية حيث يصعب ان لم يكن من المستحيل الفصل بينهما في المستقبل القريب. اعتقد ان مقالك رد على مقال لياسر عرمان ظهر اليوم عن نفس الموضوع. إصلاح الجيش حلقة من سلسلة الإصلاح السياسي الشامل.
تماما استاذ علي ، مصر لعبت دورا رئيسيا في نشر الفكر الاخواني والسماح للاخوان في السيطرة على مفاصل الدولة واول هذه المفاصل هو الجيش ، ففي السبعينات بدات مصر بتدريبات للطيارين السودانيين على طائرات الميج وطائرات الهليكوبتر الروسية من طرازات MI و طائرات HIND , وكان ذلك بديلا عن العراق حيث ساءت علاقات نميري مع العراق ، وتلك كانت نهاية الضباط البعثيين وبداية الضباط الاخوان في الجيش السوداني