دور الأحزاب السياسية السودانية في التصدي للتدخل المصري

ادم بركة دفع الله
يعد التدخل المصري في الشأن السوداني قضية معقدة ذات أبعاد تاريخية وسياسية واقتصادية متشابكة، وقد أثر بشكل كبير على مسار الأحداث في السودان، مما أدى إلى تفاقم الأزمات والصراعات الداخلية.
معروف تاريخياً ، دعمت مصر الأنظمة الاستبدادية في السودان عبر المؤسسة العسكرية التي لم تعمل يوما لحماية البلد وبل كانت هي ، مما أدى إلى تهميش القوى السياسية المدنية الحية وإفشال جميع مراحل الانتقال التي تلت الثورات العظيمة التي أشعلت شرارتها قوى التغيير السودانية.
وهذه لا تحتاج لادلة هي واضحة وضوح الشمس واخر تدخلاتها ودعمها للانقلاب ٢٥ أكتوبر كما قامت مصر بتدخلات عسكرية مباشرة في السودان في بعض الفترات ، مثل ضرب المعارضة في الجزيرة أبا ، واستمرار هذه التدخلات في الحرب الجارية حالياً واحتلال أراضٍ سودانية حلايب وشلاتين ، ما زاد من تعقيد الأوضاع. بالإضافة إلى ذلك ، استخدمت مصر وسائل الإعلام والعملاء الإعلاميين للتأثير على الرأي العام السوداني وتوجيه الأحداث بما يخدم مصالحها ، ودعمت واستقطبت قيادات في المؤسسة العسكرية السودانية ، عبر مخابراتها تدير مايسمى اللايفاتية والناشطين الذين يصدرون الفتن المقيمين في اراضيها مما زاد من حدة الصراعات.
أدى التدخل المصري إلى عدم الاستقرار السياسي والأمني ، وتأخر التنمية بشكل كبير بسبب الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية. كما زاد من حدة الانقسامات المجتمعية والطائفية في السودان عبر بث خطابات الكراهية ، وتمكين بعض المجموعات السودانية القريبة من الحدود المصرية. خطابات الكراهية هذه المدعومة من مصر ساهمت في تآكل النسيج الاجتماعي السوداني وإضعاف تماسكه.
رغم الدور التخريبي للتدخل المصري، إلا أن الأحزاب السياسية السودانية لم تلعب دوراً محورياً في التصدي له.
نعلم تتباين مواقف الأحزاب السياسية السودانية تجاه التدخل المصري ، فبعضها تدعمها وبل قد تكون ازرع لها ولكن هناك قوى وطنية سياسية من الممكن أن تواجه هذا التدخل يتمثل دورها في ، توحيد صفوفها وتجاوز خلافاتها، واعلى مصلح البلد ، ان تبني جبهة وطنية عريضة تضم جميع القوى السياسية والمجتمعية من أصحاب المصلحة الحقيقين التي تعمل مصر وعملائها على إقصاءها من إدارة البلد والامساك بزمام أمورها ، وهم غالبية الشعب السوداني . ينبغي أن تشمل جهود التصدي كشف وتوثيق الممارسات المصرية التدخلية خاصة من العسكر ومن الاعلاميين ، والتواصل مع المجتمع الدولي لفضح ممارستها والتنسيق معه لوقف هذا التدخل، و ويحب عليها توعية الشعب السوداني بمخاطر التدخل وأهمية الوحدة الوطنية.
ان رصد عملاء مصر في جميع المجالات، تمهيداً محاسبتهم بعد تطهير البلد منهم مستقبلا .
العمل على إصلاح المؤسسة العسكرية وتطهيرها من العناصر المؤيدة لمصر هي العقبة امام السودانين ،
وهذا يتطلب تضافر جهود جميع القوى السودانية الحقيقية . يجب على الأحزاب السياسية والمجتمع المدني السوداني تحمل مسؤولياتهم التاريخية وتلعب هذا الدور. وهذا هو الطريق الصحيح لمعالجة مسألة إصلاح المؤسسة العسكرية التي تقف عقبة في تقدم البلد وبناء دولة ديمقراطية مستقرة ومزدهرة.
من الصعب جدا للاحزاب السودانية اتخاذ موقف ضد مصر او تبني رؤية مستقلة عن الراي المصري لانه ببساطة ان كل او معظم قادة تلك الاحزاب مقيمين في مصر ، بالاضافة لوجود كل الاسلاميبن من صحفيين واعلاميين وخبراء استراتيجيبن في مصر ، وقد استغلتهم مصر استغلالا لا حد له ، فبرزو في الاعلام العربي والفضائيات لمؤازة قادة جيش المخانيث وبمختلف الصور ، ونحن نتذكر كيف اعطت المخابرات المصرية الاذن لتلك الجماعات المؤدلجة في مضايقات افراد وشخصيات يؤيدون قحت وبقية الاحزاب السياسة وضربهم ومحاولة اغتيالهم في شوارع القاهرة مما اضطر البعض الى الهروب من مصر والالتجاء الى بعض دول الجوار ، والبعض الى الاختفاء والاختباء الكامل في شققهم ومنازلهم ،، كل هذا يؤكد الموقف المصري المؤيد لمخانيث الجيش والاسلاميين ، وكذلك الموقف المصري المضاد والعنيف لكل من ينادي بايقاف هذه الحرب اللعينة ويؤكد بالتالي بان مصر لعبت الدور الرئيس والاساسي لاشعال هذه الحرب ، ورفض التفاوض في جدة وجنيف واديس ابابا مما ادى الى اطالة امد الحرب حتى اللحظة ،