مقالات وآراء

علم «الجحشنولوجيا»: الديك العربي الذي يبيض ومن منكم يتذكر اسم زوجة إبليس؟

 

أنور القاسم

الأرض زاخرة بالعلوم، وإذا كان العرب أسسوا للكثير منها، ونسوها ليتلقفها الغرب ويبني عليها، فمن واجبنا، ونحن نعيش طفرة علمية عالمية أن ندلي بدلونا فيها، أسوة بأجدادنا.
وللعرب الحديثة اختراع، لو تعلمون عظيم، فقد أضفنا علما لم يسبقنا إليه أحد، ونستطيع تسميته علم «الجحشنولوجيا»، أي تحول الإنسان الى جحش – أعزكم الله – وهذه الشهادة لا يتم الحصول عليها من الجامعات، وإنما هي اجتهاد شخصي من العربي الحديث، وهي غير مقتصرة على فئة محددة. كما أن هذه التسمية تنطبق تماما على مشاهدتنا اليومية لما يحصل في غزة وبعدها لبنان، فسوريا واليمن، وغير مستبعد أبدا باقي الدول العربي. ونحن في حالة من الهلامية والتقلص وموات مقصود، غير مسبوق تاريخيا.
اليوم سأقص عليكم حكايتنا جميعا في الدول العربية: يحكى أن ديكا كان يؤذن عند الفجر كل يوم، وذات يوم قال له صاحبه: أيها الديك لا تؤذن مجددا وإلا سأنتف ريشك!
فخاف الديك، وقال في نفسه «الضرورات تبيح المحظورات»، سأتنازل وأنحني للعاصفة حتى تمر، حفاظا على نفسي، فهناك ديوك غيري، تؤذن على كل حال، وتوقف الديك عن الأذان، ومرت الأيام والليالي، والديك على ذاك الحال.
وبعد فترة جاء صاحب الديك، وقال له: أيها الديك إن لم تصح كالدجاجات ذبحتك! فقال الديك في نفسه، مثل ما قال في المرة الأولى «الضرورات تبيح المحظورات»، سأتنازل وأحني قليلا للعاصفة حتى تمر، حفاظا على نفسي.
وتمر الأيام وديكنا، الذي يوقظنا للصلاة لم يعد يوقظنا، بل أصبح وكأنه دجاجة!
وبعد شهر قال صاحب الديك: أيها الديك، الآن أما أن تبيض كالدجاج أو سأذبحك غدا، عندها فقط بكى الديك بكاء مريرا، وقال يا ليتني مت وأنا أؤذن!
فهكذا تكون سلسلة التنازلات عن المبادئ والقيم، والأخلاق والشرف. تبدأ بالتخويف، حتى تصل الى مرحلة العبودية. فلا تنافق أحدا في مبادئك، ولا تهادن آخر في مشاعرك، ولا تخن أبدا بلادك واحساسك، وتعلم أن تبقى دائما سيد قراراتك، واجعل معيار قراراتك عقلك ورضا الله تعالى.

مرحلة «النسانيس»

لو كنا استمعنا الى المفكر المصري الكبير مصطفى محمود، منذ عام 1945 لما وصلنا الى مرحلة «النسانيس» أو القرود، بعد كل هذا الزمن الأغبر!
في لقاء تلفزيوني للمفكر، بالأبيض والأسود، قال إن مجموعة كبيرة من الدول العربية، التي تعيش انقلابات وتخلفا والحكم العسكري، تسام الظلم والقهر، هذه المجموعة ستتسع الفجوة بينها وبين دول العالم الى درجة أن تبقى المسافة بين المجموعة الأولى والثانية مثل المسافة بين القرود والبني أدمين! يعني هذه الدول سيتحول سكانها الى مجموعة «نسانيس» بالنسبة للمجموعة المتقدمة من العالم.
فنحن نعيش الآن مثل القرود، وننعم بالتخلف مع بعض، وليس لدينا حتى العذر، الذي درجنا عليه دائما لربط كل مشاكلنا بالاستعمار، فقد غدينا شعوبا مطحونة، حتى هذا العذر لم يبق مقبولا، لأن هذه الدول المستعمرة ستتخلى بشكل كامل عنا، ولن تحتاج الى ثرواتنا مثل النفط وغيره، لأنها ببساطة ستكتشف ثروات جديدة، مثل الذرة (الذكاء الصناعي) وغيرها.
وسيستغنون عنا ويديرون كل شيء من بلدانهم، ويتركوننا «مثل النسانيس على الأشجار نتخانق»!
والمستقبل بالنسبة لهذه الدول المتخلفة، رغم السلام البادي عليها، خطير جدا، وليس هناك اختيار أمامها أبدا، أما تنقرض مثل قبائل الانكا والهنود الحمر، أو تتشتت بين الدول، وتعيد سيناريو ممالك الأندلس بعد أكثر من ثماني مئة عام. هذا فحوى ما قاله المفكر العربي الحقيقي، فهل هو يتحقق فعلا؟!

مجتمعات عربية تتغذى على القمامة

هاجس الأمن والخبز صار يسود بلدان العالم العربي، ولم تعد الحرية ولا الديمقراطية أولوية بالنسبة للشعوب، بعد الاجهاز على الربيع العربي، عربيا قبل أن يكون خارجيا!
كما ترون جميعنا نرى على الشاشات ونقرأ ونسمع أن هناك مجتمعات عربية عريقة أصبحت تتغذى من القمامة، وهذا ليس تعبيرا مجازيا، بل حقيقة جلية ترصدها حاويات الطرق في القرى والمدن!
والأشياء التي نتأذى منها في بلادنا المشرقية الآن، هي جحافل المتسولين، فنحن نشهد نفوق الكثير من السرديات السياسية والاجتماعية، التي حكمتنا في الثمانينيات والتسعينيات. وصار جليا أنه لا يمكن لشعب أن يصل إلى مستوى معين أو يتخلص من الوصاية مع وجود بنيات تعطله، وهو كمرجعية لا يرقى أن يكون فاعلا مع هيمنة الجيش على الفعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي في هذه البلدان.
فالسلطوية بأشكالها المتعددة والاستبداد صور لحقيقة واحدة. ولا يمكن لمجتمعاتنا أن تبلغ النضج، وهي تحت ربقة هذه الوصاية، فالجيوش في العالم العربي ليست حامية للثغور، بل هي فاعل قمعي يقصي كل الفاعلين.
والنخب لدينا ليست بمعزل عن ذلك، فلم تكن في مستوى التحديات، وقد أصبح هناك مد شعبوي يملأ هذا الفراغ المخيف.
وحينما نتحدث عن الاستبداد، نقصد حقيقة واحدة، هي التقاء السلطوية والشعبوية، بأشكالها مع الاستبداد لتصبحا وجهين لعملة واحدة، فأهلا بك في عالم الدينار العربي الحديث!

حتى أنت يا زوجة إبليس!

صادفني فيديو على اليوتيوب لشيخ سوداني ظريف، يعطي فتاوى ويرشد السائلين، الى أن وصل لسؤال من مُشاهد، كان بمثابة قنبلة من الضحك، السؤال يقول: يا شيخ ما اسم زوجة إبليس، أرجو الرد للأهمية؟ فأنا محتاج أعرف اسمها؟
فيرد عليه الشيخ: تصدق يا أخي أنا مش مستغرب من السؤال؟ لكن كل المستغرب منه هو أرجو الرد للأهمية محتاج أعرف اسمها!
وأضاف: ليه للأهمية؟ هل ستطلع لها بطاقة مثلا؟! أو ممكن تكون أخذت منك حاجة وراح تعمل محضر شرطة؟
وتابع: ما في حل غير كده. عايز تعرف اسمها ليه مش عارف؟!
وأضاف مستنكرا: يا ابني إحنا مش قادرين على جوزها ابليس، عاوز تدخلنا كمان مع مراته! هي الأمور ناقصة، أكيد مش ناقصة؟
وأردف مجادلا: إيه منظر إبليس وهو بيسمعك وإنت جايب فيه سيرة مراته؟ راح يقعد يوسوسلك لحتى يهريك، ويقول لك، مالك بمراتي إنت؟
واستمر باللهجة نفسها الهجومية: وإنت ليه داخل علي كده على أساس إن أنا عارف الاسم يعني ومخبيه عليك؟! حد قلك هم عزموني على الفرح يعني مثلا، أو إني أنا معايا الدفتر الي فيه قسايم الزواج بتاعتهم؟! أنا معرفش!
وختم: يا أخي عاوزين نسأل أسئلة تفيدنا في ديننا، عن الصلاة عن العبادات، دي الحاجات الي تفيدنا مش زوجة إبليس!!
وأخيرا، هل عرفتم أنتم اسم زوجة إبليس؟

القدس العربي

‫4 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..