ضرورات الجيل الحالي ومطالب أجيال المستقبل

مقتطفات من كتاب أيها الجيل للصادق المهدي ورسالة من أجيال المستقبل ( a message from future generations ) ل allan tough
كتاب أيها الجيل (( التوازن سر الاستقامة )) للصادق المهدي : –
في كتاب أيها الجيل الذي دشنه الصادق المهدي بمنتدى المدارسة الذي نظمه إتحاد طلاب ولاية الخرطوم بقاعة الصداقة حدد فيه عشر ضروريات لاغني عنها في كل زمان ومكان ولا تستقيم حياة الإنسان إذا لم يشبعها إشباعاً متوازناً ((التوازن سر الاستقامة)) وهذه الضروريات هي : –
1- الضروريات الروحية : –
لأنها من أهم ما يميز الإنسان (أقبل علي النفس واستكمل فضائلها ? فأنت بالروح لا بالجسم إنسان) .
ويورد إن الإيمان ضروري لحياة الإنسان للأتي : –
? فالعمق الروحي الإيما نى يجعل الإنسان أكثر طمأنينة ويربطه بوجود مستعل ? الهى- يضاعف – قدراته وعن طريق الرياضيات الروحية والإلهام يجعل له نوراً يمشي به .
? الإيمان يحصن الضمير الإنسا نى ويجعل منه رقيباً ذاتياً أقوى من الأعراف والقوانين . الإيمان يدعم مكارم الأخلاق ويجعل لها أساساً من الواجب لا مجرد المنفعة .
? الحياة مليئة بالمفاجآت وخيبات الأمل والأحزان ما يدفع الكثيرين للهروب من واقعهم عن طريق الخمور والمخدرات وهي ممارسات ضارة بالإنسان ، ولكن الإيمان يمنح الإنسان وسيلة لمواجهة مفاجآت الحياة بصورة طيبة .
? الإيمان يمنح الإنسان تفسيراً لأشياء غيبية في الكون لا تفسرها المعارف العقلية والحسية ، كيف بدأ الكون ؟ وكيف نشأت الحياة ؟ وكيف دخل الإنسان مشهد الحياة ؟ وما هو المصير ؟؟ .
? الإيمان يعطي الإنسان أملاً فى عدالة مطلقة فى الاخرة .
? الإيمان يفتح طريق الوصا ل الروحي بين الانسان ورب العالمين .س
2- الضروريات المادية : –
لا حياة بدون إشباع الضروريات المادية .
إن الإسلام دين الفطرة ولذلك فهو يعطي حاجات الإنسان حقها من الاهتمام والهداية الإسلامية لم تغفل أهمية المادة فى حياة الناس قال تعالي ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) سورة الأعراف . والتعاليم الإسلامية تعتبر العيش في مجتمع أغلبه جائع وقلة منه متخمة بالشبع عيشة خاطئة من الناحية الدينية ، ضارة من الناحية الاجتماعية ، لذلك وضعت تشريعات عديدة هدفها العدالة في تقسيم الحظوة المادية . والإسلام مع عزمه علي إشراك الناس في الخيرات يقيم العدل المادي لا علي الصراع بل علي التكافل القائم علي أسس خلقية هي الضمير المؤمن المنزوع للإخاء ، المتطلع للجزاء . 3- الضرورات العقلية : –
لأنها هي ما مكن الإنسان من التطور الفكري والعلمي والتكنولوجي .
حث القرآن علي العقل والتفكير والتدبر والفطنة * وكلها أمور تؤدي للتدبر المعرفي وركز كثير من أئمة الاجتهاد علي دور العقل قال الشاطبى :- كلما أمر به الشرع وافق العقل ، وقال ابن تيمية ما عُلم بصريح العقل لا يتصور أن يعارض الشرع البتة بل المنقول الصحيح لا يعارضه المعقول الصريح البته .
4-الضروريات الأخلاقية : –
مكارم الأخلاق مطلوبة للإنسان قبل أن يتعلم شعائر الدين فمنذ نعومة أظافرهم ينبغي أن يتعلم الأطفال الصدق ، والأمانة وفي تاريخ الرسالة الإسلامية عرف العرب مكارم الأخلاق وتعاملوا بها وامتدح الله نبيه بقوله ( وإنك لعلى خلق عظيم ) سورة القلم الآية (4) علماً بأن للأخلاق قواعد موضوعية لا يمكن إنكارها إلا مكابرة وهي : –
? نهج المماثلة أي أن تفعل للآخرين ما ترجو أن أن يفعلوا لك ، أساس يمثل المبدأ الأخلاقي الأدنى .
? وهنالك نهج أخلاقي آخر هو الالتزام بما تعارف الناس علي خيريته ، وتجنب ما تعارفوا علي إنكاره أي المعروف والمنكر قال تعالي ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) س
? وهنالك نهج أخلاقي اسمي هو الإيثار ، وهو أن تضحي بمصلحتك من أجل مصلحة آخرين إيثاراً قال تعالي (( ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة )) .
5-الضروريات العاطفية : –
البشرية كلها محتاجة لعاطفة الحب ، وهي في كل المستويات تتطلب جرعات من الحنان إلي جانب الإيمان لتتوازن الحياة فإن جف الحنان وغابت المحنه فسوف يصاب الإنسان بجفاف وتصحر عاطفى يجعل الحياة سوط عذاب .
6-الضروريات الاجتماعية : –
(وهي التي تنقل الإنسان من الفردي إلي الاجتماعي ، التنظيم الاجتماعي في الإنسان والذي أصله فطري ، تطور مع ما في الإنسان من وعي وضمير وعقل وقيم أخلاقية ).
يبدأ التكوين الاجتماعي في مجال الإنسان بالأسرة ثم العشيرة , ثم القبيلة ثم الانتماء الاقليمي لوطن , ثم الانتماء القومي , ثم الانتماء الأممي , هذه التصنيفات متبدلة من مجتمع لأخر ففي أفريقيا مثلا” نجد هذه السلسلة صحيحة خاصة في مجتمعات الريف الرعوي والفلاحية , ولكن في المدن وفي المجتمعات الصناعية كالغرب ذابت القبلية لصالح انتماءات أخرى كالإقليم أو المدينة أو الإثنية , وهذه التطورات غذتها اللغات كوسائل مخاطبة والثقافات كمواعين انتماء والأديان كمواعين اعتقاد والفكر الإنساني وماساهم به من رؤى وايدولوجيات
7-الضرورات الرياضية :-
(وهي التي تكتب للإنسان روشتة صحية فالعقل السليم في الجسم السليم وليس العكس لأن العقل هو الذي يكتب تلك الروشتة) .
للرياضة دور علاجي فهي تساعد على زيادة الكلسترول الحميد الذي يطرد الكلسترول الخبيث من الشرايين كما يساعد على خفض ضغط الدم . كما أن للرياضة دور في الصحة النفسية كما أنها وسيلة للترويح وتلعب دورا” في الوقاية من الاكتئاب كما أن للرياضة فوائد اجتماعية إذ تسهل التعاون والتعارف بين الناس وتهذب التنافس بالروح الرياضية وتنمي روح الفريق تناصراً وتعاوناً ومشاركة .
8-الضرورات الجمالية :-
(التي تنطلق من أن الجمال من مقاصد الكون كله وما يزين الحياة الإنسانية ).
إن الجماليات فطرة في الكائنات , فالكائنات الجمالية من جبال وبحار وأنهار وأجرام سماوية , وصحاري تظهر روعة مدهشة والكائنات الحية كلها ذات فطرة جمالية تبلغ عناية الروعة في عالم النبات من غابات وأشجار وأزهار وثمار وفي عالم الحيوانات ترى مظاهر جمال رائعة .
أما في عالم الإنسان فهذه الأمور الفطرية بلغت شأوا” عظيما” معبرا” عن ملكات الإنسان الروحية والعقلية والعاطفية . فللإبداع الجمالي عدد كبير من الوجوه أهمها , الرسم والنحت والعمارة والتصميم الفني والديكور والأدب وغيرها من الضروب الجمالية .
9-الضرورات الترفيهية :-
( لأن الملل من أكثر أسباب السامة والنفور في نفس الإنسان ).
على الصعيد الجماعي إن أي جماعة تقدم على عمل مشترك تدخل في نشاطها عنصرا” ترفيهيا” تعتبره مهما” لتجديد أنشطتها الأخرى وعلى الصعيد الفردي الشخصي يجدد نشاطه إذا استطاع أن يمنع عن نفسه الملل بحصة ترفيهية , وهذا المعنى هو الذي أشار إليه الإمام علي بن أبي طالب ” كرم الله وجه ” :- ( إن هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان , فابتغوا لها طرائق الحكمة ). وقال ابن عباس ” رضي الله عنه ” إن القلوب إذا ملت كلت وإذا كلت عميت .
10- الضرورات البيئية :-
لأن الإنسان وسا ئر الكائنات الحية من نباتية وحيوانية جزء من منظومة بيئية طبيعية ويمكن لأنشطة الإنسان أن تفسد البيئة الطبيعية بصورة تدمر الحياة .
وقال تعالى يخاطب الإنسانية ” وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض ” . هذا الاستخلاف يضع على عواتقنا مسئولية هي :-
– الإعمار ” هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها ” . أي جعلكم عمارها .
– نظافة المياه ” اتقوا الملاعن الثلاث , البراز في الموارد والظل وقارعة الطريق ” .
– الرفق بالحيوانات والنباتات .
ولكن الإنسان قد لا يلتزم بهذه الواجبات , بل يفعل ضدها ” ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ” سورة الروم الآية 41 .
وقد حدث الإفساد بصورة واسعة , وشعر به وبأضراره العلماء والمفكرون ورواد الوعي البشري العالمي , فادى ذلك لعقد مؤتمرات دولية تناولت مسألة البيئة والمخاطر التي تتعرض لها .
والدول الصناعية الكبيرة هي الملوثة للبيئة بما تفرز مصانعها وآلياتها المدنية ولعسكرية من غازات .
وإذا كان الاحتباس الحراري والتلوث البيئي هو سرطان الأرض فإن التصحر هو طاعون الارض إذ يفقد الأرض مقوماتها فتصير جدباء وتفقد صلاحيتها للزراعة والرعي . أما أهم أسبابه فهو الاستخدام المفرط للموارد الطبيعية , مثل الرعي الجائر والقطع الجائر للأشجار احتطابا” والتوسع الزراعي العشوائي , أي الذي لايلتزم بضوابط التنمية الزراعية .
وللمحافظة على البيئة من أجل الأجيال الحالية وأجيال المستقبل لابد من الالتزام بالبرامج التالية :-
– برامج واسعة لتخضير المناطق القاحلة وشبه القاحلة بأشجار وأعشاب مناسبة .
– ترشيد استخدام مياه الري الزراعي .
– ترشيد الفلاحة وتنظيم الرعي .
– منع الاحتطاب وتوفير الطاقة لكل الأغراض المنزلية .
– توفير التمويل والآليات للأبحاث العلمية المنشودة .
وإدراكا” لأثار التنمية غير المنضبطة على التصحر وضعت الأمم المتحدة مقاييس لإلزام الدول بقواعد التنمية المستدامة .
التنمية المستدامة هي التي توفر احتياجات الأجيال الحاضرة دون التأثير على قدرة الأجيال القادمة على توفير احتياجاتها .
في كتابه الدين والدولة وتطبيق الشريعة يقول دكتور محمد عابد الجابري : لقد حصر فقهاؤنا القدامى الضروريات في الحفاظ على الدين والنفس والعقل والنسل والمال , وستبقى أموراً ضرورية بالفعل , أي مقاصد أساسية لكل تشريع يستهدف فعلا” خدمة ” مصالح العباد ” غير أن ” مصالح العباد ” اليوم لم تعد مقصورة في حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال , بل إنها تشمل بالإضافة إلى الأمور الخمسة المذكورة أموراً أخرى نعتقد انه لابد من أن تدرج فيها وهي :
الحق في حرية التعبير وحرية الانتماء , والحق في انتخاب الحاكمين وتغييرهم , والحق في الشغل والمسكن والملبس , والحق في التعليم والعلاج إلى غير ذلك من الحقوق الأساسية للمواطن في المجتمع المعاصر .
ولكن كيف الوصول إلى هذه الضروريات والحقوق في ظل واقع يسوده انسداد سياسي , أزمة اقتصادية , تدهور بيئي ونظام تعليم تجهيلي وكما قيل ركز على توسع ورمى فى التعليم العالي , فلا هو تعليم ولا هو عال , بل مصنع لشهادات مضروبة وتذاكر لمحطات العطالة .
م/ محمد حسن عبدالله
[email][email protected][/email]