إقرار!!

أطياف
صباح محمد الحسن
طيف أول :
أحلام تبددت في وقت تئن فيه
الأوطان، ورغبة تموت دون أن تضع الإجابات لأسئلة ترمدت في تراب المستحيل
وصمتُ شُجّ ونزف غضبا
فالأرواح التي إرتدّت من أطراف اليأس صُدمت بجدار الحيرة وحاصرها الفشل.
ولم يكن رئيس حزب المؤتمر الوطني الجديد الذي وصل إلى مطار بورتسودان في التاسع من اكتوبر، والذي إستقبلته الحشود والجماهير في المدينة لم يكن بذات الحماس الذي خاطب به أنصاره عندما ألقى وقتها خطبة سياسية تحدث فيها عن النصر ووعد فيها بإنتهاء الحرب مما أثار الكثير من الجدل حول الدور الذي يلعبه حزبه المحلول في الحرب،
وأكدت عودته المفاجئة أن النظام السابق لم ينتهِ، بل هو باقٍ ومستمر وأن الإسلاميين يسعون بقوة لإستعادة نفوذهم حتى يحكموا البلاد بصورة مباشرة وليس من خلف ستار المؤسسة العسكرية ، إلا أن رئيس حرب
المؤتمر الوطني المهندس إبراهيم محمود تحدث بالأمس حديثا مختلفا لاشك انه كان مصدر إحباط للفلول التي كانت ترى في عودته ، إعادة مشروعها العريض الذي أشعلت بسببه الحرب حيث قال إن حزبه لا يريد سلطة ولا يبحث عنها، لكنه يظل صاحب مشروع وطني ويدعو للمحافظة على القوات المسلحة
وأكد ضرورة عمل مراجعات شاملة لتقييم التجربة الماضية، وتقديم رؤية استراتيجية متكاملة للمرحلة القادمة.
وقال إن السودان يواجه مؤامرة دولية كبيرة، مشيرا إلى ضرورة توعية المواطنين والشباب، وكافة شرائح المجتمع لمجابهة هذه المؤامرة
وهذا التصريح يكشف عن إقرار واضح بالفشل في عودة الحزب للواجهة من جديد وأن الرئيس الذي جاء متحمسا لممارسة نشاطه وترتيب المطبخ السياسي اصطدم بواقع مختلف أكد له أن العودة مستحيلة، وسودان مابعد الحرب هو ليس سودان ماقبلها
كما أن حديثه عن الحفاظ على المؤسسة العسكرية كان عاريا من الصحة والمصداقية لأنه يعلم أن حزبه هو الذي أفسد المؤسسة العسكرية وسلب هيبتها وقرارها وحتى انه يسرق جهدها وانتصاراتها في الميدان حيث يتحدث دائما على ان النصر الذي يتحقق على الأرض يأتي بجهد جهاز الأمن والمخابرات وكتائبه الإسلامية فكيف تكون نيته المحافظة على المؤسسة العسكرية!!
حتى أن الشرخ والجفوة بين المؤسسة والمواطن سببه إفساد الاسلاميين لها وليس المحافظة عليها كما ذكر محمود
فالرجل خرج ليعلن عن ثلاث حقائق تبرهن فشله في مهمته أولها صعوبة عودة الحزب الي الحكم مباشرة بدون غطاء وهذا يعني أن الحزب لم يعد محلولا ولكنه بات مشلولا فاقدا للقدرة والحركة والعطا
كما اكدت التصريحات أن العجز الذي اصاب البرهان في تشكيل حكومة واقع هو ذاته الذي واجه ابراهيم محمود وذلك يعود للإختلافات بين التيارين العسكري والسياسي من جهة والتيارات الاسلامية من جهة اخرى حول الحرب واستمرارها، حيث قال محمود ( إن المؤتمر الوطني حزب رائد وحزب مؤسسات ولا يؤثر فيه تباين وجهات النظر بل يزيده قوة) وهنا يكشف الرجل عن الصراعات الداخلية في الحزب ولكن باسلوب رشيق
ثالث الحقائق أن محمود وبعد لقاء القيادة العسكرية اكتشف ان المجتمع الدولي هو الذي يمنع تشكيل حكومة جديدة لانه لايعترف بسلطة القيادات الإسلامية في بورتسودان ولايتعامل مع السودان في الوقت الحالي تعامل دولة وانما ينظر اليه كموقع جغرافي للصراع بين طرفين لا أكثر
لذلك حرص محمود على وصف هذا بالمؤامرة الدولية الكبيرة، و ضرورة توعية المواطنين ونبه إلى أن الاصطفاف الوطني العريض يجب أن يكون قائماً على الثوابت الوطنية، والعمل على إرساء قيم الحرية والعدالة، و ( لم يقل السلام) وشدد على التصدي للمهددات الخارجية
وبهذا الحديث يكون رئيس المؤتمر الوطني نعى لجماهيره المستقبل السياسي لحزبهم وعدم قدرته على تشكيل حكومة شرعية كما أكد أن النصر الذي قال عنه في فاتحة زيارته لم يعد قريبا وان هناك خطط أخرى قد تحقق السلام وتلقي بهم على قارعة الطريق السياسي بصفتهم قادة حرب تسببوا في قتل الآلاف وشردوا الملاين من ابناء وبنات الشعب ودمروا وطنا كاملا واشعلوا النيران فيه ( تحكموا شنو)!!
وتزامن حديث رئيس المؤتمر مع حديث الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السابق الذي دعا المجتمع الدولي لعدم الإعتراف بحكومة بورتسودان
ولم تأت هذه التصريحات صدفة لكنها تكشف عن الخطة المستقبلية للحكم في السودان والتي يتمسك فيها المجتمع الدولي بخيار عودة الحكومة المدنية فهذا ماجعل رئيس المؤتمر الوطني يعلن عن تلاشي رغبتهم في الحكم وتبدد أحلامهم الجديدة والقديمة
وفي ذات الوقت ان الرغبة الدولية لدعم الحكم المدني هي التي أعطت الحافز لحمدوك حتى يخرج في هذا التوقيت ليؤكد على ضرورة عدم الإعتراف ولا حتى السماح بميلاد حكومة جديدة لطالما أن العالم نزع الشرعية من البرهان وفلوله.
طيف أخير :
#لا_للحرب
قالت يونسيف إن المنظمة مع شركائها تمكنت من الوصول إلى 1.8 مليون طفل سوداني بجرعات منقذة للحياة ضد شلل الأطفال لكن لايزال ملايين الأطفال دون سن الخامسة في السودان معرضين لخطر الأمراض القاتلة.
الجريدة