مقالات وآراء سياسية

ما هي مشكلتنا مع مصر ؟

عثمان بابكر محجوب

تعاني بعض الدول العربية ومنها السودان من حالة مرضية يمكن تسميتها متلازمة التوأم وهو الحاصل في العلاقات السعودية – اليمنية والعراقية – الكويتية والسورية – اللبنانية والمصرية – السودانية . بحيث يعتبر التوأم االذي يعتبر نفسه أكثر رشدا ان التوأم القاصر بحاجة لرعاية وهذا ما يسبب موجات من المد والجزر في العلاقات بين الطرفين ، وبالتالي لا يمكن ان تستقر العلاقات بين تلك الدول طالما بقيت هذه النظرة المرضية مستمرة يغذيها ماض فقد تاريخيته كأي حنين لا مشاعر فيه بل مجرد ذكريات . ومن الروابط التي تحكم العلاقات السودانية – المصرية نوجز التالي :
-التداخل الانساني والثقافي : على مر الزمن كانت مشاعر السودانيين اتجاه مصر تمتاز بالعفوية سواءا بادلها المصريون هذه المشاعر او لم يبادلوها وينسب الى الرئيس النميري قوله : «السوداني مبتلى بحب مصر».
– نهر النيل : مسألة تأمين الوصول لموارد نهر النيل كانت وما زالت محور الأجندة السياسية المصرية في علاقتها مع السودان وكل تجارب التكامل بين البلدين لم تحصل على الاهتمام المطلوب بسبب اقتصار الهدف المصري على حماية وصون حصتها من مياه النيل. – مثلث حلايب : مصر تعتمد حدود سياسية مع السودان رُسمت عام 1899م بين مصر وبريطانيا. لكن هذه الحدود فصلت بين قبيلتَي العبابدة والبشارية. وتحت ضغط القبيلتين اصدر الوزير المصري آنذاك، مصطفى فهمي، مراسيم بين 1899م و1907م عبر تعديل الحدود بحيث تدير السلطة السودانية مناطق العبابدة والبشارية القبلية شمال حدود 1899م. وهو ما يعترف به السودان اليوم. وحالة مثلث حلايب اختصره احد سكان المثلث زمن مجاعة التسعنيات قائلا : “بصراحة وببساطة شديدة ، بطوننا تنتمي إلى مصر وعقولنا وقلوبنا مع السودان ، وليس لدينا مشكلة في ذلك” هذه الملاحظة كانت إشارة إلى الحقيقة بأنه خلال المجاعة الأخيرة في أوائل التسعينيات ، أرسلت مصر مواد غذائية إلى السكان المحليين ، بعد أن فشل السودان في تلبية نداءات المساعدة التي أطلقوها  – السد العالي : بعد انشاء السد العالي تم ترحيل السكان المحليين النوبيين الى صحراء كوم امبو شمال أسوان من جهة مصر وتم ترحيلهم الى منطقة حلفا الجديدة على الحدود الارتيرية من جهة السودان مما ادى الى خلل في التبادل التجاري بين مصر والسودان ما زلنا نعاني من اثاره حتى اليوم . حيث كان للنوبيين دور كبير في الضغط على الحكومتين المصرية والسودانية لتحسين العلاقات الحدودية. وقد أوضح احد النوبيين المصريين رؤيته لحقيقة الوضع على النحو التالي :”ليس هناك في المُطلق أي نزاع أو صراع داخل صفوف مجتمعنا حيال السودانيين. نحن الآن ، كما كنا دومًا ، أشقاء وشقيقات. بيد أن كل النزاعات التي تنشب في وسائل الإعلام بين البلدين ، كانت ولاتزال صراعات سياسية بين النظامين حول الأجندات والمصالح ، ولا علاقة لها قط بمصالح الناس”.
هذه هي اللوحة التي تختصر تلك الروابط التي أدت وتؤدي الى التباعد والتقارب في العلاقات المصرية – السودانية ، فهل نجد فيها ما يدعو الى خطاب الكراهية الذي نشهده في وتيرة متصاعدة من بعض هواة الكتابة في السياسة ؟ ام ان هذه المشاكل قابلة للحل دون الترويج لخطاب فيه غباء وتنمر.
اضافة الى ذلك وبالعودة الى الماضي ماذا نجد في بانوراما الاحداث ما يستدعي زرع الكراهية بين شعبين تجمعهم مصيبة واحدة فمصيبة السوداني انه ولد في السودان ولا ذنب لمصر في مصيبته كذلك الامر مصيبة المصري انه ولد في مصر ولا ناقة او جمل للسوداني في مصيبته ومن ولد من زواج مختلط بين الشعبين مصيبته تترنح على الميلين كمحمد نجيب نموذجا .
لقد سجل حرخوف قبل حوالي سنة الفين وثلاثماية قبل الميلاد تفاصيل رحلته الى بلاد النوبة على ضريحه في مقبرة أسوان اذ كتب : أرسلني جلالة الملك “مرن آت رع” كما أرسل والدي إلى تلك البلاد لاكتشاف الطريق الذي تؤدي إلى البلاد الأجنبية ، وقد قمت بهذا العمل في 6 أشهر فقط ، وقد عدت بكل أنواع الهدايا من تلك البلاد.” هذا الخبر بمثابة علم لكل من يهوى السفر في الزمن عله يقتنع بان الطلاق بين مصر والسودان لن يكون خيرا لا على مصر ولا على السودان.
ومن الاحداث ذات المغزى ان الصراع المصري -البريطاني حول السودان جعل مصر تراهن على ان تلبية رغبة السودانيين بتقرير مصيرهم ، سيؤدي الى وحدة طوعية مع مصر لكن السودانيين خيبوا أمال المصريين واعلنوا عن رغبتهم بالانفصال عبر اقرار الحكم الذاتي مما أثار حفيظة المصريين فشككوا بهذا الخيار الذي نتج عن قرار برلماني وليس عبر لاستفتاء الشعبي وساءت العلاقة بين البلدين حيث قام عبد الناصر بإرسال قوات إلى الحدود بين البلدين ، وكاد الخلاف الناشب حينها أن يتحول إلى نزاع مسلح ، حيث قام رئيس الوزراء عبدالله خليل بتقديم شكوى ضد مصر الى مجلس الأمن ، ورفض التوصل إلى اتفاقية لمياه النيل ورفض إنشاء السد العالي ورفض دعوة الرئيس المصري له لزيارة مصر. لكن في بداية الحكم العسكري الاول تحسنت العلاقات مع عبود واستطاعت مصر خلالها تمرير اتفاقية المياه وضمان ترحيل سكان وادي حلفا لبناء السد العالي. وبعد هزيمة يونيو/حزيران 1967م ، تحسنت العلاقات المصرية السودانية بعد قرار السودان السودان قطع علاقتها مع بريطانيا والولايات المتحدة وأعلن محمد أحمد محجوب رئيس الحكومة السودانية انذاك وقوفه بجانب مصر حتى بلغت العلاقات ذروتها بعدما استضافت السودان قمة الخرطوم المشهورة بلاءاتها الثلاث .وفي عهد السادات – النميري شهدت العلاقات تحسنًا كبيرًا توج بتوقيع اتفاق للتكامل الاقتصادي بين البلدين في فبراير/شباط 1974م . اما في عهد مبارك تعرضت العلاقات المصرية السودانية الى انتكاسة بعدما قام الصادق المهدي بإلغاء اتفاقيات التكامل المصري السوداني ، وتعويضها بورقة فارغة تسمى «ميثاق الإخاء” لكن بعد انقلاب البشير رحبت مصر بالقادم الجديد لكن مع وجود الترابي الى جانب البشير تدهورت العلاقة بين البلدين وعادت الى سابق عهدها بعد المفاصلة التي انهت نفوذ الترابي . حيث تم توقيع «اتفاق الحريات الأربع» الذي نص على : حرية التنقل ، وحرية الإقامة ، وحرية العمل ، وحرية التملك بين البلدين. وفي عهد السيسي دخلت العلاقات السودانية المصرية في مرحلة الغموض رغم اللقاءات المتكررة التي جمعت السيسي بالمخلوع .
والجدير ذكره اننا لن نتطرق الى العلاقات المصرية – السودانية بعد ثورة ديسمبر لاننا لا نريد تسجيل ثورة ديسمبر المجيدة في سجل الماضي بل هي ما زالت مستمرة وسوف نتطرق الى مرحلة ما بعد الثورة في مقال قادم نوضح فيه انه ليس من مصلحة مصر الانحياز لاي طرف من طرفي القتال ولا نية لمصر في الغوص في مستنقعات السودان ولا في رمال الصومال المتحركة بل هي تستدرج الى ما لا ترغبه .وهنا نؤكد انه ليس هدفنا منح مصر صك براءة بل ما نريد ان التأكيد عليه هو ان اتهام مصر بالانحياز لطرف الاخونج هدفه صرف نظرنا عن ان من يدمر ويقتل اهلنا هم وحوش سودانية وحوش الاسلام السياسيي وافرازاته القبيحة ونقصد بها الدعم السريع .

 

[email protected]

‫9 تعليقات

  1. مشكلتكم مع مصر انكم تعتقدون انكم تعطونا ماء النيل وهى من عند الله فتحقدون وتحسدون وتكرهون لاننا نتقدم فيما انتم تفشلون

    1. يا مصري يا حفيد ( المماليك ) و بقية الغزاة دوام الحال من المحال ولا يغرنك حالنا لكي تتطاول علي اسيادك ولا تظن أنكم بعيدين عن الحالة السودانية و السورية و الليبية و إن شاء الله المستقبل لنا لأننا نملك المقومات الأساسية…

    2. يا مصري يا جهلول افندي… نحقد ؟ و علي مين علي مصر ؟
      يا مصري يا غلبان نحن لا نحقد علي شعب هو في الأساس أحفاد غزاة حيث تم احتلال مصر لأكثر من (١٧٥٠) عاماً ( متواصلة ) من الآشوريين و الهكسوس و البطالمة و العرب و أتراك و ( المماليك ) و الأوروبيين يخرج محتل و يدخل محتل و انتوا تستقبلوهم بالطبل و علي وحدة ونص…لا وايه ( قلعوا ) لنسائكم البنطلون و النتيجة النهائية أحفاد غزاة عبارة عن مسخ مشوه اخلاقياً…

    3. مصر هي المسؤل الأول عن تخلف السودان بدعم الانقلابات العسكرية التي افقدت السودان الاستقرار والتنمية.

      اي حكم عساكر لايرجي منه خير، مصر زاتها كانت أيام المملكة المصرية أغنى من تركيا انظر إلى أين وصلت بسبب حكم العساكر البلهاء الذين ناصروا الإسلام السياسي وتسببوا في تهديد كل الكرة الأرضية.
      الجيش المصري ايام الممكلة المصرية تحملت تكلفة غزو السودان وهي التي كونت السودان بوضعه الحالي عندما قطعت شرق السودان من حكم نايب الوالي العثماني بمصوع وضمت مملكتي دارفور ودار مساليت للسودان

  2. مقال امنى مدفوع الاجر نن المخابرات المصرية لذلك لم يتطرق للعلاقات مع مصر بعد ثورة ديسمبر بحجة هروبية واهية. الشاهد ان مصر ساهمت بفعلية فى اجهاض الثورة وهكذا كان ديدنها تجاه الثورات والانظمة الديمقراطية فى السودان لاسباب واضحة. كما لم يتطرق المقال لتضارب المصالح الذى يجعل الانظمة المصرية وليس الشعب المصرى الشقيق تقف دائما ضد التنمية الاقتصادية فى السودان التى ترى انها تأتى على حساب المصالح المصرية.

  3. السؤال الصحيح ما هي مشكلة مصر مع السودان… و إجابة هذا السؤال موجودة في لقاء للصحفي اللبناني فؤاد مطر مع الرئيس الأسبق جعفر نميري ( رحمه الله ) و حين تم التطرق الي العلاقة بين السودان ومصر ذكر نميري أنه كان في دورة تدريبية في مصر و كانت مصر قبل إعلان استقلال السودان عن بريطانيا و عدم الوحدة مع مصر تعامل الطلبة السودانيين معاملة الطالب المصري و بعد قرار عدم الوحدة تبدل الحال تماماً إلي الأسوء
    و منذ الإعلان عن عدم الوحدة في (١٩) ديسمبر (١٩٥٥) أصبح السودان في نظر المصريين هو العدو الأول لهم و منذ ذلك التاريخ وضعت مصر سياسة واضحة للكل و هي سياسة زعزعة الاستقرار السياسي و الأمني في السودان فنجدها اول من تؤيد الانقلابات العسكرية في السودان بل و تقوم بالتسويق السياسي للحكومات العسكرية

  4. عندما تفرأ عنوان المقال تظن ان كاتبه سودانيا و عندما تقرأه تتأكد أن كاتب المقال مصري الجنسية أو عميل للمخابرات المصرية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..