مقالات وآراء

اريد وطنا بلا قبلية

الطيب جاده

قولوا ما شئتُم فانا متشائم ، انا لا اري شمساً ولا قمراً في سماء مستقبلنا في السودان ، لأن حاضرنا يقول ذلك، أصبحنا اكثر حقدا وكراهية بيننا.
من المهم أولاً ندرك أن هناك جنس واحد في السودان هو الجنس البشري، القبائل ليسوا أجناساً مختلفة. بل هم أصول عرقية مختلفة للجنس البشري. فيحمل كل البشر نفس الصفات الجسدية مع وجود تنوع طفيف بها.
لقد أصبح الإنسان السوداني يصطف خلف شجرة التعصب والولاء المطلق والالتفاف حول ممثل القبيلة حتى وإن كان فاسداً مجرماً ، ولا يتوانى في سبيل ضمان المجد والخلود للقبيلة عن الدوس على الكثير من القيم، رغم علمه المسبق بمغبة وتبعات ذلك على المدى البعيد.
وإذا أستمرت تلك المعايير المتذبذبة بالسريان وجشع الساسة بالامتداد، فأن السودان سيصبح دويلات ، وسيتساقطون كأحجار الدومينو واحداً تلو الآخر، بفضل تناحر الساسة وتقديم المصلحة الفردية على المصلحة الجماعية فالمسألة هي مسألة بقاء أو فناء، لذا يجب على المبادئ بأن تكون متسقة البنيان وتسير على وتيرة واحدة مبرأه من هجنة التناقضات وأنساقها الناشزة لإرساء مفهوم الدولة الحقيقة، فلن يجدي الاتكاء على جدار القبيلة الآيل للسقوط نفعاً ولن يقوي الدولة بل يهدم أركانها ويزيد من طمع أعدائها للاستيلاء على مقدراتها.

وبصرف النظر عن التهديدات الخارجية الماثلة وتلك الشمعة التي توقد في قلوب جميع السودانيين حينما يتعلق الأمر بالشعور بالتهديد الخارجي أو بالتعاطف الوجداني وكونها تزيد من صلابة وتماسك المجتمع السوداني ، إلا أنه سرعان ما ينطفئ فتيل تلك الشمعة وتنطمس فطرة الأنسان السوداني السليمة ويطفو التعصب مجدداً للسطح ويعود القوم من جديد لعادتهم القديمة، لأن الوحدة المنشودة في ظل الالتفاف حول القبيلة وتقديم المصلحة الفردية على المصلحة الجماعية تصبح مجرد شعارات جوفاء والإصلاحات تظل مجرد حبر على ورق،  إن لم نسعى إلى عقلنة الروابط الاجتماعية وتفعيل الدين كقيم سلوكية فعالة تفضي إلى تحقيق العدالة الإنسانية، واختيار القادة لتطبيق العدالة بمفهومها الاشمل والخروج من الحيز القبلي الضيق ، واختراع لقاح

 

لترياق القبلية.
اصبحنا وللأسف نفتخر بالقبيلة لأننا شعبا اعوج ومتخلف وواقعنا متعجرف . وبين هذا وذاك واحداث المواجع والهلاك لم نتغير لكي ننتصر . واقعنا اليوم ياقوم اشبه بطعنة الخنجر المسموم . سنظل نتفاجئ بخيبات الامل وغياب المستقبل لأننا وصلنا الى قناعة مفادها لا اتفاق بين السودانيين هكذا واقعنا اليوم وباختصار تام .
حيث اصبح مستقبلنا مجهول اننا مع الاسف نبحث عن مصالحنا الشخصية ولم نبحث عن مصالحنا الوطنية .
دمرنا كل شيء جميل وزرعنا الصعوبات والعراقيل واصبح في نظرنا كل شيء مستحيل .. عندما تتحدث لأبسط مواطن عادي يقول لك وباختصار لمن تشتكي وتنادي ؟ .
لا دولة ولا قانون ومستقبل وطنا اصبح مجهول فمن المسؤول ؟.استمرار هذا الوضع الحالي على ما هو عليه سيعزز من الكراهية بين السودانيين وبالتالي قد تكون نهاية الدولة السودانية بلا مبرر. من الضروري أن يتحرر الشعب من هذا المرض على وهو مرض العنصرية القبلية من أجل إنقاذ ما تبقى من الدولة السودانية وإيقاف النظرة الدونية للأخر التي أصبحت السمة البارزة في حياة السودانيين ، ودون ذلك فإن المأساة ستستمر إلى ما لا نهاية وإلى أن يصبح السودان أكثر من ثلاثة دول وتلك صورة قائمة وطبيعية إذا لم يتغير الواقع .
ربنا يحفظ السودان والسودانيين ويجمع وحدتنا الوطنية والاجتماعية من كيد الكائدين وحقد الحاقدين وجهل الجاهلين .. والله خير حافظ وخير معين .

 

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. للأسف الدولة هي التي اساءت استخدام سيف القبلية لتضمن سيادتها و هذا وضح جليا في عهد الإنقاذ المشؤوم. فالدولة هي المسؤولة اولا. اما القبيلة فهي جسم لا عقل له و في الغالب يقودها رجل ورث قيادتها من اسلافه و هو يضع الحفاظ على قيادته هذه قبل مصلحة اي منظومة اخرى كالدولة مثلا وهو في الغالب لا يفقه كثيرا في مفهوم الدولة الحديثة و العقد الاجتماعي. اما افراد اي قبيلة فهم تبعا لشيخ الفبيلة و ليس للدولة لانها لا ترعى مصالحهم و بالتالي يشعرون انهم في حماية القبيلة لا الدولة. الدولة و منذ الاستقلال لم تراعي التنمية المتوازنة بل ركزت على مناطق و اهملت اخرى حتى شعر افراد هذه القبائل بالظلم

  2. لماذا لا يجرب السوادنة الانتماء لقبيلة واحدة خاصة و أنهم لا يريدون التخلي عن القبلية ؟

    الحل موجود لكن ربما يدخلهم في متاهات أخرى و التي وجب التنبه لها إذا هم اختاروا الانتماء لقبيلة الإسلام اللا وهو التشظي المذهبي لذا يجب عليهم التحوط لذلك .

  3. أعتقد إنو بعد الحرب من الحاجات الملحة سن قانون للقبلية يضع القبيلة في مكانها السليم استنادا لقوله تعالى “إنا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير”، ويجب أن يجرم القانون كل من يستخدم القبلية لإثارة الفتن أو الإساءة لإي كيان أو فرد وتطبيقه بحزم شديد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..