مقالات وآراء سياسية

إلى أين يقودنا خطاب الكراهية في السودان وما هي مخاطره المستقبلية؟

هلال وظلال
عبد المنعم هلال

في السنوات الأخيرة تصاعدت مظاهر خطاب الكراهية في السودان بشكل مقلق حيث امتدت جذوره إلى كافة مناحي الحياة من السياسة إلى الرياضة وحتى التفاعلات الاجتماعية اليومية. لا يمكن التقليل من تأثير هذا الخطاب السلبي على استقرار البلاد ووحدتها الوطنية حيث أصبح أداة للتحريض وزرع الفرقة بين المكونات المختلفة للمجتمع السوداني.
تعود جذور خطاب الكراهية في السودان إلى العديد من الأسباب بعضها قديم يتعلق بالصراعات القبلية والإثنية وبعضها حديث ينبع من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. غياب العدالة الاجتماعية والتمييز بين المجموعات العرقية والجهوية وتفشي الفقر جميعها ساهمت في تأجيج هذا الخطاب كما أن الحروب الأهلية المستمرة لعقود في أجزاء مختلفة من السودان لعبت دوراً كبيراً في نشر الكراهية والعداء بين السودانيين.
ازدياد تفشي خطاب الكراهية في السودان بعد الحرب يعكس حالة التوتر والانقسام الاجتماعي العميق الذي تعيشه البلاد حيث أدى النزاع المسلح وتداعياته إلى تضخيم الانقسامات القبلية والسياسية والجهوية. وأصبح الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ساحات خصبة لهذا الخطاب مما يساهم في زيادة الاحتقان والعداء بين مختلف الأطياف السودانية بدلاً من تعزيز التماسك المجتمعي.
يتزايد خطاب الكراهية مع استغلال بعض الفئات لهذا الخطاب لتحقيق مكاسب سياسية أو لتثبيت نفوذهم بين مؤيديهم ، ما يترك آثارًا سلبية على العلاقات الاجتماعية والمجتمعية ويزيد من تفاقم الأزمات الإنسانية والأمنية في البلاد.
أخطر ما في خطاب الكراهية هو قدرته على تمزيق النسيج الاجتماعي للأمة فبدلاً من أن يكون السودانيون يداً واحدة في مواجهة التحديات المشتركة أدى انتشار خطاب الكراهية إلى تعميق الانقسامات وجعل التعصب القبلي والجهوي والديني يغلب على صوت العقل والوطنية. إن استخدام الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي كمنصة لهذا الخطاب أدى إلى تعزيز التحريض وبث الفتن مما يزيد من مخاطر تفكك البلاد بشكل أكبر.
إذا استمر انتشار خطاب الكراهية فإن مخاطره المستقبلية ستكون كارثية على السودان. سيزداد التوتر الاجتماعي وتتعمق الصراعات السياسية مما يهدد بحدوث المزيد من الحروب الأهلية والتفكك الداخلي وسيصعب على البلاد تحقيق تنمية اقتصادية أو استقرار سياسي في ظل هذه الأجواء المسمومة كما سيزداد العداء بين فئات الشعب مما يعوق بناء أي نوع من الوحدة الوطنية الحقيقية.
يجب أن تدرك القيادات السياسية والمجتمعية في السودان خطورة استمرار هذا الخطاب وتعمل على محاربته بكل الطرق. لا بد من سن قوانين رادعة لكل من يروج لخطاب الكراهية والتحريض وفي الوقت نفسه العمل على نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر. المؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية يجب أن تكون في طليعة هذه الجهود ، لأنها تمتلك القدرة على التأثير في العقول والقلوب.
إن مستقبل السودان يعتمد على قدرة شعبه في تجاوز خطاب الكراهية والعمل على بناء مجتمع قائم على الاحترام المتبادل والوحدة في التنوع فبدون مواجهة حاسمة لهذا الخطاب المدمر سيبقى السودان عرضة لمزيد من الأزمات والاضطرابات التي قد تهدد وجوده كدولة موحدة ومستقرة .

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..