سكان أفريقيا هم الأصغر سنّا في عالمنا اليوم، حيث لا تتجاوز سن حوالي 40 في المئة منهم 15 عاما. ويجب أن يتمتع هؤلاء بحق الحصول على تعليم جيد شامل ومستمر، تماما مثل أقرانهم في جميع أنحاء العالم.
نحتفل بيوم الشباب الأفريقي وعام التعليم في الاتحاد الأفريقي. وندعو بهاتين المناسبتين قادة العالم إلى رفع الاستثمارات في التعليم في جميع أنحاء القارة الأفريقية. لم يعد بإمكاننا ترك هؤلاء الشبان وراءنا، وحان وقت وضعهم في المقدمة. ويبقى من غير المعقول أن يتمكن واحد فقط من كل عشرة أطفال ممن تبلغ أعمارهم 10 سنوات في أفريقيا جنوب الصحراء من قراءة جملة وفهمها. هذه حقيقة محزنة تدعو إلى القلق.
يُذكر أن إمكانات الأطفال والمراهقين في أفريقيا غير محدودة. رأيت بنفسي حرصهم على التعلم وانتهازهم لكل فرصة ورغبتهم القوية في الحصول على التعليم. ويمتد هذا من منطقة الساحل إلى القرن الأفريقي وما وراءه. لكن الحقيقة تختلف للأسف، حيث تتجاوز الاحتياجات الموارد المالية المتاحة، وخاصة على الخطوط الأمامية للنزاعات المسلحة والنزوح القسري وتغير المناخ.
تأمين تعليم جيد ومتاح للجميع من أبرز الأهداف التي يسعى إليها القادة والمجتمعات في أفريقيا، ومن هنا تبرز أهمية استكشاف مستقبل التعليم في هذه القارة الغنية بالتنوع الثقافي والموارد الطبيعية
لكننا نستطيع أن نغيّر هذا الوضع معا. لقد ارتفعت نسبة من ختموا تعليمهم الابتدائي في جميع أنحاء المنطقة من 52 في المئة إلى 67 في المئة بين 2000 و2022. وأكدت اليونسكو تمكّن حوالي نصف هؤلاء الطلاب من إكمال التعليم الثانوي الأدنى. وأصبح عدد الشباب الأفارقة الذين يدرسون بالجامعة اليوم وعدد الفتيات القادرات على الالتحاق بالمدارس غير مسبوق.
لكن هذا التقدم لا يمنحنا صورة كاملة عن التعليم في أفريقيا. وذكرت اليونسكو أن أفريقيا جنوب الصحراء تسجل أعلى معدلات الاستبعاد من التعليم. وحددت أن أكثر من خمس الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و11 عاما هم خارج المدرسة، يليهم ثلث الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاما. وأكدت عدم التحاق حوالي 60 في المئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاما بالمؤسسة التعليمية.
ويحدد أحدث تقرير سنوي عن النتائج أن استثمارات صندوق “التعليم لا يمكن أن ينتظر” شملت خلال 2023 وحده أكثر من 900 ألف طفل، موفرة دعما تعليميا عالي الجودة في شرق أفريقيا. ويصل العدد في غرب أفريقيا ووسطها إلى أكثر من 1.8 مليون.
وتحقق الأمهات الشابات في جمهورية الكونغو الديمقراطية أحلامهن في إنهاء دراستهن. وتكتسب فتيات في تشاد، حيث تستنزف أزمة اللاجئين الإقليمية في السودان الميزانيات والموارد، مهارات مهنية قيمة في الخياطة والميكانيكا والبستنة. وهذا ما يمكن أن يجنيه الدعم الجماعي. فهو يمنحنا إطلالة خاطفة على ما يمكن أن تحققه قارة الشباب الأفريقية لنفسها وللعالم.
ومن بين التحديات التي تواجه نوعية التعليم في أفريقيا نقص التمويل، وصعوبة وصول الطلاب إلى التعليم، ونقص في تدريب وتأهيل المعلمين، وقلة استخدام تكنولوجيا التعليم، وعدم تحقيق المساواة في التعليم. ولحل هذه الأزمات، يجب زيادة التمويل لتعزيز نظام التعليم، وتحسين وصول الطلاب وتغطية احتياجاتهم، وتحسين تدريب المعلمين وتأهيلهم، واستخدام التكنولوجيا في عملية التعليم، وإجراء إصلاحات لتحقق المساواة في فرص التعليم.
بفضل الإنترنت، يمكن للمدارس والمؤسسات التعليمية في أفريقيا توفير محتوى تعليمي شامل يشمل دروسا مباشرة، وموارد تعليمية إضافية، وأدوات تفاعلية تساعد الطلاب على فهم المواد بشكل أعمق
وتشمل الحلول المقترحة لتحسين نوعية التعليم في أفريقيا زيادة التمويل للتعليم، وتحسين وصول الطلاب إلى فرص التعليم، وتدريب وتأهيل المعلمين، واستخدام تكنولوجيا التعليم بشكل فعال، وتعزيز المساواة في فرص التعليم. ويجب أن تستثمر الحكومات والمنظمات في هذه الحلول لضمان تحقيق تطور واستدامة في نوعية التعليم في أفريقيا.
وتواجه قارة أفريقيا العديد من التحديات فيما يتعلق بوصول الطلاب إلى التعليم. تشمل هذه التحديات نقص المدارس والبُنية التحتية التعليمية، ونقص الوسائل المناسبة للنقل، وظروف الفقر والتشرد التي تجبر بعض الأسر على الاستغناء عن تعليم أطفالها. كما تؤثر الصراعات المسلحة والأزمات الإنسانية على فرص الطلاب في الوصول إلى التعليم، حيث يضطرون إلى التشرد وتجاوز الحواجز الأمنية للوصول إلى المدارس.
ويعد تأمين تعليم جيد ومتاح للجميع من أبرز الأهداف التي يسعى إليها القادة والمجتمعات في أفريقيا، ومن هنا تبرز أهمية استكشاف مستقبل التعليم في هذه القارة الغنية بالتنوع الثقافي والموارد الطبيعية.
وفي ظل التطورات السريعة لتكنولوجيا الاتصالات والإنترنت، يمثل التعليم الرقمي في أفريقيا نقلة نوعية نحو تعزيز جودة التعليم وتحقيق المساواة في الوصول إلى المعرفة. وباستخدام الأجهزة الذكية مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، أصبح من الممكن للطلاب الوصول إلى موارد تعليمية متنوعة وغنية، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي أو ظروفهم الاجتماعية.
وبفضل الإنترنت، يمكن للمدارس والمؤسسات التعليمية في أفريقيا توفير محتوى تعليمي شامل يشمل دروسا مباشرة، وموارد تعليمية إضافية، وأدوات تفاعلية تساعد الطلاب على فهم المواد بشكل أعمق. على سبيل المثال، يمكن للطلاب استخدام منصات التعلم الإلكتروني لتنفيذ تمارين عملية وحل مشكلات، وتحسين مهاراتهم العلمية والرياضية بطرق مبتكرة ومحفزة.
العرب