دفن الرؤوس في رمال التغاضي والجهل والخوف
طارق أبوعكر
التغاضي هو أن تقنع نفسك بأن هؤلاء المتقاتلين مجموعة من الرعاع والسذج فتنأى بعقلك وجسدك عن مسرح الأحداث بحثا عن إستراحة مسافر (زاحف !) ولكنك لا تدري بأنك سوف تظل رهين للظروف أينما حللت وفي حالة هروب لن يتوقف وستلاحقك المآسي أينما كنت (فلان مات .. فلان ضبحو .. فلانة إغتصبوها) .. وغض الطرف عن كل عيبٍ ضلالٌ.
والجهل أن لا ترى الأمور كما هي على أرض الواقع .. خراب كامل الدسم .. حجم الدمار العيني والنفسي لا يوازي أي إنتصار وحتى إن وقع كل السودان تحت قبضة (المنتصر !) .. وبحساب الربح والخسارة وأنت ترى الناس يتساقطون صرعى بحثا عن قضمة عشب ٍ أو قطرة ماء ، فبأي ميزانٍ تحسبون ! .. الجاهل من ظنَّ الأشياء هي الأشياء.
والخوف هو ذلك التوجس الذي يدفعك للإنحياز لاحد الطرفين ظانّاً أنّك ستنعم ببعض ٍ من الأمن والأمان متناسياً شواهد من التاريخ .. القريب ! .. حرب الجنوب .. التطهير العرقي في دارفور .. مجزرة القيادة والإنتهاكات المتواصلة في حقوق المواطنين بلا إستثناء، حيث الثورة لم تستثني أحداً ، شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً ، وكذلك الإنتهاكات لم تستثني أحداً. مظالم وإنتهاكات من قِبل الطرفين المتقاتلين على حد السواء ، بلا ضمير وبلا هوادة.
ليس عيب ولا غضاضة في أن ندافع عن عرضنا ومالنا إنه حقٌ مشروع في كل الأديان والأعراف والقوانين ، ولكن من العيب ومن الجهل أن لا نغتنم فُرَص السلام إن لاحت هنا أو هناك.
دفن الرؤوس في الرمال لن يعفينا ولن يكفينا شر العواقب ، ما ظهر منها وما بطن.