بعرة المجاعة تهرس السودان ومِسِز هاريس ال- فيها اتعرفت !!
محمد الصادق
يكابر البعض ممن يركبون السيارات مظللة الزجاج
أنه لا توجد مجاعة بالسودان .
لكنهم يقرون بأن الكوليرا
منتشرة ومتزايدة حتي في الشمال حيث درجات الحرارة العالية وحيث لا يوجد الكثير من الذباب
حيث لا توجد الكثير من الفضلات .
وبرغم ذلك فالكوليرا تضرب بشدة عندما سئل الأعرابي عن وجود الله
قال: البعرة تدل علي البعير
الكوليرا هي بعرة المجاعة
فالفيروس أصلا موجود في الماء وحتي قبل الحرب كانت الكوليرا تظهر في الخريف ثم تختفي من تلقاء نفسها .
ولكن بسبب سوء التغذية تهبط المناعة فتصبح الأجسام عرضة للفيروس القذر .
المجاعة لا تعني عدم وجود السلع أو ندرتها
فالسلع موجودة حتي في أقاصي البلاد .
في كرري البعيدة جدا عن الحدود ومع ذلك فالسلع تأتي من كل البلدان
فالصلصة العمانية والجبنة المصرية واللبن الأماراتي والسعودي والمربي التركية
والبسكويت الهندي والأثيوبي .. الخ .
وحاجات وحاجات ..
تستورد من كثير من دول العالم متوفرة حتي في الدكاكين العادية ولكن الناس لا تستطيع الشراء
فحتي المنتجات المحلية باهظة السعر فاللبن الحليب رغم التحذير منه
لكنه تجاوز الألف جنيه للرطل .
وصار الأطفال وكبار السن
يتعاطون عصير (مستنفرين) التركي
وهو مواد كيميائية اثمها أكبر من نفعها حيث ٩ جرام منه تعطي لترا ونصف ، وهو طبعا بخس الثمن .
أما الطماطم فبخمسة ألف للكيلو الواحد وحتي البصل تعزز علي الناس
التكايا منتشرة بالطبع
وتزود الناس بالفول والعدس ولكن الإقبال عليها كثيف جدا
لأن المحتاجين كثر
بسبب التبطل .
أيام مجاعة الثمانينات
عندما كان الجمهوري رونالد ريغان بالبيت الأبيض ارسلت أمريكا مساعدات للسودان
عبارة عن دقيق قمح وزيت سمك ولبن ريغان (بودرة).
ولا زلنا نتذكر علامة البَلَس (+) الحمراء علي جوالات الدقيق .
فالناس اعتمدت -من بعد الله-
علي تلك الثلاثة سنة كاملة أو يزيد .
وحفظ اهل السودان ذلك للرئيس ريغان وكانوا يدعون له ويقولون :
(ريغان ود الهنا
ال.مرقنا من السنة)
ولكن تشعر أن أمريكا الآن
لا يهمها “كثيرا” ما يحدث بالسودان وأن مبعوثها ليس له لا في العير السياسي ولا في النفير الإنساني .
ومع أن أمريكا مشكورة علي كل حال للمساعدات التي بعثتها .
لكن كما قال الراجل لقريبه الذي أهدي له مصحفا :
(لا نأبي كلام الله ، لكن ال. فيك اتعرفت) .
فالمساعدات التي احضرتها حكومة هاريس
كانت عبارة عن فرش ومعجون وصابون وبامباس وصفافير (whistles)
والناس المجاعة وبعرتها
هرستهم هَرِس
(harasses them)
(طلعت عينهم)
وهاريس بالطبع لا تعلم
أن الصائمين أصلا يتجنبون المعجون
ويستبدلونه بعيدان الأراك التي تزكّي الفم
لا نريد أن نتكلم في السياسة فنحن (قهمانين) من أحاديث السياسة
لكن الظاهر أن ناس الحزب الديمقراطي ناس “سينتيمينتال” ساكت
بينما الجمهوريين ناس “براكتيكال” معونة هاريس تذكرنا بحالة الإحباط
التي وجدها السودانيون
عندما رفعت حكومة أمريكا العقوبات الاقتصادية علي السودان
عندما أصرت الدولة الغنية أن تدفع لها الدولة الفقيرة التي انهكتها الحروب
(رسوم رفع عقوبات)
بلغت مئات الملايين من الدولارات !! .
بدلا من القطن والصفافير
لو أرسلت لنا أمريكا شوية أدوية فتامين وفلاجين واملودوبين وهذا بالطبع. ولكي .. نكون صريحين
هو طبعا معونة في النهاية
وهو من عشم أبناء النيل
في أبناء المسيسيبي
نحن كنا في السابق نرفض أي نوع من المعونات من أي دولة ولكن ظروف الحرب هي التي فرضت علينا ذلك فكثير من كرام القوم أصبحوا يتسولون أقاربهم واصحابهم ممن هم بالخارج :
الموتّد انخلع .. واتوتّد المخلوع
وجاعت بيوت الشبع .. وشبعت بيوت الجوع
إنها سخرية الأقدار
لقد ضحك علينا الزمان
بل هكذا أراد الله
نستغفر الله العظيم ونتوب اليه
نعم هكذا أراد الله.
لكن بالنسبة للتسوّل-
والتسوّل ليس عيبا وإنما العيب السرقة والنهب
هكذا في القرآن – علي الأقل-
إن تسولنا لأمريكا الآن (SOS) ..
يأتي من باب المسؤولية المجتمعية أو قل الإنسانية
فأمريكا فرضت على الشعب السوداني عقوبات اقتصادية قاسية جدا
لأكثر من ربع قرن من الزمان .
حتي صار بعض ساكني أطراف العاصمة يأكلون من القمامة .
ثم أن جزءا كبيرا من اموالنا ومواردنا يذهب بالطبع إلي أمريكا مقابل السلاح والذخيرة والبمبان.
□■□■□■□■
تذكرة متكررة
نذكّر بالدعاء علي الظالمين
في كل الأوقات .. وفي الصلاة
وخاصة في القنوت
-قبل الركوع الثاني
في الصبح
علي الذين سفكوا الدماء
واستحيوا النساء
واخرجوا الناس من ديارهم
بغير حق
واسترهبوا الناس
النساء والاطفال وكبار السن
وساموهم سوء العذاب
وعلي كل من أعان علي ذلك
بأدني فعل أو قول
(اللهم اجعل ثأرنا
علي من ظلمنا)
فالله .. لا يهمل
ادعوا عليهم ما حييتم
ولا تيأسوا..
فدعاء المظلوم مستجاب
ما في ذلك شك:
{قُلۡ مَا یَعۡبَؤُا۟ بِكُمۡ رَبِّی
لَوۡلَا دُعَاۤؤُكُم}.