عربي | BBC News

كيف كُشف غش فتاة صينية وصفت بـ”عبقرية الرياضيات”؟

كيف كُشف غش فتاة صينية وصفت بـ”عبقرية الرياضيات”؟

منظر خلفي لطلاب في المرحلة المتوسطة وهم في الفصل الدراسي

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، أثارت نتائج مسابقة الرياضيات جدلاً على مستوى البلاد حول المدارس والمسارات الأكاديمية في الصين
  • Author, كو إوي
  • Role, بي بي سي نيوز

قال منظمو مسابقة رياضيات في الصين إن فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً، وُصفت بالعبقرية بعد تحقيقها نتائج مذهلة، قد غشت في المسابقة، ما وضع حداً لشهور من الشكوك حول إنجازاتها.

وتصدرت جيانج بينج، طالبة تصميم الأزياء من بلدة ريفية في مقاطعة جيانجسو، عناوين الأخبار في يونيو/حزيران، عندما احتلت المركز الثاني عشر في التصفيات المؤهلة لمسابقة دولية للرياضيات تنظمها شركة التجارة الإلكترونية الصينية العملاقة “علي بابا”.

وذكرت وسائل الإعلام الصينية أنها كانت أول متأهلة للنهائيات، منذ بدء المسابقة في عام 2018، تأتي من مدرسة مهنية متواضعة، في حين أن الغالبية العظمى من بين 800 متأهل للنهائيات كانوا من جامعات مرموقة.

وأثارت نتائج جيانج ضجة واسعة، وبين عشية وضحاها وُصفت بأنها “معجزة” في الصحافة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي ظل نظام التعليم الصيني المعروف بشدته، حيث يُحتفى بالتميز الأكاديمي، ألهمت نتائج جيانج العديد من الأشخاص عبر الإنترنت، واعتبروها دليلاً على أن الطلاب من المعاهد المهنية لا يزالون قادرين على التفوق أكاديمياً.

لكن تزايدت الشكوك حول قدرات جيانج، بعد أن قال منظمو المسابقة الأحد الماضي إنها انتهكت قواعد المسابقة في الجولة التمهيدية، بتلقيها مساعدة معلمها الذي كان مشاركاً في ذات المسابقة.

وقال المنظمون في بيان: “لقد كشفت هذه الحادثة عن أوجه القصور في نظام المسابقة وغياب الصرامة في الإشراف، نعتذر بصدق”.

وبحسب النتائج النهائية المعلن عنها يوم الأحد 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 ، لم تكن جيانج ولا معلمها من بين 86 فائزاً في المسابقة.

صعود ظاهرة الرياضيات

تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة

يستحق الانتباه

شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك

الحلقات

يستحق الانتباه نهاية

تُقام المسابقة السنوية للرياضيات في الصين بمشاركة متسابقين من مؤسسات من مختلف أنحاء العالم، وتستضيفها أكاديمية دامو، وهي معهد أبحاث تابع لشركة علي بابا.

وتفوقت هذا العام، جيانج، وهي طالبة في مدرسة جيانجسو ليانشوي الثانوية المهنية، على متسابقين آخرين من بعض المؤسسات الأكثر شهرة في العالم – بما في ذلك جامعة بكين، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة أكسفورد.

وقالت وسائل الإعلام المحلية إنها اختارت الدراسة في المدرسة المهنية لأنها كانت مهتمة بتصميم الأزياء، ولأن شقيقتها وأصدقاءها كانوا هناك.

وسرعان ما لفتت نتائج جيانج وخلفيتها التعليمية غير التقليدية الانتباه على مستوى البلاد. وظهرت قصتها في مقطع فيديو أنتجته أكاديمية دامو، كما أجرت معها وسائل الإعلام مقابلات.

وقالت جيانغ لصحيفة الشعب اليومية التابعة للدولة “إن تعلم الرياضيات أمر صعب، ولكن في كل مرة أحل فيها المشكلات أشعر بالسعادة، بغض النظر عما يحمله المستقبل، سأستمر في التعلم”.

كما برز معلم جيانج، وانج رونكيو، باعتباره معلماً لاحظ شغفها بالرياضيات وشجعها، وفي حديثه إلى وسائل الإعلام، وصفها بأنها طالبة فطنة تعلمت الرياضيات المتقدمة بنفسها.

وقال “واجهتُ العديد من النكسات في عملية تعلم الرياضيات، لذا أريد أن أفعل كل ما بوسعي لمساعدة طلابي وجعلهم يدركون أن هناك فرصاً أخرى في المستقبل”.

ولكن إلى جانب الثناء الهائل الذي تلقته جيانج ومعلمها، أشعلت قصة الطالبة أيضاً نقاشاً حول ما إذا كان نظام التعليم في الصين قد فعل ما يكفي لدعم الطلاب الموهوبين في مسارات أكاديمية أقل، وخاصة أولئك الذين ربما لم يتلقوا تقديراً مماثلاً من معلميهم.

ويركز النظام التعليمي في الصين معظم موارده على الطلاب الذين يستعدون لامتحان “غاوكاو” الشهير بصعوبته، والذي يتعين على الطلاب اجتيازه للالتحاق بالجامعة.

وقد واجه طلاب المدارس المهنية لفترة طويلة قيوداً على تقديم الغاوكاو والالتحاق بالجامعات التقليدية، إلى أن جاء إصلاح تعليمي في عام 2022 وقدم للطلاب المهنيين امتحان دخول جامعي بديل.

وكان مقال رأي سابق في وكالة الأنباء الصينية “شينخوا” قد أشار إلى أن نتائج جيانغ “تكشف حقيقة محرجة: حتى الشباب الموهوبين مثلها قد يظلّون دون تقدير بسبب عدم امتلاكهم مؤهلات تعليمية جيدة”.

“لم تكن العقل المدبر”

رسم توضيحي يعبر عن مفاهيم رياضية

صدر الصورة، Getty Images

لكن مع تزايد شهرة جيانج، بدأت الانقادات والشكوك حول مهاراتها تتصاعد.

ونشر العشرات من المتأهلين النهائيين الآخرين في يونيو/حزيران، رسالة مشتركة كتبوها إلى اللجنة المنظمة للمسابقة يطالبون فيها بإجراء تحقيق حول جيانج. كما طالبوا بنشر إجاباتها على أسئلة الاختبار التمهيدي.

وادعى المتسابقون أن جيانج ارتكبت “عدة أخطاء كتابية واضحة” في فيديو على الإنترنت، وأنها “بدت غير متمكنة من التعبيرات والرموز الرياضية”.

وفي حين سمحت الجولة التمهيدية للمسابقة، باستخدام المشاركين لبرامج حاسوبية، كانت الجولة النهائية عبارة عن امتحان مغلق ودون مراجع. وقد تم تأجيل إعلان نتائج الجولة النهائية، التي كان من المقرر نشرها في أغسطس/آب، لعدة أشهر.

وعندما أُعلن عن النتائج أخيراً يوم الأحد، لم تكن جيانج من بين الفائزين البالغ عددهم 86 في الجولة النهائية.

وأكدت مدرستها أيضاً في بيان الأحد، أن جيانج حصلت على مساعدة من معلمها وانج، وأن وانج تلقى تحذيراً واستُبعد من جوائز المعلمين لهذا العام. لكن في الوقت نفسه طالب البيان “بتقديم تساهل وحماية للطالبة”.

ولم تنجح محاولات بي بي سي بالاتصال بأسرة جيانج. كما أُغلق حساب والدتها على وسائل التواصل الاجتماعي، وجرى تعطيل رقم هاتق مرتبط بوالدها.

كما لم ترد مدرسة جيانج على العديد من المكالمات الهاتفية التي أجرتها بي بي سي، ورفض مسؤول في القرية مناقشة مسألة جيانج عندما اتصلت به بي بي سي.

وبينما أحدث الكشف موجة من الانتقادات لجيانج ومعلمها، تحدث العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً لصالح المراهقة، بحجة أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق مدرستها ومعلمها.

وجاء في منشور على موقع “ويبو”: “جيانغ بينغ ليست بريئة، هذا أمر لا شك فيه. لكن من هو الأسوأ هنا؟ لقد أحض الكبار هذه الطفلة للقيام بعمل سيء، وتركوها تعاني من كل العواقب”.

وكتب آخر على منصة ويبو “حتى لو كان الأمر برمته مزيفاً، فإن جيانج بينج لم تكن العقل المدبر وراءه. لا ينبغي التضحية بها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..