مقالات سياسية

فوز دونالد ترامب و تأثيره علي المشهد السوداني

🖋 عزام عبدالله إبراهيم

عَجّت الوسائل الاعلامية بكل أنواعها الرسمية و غير الرسمية منها وكذلك السوشيال ميديا بالتحليلات و التكهنات حول تأثير الفوز الكبير للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، كل من وجهه نظره او من توجهاته الشخصية او الفكرية.

يظل التحليل الموضوعي المجرد او المنطقي بعيداً عن آمال المحلل او توجهاته معضله أساسية في عالمنا العربي علي العموم وفي السودان علي وجهه الخصوص. حيث تسيطر العاطفة والرغبات علي كل التحليلات المبذولة علي وسائل الإعلام (إلا من رحم ربي). وعلية يصعب علي غير المختص او الناقد الحصول علي رؤية تحليلية مجرده او واقعية ليبني عليها سيناريوهات منطقية تعينه في رسم الخطط او تبني المواقف من المشهد.

من خلال المتابعة اللصيقة للمشهد السياسي اتفق معظم المحللين على الآتي:
1️⃣ أن فوز ترامب سيكون مؤثراً علي المشهد السوداني.
2️⃣ أن الملف السوداني ليس غير مهم ولا يعتبر من الأولويات بالنسبة لصانع القرار الأمريكي.
3️⃣ أن دونالد ترامب يختلف عن كل الرؤساء السابقين ولديه استراتيجيّات يتبعها في إدارة الملفات وأهمها هو إستراتيجية تحويل الملفات غير المهمه للحلفاء الإقليميين او المهمين. وأنه قادر علي الخروج من ما يسمى السياسات المؤسسية الأمريكية (طبعا لا يمكنه تخطي الخطوط الحمراء).
4️⃣ أن دونالد ترمب لا يهتم بالمسائل الأخلاقية او الإبتزاز السياسي، مثال لذلك التقارب المستفز مع بوتن وسحب قوات محاربة الإرهاب من الصومال و أفريقيا.
5️⃣ قدرته على الضغط حتي على الحلفاء التاريخيين للولايات المتحدة الأمريكية، مثال لذلك إرغامة لأعضاء حلف الناتو لدفع إشتراكات اكبر و المشاركة بفاعلية في ميزانية التحالف وخروجه من إتفاق باريس للمناخ.
6️⃣ يتعامل ترامب مع العمليات السياسية بخلفيتة التجارية، حسب يحسب المكاسب الاقتصادية اولاً ومن يدفع أكثر هو من يحصل على الصفقات من غير إعتبارات كبيرة للموروث المؤسسي للإدارة الأمريكية.

من هذه القواعد تكون القراءة الأقرب للواقع هي:
أن يقوم الرئيس الأمريكي بتسليم الملف السوداني لأحد او مجموعة من الحلفاء الإقليميين. ومن المعلوم أن أكبر حليف في المنطقة هي إسرائيل ومن بعدها تأتي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ومن ثم مصر.

لكي نعرف أكثر لابد من فهم تقاطعات هذه الدول في المشهد السوداني ومصالحها و مواقفها من القوى الفاعلة.

اولاً إسرائيل: لديها علاقات مع طرفي الحرب ولكن ظهرت أخيراً مؤشرات تدل على تذمرها من التقارب الذي حدث بين جماعات نافذة في معسكر الجيش مع المتشددين الإسلاميين في الصومال و اليمن و غرب أفريقيا، أضف الى ذلك التقارب المعلن مع إيران عدوها الأكبر في المنطقة.

ثانياً المملكة العربية السعودية: موقفها يميل الي الجيش قليلاً ولكنها بصفتها المستضيفة للمنبر الأساسي للتفاوض فإن موقفها الرسمي هو الحياد بين الطرفين. وهي مياله لحل تفاوضي للمشكلة السودانية.

ثالثاً الإمارات: موقفها واضح وهي الداعم الرئيسي للدعم السريع وتمده بالسلاح و تدعمه سياسياً و مالياً.

رابعاً مصر: موقفها أيضا واضح بجانب الجيش السوداني وهي تعتبر أكبر داعم له سياسياً ومن الداعمين العسكريين له.

من هذه القراءة نجد أن المصلحة الأكبر هي للإمارات التي قد تجد نقاط كثيره للتفاهم مع إسرائيل و السعودية و خصوصا في الرؤية لما بعد الحرب و تعتبر هي الأكثر قدرة علي إدارة الملف وفقاً لمصالحها ومصالح السعودية و إسرائيل في السودان. ولا ننسى توقع الإمارات لتفاهمات مع الإدارة الأمريكية جعلتها شريك اساسي في مسائل الدفاع ومواضيع أخرى.
الطرف الثاني في المعادلة هي مصر وموقفها الداعم للجيش و من خلفه الإسلاميين. وعلي حسب علمنا للعقلية التي يدير بها ترامب التوازنات السياسية فإن الموقف المصري سيكون ضعيفاً لان مصر لاتملك ما تقدمه له، وستكون الطرف الذي يجب أن تبحث عن تفاهمات مع الفاعلين الآخرين للخروج بأقل الأضرار او الحفاظ علي أكبر المصالح في السودان.
واخيراً فإن التقارب مع إيران علي وجه الخصوص سيكون قاصمة الظهر للإسلاميين إن لم يتم العدول عنها، لأن العداء السافر بين ترامب وإيران لا تخطئه عين.

مما سبق، فمن المتوقع أن تكون إدارة ترامب أقل تفهما للتوازنات السياسية في المنطقة، وأقل خضوعاً للإبتزاز السياسي من جماعات الضغط (مثلا ما يحدث في الفاشر، أو ما حدث من مجازر وتجاوزات في الحرب) وأكثر قدرة علي الضغط علي الحلفاء في حالة رفضهم لقناعته او الخطه التي يراها لحل الأزمة، وهو ما سيضع الإدارة المصرية في مأزق كبير حال تعنتها او مواصلة دعمها للجيش من غير موافقته.

ختاما: ستكون نهاية السنة نهاية ساخنة لأنها قد تكون الفرصة الاخيرة لإعادة التموضع قبل أن يتغير المشهد السوداني بدخول ترامب.

تعليق واحد

  1. تحليل اقرب للواقع وأكثر صدقا من كل اللغو والاوهام والأحلام التي يرددها الكتاب السودانيين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..