مقالات وآراء

البرهان والسيناريو السوداني!

 

مناظير
زهير السراج

* أبدى قائد الجيش السوداني الفريق (عبدالفتاح البرهان) أمام “المنتدى الحضري العالمي” الذي إستضافته العاصمة المصرية القاهرة في الأيام القليلة الماضية، تفاؤله بقرب انتهاء الحرب والشروع في إعادة الإعمار، ولا أدري من أين هبط عليه هذا التفاؤل إلا إذا كان يملك حلا سحريا لتحقيق النصر العسكري في الحرب العبثية التي تدور منذ أكثر من عام ونصف بين الجيش والدعم السريع، كما إنه ظل يرفض التفاوض لايقاف الحرب التي تدل كل المعطيات على وشك تحولها إلى حرب أهلية شاملة مع التحشيد الشعبي الحالي لكلا الطرفين وفشل الجهود الخارجية المتواضعة لايقافها!.

* بالنظر إلى الواقع الميداني الذي يشهد نوعا من التوازن العسكري، والنزاعات الداخلية السابقة في السودان والتجارب الاقليمية المشابهة، فإن السيناريو الأقرب في حالة إستمرار التجاهل الدولي وغياب وساطة قوية نافذة تثمر عن حلول سلمية، هو حرب طويلة الأمد ذات طابع متقطع، تتخللها فترات من الهدوء النسبي يتبعها تجدد القتال، تحكمها العوامل التالية:

1- الدعم الخارجي والإقليمي: من الأبجديات المعروفة أن التدخل الخارجي يؤدي إلى إطالة أمد الحرب في النزاعات المحلية، وعلى سبيل المثال فلقد أدى الدعم الإقليمي والدولي للأطراف المتحاربة في سوريا واليمن وليبيا إلى تعقيد الصراع واستمراره لفترة أطول، وبما أن الحرب في السودان شهدت تدخلات إقليمية منذ الأيام الأولى، فإن المحصلة والنتيجة الطبيعية هو استمرارها وصعوبة الوصول إلى تسوية قريبة، خاصة أن التجارب السودانية السابقة سواء في جنوب أو غرب السودان لم تشهد أي انتصار عسكري للجيش على القوى المتمردة على الدولة، ولم تتوقف الحرب إلا بالحلول السلمية وبعد سنوات طويلة من التفاوض!

2 – التوازن العسكري الداخلي: من العوامل الجوهرية التي تطيل النزاعات هو وجود توازن عسكري يمنع أي طرف من تحقيق نصر حاسم، فمثلاً، في ليبيا، لم يستطع أي طرف من أطراف النزاع السيطرة الكاملة على البلاد رغم سنوات من القتال، وإذا استمر التوازن الحالي بين القوات المسلحة وحلفائها وقوات الدعم السريع وحلفائها، فقد تستمر الحرب فترة أطول.

3 – التوترات العرقية والإثنية: النزاعات التي تتخللها توترات عرقية وقبلية مثل النزاع في دارفور سابقاً، غالباً ما تستمر فترات أطول بسبب الدعم البشري من المجتمعات المحلية، أو ما يطلق عليه البعض (الحواضن المجتمعية)، وربما يقود إلى حرب أهلية شاملة كما نشهد على الساحة الآن من تجييش وتجيشش مضاد للمجموعات القبلية والإثنية تحت ظل التجاهل الدولي وعدم وجود رغبة حقيقية للتدخل لايقاف القتال، بالإضافة إلى وجود أطماع اقليمية واضحة في خيرات وموارد السودان الذي يريده البعض منهارًا وضعيفا حتى تسهل السيطرة على موارده وتعويض الخسائر التي لحقت به!

4 – ضعف الوساطات الدولية: تلعب الوساطات الدولية والإقليمية دوراً مهما في إنهاء النزاعات، لكن نجاحها يعتمد على رغبة الأطراف المتنازعة في الوصول إلى حل، وهذه الرغبة لم تتوفر حتى هذه اللحظة، على الأقل من حلفاء الجيش الذي يريدون استخدام الحرب كبوابة للعودة إلى السلطة مرة أخرى، أو في أسوأ الحالات المشاركة في السلطة، وعليه فمن المتوقع أن تستمر الحرب فترة طويلة قد تصل إلى خمسة أعوام أو أكثر، بناءً على تجاربنا المحلية السابقة مثل حرب الجنوب التي إستمرت أكثر من 16 عاما في التمرد الأول الذي انتهى باتفاق سلام هش، وأكثر من عشرين عاما في التمرد الثاني الذي انتهى باتفاق سلام أدى إلى انفصال الجنوب من الشمال في عام 2011، وسرعان ما دخلت الدولة الجديدة (جنوب السودان) في حرب أهلية لعدة سنوات تسببت في معاناة إنسانية كبيرة وتدخلات إقليمية ودولية، ولا تزال هناك توترات تهدد بالعودة إلى العنف، وإذا نظرنا إلى المحيط الخارجي القريب، نجد أن حرب اليمن لا تزال مستمرة حتى الآن منذ اندلاعها في عام 2015، ولا تزال الجارة الشمالية (ليبيا) تعاني من تعقيدات الحرب التي بدأت إثر سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، ووجود سلطتين مستقلتين إحداهما في طرابلس والأخرى في بنغازي مع احتمال عودة الحرب أو انفصال ليبيا إلى دولتين مستقلتين عن بعضهما!.

* ليس أمام السودان سوى سيناريوهين فقط، إما الوصول إلى اتفاق سلام عبر الوساطات الدولية، مما يفتح الباب أمام عملية سياسية شاملة تجمع كافة الأطراف، الأمر الذي يتطلب إرادة حقيقية من القوى المتصارعة واستعدادها للتنازل!

* أو استمرار القتال فترة طويلة، مما يعني المزيد من التدهور في الاقتصاد والبنية التحتية وزيادة معاناة المواطنين، وربما انهيار وتشظي الدولة السودانية!.

* وبغض النظر عن السيناريو النهائي، فإن إعادة بناء السودان ستتطلب جهودًا كبيرة واستثمارات ضخمة لإعادة إعمار البنية التحتية وتحقيق الاستقرار، وسيكون من الضروري معالجة قضايا الحكم العادل والتنمية المستدامة لضمان عدم عودة مثل هذه الصراعات في المستقبل!.

[email protected]

الجريدة

 

تعليق واحد

  1. الأخ د زهير .. هذه الحرب العبثية اللعينة لن تتوقف وستمضى لمزيد من الدمار والقتل والنزوح والتهجير لتحقق هدفها فى النهاية تفتيت السودان .. هذا السناريو المخيف لن يكبحه رادع سوى الأقلام الشريفة والوطنية لتقف بقوة لتكشف لأهل السودان مجموعة الصحفيين والأعلاميين الذين ارتضوا على انفسهم العمالة وخانوا قيم الصحافة وشكلوا خلية إعلامية فى كل الوسائط هدفها الأساسى تغبيش الوعى وتزييف الحقائق وقلب الموازين لمصلحة كيان إجرامى شيطانى متسلط لم يرق له خلعه بأمر الشعب من الكرسى الذى جلس عليه لأكثر من 30 عام مارس فيها كل انواع التسلط والفساد والفشل الأدارى وإهدار موارد البلد .. فى الماضى بيع الضمير كان مستترا اما اليوم فاصبح ظاهرا فى محل نصب ورفع وجر .. واقع هؤلاء يدعو الى الخجل والأسى فهم يدعون الى استمرار حرب اطلقوا عليها حرب الكرامة وهى فى الواقع تهدر كرامة اهل السودان وتزيد فى معاناتهم وتجبرهم على اللجوء وهجر ممتلكاتهم ومساكنهم ومواقع عملهم .. باعوا ضمائرهم واقلامهم ابتغاء مرضاة الطغاة وتسول المناصب .. دفتر الجرورة كما كتب احدهم يجب ان يفتح للأقلام المأجورة ولا بد ان تكرسوا اقلامكم لتكشفوا زيف وبوار طرحهم وعمالتهم لأصحاب البوت ومن خلفهم اخوان الشيطان .. تمايزت الصفوف فعلا وبان الخبيث من الطيب ووجب عليكم كشفهم فى اى صف يقفون !!!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..