في خضوع حمدوك/ تقدم لاداة إمبريالية تدعى شاتام هاوس
عصام على عبدالحليم
شاتام هاوس ، هو المعهد الملكي للشؤون الدولية ، سمى ياسم شاتام هاوس لان ذلك كان اسم المبنى الذي وطّنَ مقرهم عند إلتأسس عام 1920م . ولكن لشاتام هاوس تاريخ يمتد إلى ما قبل 1920م ، رصده المنصور جعفر في مقاله المنشور في الحوار المتمدن بعنوان “دليل المخابرات … (المؤرخ) توينبي مساح خُطط (حضارة) رأس المال والإستعمار في (الشرق الأوسط) “ . يكتب المنصور ” حين كان أرنولد توينبي قائماً بأمر الدراسات والبحوث في “الجهاز الملكي للعلاقات الدولية”) بأسمائه المتنوعة (مع بداية خروج ذاك الجهاز إلى حالة شبه العلن من حالة السرية التي كنفت (التأسيس) الحديث له بواسطة الإستعماري العتيد لورد ساليسبوري Salisbury Lord فنائبه لورد ميلنر Lord Milner ومواليه المخلصين اللوردات الثلاثة : لورد ماكمهون Lord McMahon، ولورد كورتيز Lord Curtis، ولورد بلفور Lord Balfour يمولهم جماعة وفرادى رأس المال والإستثمار في بريطانيا والعالم اللورد روتشيلد Rothschild وآله الكرام الذين (…) يملكون (…) أكثر نقود الأرض الدولار والإسترليني واليورو حتى قبل طباعتها”.
ويكتب المنصور أن المعهد انتج مجموعة من الدراسات والبحوث شيدت بنية هندسة استعمارية ، شملت تخطيطا شاملا جغرافيا وانثربولوجيا لجهات العالم التي استهدفتها مشاريع الاستعمار البريطانى ، غرس قيم العالم المتمدن – وفقا لتصوراتها – وإنشاء البنوك وعديد المؤسسات المالية لضمان التفوق البريطانى على العالم . وكان لآل روتشيلد – ضمن تلك المجموعة – وعبر مصرفهم وسيطرتهم على البنك المركزى ، دور ربط بعض أعمال وزارتي الخارجية والدفاع والتنسيق مع الدوائر المالية العليا.
تمتد تلك السيرة حيث يصف شاتام هاوس نفسه -متأدبا- بأنه مصدر عالمي ورائد للتحليل المستقل والنقاش المستنير والأفكار المؤثرة المنشغلة بكيفية بناء عالم مزدهر وآمن للجميع ، وهى نفس الفكرة القديمة لهندسة العالم. فهذا دور أعضائه العاملون فيه والطارئين الزائرين ، الذين ينخرطون في اعمق المناقشات المفتوحة والسرية حول القضايا الكبيرة في الشؤون الدولية ، ينتجون التحليل الدقيق للتحديات العالمية والإقليمية وتلك الخاصة بكل بلد ، ويقدمون الأفكار والبرامج والخطط الجديدة لصناع القرار ، يقبلونها بالرضى والامتنان.
وشاتام والمراكز المماثلة (مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك ، معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية وهكذا) ، مصادر أساسية لتقديم المشورة للمسؤولين في بلدانهم ، الذين يصنعون السياسة الخارجية ، بالذات المشورة المتعلقة بالمعاهدات والمؤتمرات الدولية ، وبالذات تلك التى انجزت في سنوات ما بين الحربين العالميتين . وقادت تلك المشورات لجهود التعبئة الكبيرة للحرب الكريهة العالمية التانية ، واستمرت تلك المراكز في لعب أدوارً رئيسية في الإعداد والتخطيط المسبق لترتيب النظام العالمي بعد الحرب. لقد كانوا ، وما زالوا ، مكونات أساسية لمؤسسات السياسة الخارجية في بلدانهم ، وبالتحديد للمؤسسة الأنجلوأميركية. فهم -ومنذ النشأة- جزء من شبكة النخبة التي تربط اصحاب الثروات الكبيرة والشركات الضخمة العابرة للحدود في الغرب ، وبعض الجامعات ومراكز البحوث المختارة ، وبعض المؤسسات الخيرية والمنظمات غير الحكومية وصانعي السياسات الرسميين والغير رسميين. وهم جمع من صفوة الطبقة والسياسة ، عند فحص جذورهم وخلفياتهم الفكرية والايديواوجية والسياسية، تجدهم أبعد ما يكونوا عن كونهم مجموعة خيرة من مراقبين محايدين منفصلين لا يفهمون العالم الحقيقي الا من خلال النوايا الحسنة ؛ فالحقيقة أن هذه النخب تفهم تماما أهمية القوة كبنية متسلطة ويفهمون الحاجة إلى خلق عالم يتم تنظيمه حول تحديداتهم للممارسة الاقتصادية والمالية في العالم ، وتحدياتهم لقيم الحداثة/ الثقافة الأنجلوسكسونية الأساسية او المركزية الاروبية ، لان ذلك -وفى البدء- هو مجال القيم التى بيعرفوها ، والتى تم استخدامها لبناء الإجماع (او الهجمنة) في بلدانهم. والحقيقة ان شاتام هاوس ومجلس العلاقات الخارجية بنيويورك -وغيرهما- نظموا العديد و المتكاثر من منتديات حاسمة للعناصر ‘الليبرالية’ المؤثرة داخل أمريكا وبريطانيا لرسم نظام عالمي جديد بأيديولوجيا جديدة هى النيوليبرالية ، وكلفوا تاتشر وبوش باعلانها. وهذه السيرة كما ذكرنا قديمة ومرتبطة باهداف هذه المراكز منذ نشأتها ، فاستمرت أداة لمساعدة/قيادة الإمبريالية في التحول من الهيمنة الاستعمارية االكلاسيكية إلى اشكال السيطرة الاستعمارية الجديدة بعد سقوط تجربة الاستعمار المباشر. الليبرالية الجديدة أيديولوجيا اقتصادية اجتماعية ثقافية مهيمنة في العالم الغربي منذ الثمانينيات ، وقد لعب تشاتام هاوس دورًا مهمًا في تشكيل وتنطيم المناقشات السياسية حول العولمة والتجارة والتنمية الاقتصادية. وروجت العديد من تقاريرها ودراساتها المؤثرة للسياسات النيوليبرالية في مختلف وتعدد مجالات الحياة . استمر في القرن الحادي والعشرين ، فى لعب دور المركز الفكري الإمبريالي للرأسمالية البريطانية والعالمية ، ووفر الدعم الأيديولوجي السخى لليبرالية الجديدة . وكان نصيب النخب السياسية في معظم بلدانا (دول الجنوب ، الهامش ، النامى) سيرة من الانبطاح المذل مشغولة بطمأنة ألسادة الدوليين بالقبول السعيد للأجندة النيوليبرالية ، التي تؤكد على مبادئ السوق الحرة ، والعولمة ، الخصخصة ، وخفض الإنفاق العام ، وإبقاء السوق تابعة هيكليا، واراضى وناس البلد مفتوحة للاستغلال الإمبريالي الطليق بلا قيود وفى حرية. لعبت شاتام هاوس دورًا مهمًا في تشكيل المناقشات السياسية حول العولمة والتجارة والتنمية الاقتصادية .. وقد نشر تشاتام هاوس العديد من الأوراق والأبحاث حول الليبرالية الجديدة ، واستكشاف آثارها على اشكال الحكم فى العالم ، والتجارة ، والتنمية الاقتصادية . باجتصار ، استضاف مركز الأبحاث في شاتام هاوس العديد من الفعاليات والمناقشات حول صعود الليبرالية الجديدة وتأثيرها على العلاقات الدولية ، مما جعله مركزًا مهما لفهم هذه الأيديولوجية المعقدة والمؤثرة.
لم تخل سيرة شاتام هاوس من الاتساخ والخدوش كما هو شأن النيوليبرالية . وكمثال نذكر: كريستوفر ساباتيني أحد كبار زملاء تشاتام هاوس ، يقود مشروعًا يروج لمعارضة حكومة مادورو الفنزويلية التي حددت شرعيتها انتخابات نزيهة. وبعد فشل تمثيلية خوان غوايدو البائسة في استبدال مادورو كرئيس(اعلن غوايدو أنه سيتولى بشكل رسمي دور الرئيس بعد فوز مادورو إلى حين انعقاد انتخابات اخرى” حرة”. تلقى غوايدو اعترافًا رسميًا بالشرعية من قبل امريكا وعدد من اليلدان إلى جانب المؤتمر الكنسي الفنزويلي .. بعدها – بفترة- أوقف الاتحاد الأوروبي اعترافه بغوايدو كرئيس ، إذ لم يتمكن من الإطاحة بمادورو . قبض على غواندو وخضع لتحقيق جنائي بتهم التدخل أجنبي) .قال ساباتيني : “’الاستراتيجية الحالية بشأن فنزويلا لم تنجح ، لذا علينا تجربة شيء آخر’. لقد كانت حكومة غوايدو فاشلة ، لكنها وفرت نقطة تجمع لم تعد الان موجودة” ، ولذلك دعى لخوض تجرية اخرى! من نقطة انطلاق جديدة (انظر https://www.chathamhouse.org/events/all/research-event/restoring-democracy-venezuela ).
ومثال اخر للسيرة الرديئة: اقامت شاتام هاوس ندوة بعنوان “المؤسسات الديمقراطية والعلاقات المجتمعية في البحرين”، تعرضت لانتقادات لاحقة من قبل مرصد حقوق الإنسان في البحرين ومقره لندن ، بسبب اللغة “الدعائية” لصالح السلطة تغنت بها حموع المتحدثين فيها. وبعدها في غضون بضعة أشهر ، شنت المملكة حملة قمع شعواء متوحشة ضد المعارضين اتسمت بالعنف البالغ ، على اثرها اعترفت تشاتام هاوس بأن الندوة تم تمويلها من قبل شركة معينة كانت تعمل لصالح مملكة البحرين في ذلك الوقت.
وفي أبريل 2022م ، صنفت روسيا تشاتام هاوس على أنها ‘منظمة غير مرغوب فيها’. اما الصين فقد كانت موضوعة جدل/ فضيحة أحاطت بمركز أبحاث تشاتام هاوس . ففي عام 2022م، واجهت المنظمة انتقادات بسبب الطريقة التى تعامل بها المركز مع تقرير حول مشاركة الصين في الصناعات الاستراتيجية في المملكة المتحدة. واتهم بعض الباحثين تشاتام هاوس بالتقليل من أهمية نفوذ الصين في ذلك المجال ، وإنها رضخت لضغوط الحكومة الصينية. وأدى الجدل إلى استقالات بما في ذلك استقالة مدير آسيا في مركز الأبحاث بشاتام هاوس .
ومشاكل المنظمة ممتدة للشكوك في شفافيتها . ففى صفحة ويكيبيديا لشاتام هاوس ، ذكرت المعلومة أن صفحة
شفافية التمويل “من يمولك ؟” على الانترنت ، اعطت في نوفمبر 2022م شاتام هاوس درجة سى او بالانجليزية (grade C) أي اعطها الدرجة الثالثة المنخفضة بعد A و B . وهكذا فسمعة المنظمة لا تخل من الشكوك ولا من التجريح ولا الانخفاض.
في اول وصول حمدوك للبلد نحو منصب رئيس الوزراء وعدنا باقتصاد الدولة التنموية ، وحكى تجربته مع مثل هذه الدولة في اثيوبيا كان يبنيها ملس زناوى ، وافتخر حمدوك بانه كان احد المستشارين الاقتصاديين للسيد زناوى !جلس حمدوك على الكرسى ولم يقبل أي من ال 3 مرشحين من قبل قوى الحرية والتغيير لمنصب وزير المالية ، وهم من خيار الاقتصادين علماء اليلد الوطنيين. وافق على ترشيح البدوى وزيرا للمالية الذي لم ترشحه قوى الحرية والتغيير ، لم يرشحه احد بل حزب الامة كيف ولماذا؟ لا احد يدرى ، ربما القليلون .البدوى ينتمى الى البنك الدولى ، المؤسسة الإمبريالية المعروفة ، وعمل فيها عشرين سنة ، اين ذهبت الدولة تنموية ؟ يا حمدوك وبعض ” قحت”؟ .
يقول حمدوك في الفديو المصور في قاعة الاجتماعات في مبنى شاتام هاوس ، ان اخر مرة حضر فيها إلى شاتام هاوس كانت في 2016م ! (فالزول زبون قديم). عمرو عباس في تعقيبه في صفحته في الفيس بوك على مقال للشفيع “حرب السودان كأداة للهيمنة عليه في جريدة القدس ، كتب : “ كان الشفيع عضوا في الثلاث مؤتمرات التي كان مقررا لها لندن في يناير وفبراير وأبريل ٢٠١٩م قبل الثورة. كانت هذه المؤتمرات ستعقد بناء على اتفاق مع الإنقاذ والترويكا من إلغاء الانتخابات ٢٠٢٠م وتعيين رئيس وزراء بصلاحيات رئيس الجمهورية وتفكيك دولة الإنقاذ “. يقول عمرو بما انه ” ممن كانوا يقبلون الهبوط الناعم (…) لذلك ضمّوني مجموعة من عرفو بشلة المزرعة لمن سيحضرون ضمن ٢٠ عضو في فبراير في لندن ، وضمن ٤٠ في أبريل في لندن تحت رعاية شاتام هاوس“.
ويلقى خالد التجانى النور الضوء على تلك المؤتمرات في مقاله “مؤتمر” تشاتام هاوس”في الخرطوم بين الوقائع والأساطير” ، نشر في (https://www.sudaress.com/alhadag/151008 ).
يقول : “من المهم الإشارة هنا أن الدعوة لسلسلة هذه الحوارات حول سبل إنعاش الاقتصاد السوداني من قبل “تشاتام هاوس” لم تحدث صدفة ولا اعتباطاً ، بل هي نتاج مسعى رسمي للحكومة البريطانية “. ويقول : “في لقاء مغلق مع مجموعة من الناشطين السياسيين بمقر إقامته بالخرطوم ، أكّد سفير دولة أوروبية كبرى أنّ إرهاصات انهيار وشيك للاقتصاد السوداني بدأت في الظهور لكننا لن نسمح بذلك ولو تطلب الأمر ضخ أموال إلى السودان بصورة مباشرة”. ويوضح أن ذلك السفير هو البريطانى عرفان صديق الذي حدد : “لكن استمرار تماسك الدولة السودانية في وجه الأزمة الاقتصادية لم يعد مهمة السودان وحده ، لأن المجتمع الدولي يتشارك تبعات ما قد ينجم من انهيار الاقتصاد السوداني”. “المجتمع الدولى” الذي يشاركنا الهموم ، ويملك مفاتيح الحلول في العبارة السياسية الاثيرة لتقدم . وقد كان الباب مفتوحا لشاتام هاوس والحكومة البريطانية .
يقول خالد تم عقد الاجتماع الأول في ديتشلي بارك بالقرب من لندن في الأسبوع الثالث من يناير 2019م ”. واستمرت يومين ، وكان من بين المشاركين فيها د.عبد الله حمدوك ، مدير سلسلة الحوارات ، د.إبراهيم البدوي وخالد عمر يوسف “سلك” الأمين العام للمؤتمر السوداني (…الخ) “ وذكر اخرين ضمنهم الشفيع خضر ، ومن رجال الاعمال وجدي ميرغني ، وأحمد أمين عبداللطيف ، ومو إبراهيم . وكانت ادوات الإمبريالية المؤثرة حاضرة ، ” وشارك أيضاً في الاجتماع الأول ممثلين للبنك الدولي ، وبنك التنمية الإفريقي ، بنك التجارة والتنمية لدول كوميسا ، والوكالة البريطانية للتنمية الدولية، المفوضية الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة ، وبرنامج إفريقيا باتشاتام هاوس” ،
وعقد الاجتماع الثاني في الأسبوع الثالث من فبراير 2019م في اثيوبيا ، وشارك أغلب الحاضرين فى الاجتماع الأول ، وحضر من تخلف في الاجتماع الاول من رجال الأعمال أسامة داؤود ، أنطوني حجار ، إيهاب إيراهيم رئيس مجلس الأعمال السوداني الأمريكي والفاتح عروة .
الاجتماع الثالث اقيم في نيروبي في آواخر مارس 2019م ، بمشاركة معظم الأعضاء في الاجتماعين السابقين ، وانضم لهم السفير البريطانى عرفان صديق . كانت هذه الاجتماعات تمهيدا لاجتماع ختامى قرر له نهاية ابريل 2019م ، الا أن الثورة المجيدة قررت سقوط السفاح البشير في 19 ابريل ، فعقد في اكتوبر ، عندما اصبح الميسر الاساسى لاجتماعات شاتام هاوس رئيسا للوزراء والبدوى وزيرا لماليته ! قال رئيس الوزراء أن اللجنة الاقتصادية لقحت لم تسلمه لا برنامج اسعافى ولا برنامج اقتصادى للفترة الانتقالية ، وانضمت الكذبة للكذبة الأولي الخاصة بالدولة التنموية ، ليكتب الرجل في عرف الشعب كذابا .
هتفت الجموع الغاضبة في لندن في الاسبوع الفائت ، ضد حمدوك وتقدم وضد شاتام هاوس ، “وما شتموهم”، بل اعلنوا رفضهم العالى للتدخل السافر من اذرع النيوليبرالية الإمبريالية في الشأن الداخلى للسودان ، تنال المأساة في قبحها المكتمل ادنى اهتمامها .قالت الجموع الغاضبة في نبلها نحن متمسكون بشعارات الثورة: حرية سلام وعدالة وشعاراتها الوسيمة وببرامجها الواعدة بالاسعاف -لا الاسفاف – وبمسيرة التقدم الاقتصادي والاجتماعى والثقافى ، وكل برامج الاصلاح بعد هزيمة الحرب لما هدمته ، التي سوف ينتجها العقل السوداني المنطلق من كل دوافع الثورة ومناحيها الإنسانية العميقة ، وليس من قاعات شاتام هاوس .
دي الكتابة المحترمة أختلفت أم إتفقت معها
كله موثق توثيقا جيدا
دا المستوي الدايرنه ليك يا الراكوبة