بالنظر إلى جرائم الإبادة الجماعية للمدنيين العزل التي لاتزال قوات الدعم السريع ترتكبها في قرى الجزيرة، وقبل ذلك جرائم الإبادة التي ارتكبتها في مدينة الجنينة وفي العديد من المناطق الأخرى في دارفور وكردفان وغيرهما.
وبالنظر إلى التدمير الممنهج للبنى التحتية والمراكز الصناعية والمساحات الزراعية الذي مارسته هذه القوات في عاصمة البلاد وفي منطقة الجزيرة. وبالنظر إلى فرضها النزوح القسري للمواطنين وإجلاءهم من منازلهم ومن المدن والقرى، بالأمر المباشر أو التهديد بالقتل، أو هروبا من القهر وعمليات الاغتصاب الجماعي. وبالنظر إلى فشل القوات المسلحة السودانية في ممارسة واجبها الدستوري في حماية المدنيين، بما في ذلك انسحابها من العديد من المواقع والحاميات لتترك المدنيين فريسة لتلك الجرائم البشعة، ودون تفسير مقنع حتى الآن لأسباب هذه الانسحابات. وبالنظر إلى عجز المجتمع الدولي والإقليمي عن اتخاذ أي خطوات عملية لإنقاذ شعب السودان وفق ما نصت عليه المواثيق والعهود الدولية والإقليمية مكتفيا فقط بإصدار بيانات الشجب والإدانة. بالنظر إلى كل ذلك، وإلى غيره من الشواهد، كان جنوحنا لأن نتناول طبيعة حرب السودان من منظور آخر يعيد تعريف هذه الحرب، وهو ما ناقشناه في مقالنا السابق. وكان طرحنا ذاك بهدف إثراء النقاش، وتحفيزا لتقديم مقترحات لصالح كيفية وقف الحرب وإنقاذ شعب السودان. وبالفعل، أثار المقال ردود فعل واسعة، كلها موضوعي ومفيد ويناقش في صلب الموضوع، إلا اثنان أو ثلاثة سقطوا في فخ الذاتية المضرة، متوسدين موقعهم بارتياح خارج الشبكة، كما يقول الشباب.
ومن ضمن ردود الفعل الموضوعية والمفيدة، والتي تناولت صلب الموضوع، المساهمة التي وصلتنا من الصديق الأستاذ حيدر عبد الرحمن وجاء فيها: «اطلعت على مقالك الأخير، وأعتقد أنه يؤسس لفهم جديد لطبيعة الصراع الدامي الدائر حاليا في بلادنا. إن التعريف السائد للحرب الدائرة في البلاد، هو أنها صراع داخلي حول السلطة ومحاولة من النظام القديم والفلول أو مراكز القوى المتعددة لاستعادة السيطرة على السلطة. لكن المقال يفتح الباب لإعادة النظر في هذا التعريف من خلال فحص وتشريح طبيعة الصراع والأسس التي أدت لتفاقم الحرب وتطاولها وانتشارها، خاصة في مناطق الزراعة والموارد والإنتاج، وهذا هو جوهر ما تشير إليه الفكرة الرئيسية في المقال.
أعتقد من الضروري أن تأخذ المكونات السياسية والمدنية في الاعتبار الصراع الدولي حول الأراضي الزراعية وحول الموانئ والسيطرة علي الممرات المائية، وكل هذا ليس ببعيد عن الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على الغذاء في العالم. التفكير الضيق الذي يحصر الصراع في كونه صراعا داخليا حول السلطة بين المكونات المحلية دون الأخذ في الاعتبار البعد الخارجي، لن يقود إلى وحدة داخلية بين هذه المكونات. وأعتقد أن المكونات السياسية مازالت رهينة لصراعها التاريخي المرتبط بالمصالح الداخلية، بينما يغيب عنها بعد النظر والتفكير الاستراتيجي، والذي لابد منه لاستبصار ودراسة تعقيدات الصراع الدولي وتطوراته وانتقاله بشكل عميق إلى افريقيا بعد أن فقدت أوروبا بريقها واضمحلت الثروات التي كدستها إبان الاستعمار، إضافة إلى ظهور مراكز جديدة للهيمنة، مثل الصين وغيرها، تسعى للاستفادة من الدول الغنية بالثروات. عموما، أعتقد من المهم جدا أن نعيد تعريف الحرب بأنها حرب ضد السيادة السودانية، وتسعى داوئر متعددة لاستغلال هشاشة الدولة وتفككها لضرب وحدة السودان وتفتيتها.
ولمواجهة كل ذلك، نحتاج إلى سياسيين يشتغلون بالفكر والتفكير السياسي، وينظرون إلى أعمق مما يبدو على السطح، وليس سياسيين تقليديين ديدنهم التفكير التكتيكي التقليدي. لا بديل غير توحيد كافة القوى السياسية والمدنية حول هذا التوجه وهذه النظرة العميقة لمواجهة التدخلات الخارجية وسعيها المحموم للاستفادة من الحرب في تنفيذ مخططاتها السياسية والاستراتيجية، وفي نهب موارد البلاد».
وفي ختام رسالته يقترح الأستاذ حيدر أن تبادر أي من الجهات السودانية، كمراكز الدراسات والأبحاث، بتنظيم منتدى أو حلقة نقاش فكري تضم مساهمين من مختلف الاتجاهات السياسية والمدارس الفكرية لإدارة حوار حول هذه التحديات، بعيدا عن نقاشات الصراع السياسي المباشر والتقليدي، ورفضا لممارسات التخوين والاتهامات المتبادلة التي لا تستند على أي أسس أو وقائع. وحتى لا يتحول المنتدى إلى ترف فكري أو حوار طرشان، يرى الأستاذ حيدر أن يستصحب الحوار حلولا وأطروحات ملموسة بغرض الوصول إلى تعريف جديد للحرب وفي الوقت نفسه تحديد أولويات السودان وحماية سيادته ووحدته. كما يرى الأستاذ حيدر إمكانية الاستفادة من المنتدى المقترح في وضع خطوط عريضة لإعلان مبادئ لوقف الحرب، وأن يكون المنتدى طريقا ثالثا بعيدا عن الثنائية والاستقطاب الحالي، وكذلك أن يكون حلا سودانيا خالصا دون تأثيرات خارجية. وكل ذلك، يمكن أن يمهد لرؤية واقع البلاد لما بعد الحرب لجهة أن تعريف الأولويات ستقودنا في المستقبل للخروج من الفشل المزمن الذي لازم دولة ما بعد الاستعمار السودانية. ويختم الأستاذ حيدر رسالته قائلا: «قد تبدو هذا الأفكار ضربا من الخيال في ظل هذا الجنون والعبث ولكن اعتقد أنها ممكنة التجسيد».
أعتقد أن رسالة الأستاذ حيدر عبد الرحمن تستحق الاهتمام وتنفيذ ما بها من مقترحات، وهو ما سنسعى له.
لكن، لا يمكننا اختتام هذا المقال دون الإشارة إلى الجريمة الوحشية تجاه المدنيين في شرق الجزيرة بوسط السودان. وهي جريمة تستدعي التحرك العاجل بعيداً عن أي أجندات سياسية، لتشكيل أوسع جبهة مدنية من الجهات المحلية والإقليمية والعالمية المعنية بكرامة وحقوق الإنسان، لإنقاذ مواطني ولاية الجزيرة، وفك الحصار المضروب عليهم بكل الوسائل، بما في ذلك الضغط بكل الطرق على قوات الدعم السريع لوقف ما تمارسه من جرائم وانتهاكات، وتشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في هذه الجرائم وتوثيقها، وتحديد المتورطين المباشرين وغير المباشرين في هذه الجرائم وإدراجهم في قوائم المطالبين للمحاسبة والعدالة الدولية.
ان تأتي متاخرا خير من ان لا تاتي دكتور الشفيع لقد ظلت مجموعة تقدم تتحدث عن الحرب على انها صراع على السلطة بين يمين ويسار وان الحرب اشعلها فلول النظام السابق ( من اشعل الحرب اعد لها اكثر من 100 الف مقاتل مدججين بافك انواع الاسلحة وهي جهة لا شك انها خارجية رغم ان الادوات سودانية او تم سودنها للعلب هذا الدور ….) نعم هي حرب وجود للدولة السودانية بل للانسان السوداني نفسه
من هناء فلتكن البداية الحرب القائمة في السودان الان هي حرب وجود للسودان من عدمه ………. انتهي ……..فيحدد كل مهتم موقفه وموقعه ودوره
فيحدد كل مهتم موقفه وموقعه ودوره.
اي زول همه يكون وقف الحرب انتهى. لا تقول لي لكن و ما لكن، و البلا بيكفكفوه بالبليلة
يعنى انت يا شيوعى ما شايف الجيش بقتل في المدنيين في نيالا وغيرها من مدن السودان ولآ العنصرية لديكم تقتضي ذلك،
يا كردفاني برغم انتقادك الا انو المقال متوازن إلى حد ما، التأثير الجهوي ما سلم منه ولا حد من تأثير مرارات الحرب. فوتا ليه يا كردفاني
ملخص مقالك: الدعم السريع وحده ارتكب كل الجرائم، جريمة الجيش الوحيدة هي فشله في الدفاع عن المدنيين وانسحابه أمام تقدم الدعم السريع، الحرب لم يشعلها الفلول والكيزان للعودة للحكم، بل أشعلتها قوى خارجية لسلب السودان سيادته وثرواته.
هذا مقال يحقق للكيزان أكثر مما طمح كل إعلامهم في تحقيقه منذ بدء الحرب
للاسف من ضمن ما ورثناه من تركة استقلال السودان …… السادة المتظرين والمنظراتية …. والاحزاب العابرة مثل الشيوعي والبعثيين والناصريين والاخوان المسلمين والاتحاديين والقوميين الخ …. كلها مستوردة …. من خارج البلد منيتة الاصل ….نبذها اهلها القريبون قبل الابعدون ….. بل ان من الاحزاب مثل الامة وزعامته الحالية والميرغنية وما يسمون انفسهم بالاشراف ……. ( اليس كل الناس اشراف ؟؟؟؟ والشرف هو الصفات وليس النسب ……. ) كل هذه الطبقات السياسية نبتت من تحت جناح الافندية الذين خدموا الانجايز ومن ثم استفادوا من خيرات المستعمر وما بعد الاستقلال ….دخلت البلد في حالة الاستغلال باسم الوظيفة الحكومية او باسم الدين ….. او باسم العشيرة او بواسطة القوة المسلحة واصبح المص لدم المواطن البسيط دون اي رحمة شيء مشاع بين الافندية فافقرت الزراعة وتعطلت المصانع وهجرت مناطق الانتاج …. وتحول الناس الى ما يشبه المتسولين في مدن ملايين البشر …….. وهذا كله بسبب الافندية ……. مصيبتنا في مثقفينا الذين يقضون حياتهم في شرح النظريات الهلامية ولا يستطيع احد منهم ان يخرج الى الارياف ويعيش بين اهلها ليعرف ما يعانون منه …….. لذلك نحن من مصيبة وكارثة الى اخرى ومن حرب الى اخرى …. المشكلة داخل البلد ….يا سادة ابحثوا عن الخلل في المجتمع السوداني قبل البحث في العوامل الخارجية ونظريات المؤامرة ………. وختاما ارى الكاتب جهويا ذي نظرة احادية عندما لا ينظر الى معاناة ابناء الوطن ككل كجراح في جسد واحد فختم مقاله ….. بادانة الدعم السريع في الجزيرة ….. وهو يعلم ان ما يسميه الفلول بحواضن الدعم السريع تتعرض يوميا لنفس الانتهاكات الصاروخية من طيران الفلول …… نموذج لمثقف يخاف ان يصنف مع هذه الجهة او تلك ومن ثم سيخسر ….. القطيع المطيع في المستقبل القريب ….ما لكم كيف تحكمون !!!!!!!
مجرد مقال لهواة اللعب على الألفاظ باعتبار الرطانة سوبر ثقافة العجب في المقصود بإعادة تعريف الحرب السودان دولة في نظام إقليمي تتفاعل معه ويتفاعل معها في السلم وفي الحرب وهذا النظام وليد توازن القوى بين الدول العظمى والقصد أن كل حرب لها أبعادها الخارجية إما أنها حرب داخلية دليلها أن من يتقاتل هم سودانيون أما لماذا فهذا تفصيل وبالتالي إعادة تعريف الحرب فهي لا شك فكرة سخيفة لا معنى لها ولا تستحق أية التفاتة من العقلاء بل هي شأن يخص أدعياء السوبر في الثقافة