إصدار عملة جديدة في السودان.. بين مواجهة التزوير وتعقيدات الأوضاع الأمنية
تقرير: رشا حسن
أصدر بنك السودان المركزي منشورًا يؤكد فيه إصدار عملة جديدة، مشيرًا إلى أن هذا القرار جاء بعد انتشار كميات كبيرة من العملات مجهولة المصدر وغير المطابقة للمواصفات الفنية من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه، مما أدى إلى زيادة السيولة النقدية بشكل كبير.
وأوضح بنك السودان في منشوره الذي اطلع عليه “الراكوبة” أن المصارف التجارية وفروعها ستواصل استلام العملات من فئتي الألف والخمسمائة جنيه من المواطنين وإيداعها في حساباتهم لتمكينهم من استخدامها عبر وسائل الدفع المختلفة. وأضاف البنك أنه سيعلن لاحقًا عن موعد وقف التعامل بالطبعات الحالية من الفئتين واعتبارها غير مبرئة للذمة.
يأتي هذا القرار في ظل اشتباكات متواصلة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، مما يثير الكثير من التساؤلات حول أبعاد القرار ومصير العملة المتداولة في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وكذلك مدى تأثير إصدار الفئة الجديدة على الاقتصاد.
في هذا الصدد، يرى الخبير المصرفي د. فتح الرحمن محمد العمرني أن إصدار الفئة الجديدة جاء متأخرًا جدًا، وقد لا يكون ذو جدوى ملموسة في الوقت الحالي أو القريب. وأضاف أن القرار لم يحدد فترة زمنية قصيرة لإلغاء العملة القديمة، بل منح المتحكمين فيها خارج الجهاز المصرفي فترة كافية لإعادة تقنين أموالهم، ما يسمح لهم بفتح حسابات وإيداع الأموال في المصارف وسحبها بالطبعة الجديدة، ومن ثم تخزينها مرة أخرى للتحكم بسوق العملة مجددًا، في ظل وضع اقتصادي وصفه بـ”المنهار”.
وأشار العمرني، في حديثه لـ”الراكوبة”، إلى أن قادة الدعم السريع قد حولوا معظم أموالهم إلى عقارات في مصر ودول أخرى، بالإضافة إلى تحويلها إلى دولارات. وأوضح أن المعاملات في مناطق سيطرة الدعم السريع لم تتأثر كثيرًا؛ إذ يعتمد الوسيط على المواطن في احتياجاته من السلع الضرورية. لكنه حذّر من احتمال زيادة الاعتداءات وجرائم الخطف والابتزاز المالي مقابل فدية بالطبعات الجديدة.
وأشار إلى أن الحل لحماية العملة الوطنية يكمن في عدم طرح كميات كبيرة من الفئات الجديدة، والتوسع في استخدام التطبيقات الإلكترونية في الأنشطة السوقية والمعاملات المصرفية، بالإضافة إلى إصدار البطاقات الذكية وانتشار استخدامها. وأكد أن ذلك من شأنه أن يساعد الدولة على مراقبة حركة النقد داخل النظام المصرفي بالشكل الصحيح.
إصلاح نقدي
أما الخبير الاقتصادي هيثم فتحي، فيرى أن السياسات المالية والنقدية تتطلب ظروفًا سياسية ملائمة تجعل الأثر الإيجابي لتلك السياسات غالبًا، كما تستلزم توافقًا بين وزارة المالية والبنك المركزي لتفادي التضارب الذي يفقد السياسات أثرها الفعّال، بل وقد يقود إلى خيارات ذات مردود قاسٍ على الاقتصاد والمواطن. وشدد على ضرورة وضع آليات مصاحبة لتخفيض عرض النقود في الاقتصاد ومكافحة التزوير، مؤكدًا أن الطريقة المثلى لتحقيق ذلك هي تفعيل الدفع والسداد الإلكتروني فيما يتعلق بشراء السلع والخدمات، بالإضافة إلى وضع ضوابط لاستخدام النقد الأجنبي.
ويعتقد فتحي في حديثه لـ”الراكوبة” أن أزمة عرض النقود ستستمر في حال استبدال عملة بعملة أخرى ما لم يتم تخفيض عرض النقود إلى المستويات الطبيعية. وتساءل عن كيفية تغيير العملة في المناطق غير المستقرة أمنيًا، مشيرًا إلى شبح العملات المزيفة التي تلتهم المبالغ الشحيحة التي تصل السودانيين من أقاربهم ومعارفهم عبر التطبيقات المصرفية، حيث يشهد انتشارًا كثيفًا للعملات المزيفة في تلك المناطق، لا سيما في الأوراق النقدية ذات الفئات الكبيرة.
وأضاف أن تغيير العملة في الوقت الراهن يعدّ مطلبًا حتميًا لا يمكن تجنبه لاستعادة التوازن الاقتصادي، رغم تأخره كثيرًا. ومع ذلك، فإن التحديات الأمنية الحالية تجعل من تنفيذ هذا القرار مهمة صعبة تتطلب حلولًا لضمان تحقيق الأهداف المرجوة من القرار. ولفت إلى ضرورة زيادة كمية الأوراق النقدية المحلية المتداولة لتعويض الخسارة التي لحقت بالقوة الشرائية للمستهلكين، خوفًا من حدوث ركود اقتصادي.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن انخفاض العرض النقدي في المناطق غير المستقرة أمنيًا ساهم في انخفاض المبيعات التجارية منذ 15 أبريل 2023، وطالب البنك المركزي بسد ذرائع الفساد في عملية التخلص من العملة القديمة أو منع دخول عملات مزيفة ومحاولة استبدالها بالعملة الجديدة. وشدد على أهمية تعزيز الشمول المالي بالانتقال إلى تتبع حركة الجنيه السوداني إلكترونيًا لسحب الكتلة النقدية وإيداعها داخل النظام المصرفي.
وأشار فتحي إلى أن التوقيت المناسب لتغيير الجنيه يستلزم وجود سلة من العملات العالمية كغطاء للجنيه الجديد، لتفادي تأثر قيمة الجنيه بمعدلات التضخم أو تقلبات العملة.
قرار سليم
بينما ترى رئيسة القسم الاقتصادي بصحيفة “التيار”، سعدية الصديق، أن قرار شروع البنك المركزي في تغيير العملة قرار سليم، وأنه تأخر في هذه الخطوة التي تُعد ضرورية في ظل الصراع الدائر في السودان. وأضافت أن القرار مهم لكبح جماح التزوير وانتشار العملات المزيفة.
وأشارت سعدية في حديثها لـ”الراكوبة” إلى أن البنك سيواجه تحديات في التنفيذ، خاصة في المناطق غير الآمنة، التي تحتاج إلى قرارات إضافية من البنك بجانب الإسراع في إصدار فئة الألف جنيه حتى لا يتأثر الجنيه مقابل العملات الأجنبية.
وعن تأثير القرار على الاقتصاد السوداني، ترى رئيسة القسم الاقتصادي بصحيفة “التيار” أن الاقتصاد يعاني من تدهور مستمر بسبب الحرب، وأن الناس تتنقل بين المدن والقرى بحثًا عن الأمان، مما يزيد من التأثير السلبي. وأضافت أن ضبط العملة بإصدار عملة جديدة هو خطوة مهمة للغاية، تحافظ على مكانة العملة وتضمن التحكم بها من خلال بنك السودان المركزي.
هذه خطوة موفقه لكنها جاءت متأخرة
من زمااااان كانت الناس بتنبح وتقول غيرو العمله غيرو العمله
وذلك عند دخول الجنجويد ولاية الجزيره والخرطوم ونهبهم للبنوك هناك
لو تم إصدار القرار في ذلك الوقت لما استفادو منها وتهريبها الي خارج السودان
ولكن أن تأتي متأخرا خير من أن لأ تأتي
الانظمه عند انهيارها ، تغير الكثير من سياساتها الصحيحه احيانا لكن في الوقت الغير مناسب ، لان قد ولي عليها الدهر ،هذه العمله غير مقبوله ومعترف بيها من المؤسسات النقديه الافريقيه والعالميه فقط .لان تغير العمله تتطلب سلطه شرعيه كشرط اساسي لتكون معترف بها …اقروا ما تكتبوا كلام ساي ..هناك بنود موجوده في هذه المؤسسات .
الفكرة نادى بها الثوار والشعب بعد سقوط نظام البشير، لتحجيم وكشف فسدة نظام البشير واتطرارهم للكشف عن حجم منهوباتهم…!!!
لكننا نؤكد ان الرفض والتاخير والتماطل لم يكن لسوء الفكرة بل كان لحماية الفسدة والدولة العمية والمؤسسات الموازية…!!