عربي | BBC News

هل تستطيع تركيا التوصل إلى اتفاق مع الأكراد للقضاء على حزب العمال الكردستاني؟

هل تستطيع تركيا التوصل إلى اتفاق مع الأكراد للقضاء على حزب العمال الكردستاني؟

سيدة كردية تحمل صورة زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في تركيا عبد الله أوجلان

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، تركيا سجنت زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان منذ أكثر من ربع قرن، ولا تزال القضية الكردية تشكل تهديدا لاستقرار تركيا
  • Author, سيلين جيريت وميرف كارا كاسكا
  • Role, بي بي سي – تركيا

جاءت دعوة دولت بهجلي، زعيم أكبر حزب قومي في تركيا لتسوية محتملة مع زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله أوجلان، بمثابة صدمة لأي شخص يتابع السياسة التركية.

وفاجأ بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية والحليف الرئيسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في الحكومة الحالية، الجميع بالإعلان عن إمكانية السماح لأوجلان، المسجون في تركيا، بإلقاء خطاب في البرلمان التركي بشرط حل التنظيم المسلح (حزب العمال الكردستاني).

وقال بهجلي: “إذا رُفعت العزلة عن الزعيم الإرهابي، فليأت ويتحدث. فليهتف معلنا انتهاء الإرهاب تماما وأن التنظيم قد انتهى”.

في المقابل، اقترح بهجلي احتمالية إطلاق سراح أوجلان.

كان دولت بهجلي، يعارض باستمرار تقديم أية تنازلات للأقلية الكردية في تركيا، حتى أنه في أحد التجمعات الجماهيرية ألقى حبلا من يديه مطالبا بإعادة فرض عقوبة الإعدام حتى يمكن إعدام زعيم حزب العمال الكردستاني.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة

قصص مقترحة

قصص مقترحة نهاية

وقد أثارت خطوته الأخيرة غير المتوقعة تجاه أوجلان، تكهنات بوجود جهود خلف الأبواب المغلقة للتوصل إلى اتفاق لإنهاء حزب العمال الكردستاني.

ما هو حزب العمال الكردستاني ومن هو أوجلان؟

حزب العمال الكردستاني هو تنظيم مسلح تأسس عام 1978، وبعد ست سنوات من التأسيس أطلق الحزب تمردا انفصاليا في جنوب شرقي تركيا.

الرجل الثاني في حزب العمال الكردستاني مراد كرايلان (قبل الأخير في الصف) يتجول محاطًا بحراسة في قاعدة لحزب العمال الكردستاني في جبال قنديل، شمال العراق

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، حزب العمال الكردستاني، يُصنف جماعة إرهابية في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي

تمثلت أنشطة الحزب المسلحة هجمات انتحارية وعمليات حرب عصابات ضد أهداف عسكرية ومنشآت حكومية في الداخل وبعثات دبلوماسية تركية في الخارج. وقُتل أكثر من 40 ألف شخص من الجانبين في هذا الصراع.

وصنفت تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستاني جماعة إرهابية.

وكان عبد الله أوجلان، الذي يبلغ من العمر الآن 75 عاما، شخصية مهيمنة في السياسة الكردية، وكان “مكروها” من معظم الأتراك وتعتبره الحكومة التركية عدوا للدولة، ولكنه كان يحظى باحترام غالبية القومية الكردية.

زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، مسجون في قفص زجاجي مضاد للرصاص في اليوم الأول من محاكمته بتهمة الخيانة في محكمة أمن الدولة في جزيرة إمرالي، وبجانبه أحد أفراد الدرك التركي حارسًا.

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، حُكم على أوجلان بالإعدام بتهمة الخيانة في عام 1999، ولكن نتيجة لإلغاء عقوبة الإعدام في عام 2002 تم تغيير العقوبة إلى السجن مدى الحياة.

وكانت قوة خاصة تركية ألقت القبض على أوجلان في كينيا، عام 1999، وأعادته إلى تركيا ليصدر ضده حكما بالإعدام أولا وبعد إلغاء عقوبة الإعدام في تركيا، كانت العقوبة بالسجن مدى الحياة في سجن بجزيرة إمرالي، جنوب إسطنبول.

الأكراد هم أكبر أقلية عرقية في تركيا، يشكلون حوالي خمس إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم 85 مليون نسمة.

كما توجد أقليات كردية في الدول المجاورة لتركيا، العراق وإيران وسوريا.

“نافذة من الفرص”

بعد يوم واحد من اقتراح بهجلي غير المسبوق، سمحت السلطات التركية بإنهاء العزلة التامة المفروضة على أوجلان في سجنه منذ 43 شهرا، دون السماح له بمقابلة محاميه أو عائلته، واستقبل أول زيارة له.

وكرد فعل على هذه الزيارة، قال أوجلان إنه يستطيع “تحويل العملية من العنف إلى السياسة”.

الرئيس رجب طيب أردوغان يتحدث إلى زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي

صدر الصورة، Turkish Presidency / Murat Kula

التعليق على الصورة، أبدى الرئيس أردوغان (يسار الصورة) دعمه الكامل للمقترح “الشجاع” لحليفه القومي بهجلي (يمين الصورة)، قائلا إنه فتح “نافذة فرصة” وأشاد به باعتباره زعيمًا صاحب رؤية

ولكن في اليوم نفسه هاجم مسلحان من حزب العمال الكردستاني شركة تصنيع طائرات مملوكة للدولة بالقرب من العاصمة التركية أنقرة، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة 22 آخرين.

وادعى حزب العمال الكردستاني أن هذا الهجوم “ليس له علاقة” بالمبادرة الأخيرة، وأنه كان مخططا له منذ فترة طويلة.

ومع ذلك، ردت تركيا بشن غارات جوية خارج حدودها ضد معاقل حزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق المجاورتين.

وكان من الممكن أن تؤدي هذه الغارات إلى وأد عملية السلام المحتملة في مهدها، لكن لم يكن لها أي تأثير عليها.

أقارب وأصدقاء جنكيز جوشكون، أحد ضحايا هجوم حزب العمال الكردستاني في أنقرة، يبكونه

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، أدى هجوم حزب العمال الكردستاني على مصنع الطائرات في أنقرة إلى مقتل خمسة أشخاص، بعد يوم واحد فقط من دعوة الحكومة لعبد الله أوجلان

من جهته أبدى الرئيس أردوغان دعمه الكامل للمقترح “الشجاع” لحليفه القومي، قائلا إنه فتح “نافذة من الفرص” وأشاد به باعتباره زعيما صاحب رؤية.

ومع ذلك، اتخذت المحادثات بشأن تسوية محتملة دائمة منعطفا مختلفا بعد بضعة أيام، عندما طردت السلطات التركية رؤساء بلديات ثلاث مدن ذات أغلبية كردية، جنوب شرقي البلاد.

واتهمت الحكومة التركية رؤساء البلديات الثلاثة المنتخبين في ماردين وهاياتي وباطمان، وهم من حزب الديمقراطية المؤيد للأكراد بأنهم على علاقة بحزب العمال الكردستاني، وتم طردهم من مناصبهم واستبدالهم بمسؤولين معينين من جانب الحكومة، مما أثار احتجاجات كبيرة في المجتمع الكردي.

لافتة تظهر أمام مجموعة من المتظاهرين في ديار بكر خلال مظاهرة ضد إقالة ثلاثة رؤساء بلديات مؤيدين للأكراد

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، احتج الأكراد على إقالة رؤساء البلديات المنتخبين المؤيدين للأكراد في مدن جنوب شرق البلاد رافعين لافتات كتب عليها: “لا يمكن انتهاك إرادة الشعب”

أدان الحزب الديمقراطي، ثالث أكبر حزب في البرلمان التركي، طرد رؤساء البلديات، وقال في بيان: “بينما كنا نتوقع أن تمتد يد المساعدة من أجل التوصل إلى حل وإحلال السلام، انتُهكت إرادة الشعب”.

وكانت عشرات من رؤساء البلديات المؤيدين للأكراد قد أقيلوا من مناصبهم في الماضي بتهم مماثلة.

الديناميكيات الإقليمية

أسباب تقديم أنقرة هذا العرض غير المتوقع إلى أوجلان، كان السؤال الرئيسي الذي سيطر على الساحة التركية خلال الأسابيع الماضية.

ويُعتقد أن أحد الأسباب الرئيسية هو ديناميكيات القوة المتغيرة في الشرق الأوسط، ومعاناة إيران ووكلائها على أيدي إسرائيل مؤخرا.

قال الأكاديمي التركي مسعود ييجن، لبي بي سي نيوز التركية: “أنشأت تركيا وإيران وضعا راهنا فيما يتعلق بالأقليات الكردية في العراق وسوريا، من خلال موازنة التنافس بينهما (في سوريا والعراق)”.

رجل إيراني يسير أمام صور كبيرة لعلم إيران

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، ربما كانت معاناة إيران ووكلائها على أيدي إسرائيل سببا في اتصال أنقرة المفاجئ بزعيم حزب العمال الكردستاني

وأضاف ييجن أن هذا التوازن (بين تركيا وإيران في سوريا والعراق) يواجه الآن “خطر الاضطراب”، ويعتقد أن تركيا تحاول التكيف مع هذا الوضع من خلال “الشروع في عملية حل”.

كما زعَم ييجن أن تراجع نفوذ إيران في سوريا والعراق قد يؤدي إلى تمكين حزب العمال الكردستاني والجماعات التابعة له في المنطقة، وأن تركيا ربما كانت ترغب في اتخاذ إجراءات وقائية.

وأوضح الباحث التركي أن حزب العمال الكردستاني قد يكون على استعداد أيضا “للتوصل إلى اتفاق” مع أنقرة لأنه “لا يريد مواجهة تركيا في ظل فراغ محتمل في السلطة”، في الشرق الأوسط.

أردوغان يلوح لأنصاره بعد الفوز بانتخابات الرئاسة في 2023

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، أعيد انتخاب الرئيس أردوغان، العام الماضي لولاية ثالثة، ووفقا للدستور، فهو لا يستطيع الترشح في الانتخابات الرئاسية عام 2028

لكن هناك اعتقاد بأن الأوضاع السياسية الداخلية في تركيا لعبت دروا رئيسيا في مقترح أنقرة الأخير لتسوية القضية الكردية.

ويعتقد البعض أن السعي لإبقاء الرئيس أردوغان في السلطة لفترة رئاسية أخرى، هو المحرك الرئيسي لهذه الخطوة من جانب الحكومة التركية أملا في الحصول على دعم الأكراد.

حكم أردوغان تركيا لأكثر من عقدين من الزمان، أولا كرئيس للوزراء، ثم كرئيس للجمهورية (بعد تعديل الدستور وزيادة صلاحيات الرئيس).

أُعيد انتخاب أردوغان لولاية رئاسية ثالثة العام الماضي، ووفقا للدستور ما لم يدعو البرلمان إلى انتخابات مبكرة، فهو غير مؤهل للترشح في السباق الرئاسي عام 2028.

وحتى يتمكن الائتلاف الحاكم من تمرير تعديلات دستورية تسمح بترشح أردوغان مرة أخرى، عليه الحصول على دعم حزب الديمقراطيين الأكراد.

يمكن طرح التغيير الدستوري للاستفتاء إذا أيده 360 نائبا في البرلمان المكون من 600 مقعد. يمتلك الائتلاف الحاكم 321 مقعدا بينما يمتلك حزب الديمقراطيين 57 مقعدا.

محادثات السلام السابقة

بدأت الدولة التركية محادثات سلام سابقة مع عبد الله أوجلان وحزب العمال الكردستاني، في 2012. واستمرت هذه العملية مع وقف إطلاق النار ثلاث سنوات، لكنها انهارت في يوليو/تموز 2015.

وأدى انهيار عملية السلام إلى فترة من الاشتباكات العنيفة بين حزب العمال والقوات الحكومية في جنوب شرق تركيا.

وشنت الحكومة حملة قمع ضد آلاف السياسين المؤيدين للأكراد واتهمتهم بجرائم تتعلق بالإرهاب وسجنتهم.

نساء كرديات تركيات يرفعن علامة النصر خلال فعالية يوم المرأة في سيلوبي في مارس 2015

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، يرى خبراء أن خريطة الطريق النهائية للسلام يجب أن تتضمن عملية ديمقراطية شاملة في تركيا

جاءت عملية السلام السابقة “بعيدا عن البرلمان ودون إرساء حد أدنى من الثقة بين الطرفين”، بسب رؤية كارابكير أكويونلو، من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن.

وقال أكويونلو، لـ بي بي سي نيوز التركية “لا يمكن معالجة القضية الكردية بشكل منفصل عن عملية التحول الديمقراطي في تركيا”.

ومع إخفاء الحكومة التركية الكثير من التفاصيل والأفكار حول عملية السلام هذه، وعدم تقديم براهين حول متطلبات خارطة الطريق للسلام مع الأكراد، فإن إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام غير واضحة.

بالإضافة إلى كل ما سبق فقد أثار هجوم حزب العمال الكردستاني الشهر الماضي تساؤلات حول مستوى سلطة عبد الله أوجلان، على التنظيم بعد 25 عاما قضاها في السجن.

ولا يبدو أن الرأي العام التركي يدعم صفقة مع حزب العمال الكردستاني، قد تؤدي في النهاية للإفراج عن أوجلان.

وأظهر استطلاع رأي أجراه مؤخرا معهد الدراسات الاجتماعية في أنقرة، أن ما يقرب من 75 بالمئة من المشاركين يعارضون إلقاء عبد الله أوجلان خطابا في البرلمان التركي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..