الوطن ينزف وحدائق السويدي تغني ترقص
هلال وظلال
عبد المنعم هلال
بينما يعيش السودان أصعب فصول تاريخه من تشرد ونزوح ويئن أهله تحت وطأة الحرب والعنف الذي دمر حياتهم وأمانهم نجد أن بعض الفنانين السودانيين يعتلون خشبات المسرح في حدائق السويدي بالرياض ضمن فعاليات موسم الرياض ليعبروا عن الفرح والطرب ويغنوا أغاني الوطن إلا أن هذه الحفلات والفعاليات رغم رمزيتها الثقافية وبهجتها تأتي في وقت يواجه فيه الوطن حالة من الحزن العميق إذ أصبح الدم السوداني يُهدر كل يوم والمواطنون مشردين بين بلدان الجوار وفي الولايات وداخل المخيمات يعانون من الفقر والجوع والمرض والحرمان.
هناك بلا شك من يرى في هذه الحفلات فرصة لتعريف العالم بالفن السوداني ومنصة تواصل للمغتربين السودانيين لتعزيز هويتهم الثقافية في الخارج فالتجمعات في مثل هذه الفعاليات تشكّل متنفساً لأبناء السودان في دول الاغتراب تتيح لهم استعادة بعض الذكريات والأجواء السودانية وسط طابع غريب كما أن الفنانين يهدفون غالباً إلى تقديم التراث السوداني وتكريس صورة السودان الفنية والحضارية كجزء من مساهمة السودان في الفعاليات الدولية لكن يبقى السؤال هل هذا هو الوقت الأنسب ..؟ .
إن من أصعب ما يعيشه أبناء الجالية السودانية في الخارج هو هذا التناقض بين الحفلات الموسيقية الصاخبة في بلدان الاغتراب وصور الدمار والدماء والموت والفقد التي تأتينا من السودان فبينما يرفرف العلم السوداني وينطلق نشيد السلام الجمهوري في هذه الحفلات ويعزف الفنانون أغاني الحب والوطن تتعرض بيوت السودانيين للتدمير ويفر الآلاف بحثاً عن الأمان وأصبح كثير من السودانيين يعيشون في ظروف مأساوية يفتقدون أبسط مقومات الحياة وقد تحولت أحلامهم إلى كوابيس وسط صراعات لا تبدو لها نهاية.
يتساءل الكثيرون من السودانيين عن جدوى إقامة هذه الفعاليات بينما يغرق الوطن في الأحزان وتحولت البيوت إلى مقابر فالأوضاع الحالية تجعل من الصعب الشعور بالسعادة أو الرغبة في الاحتفال وقد يرى البعض أن الواجب على الفنانين السودانيين اليوم هو توجيه رسائل دعم وإيصال صوت السودان إلى العالم ليعرف ما يعانيه هذا الشعب من أزمات إنسانية فبدلاً من الأغاني الراقصة ربما كان الأجدر أن يتحول الفن إلى أداة تعبير عن الوجع والألم ليكون صوتاً يعكس مأساة الشعب السوداني ويسلط الضوء على معاناته.
إن للفن رسالة عميقة تتجاوز مجرد الإمتاع والترفيه فالفن يمكن أن يكون وسيلة فعالة لإيصال الرسائل الإنسانية العاجلة ونداءً لكل محبي السودان للاهتمام بواقعه المؤلم لكن يبدو أن بعض الفنانين قد انشغلوا بإرضاء أذواق الجمهور دون النظر إلى ما يحدث في أرض الوطن فعلى الرغم من أن هؤلاء الفنانين كغيرهم من المواطنين يطرقون أبواب سبل كسب العيش من خلال ما يقدمون من فن إلا أن وجودهم في حفلات ترفيهية في ظل ما يعانيه الشعب السوداني ودون إبداء أي التفاتة أو تفاعل مع أوضاع الوطن يجعلهم في موضع انتقاد.
لقد اعتاد السودانيون في الخارج على إقامة الحفلات بشكل دوري خاصة مع وجود أعداد كبيرة من المغتربين والمقيمين في دول الخليج لكن في ظل الظروف الراهنة يطرح هذا الأمر تحديات كبيرة حول الأولويات والمسؤوليات فالفنان الذي يتغنى بالوطن ويغني عن معاناة الشعب وحب الأرض عليه أيضاً أن يكون واعياً بما يمر به هذا الشعب وأن يجعل من فنه منصة تبرز هذه المعاناة.
لا يخفى على أحد أن لهذه الحفلات جانباً إيجابياً فهي تعكس صورة السودان الثقافية والحضارية كما تقوي روابط الجالية السودانية وتتيح لأبناء المغتربين فرصة الاقتراب من هويتهم الوطنية لكن يبقى السؤال الأخلاقي مطروحاً إلى أي حد يمكن لنا الاستمرار في الاحتفال بينما وطننا يئن ويحتاج إلى كل جهد واهتمام .
في ظل الانقسام السياسي والاجتماعي والشرخ الكبير الذي أحدثته الحرب قد يكون الفن أداة توحيد للشتات السوداني وفرصة لمد الجسور بين السودانيين أينما كانوا إلا أن هذا الفن يجب أن يرتبط بروح الوطن وجراحه لا أن يكتفي بالترفيه بعيداً عن الواقع الأليم وربما يحتاج الفن السوداني اليوم إلى أن يتحول إلى صوت الصمود والأمل فن يعبر عن آمال الناس في سلام قريب وعن حنينهم للوطن الآمن المستقر.
على الفنانيين السودانيين أن يعيدوا النظر في رسالتهم ليكونوا جزءاً من الحل وأن يساهموا في التخفيف عن آلام الشعب السوداني.
بينما تواصل حدائق السويدي رقصها يبقى الجرح في السودان مفتوحاً والقلوب تتألم بانتظار أن يعود هذا الفن ليكون ضوءاً للنهضة وصوتاً ينادي بأمل العودة والاستقرار للوطن الجريح.
ما هو انت اغلب مقالتك كوره وفارغه ومقدوده والحرب مولعه
ردك في الصميم يا أستاذ محمد وأزيد هل الحزن والكآبة والبكاء وشق الثياب برجع الميت او بشفي مريض او بطعم جائع او بنصر جيش … يا أخي اتركوا المغتربين في حالهم وهم ما بقصروا مع أهلهم ابداً وعلى هذا الصحفي ان يعمل إحصاء لتحويلات المغتربين لاهلهم (تطبيق بنكك شهاد تاريخي على ذلك ) سوف يجد العجب دون منِ ولا أذى بل في صمت ويجد أن السوداني لا ولن يقصر في دعم أهله المحتاجين ولو بالدين!!!!!
أما نقل صورة سيئة عن السودانيين في الغربة فلا يجوز ولا يصح ولا يجدر بك أن تحكم على الكل من خلال فئة تحب الطرب والترفيه مهما كانت الظروف وهذا حقهم الطبيعي فلماذا تنكر عليهم الفرح وانت تمارس الكتابة عن الرياضة وتطرب لفوز فريقٍ ما وتنشر أخبار اللاعبين التي لا تسمن ولا تغني من جوع وتنتقد المغترب لمجرد حضوره حفل؟؟؟؟؟
اكتبوا عن ما يجعنا ويوحدنا وليس ما يفرقنا ويزرع الاحقاد فينا.. ..