مقالات وآراء

في تقدير المعلمين وحب الاشجار

ياسر زمراوي 

لم يكن غريبا اهتمام حجازي بالاشجار ذلك الاهتمام كان متسقا مع روحه وطريقة تفكيره في الحياة , الذي بدا غريبا للبعض هو قدرته علي الاحتفاظ بذلك الحب رغم السنين العديدة التي قضاها في معتقلات النظام , يسامر الناس كان حجازي في مقر عمله ذلك , الذي كان فيه وكيلا لبعض اصحاب المنازل والشقق ولايجار الاراضي والمنازل والشقق , اي ما اسمي عند الناس سمسارا , كنا نحادثه بان هذه المهنة قد شابتها الكثير من الشوائب , واصبحث غير حميدة عند الناس , لم يدافع عن نفسه فقط قال ان الغلاء وارتفاع الاسعار اصبحا لغة العالم , والبعض يتوقع من السمسار ان يكون منقصا له في ملك لا يملكه السمسار , انما هو وكيل فقط , تحدث مرات عن ان هنالك ايضا من السماسرة من يستغلون احتياجات الناس ,  وبحث البعض الدوؤب والمستمر عن مقر للسكن .
نعود لحب حجازي للاشجار , يقول ان اصوله تعود لمصر ولصعيد مصر وان حب الاشجار انغرس في اجداده قبل قدومهم للسودان , حجازي يعرف الاشجار جيدا  , يعرف اسمائها وطرق سقايتها , ربما كان اقل جهدا من استاذ محمود في تعليم التربية البستانية لنا ايام كنا طلبة لديهم في الابتدائية سنينا  قليلة قبل انقلاب الانقاذ  , ومجئيهم للسلطة , استاذ محمود لم يتعرض للاعتقال كثيرا , ربما هي ايام بسيطة او ساعات في مكتب الامن  رغم عمله علي تثقيفنا ايضا بالشعر والكتابة والاغنيات الوطنية , حجازي غيرا من ذلك كان ينبش في الشان السياسي ,  ويعلمنا له , كنا صغارا اي نعم لكن كنا نحفظ اناشيد الكورال , وكنا نغني ل وردي اي كان صوت اي منا ,  فصاحب الصوت الاجش وصاحب الصوت السمح منا سواء , ومن بين تعليمنا صغارا علي الحرية والديمقراطية ومتطلباتهم والفن و الفكر و الابداع  , كانت اللفتة البارعة الزائدة في الامر , هو تعليمنا الاهتمام بالشجر و النباتات, كنا نفقد استاذ حجازي احيانا كثيرة و نسمع انه كان  معتقلا , حتي  عندما استولي النظام علي السلطة علمنا انه فصل من العمل ,
في اول اعتقال له في زمن الانقاذ ,  لاحظ حجازي خلو المعتقل من الاشجار , حكي لنا ذلك الامر و هو الامر المحير بعدها انهم خاطبوا ادارة السجن  , طلبا بان يقوم المسجونيين السياسيين بزراعة اشجار في باحة السجن , الاشجار عند المسجونيين السياسيين كانت احساس بالحياة ,  معني متدفق بالصيرورة ,  و ما ستصير اليه الامور , نداء بالامل يجري في العروق , احتارت ادارة السجن حينها اولا ثم تمت الموافقة فكان ان قاموا بزراعة باحة السجن بالاشجار , التي كما قال لي استاذ حجازي طلبوها  بانواع معينة باسمائها ,  قارنت ذلك الفعل الايجابي مع المعاملة السئية التي ذكرها لي استاذ حجازي  لهم في السجن و كيف انهم كانوا يعطون ملابس هي  فقط  قطعتين عراقي و قطعتين سروال  , و كيف انهم في ذلك الليل البهيم يقومون بغسيل القطعتين التي تم ارتدائها اولا ثم ياتي الدور علي القطعتين الاخرتين .
حجازي امام محله كانتا هنالك شجرتين يسقيهما بعناية ولا ينسي سقايتهما , يقول ان ظل الاشجار مجال للانس و التفريق عن الهم تماما كالقهاوي عند الاخوة المصريين , مجال للتحاور تحتهما عن قضايا الناس و مشاكلهم , مجال للتعارف و استقبال الناس بدلا عن البيوت  التي اصبحت ضيقة لاكتظاظها بالاسر من نفس العائلة مع زيادات و غلو اسعار البناء و  زيادات الايجار التي كان الاستاذ احمد عبدالله حجازي يقول انها لا ترضي احد و انه كمناضل من اجل الحرية دخل بسبب نضاله السجون لن يكون من من يزيدون في الايجارات فقط للبحث عن الربح السريع علي حساب الناس .

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..