مقالات سياسية

النظرة الموضوعية لمصاعب وتحديات العمل خلال انتفاضة 1985 (8 -15)

صديق الزيلعي

الهدف الأساسي لهذه المقالات هو النظر للماضي لتشكيل الحاضر والمستقبل ، وليس الإدامة أو الركوع الصامت امامها. دروس الماضي مهمة للتعلم من دروسها ، بالتخلص من اخطائها ، وتطور ايجابياتها. هذه المقال يفتح ذهننا حول قضية تعقيد ، واقعنا السياسي، والاقتصادي والاجتماعي. وأن تخطي واقع التخلف لا يتم بالأماني الطيبة ، أو الخطب العصماء ، انما بفهم طبيعة مشاكل الواقع والعمل الجماعي لتخطيها.

والآن هذه الحرب الكارثية تفرض علينا العمل الجاد معا لتوحيد جهودنا. وان نحاور بعضنا البعض بنية صادقة ، تستهدف الوصول لحل ، وليس تسجيل النقاط في مرمى الآخر. وعينا أن نفتح عقولنا وعيوننا لخطورة خطاب الكراهية الذي يشعل الانقسام الاثنى والمناطقي الذي يهدد تحويل بلادنا لدويلات فاشلة متحاربة ، وبورة لكل أنواع المخاطر. أدعو لقراءة هذه الكلمات والنظر من خلالها لواقعنا المأساوي : جاء في دورة اللجنة المركزية ، أبريل 1985م ، حول تقييم الانتفاضة ما يلي : “المصاعب والمشاكل التي أحاطت باستكمال وحدة المعارضة قبل الانتفاضة ، تواجهنا في اشكال جديدة في قصور فعالية التجمع في التعبير عن تطلعات الجماهير. وهي مصاعب ومشاكل ناتجة عن تعدد وتباين مصالح الأحزاب والطبقات والفئات التي تخدم مصالحها.

وبالتالي تباين حماس هذا الحزب أو ذاك لهذه القضية أو تلك من قضايا الساعة. وتباين الأهداف والتصورات للمستقبل ، وللديمقراطية ، وللتطور الاقتصادي ، والاجتماعي. لم نخدع أنفسنا ، لا قبل الانتفاضة ولا بعدها ، حول حجم تلك المصاعب والمشاكل المحيطة بالعمل في الجبهات الواسعة. ولهذا لم ينقطع نشاطنا لحظة واحدة لتكوينها ثم الدفاع عن بقائها وتماسكها وفعاليتها بعد ان تكونت.

وهذا يمثل أحد الضمانات الفكرية والسياسية التي تحمي كادرنا وأعضاء حزبنا من انحرافات مثقفي البرجوازية الصغيرة ، مثل ضيق الصدر والزهج من تعقيدات عمل الجبهات الواسعة واليأس عند اول عقبة وأزمة والهروب من المصاعب بالدعوة للعمل المنفرد أو الحلقي الضيق”. تواصل نفس الطرح الموضوعي في هذا الخطاب : جاء في خطاب داخلي ، من سكرتارية الحزب ، بتاريخ 10 يونيو 1986م تحت عنوان: “فلنواصل تنظيم وتعبئة الجماهير لوقف التآمر ضد الديمقراطية والتراجع عن مطالب الانتفاضة واجهاضها” : “المخاطر التي تحيط بالانتفاضة ما زالت قائمة ونتيجة لممارسات المجلس العسكري الانتقالي ومجلس الوزراء وسياساتهما المناقضة لطموح جماهير الانتفاضة ومطالبها ، وكذلك حلقات التآمر لإجهاض الانتفاضة ، بهذا يصبح الخطر مباشرا على مستقبل الديمقراطية.

كان هذا التآمر واضحا منذ البداية في تصريحات وبيانات رئيس المجلس العسكري الانتقالي وفي تكوين اللجنة المنوط بها وضع الدستور. فخلافا للإعلان الذي صدر بتكوين اللجنة من كافة الاتجاهات السياسية ، اقتصر التكوين على الحزب الاتحادي الديمقراطي وحزب الامة والحزب الاشتراكي الإسلامي والجبهة الإسلامية القومية (التي لم توقع على الميثاق الوطني) متجاهلا تمثيل الأحزاب الأخرى ومن ضمنها الحزب الشيوعي.

ويمثل هذا خروجا واضحا على الميثاق والاتفاق السياسي الذي يحكم الفترة الانتقالية. ولهذا كان طبيعيا ان تأتي مسودة الدستور التي قدمتها اللجنة تقنينا وتمهيدا لضرب الديمقراطية وليس لها علاقة بفترة الانتقال. ان ممارسات المجلس العسكري الانتقالي ومجلس الوزراء وتعمد المراوغة والتسويف في اتخاذ القرارات حول القضايا التي أجمعت عليها الجماهير في ثورتها وعلى رأسها تصفية التركة المايوية المعيقة لاي تطور، يفتح الباب واسعا امام التآمر ، بل يدعمه ويساعد على جرأة القائمين به.

فهجوم المجلسين الواضح والمستتر على قيادة التجمع النقابي والذي يحوز ثقة الجماهير ، وقمع اعتصام المحاسبين بالقوة، واعتقال النقابيين وأعضاء التجمع في بعض المدن وغيرها من الممارسات ، يمثل مؤشرا واضحا لما يبطنه أعداء الانتفاضة من هجوم شامل على الديمقراطية. أمام هذه المخاطر فان على حزبنا تنظيم قوى الانتفاضة وتجميع صفوفها لتخوض معركة حازمة ضد كافة ممارسات السلطة وتباطؤها وتسويفها في تنفيذ مطالب الجماهير”.

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..