موريتانيا.. صفعة شرطي لمدرس تثير غضبا واسعا ولجنة وزارية تحقق
توقف أساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي في موريتانيا، الجمعة، عن التدريس لساعات احتاجاجا على صفع شرطي لزميل لهم، في واقعة وصفتها عشرات النقابات التعليمية بـ”تصرف وحشي وعدواني”.
وشهدت وقفة احتجاجية نظمتها النقابات التعليمية، الخميس، أمام القصر الرئاسي بالعاصمة نواكشوط، تدخلا أمنيا “عنيفا”، حيث أظهرت مقاطع فيديو تداولها النشطاء في الشبكات الاجتماعية صفع رجل شرطة لأحد المدرسيين المحتجين.
وقالت 37 نقابة تعليمية في بيان إن الاعتداء على المدرس “تصرف عدواني لا يعكس فقط همجية عناصر الأمن وبعدهم عن أبسط مستوى من المدنية والتعاطي مع الوقفات السلمية التي يكفلها القانون، ولكنه يعكس أيضا صورة قمعية لتعاطي السلطات الإدارية التي كانت هي من استدعى الشرطة وسلطتهم كالوحوش الضارية على المدرسين”.
وأضافت “إن الاحتكام إلى العنف هو أسلوب غابوي تجاوزه الزمن وأن لا بديل عن الاستجابة لتحقيق مطالب المدرسين المشروعة”.
“صفعة للوطن”
وتفاعلا مع الواقعة، قال حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل / إسلامي) إن ما تعرض له المدرسون في ساحة الحرية مؤشر على “عودة صادمة لعهود بائدة من التضييق على الحريات العامة”.
وعبر الحزب عن تضامنه مع المدرسيين وعن استنكاره لـ”انتهاك كرامة المدرس ضمن حادثة سبقتها حوادث ووقائع أخرى تسيئ إلى مهنة ورسالة المدرس” داعيا السلطات إلى فتح “تحقيق فوري” في الواقعة و”إيقاع أقسى العقوبات بالضالعين فيها”.
بدوره، وصف حزب الوحدة والتنمية (موالي للحكومة) ما تعرض له المعلم على يد أحد أفراد الشرطة، بـ”الواقعة المؤسفة والمرفوضة بكل المقاييس”، وقال إن هذا الفعل “لا يمثل فقط إهانة للمعلم كفرد، بل هو بمثابة صفعة للوطن بأسره”.
ودعا الحزب السلطات إلى التحقيق في الواقعة، متمنيا أن يكون “هذا الحادث المؤسف بداية لتصحيح العلاقة بين الأجهزة الأمنية والمواطنين وتفعيل آليات محاسبة صارمة لكل من تسول له نفسه الإضرار بمصلحة الوطن”.
وذكر موقع “الأخبار” المحلي أن الواقعة خلفت غضبا في معظم ولايات البلاد، مشيرا إلى تنظيم المدرسين لـ”العشرات” من الوقفات الاحتجاجية، الجمعة، بالموازاة مع توقفهم عن التدريس.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو محاكاة بعض المحتجين للواقعة، من خلال وضع أيديهم على خدودهم.
افتراضيا، ضجت مواقع التواصل الاجتماعية بالغضب استنكارا للحادث، ودعا بعضهم وزارة التربية إلى إصدار قانون يحمي المدرسيين من العنف.
وقال مدون “نطالب وزيرة التعليم أيضا بأخذ الثأر للمدرسين في اجتماع مجلس الوزراء القادم، من خلال المطالبة باستصدار قانون يحمي المدرس من +طلابه+، سواء في الفصول أو خارجها”.
وناشد محمد الأمين السلطات في بلاده إلى الاعتذار للمدرس وتكريمه في عيد الاستقلال.
وتعليقا على الواقعة، حذر المعلوم أوبك، نقيب أساتذة نواذيبو وعضو المكتب التنفيذي لتحالف أساتذة موريتانيا، في منشور له على فيسبوك من تداعيات صفع الشرطي للمعلم على استقرار البلاد قائلا إنه يتمنى “أن لا نصل لمرحلة فهمتكم”، في إشارة إلى ثورات الربيع العربي.
تضامن رسمي وفتح تحقيق
وبينما لم يصدر بيان من الشرطة الموريتانية بشأن الواقعة، عبرت وزيرة التربية وإصلاح النظام التعليمي، هدى باباه، عن تضامنها مع المدرسين مؤكدة في بيان “حرص الحكومة على صيانة كرامتهم، وضمان حقوقهم، ومحاسبة كل من يتطاول عليهم”.
وأضافت في بيان مقتضب “شُكلت لجنة مشتركة بين قطاعي الداخلية وترقية للامركزية والتنمية المحلية وقطاع التربية وإصلاح النظام التعليمي للتحقيق في ملابسات الاعتداء على أحد المعلمين، وسيتم التعامل مع الموضوع بجدية وسرعة، واتخاذ الإجراءات المناسبة بناء على نتائج التحقيق”.
ودعت باباه المدرسيين إلى “التكاثف” لإنجاح الجهود الحكومية الرامية لإصلاح النظام التعليمي، الذي يضع، وفقها، المدرسيين “كركيزة أساسية لهذا الاصلاح”.
ودخل المدرسون في موريتانيا في احتجاجات متواصلة منذ انطلاق العام الدراسي الجديد، كما دخلوا في إضراب مطلع هذا الشهر احتجاجا على رفع الحكومة أيام العمل من 3 إلى أربعة أيام وللمطالبة بتحسين أوضاعهم.
وتعمل الحكومة الموريتانية منذ العام الدراسي 2022-2023 على تحسين منظومتها التعليمية وفق برنامج “المدرسة الجمهورية” الذي يسعى إلى تغييرات عدة من بينها فرض “المساواة بين جميع الطلبة ومحو الفروق الاجتماعية”.
وتشير أرقام صادرة عن وزارة التعليم في البلاد إلى بلوغ عدد الحجرات الدراسية 10 آلاف و181 حجرة، وعدد المدارس 3 آلاف و120 مدرسة ابتدائية كما تظهر الإحصائيات أن عدد المعلمين في البلاد يبلغ 11 ألفا و449 مدرِّسا.
المصدر: الحرة
إبراهيم ميطار