الفجوة التاريخية وتداعياتها !!!
سيف الدين خواجة
لعل السؤال الأبرز الذي يجب أن نضعه تحت المجهر هو : هل ما حدث في السودان طبيعي أم لا؟ وما هي أسبابه؟
رغم تاريخ حضارتنا القديمة ، وجذورها الراسخة في التاريخ ، إلا أنه للأسف حدثت فجوة ارتدادية امتدت قرونا ، هذه الفجوة بدأت باتفاقية البقط ، وليت الجيش الإسلامي وصل لموضع الخرطوم الحالية ، لكان السودان يحكم حكما مركزيا تابعا للخلافة الراشدة في عهد عثمان رضي الله عنه ، لكن الذي حدث أن السودان جرى تعربيه وأسلمته عبر انفتاح مصراعيه لهجرات قبلية رعوية ، وزراعية ، وتجارية ، ودعاة متصوفة متدينين ، وأخرى هاربة من قسوة السلاطين ، فأسقطت دولتي العهد المسيحي بالشمال والوسط علوة والمقرة بالذوبان ، مما جعلنا ننكفيء علي الحكم القبلي بأعراف لا قوانين دولة ، أو حكومة ، وسلطان ، وعشنا على ذلك قرونا ، مما وطن العقل الرعوي فينا.
حتى دولة سنار حين قامت في الوسط قامت في شكل اتحاد قبلي -كما هو معلوم- ثم إنها لم تنشر حكمها على كل الشريط النيلي ، ولم تفرض اي نوع من السيطرة المركزية ، وكلنا يعلم كيف انتهت سنار مع محمد ابو لكيلك كما انتهى السودان مع الحرب الراهنة والسبب في الحالتين واحد العقل الرعوي ولا حظ فرق الزمن قرون عديدة الا ان الفكر لم يتطورمن بادي للبشير من ابولكيلك الي حميدتي!!! .
وإذا كانت دولة الفور أكثر تنظيما ، فإنها لم تخرج في إدارتها في مستوياتها الوسطى والدنيا عن التركيب القبلي لشكل أكثر مركزية ، أو حتى يمكنه فرض مركزية يمكن احتذاؤها في الوسط ليمكن تعميمها ، واتباعها.
فالقبيلة لدينا بقيت هي الكيان السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يتوسط بين الدولة ككيان عام والفرد ، ولم يحدث لدينا التحول نحو الدولة المركزية الجامعة ، كما وقع مثلا للبلدان التي استمر فيها الحكم الروماني والفارسي ثم الإسلامي عبر دول الخلافة المتتابعة مصر مثالا.
حتى دخول محمد علي في1821م لم يبن لدينا كمجموعات قبلية أي شيء عن الوطن ، والدولة ، فلم تأت بالنظام القائم بمصر لحكم السودان ، أو اعتباره ولاية تابعة لسلطانه ، إنما جاء بأهداف تنمية مصر ، ونهب السودان ، لذلك انتهى لفساد قامت على إثره الثورة المهدية لخلع الاستعمار ، لكن أيضا دون فكر دولة مدنية ، ولم تكن هناك غير الرؤية الدينية ، لذلك حتى دخول المستعمر مرة أخرى عام 1898م ، لم تتكون في مجتمعنا أي أفكار عن الوطن ، أو الدولة حتى ولو بمقاييس ذلك الزمان ، ولم يعرف السودان بمساحته الراهنة أو أقل أي نوع من الحكم المركزي المدني ، وتنظيم الدواوين ، والدولة بدليل أنه لم تقم لدينا ثقافة عن تلك الحقب إلا كتاب الطبقات هوكتاب يعبر تماما عن تلك المرحلة الرعوية ليس فيه اي فكر عن وطن او دولة ، لهذا كله ترسخ جذر الفكر الرعوي ، وهو واضح حتى الآن في الغوغائية الراهنة ، وأننا بالحماس نساق كالقطيع ، وكل ما بحوزتنا من تاريخ هو من 1898م الي 1956م ، وهذا وقت غير كاف لتكوين مفكرين ، أو رجال سياسة ، أو رجال دولة ، وبتراكم أجيال ، ومعاناة توطن فهم الوطن، والدولة ، كفكر لدينا ما نعانيه الآن شئ طبيعي لتخلفنا الاجتماعي من حيث ترسيخ فهم القبيلة فينا ، وإن كانت بسبب المشاريع الكبيرة كالجزيرة وسكة حديد ، والنقل النهري ، والمحالج وغيرها ، بدأ الذوبان رويدا رويدا ، وبدأ الانتماء للمدن الكبيرة بالهجرات اليها مما ساعد في تهاجن القبائل ، وخلق شخصية المدينة ، لكن للأسف كله ضاع بعد الاستقلال بسبب عدم الاستقرار السياسي وكل نظام كان له اثره السئ بدرجات متفاوته والطامة الكبري كانت مع الإنقاذ الذين فات عليهم هشاشة تكوين الدولة التي تفتقد اول ما تفتقد الفكرة الوطنية لادارة الدولة الوليدة وتفتقد عقد اجتماعي بين القبائل وهشاشة المجتمع ، كما قال شيخها أحمد عبدالرحمن في آخر لقاء صحفي قبيل ثورة ديسمبر 2018م ، قال : لقد أخطأنا ، وأرجعنا الناس للقبلية ، والجهوية ، لذلك حميدتي لم يجد دولة لها مؤسسات تاريخية ، فرأى أنها فرصته لملء الفراغ الذي لاحظه وقد قال احد علماء الاجتماع (ويل لوطن كل قبيلة فيه وطن) !!! .
لذلك أصبح حالنا بعد الاستقلال كما قبله عبارة عن حلقات لا رابط بينها لا في الفكر ، ولا في الأداء ، وأتحدى أي إنسان يدلني على نظام من الأنظمة استلم بتسليم وتسلم ، بحيث يعرف ما عليه حال الوطن ، لا يوجد..
لذلك فقدنا مصانع مثل : ألبان بابنوسة، ومصنع البصل ، ومصنع الكرتون ، كمثال لا الحصر ، وقس علي ذلك من فجوات بين الأنظمة التي تعاقبت بعد الاستقلال ، ويمكننا ان نضرب أمثلة على عقلنا الرعوي ، وتصرفنا الأحمق مثلا:ـ
أولا :ـ توفرت فرصة في مؤتمر جوبا 1947م لحل مشكلة الجنوب اتفقنا ثم لاحقا نكصنا !!!.
ثانيا :ـ كثرة الانقلابات كصراع على السلطة لملء الفراغ بسبب عدم وجود مشروع وطني مجمع عليه بفكر ، وعلم ومعلومات ، مثلما فعلت الهند عند الاستقلال ، فقد درست مجتمعها ، ووجدت طائفة ليس لها أي وظيفة في الحكومة ، ولا يوجد أي متعلم منها ، فقرروا مجانية التعليم لهذه الطائفة ، وضمنوا ذلك في الدستور ، وبعد خمسين سنة تساوت مع بقية الطوائف، وحينها اجتمعوا ، وأزالوا تلك المادة ، ولم نفعل مثلما فعلت ماليزيا حين قررت منح الملايو أولوية في البعثات في فترة معينة ، حتى يلحقوا بركب الهنود والصينيين ، وعاد النظام للمساواة عندما تكونت النخب الملايوية المساهمة بفعالية في النهضة الماليزية الحالية.
ومثل هذا المسح الإحصائي والعلمي للمجنمع يوطن عدالة الدولة ، وأنها دولة المواطنة الحقة ، وهذا مهم للطاعة من ناحية ، ولسلامة المجتمع من ناحية أخرى ، وهو ما لم يحدث عندنا !!! .
ثالثا :ـ التصرف في إغراق حلفا ما كان ليتم بتلك البساطة المخلة لو كان لدينا فكرة الوطن والدولة ، وقد علمت من الأجيال الحالية أن أبناء دارفور الحبيبة يسألون الآخرين في الأسافير: حاكمونا إن أردتم لكن هل حاكمتم من أغرق حلفا؟ وهل حاكمتم من ضيع حلايب وشلاتين بطريقة صبيانية لحل مشكلة محاولة أغتيال حسني مبارك؟ وهل حاكمتم من فصل الجنوب وأشعل الحرب علينا؟ .
رابعا :ـ مثلا قضية حلايب من الاستقلال ماذا فعلنا فيها؟ ما زال جنودنا المرابطون هناك يسكنون في خيام ، ويشربون الماء بالتنكر ، وانظر للجزء الذي تحكمه مصر ، تطور ، ونما ، ويجري التخطيط للمطار فيه ، لتعرف الفرق بين الفكر الرعوي ، وفكر الدولة المركزبة المنظمة ، والتي تبني ، وتخطط ، ولنعرف الفرق بين أبعد من أرنبة الأنف مع النفس الرغائبي القصير، وبين النظرة الوطنية الرصينة.
خامسا :ـ حتى كتابة هذه السطور ، ولا نظام من الأنظمة التي مرت علينا ابتكر نظاما يرتضيه الجميع ، ولتعرف مدى خيبة النخبة السودانية مثلا في مايو، صرفوا مبالغ طائلة على التعرف على الأنظمة من حولنا ، واهتدوا بعد فترة لنظام الاتحاد الاشتراكي حفاظا على مصالحهم ، وهو نظام يحتضر في مصر الجارة الكبري ، وأشباهه في تنزاليا مع المعلم نيريري ، وفي زامبيا مع كينث كاوندا الذي سمي برف علي المك مدافع المريخ كاوندا عليه لتقارب الشبه ، وحتي في أبعد مما حولنا كان هذا النظام حين تلك الدراسة قد انتهى في البرازيل والارجنتين والسبب عدم الإبداع، وقصر النظر !!! .
هذا على سبيل المثال لا الحصر !!! .
ويبقي أن نقول إن تداعيات هذه الفجوة ما زالت مستمرة ، ونحتاج فيما نحتاج إلى حملة توعية تقوم بها الدولة عبر آليات تحدد بتكوين لجنة من علماء الاجتماع ، وكبار الإداريين ، وشيوخ القبائل من أهل الحكمة!!! .
مقالنا القادم على الزمن الجميل والحمل الكاذب!!! .
كلام خارم بارم لاينتمي للحقيقة البته، السودان ليست فيه قبلية الافي دارفور فقط لاحظ حركات دارفور المسلحة أثرت المصلحة القبليةعلي مصلحة كل الشعب وثورة الشعب والمصلحة القبلية بالمناسبة هي مصلحة أفراد قليلون لان الترتيب القبلي في شكل هرمي يستفادمنه من هم بالقمة فقط ، مشكلة السودان غياب الديمقراطية الصحيحة والحكومات العسكرية التي على راسها ضباط جهلاء أغبياء غير وطنيين
هذا تاريخ لم آت بشي غير التاريخ ومعه الواقع تتكلم عن الديمقراطية وانت لا تملك وعيها ولا ثقافتها ولا آلياتها والمحيط الأقرب لا يريدها والأبعد كذلك لا يريدها ولا تملك اخزابها قل أننا لم تفقد علي نظام سياسي يرضينا ويرضي من حولنا الديمقراطية بفهمك الغربي تحتاج لأشياء لا نملكها انظر نظام ماليزيا مثلا أو حتي نظام سويسرا لكن في الاول اتفقوا علي دولة ووطن نختاح لوعي كبير في هذا الآن في شرق ترك اليس قبلي والبنيةاليست قبلية افتتاح القبلية وعدم وجود ثقافة الوطن والدولة لأننا شعب رعوي
في آخر دمقراطية ترشح الناظر ترك الأب خريج اكسفور وليس كترك الإبن خريج اساس واهبل ، ترشح ترك كحزب امة ومعروف ان الهدندوة قبايل الشرق كلها قبائل طريقتهم ختمية، وكان يومها آل المهدي مبسوطين لأنهم ضمنوا هذه الدائرة لان مرشحها الناظر وفي منطقتة وخصمه بالدائرة ليس هدندوي من قبائل أخرى وكانت المفاجأة إذ فاز على الناظر في منطقته رجل من قبيلة أخرى، هذا يفضح عدم وجود قبليةبشرق السودان ، القبلية أتى بها الترابي و الكيزان وهي التي اكلته.
وآسف على كلمة خارم بارم
يا سلام عليك، ،، ارجوا ان تتحفنا في مقال قادم عن الاحزاب والايدولوجيات المستوردة من الخارج من شيوعيين واخوان مسلمين وبعثيين وناصريين وووو وعدم ملاءمتها للمجتمع السوداني وعدم اعترافها بالآخر….
كتر خيرك والله يمكن اكتر مقال قارب المشكله السودانيه بس ينقصه ربما اضافة العامل الخارجي وتأثيراته القاتمه علي السودان واقصد تحديدا دور مصر في والسودان وادواته المتمثله في شقيه الديني ويجسده المراغنة و الاخوان المسلمين والعسكري ويجسده تنظيم الضباط الاحرار وهما سبب اغلب نكبات السودان.
شكرا عزيزي الشاعر وملاحظتك في محلها لأن المقال علي واقعنا الداخلي غير المتماسك موطن ودولة لانعدام هذه الثقافة لعدم الممارسة لفترات طويلة بمعاناة تتراكم منها الخبرة وخروج المستعمر باكرا ثم استعجال السودنة وهذا تم بأثر العامل الخارجي دور مصر الداخلي اعتمد علينا والرق بيننا وبينهم فكر الدولة والوطن وفارق درجات تعقيد المجتمع فهم مجتمع زحمة وتكونت فيه الشخصية القومية ونحن مجتمع رعوي هذه المفارقة تظل قائمة ما لم ينتبه لها أهل الفكر بالتوعية اللازمة وتحتاج لزمن وصبر ومغاليه لا نحتملها