مقالات وآراء سياسية

حربنا ذات الدفع الخماسي (٢)

د. شهاب طه

لماذا التدخل الأممي ضرورة؟
في المقال السابق تحدثت عن المحركات الخمس المأججة للحرب وهي : الكيزان ، والشعب المنقسم ما بين جيش وجنجويد ، والتصنيف العرقي ، والإتهامات الجزافية وإنعدام الثقة ، والبرهان الذي يمثل السلطة ، (راجع المقال) وهي دوافع حتماً ستضمن إستمرارية هذه الحرب والحروب التي ستليها إلى مالا نهاية.

نطالب بالتدخل الأممي قبل أن يفرض علينا. لماذا يبقى السودان كالطفل اليتيم الذي لا حول له ولا قوة ينتظر من يكفله ويتولى تدبير أموره وبذلك أقصد انتظارنا الغبي المهين لمخرجات إجتماعات مجلس فيما يخص سوداننا ونحن في مقدورنا ، كأقدم المجتمعات البشرية عمراً وحضارةً على الإطلاق ، أن نسخر كل الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكل العالم ليكون في خدمتنا كشعب وليس كحكومات وساسة؟ لماذا لا نكون الفاعلون وغير المنتظرون لما يفعله الآخرون بنا؟ ما نتوقعه في يوم غدٍ يجب أن نبدأه اليوم نحن. لا بد من التقدم إلى الأمام دون خوف أو وجل. وإن لم نتقدم يعنى أننا نرجع للوراء لأن الذي نحن فيه لا يتوقف ولن يتوقف.

التدخل الأممي قد يفهمه البعض على أنه شيء مرحلي آني يهدف فقط لإيقاف الحرب الحالية بين الجيش ومليشيا الجنجويد ، أو أنه تدخل قد تستفيد منه جهة أو جهات على حساب الآخرين ولكن ذلك غير صحيح ، بل هو تدخل خارجي علاجي جذري بواسطة لجان تحكيم أممية لصالح الشعب وفقط الشعب ، سيستمر على مدى عشر سنوات ونبدؤها بإنفاذ قرارات عاجلة من مجلس الأمن الدولي للوقف الفوري للعدائيات وعودة كل فرد لموطنه وإعادة كل النازحين لبيوتهم. هي تلك العشر سنوات التي قضتها سوريا وليبيا واليمن في تجويد حروبها الأهلية دون وعيّ لتعميق الأزمات وإحراق كل فرص السلام بزيادة الخراب والدمار الشامل للنسيج المجتمعي والبنيتين التحتية والفوقية. الذكاء هو أن نستفيد من تلك الدرس والعبر وأن نقضي تلك العشر سنوات في العلاج والإصلاح. في حقيقة الأمر هي عشر سنوات ضرورية لإنقاذ حياة رجل أفريقيا المريض “السودان” والذي دخل في غيبوبة تامة وموت سريريّ تستوجب التسفير للخارج أو جلب المعالجين للداخل ، كواقع طبيعي لا مفر منه ودونه الموت.

سُمّي السودان رجل أفريقيا المريض ، وهي تسمية ظلت سائدة على مدى عقود ، وبصورة غير رسمية ، في المحافل الدولية الدبلوماسية والإعلامية ، وخاصة في جامعة الدول العربية. وهي مستوحاة من لقب “رجل أوروبا المريض” الذي أُطلق على الإمبراطورية العثمانية في القرن التاسع عشر ، في إشارة إلى ضعفها وتدهورها. التدخل العلاجي الأممي المطلوب يتوجب إعادة عجلة التاريخ لنقطة الصفر ومراجعة أمراض رجل أفريقيا المريض منذ الإستقلال ومعالجتها بطرق علمية وقانونية وعدلية وموضوعية للإشفاء والإصلاح ولتنفيذ ما يفيد الشعب كله ، أولاً وأخيراً ، فقط الشعب ، وذلك بخلق وطن فدرالي أو كنفدرالي أو الإنفصال الحتمي لمن أراد كما في قضية جنوب السودان ، دون هلع أو جذع لأن كل أقاليم السودان ستظل متجاورة ولن يتم وضع أحدها في سفينة فضائية وإطلاقها لتستقر في كوكب زحل. هو تدخل ليس فيه مجال للتفاوض مع جهات بعينها دون الأخرى أو العمل على تمكينها أو غير ذاك ، بل هو ترك المعالجون يعملون في صمت وخلوة كاملة. لماذا تعثرت العلاجات الداخلية الوطنية؟ نواصل في المقال (٣) .

رابط المقال الأول أدناه

https://www.facebook.com/share/p/18Gqh1qkY7

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..