مقالات وآراء سياسية

حرب 15 ابريل 2023م نظرة في الأسباب (2)

طه جعفر الخليفة

هل كانت هنالك سيطرة مارستها فئات محددة من الشمال والوسط علي السلطة وحازت نصيب أكبر من الثروة في السودان؟ ساعدونا بالإحصائيات لو سمحتم! .
هنالك الكثير من الأفكار المغلوطة التي درجت علي نشرها فئآت من القوي السياسية من جنوب السودان سابقا وتبعتهم فئآت أخري من غرب السودان وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبة ، خاصة تلك القوي التي رفعت السلاح في وجه السلطة المركزية في الخرطوم. قبل الوقوع في أحابيل الفكر المغلوط الذي يصنف السودانيين جهويا وقبليا وعلي أساس اللغة والخلفيات الثقافية. لأن السودانيون هم بهذه الملامح منذ بداية التاريخ الإنساني. رغم أن عيزانا ملك أكسوم الذي غزا السودان يعتبر متأخرا من حيث التاريخ لكنه وصفنا بالنوبا الحُمْر والنوبا السود. يعرف عيزانا أننا شعب واحد من إثنيات متباينة علي الأقل سود وحمر.
من يتكلم عن قسمة عادلة للسلطة يتكلم عن إقتسام السلطة المركزية مع الجيش في الحقيقة. لأنه خلال الحكم الديمقراطي من يحدد الحاكم هو عدد الأصوات في الإنتخابات ومعروف لدينا جميعا ما هو الترشيح وما هو الإقتراع. من هذه النقطة فقط يتضح خطل فكرة قسمة السلطة. لأن الكلام عن لا مركزية السلطة او الحكم الفيدرالي من قضايا الدستور وتأسيس الدولة نفسها ، حتي الدعوة للفيدرالية ولا مركزية الحكم لا تتطلب حمل السلاح إبان الحكم الديمقراطي بل الحوار والتداول الفكري . بذلك يكون السبب الأساسي لحمل بعض السودانيين السلاح هو الحكم العسكري. لأن الديمقراطية تحمي حقوق القوميات في الإستقلال والحكم الذاتي عبر الديمقراطية وليس إيدية علي طريقة لوردات الحرب اللصوص من ضباط جيش أو قيادات حركات مسلحة. الكلام عن عدالة قسمة السلطة عند يدّعون بناء السودان الجديد يستبطن فكرة أن السلطة حكرٌ لجهة يمكنها إقتسامها معهم وهذه الجهة هي الجيش طبعاً.
بذلك يكون السؤال الصحيح هو ، هل نحن مع الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة عبر الإنتخابات؟ أم حالمون بالحياة السعيدة في ظل الديكتاتورية العسكرية وكبت الحريات والحرب والقتل والتشريد. من يتكلم عن أن فلان من تلك الجهة او من تلك القومية ليناقش حقه في الحكم إنسان متدهور الوعي ومنحطّه لأنه ببساطة ينظر للعالم بمنظار جهوي وقبلي متخلف. الكلام عن عدالة قسمة السلطة في الحقيقة عداء للديمقراطية والإنتخابات. ومن لم يرد الديمقراطية اللبرالية العادية دي فليحاول الديمقراطية الشعبية المصاحبة للبناء الإشتراكي.
أما الكلام عن عدالة توزيع الثروة فهو نوع من عدم الإعتراف بالتخلف الشامل الذي يعيشه الوطن منذ 1821م. التخلف كما ذهب الدكتور مصطفي حجازي وأمين معلوف دينامي بمعني أن التخلف يخلق تخلقا أسوأ منه ونحن في هذا الافق نتقلب ذات اليمين وذات اليسار. أين هي البنية الصناعة المحترمة ؟ وأين هي البُني التحتية المحترمة؟ أين هو التعليم؟ وأين هو التدريب؟ وأين هي موارد الطاقة؟ بهذة المعايير نحن بلد فقير وجائع ومتخلف. فعن أي ثروة يتكلم هؤلاء؟ هل يتكلمون عن ريع الفساد الناتج من نهب الموارد وبيع وإستئجار التراب الوطني والنخاسة العسكرية وإقتسامه مع الحكّام العسكريين. ببساطة لأن موضوع التنمية والتطور يحتاح للديمقراطية والفصل بين السلطات ويحتاج للدستور وقبل ذلك يحتاج للتنوير. هذا غير رأس المال البشري من قوي عاملة مدربة وخبراء يتمتعون بالحرية والإستقلال. حالة السودانيين عند الكلام عن قسمة الثروة تشبه حالة قطيع من الضباع لم تترك له الأسود غير جلد وعظم من فريسة ما.
مما سبق ، دعك من الكتاب الأسود والكيزان من أبناء غرب السودان الذين كتبوه. يتضح أن حتي أطروحات جون قرانق فيما يسمي ببرنامج السودان الجديد لا تقف علي أرجلها بل هي كسيحة ولم تنتج لنا غير اوليغاركية عسكرية غاشمة ومجرمة وفاسدة بالضرورة ودونكم جنوب السودان ومقطوعيات قيادات الحركات المسلحة. ومما سبق يتضح أيضا أن مشكلتنا كلها هي غياب الحكم الديمقراطي وما يستتبعه من حريات وحقوق وعدالة وسلام. السودان الحالي بفشله وتخلفه هو هدية الجيش للإنسانية.

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. لا أظنك أيها الشيوعي السودان الجذريّ العايش في كندا منذ عشرات السنين قد وُفِقت في نظرتك هذه. ويبدو لي أنك وصلت لمعظم أفكارك عند كتابة هذا المقال وأنت زهجان وحاسي بالعجز حيال صوت الرصاص العالي هذه الأيام
    “خُد لك Snickers انت مو انت وإنت جوعان”
    لقد أجحفت كثيرا في تسطيح وتبسيط أطروحات “الهامش” وجعلت من الضحايا متهمين ومجرمين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..