الحرب في السودان بين التعقيد والافق المسدود
السر العجمي
سبق ان اشرنا في المقال السابق انه يشير السلوك الدولي والاقليمي بشان الازمة السودانية. بالرغم من كل الجهود المبذولة لا يقاف الحرب في السودان الي ان الازمة ممتدة ، والحرب مستمرة بعد فشل كل الجهود في محاولة ايقافها ، ووفقا لتقارير الام المتحدة ، ومنذ اندلاع الحرب فقد قتل الملايين من الشعب السوداني. وقد وصل عدد النازحين الي 12 مليون ، وقتل الألاف بسبب وباء الكوليرا لانعدام الرعاية الصحية. فضلا عن الانتهاكات لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني. وان الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق المدنيين العزل ، بالإضافة الي جرائم الجيش بقصف المدنيين بالطيران كل هذه الجرائم التي ارتكبت تدخل في نطاق الجرائم التي نص عليها نظام روما الاساسي لعام 1998م.
وبالرغم من التطورات الميدانية فانه لا زال من المبكر حسم الامر لاحد اطراف الصراع ، فهناك مؤشرات تشير الي ان الحرب ممتدة وذلك من خلال ظهور الحركات المسلحة الجديدة التي ظهرت بالسودان والتي سوف تدخل في الصراع وتعمل علي تمديده وتعقده اكثر هذا علي الصعيد الداخلي. اما علي الصعيد الاقليمي .سوف تكثر التدخلات الخارجية من قبل الدول ، وبالرغم من ان الدول التي تدخلت في حرب السودان سواء سلبا او ايجابا ، نجدها في المحافل الدولية والاعلام تنادي بالحل السلمى ، وفي ذات الوقت نجدها توظف الياتها وادواتها العسكرية لا حداث تغييرات علي الارض من اجل تغيير الوقائع لتحقيق مزيد من المكاسب لمصالحها الخاصة وليس بخصوص ما تدعيه وتنادي به بخصوص الحل السلمي. وعلى الصعيد الدولي انتظار الرئيس الأمريكي ترامب وما سوف يفعله بشأن الحرب في السودان ، وذلك بعد انهائه من ملفات الحروب التي لها الاولوية في الادارة الامريكية مثل حرب اكرانيا وحرب غزه.
اما فيما يتعلق بالمجتمع الدولي والمنظمة الدولية ، نجده في الغالب ينكص عن العدالة ، وبما ان الانتهاكات التي ارتكبها اطراف الصراع تشكل انتهاكا لنصوص المادة (3) من اتفاقية جنيف بشان حماية المدنيين في الحرب لعام 1949م وخرقا للمادة (3) من البرتوكول الاضافي لعام 1997م بالإضافة الي ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية. وان تجاهل المنظمة الدولية لتقرير عثة تقصي الحقائق الذي جاء فيه” ان جانبي الحرب في السودان ارتكبا انتهاكات على نطاق واسع قد تصل الي جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية واوصت البعثة بفرض حظر الاسلحة ونشر قوات سلام لحماية المدنيين ، ودعت مجلس الامن لتوسيع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليشمل جميع انحاء السودان. “يؤكد عدم احترام المجلس للميثاق فيما يتعلق بمسالة العدالة. وبالرغم من النص في ديباجة ميثاق الامم المتحدة (نحن شعوب الامم المتحدة وقد الينا علي انفسنا ان نبين الاحوال التي يمكن فيها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي). ومن الملاحظ ان المنظمة من خلال قراراتها تنكص دوما عن العدالة حيث تضع السلام في الاولوية ، ويبدو ان النكوص عن العدالة في الغالب الغرض منه الرغبة في انجاح المفاوضات وحل الصراع سلميا وفقا لنص المادة (33) من الميثاق ، دون أي اعتبار لحقوق الضحايا. ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات. ويبدو ان المنظمة الدولية تري انها اذا قدمت العدالة فلن تنجح في السلام. حتي هذا السلام ما زالت المنظمة الدولية تسير فيه ببطيء لا يقاف الحرب ، وفشلت في اداء وظيفتها. التي تتعلق بحفظ السلم والامن الدوليين. ويتضح ذلك من خلال قرارات مجلس الامن التي اصدرها مجلس الامن بشان الحرب في السودان وهي قرارات كلها عباره عن مطالبات فقط وهي اشبه بالبينات السياسية منها القرار 2724 والذي يطالب بوقف الاعمال القتالية ، والقرار 2736 والذي يطالب قوات الدعم السريع بوقف حصارها علي الفاشر. والقرار 2075 والخاص بتمديد 1591.لعام 2005م. وغدا سوف يتم التصويت علي مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا بشان حماية المدنيين وفتح معبر ادري الحدودي. لا يصال المساعدات الانسانية وتوفير فرض السلامة او الوساطة. والسؤال الذي يثار في الذهن اذا احال المجلس لاحقا النزاع الى الوساطة هل سيقبل الشعب السوداني بوصل الجيش باتفاق مع الدهم السريع رغم كل تلك الانتهاكات؟ عليه تحقيقا للعدالة وحتي ينال الضحايا حقوقهم يتوجب علي القوي السياسية والمدنية ان لا تكتفي ببينات الشجب والإدانة بشان الانتهاكات وعليها اعداد التقارير وجمع الادلة لتقديمها الي المدعي العام للمحكمة الجنائية السيد كريم خان ، حتي تحفزه من تحريك الدعوي الجنائية من تلقاء نفسه وفقا لنص المادة 15 من ميثاق روما.