الفيتو .. اوهام تقدم .. هملة شعب .. وما العمل؟
معمر حسن محمد نور
لا ينبغي التركيز على الفيتو الروسي.فهو فقط اعاد اجواء الحرب الباردة . الطرفان المتقاتلان ، لم يكونا راغبين في مرور القرار. فلئن بان موقف الاسلاميين والجيش فرحا حد ان هموا بترديد (روسيا يا اخت بلادي يا شقيقة) ، فالدعم السريع لم يرد وقف الحرب الا في اوهام البلالسة. ليس لانه ما زال يعول على الحسم العسكري ، بل لان معظم مقاتليه يتلمظون للمشاركة في حرب تذهب الى الشمال النيلي .وما كانوا سعداء بتوفف العمليات الحربية في فصل الخريف..
وحيث ان الفيتو قد سلح علي رأس مشروع توم بريلو عمليا ، فقد ابان للناس لو يدرون مدى هوان امر دمائنا كما وأي دماء أخرى امام المجتمع الدولي مهما تشدق. فهو يعرف فقط لغة المصالح. وأعيد هنا عبارة رواها السياسي الراحل عمر نور الدائم عن السفير البريطاني وهم يهمون بالدخول الى القاعة لانجاز مقررات اسمرا. فقد قال ، : (لا تبالغوا في تقدير اهمية مواردكم. فما يقلق الغرب ، هو ظهور العداء من السودانيين للغرب. فبعد سحقنا للمهدية بمائة عام ، ها هي الانقاذ تفعل). فلا تتطوعوا بتوهم مصالح روسية. فالبحر الاحمر ، بحر امريكي.
ليت الامر توقف هنا. فحديث مندوب روسيا عن المحاكمات الداخلية ، قد سفه دعوات اتهامات الارهاب والاحالة الى الجنائية. فابشروا بطول نجاة ايها المنتهكون. وبلو راسكم زيادة ايها المدنيون. واقربهم معسكر زمزم. فوا هملة هذا الشعب.
لقد كان من اكبر اخطاء حملة القلم من مريدي الثورة في ديسمبر ، عدم تسليط اقلامهم على اخطاء قحت. حتى لا تتكسر نصالهم على نصال اعداء الثورة. وها نحن نجني الحصرم. لذلك يجب الا نكرر الخطأ ، ونحسب ان تقدم لا ينبغي ان ترمى بسهام النقد منا. فقد ملأت الاوهام مسيرتها من قولة تيت. ففي بلد تفوق فيه الحركات المسلحة المائة ، وما زالت تتناسل يكون من الخطل الظن ان اللافتات المدنية لن تفعل نفس الشئ. فأوهام تكوين جبهة واسعة ، وصمته منذ البداية بالترهل. والكل يعلم ان البرنامج الناتج ، لن يكون سوى ادنى الحدود الدنيا المشتركة.
المشكلة الثانية انها ولدت وقد جردت من وسائل الضغط الداخلية المحفوظة. وهي نفسها مشكلة الجذريين. فهل من سبيل الى تظاهرات او اعتصامات مع السلاح المنفلت والمتصارع على السلطة؟ اما الاضراب فمن الاسهل ان نجد الدم في جراد العشر ، من ان تعول على اضراب او عصيان مدني في خدمة مدنية معطلة..
اما الوهم الآخر فوهم الحياد. لان من يقف محايدا ، صاحب قوة او جزرة وعصا يسمح بالتوسط بين المتقاتلين. ما جعلها بلا خاطر عندحملة السلاح من الطرفين. لذا لم يؤد توقيعها لاعلان مبادئ مع الدعم السريع الى اي غيرة عليهما من قبل الجيش وداعميه.
عمليا فأن دعاوى الحياد ، ما حمتها من سهام الطرفين المسمومة. فلا ارضا قطعت ولا ظهرا ابقت .. اما اكبر اوهامها ، فالتعويل على الرافعة الخارجية وهاهي تجني ثمار ما زرعته
لذا ، كان اعتبار معسكر الجيش وداعميه لها صحيحا منهجيا. فعدو عدوي صديقي. ولو ان البلابسة لم ينتظروا وقائع صادقة للوصم واعتمدوا على اختلاقها مثل مانشيت الاطاري او الحرب .. فتقدم وفقا لمواقف سابقة في الاعتصام والاطاري والحديث عن الديمقراطية ايا كانت درجة مصداقيته ، اقرب الى الدعم السريع.لكنها حاولت عبثا اتخاذ حياد لا وجود له. ما اوقعها في مواقف غريبة وضعيفة. ودونكم اضطراب اجابات حمدوك وصعفها في مقابلته مع القناة الالمانية. خاصة عندما سئل عن الجهات الداعمة للدعم السريع. لكل ذاك ما ارى فيها الا مفاصلة قادمة او على. الاقل، سحبا لحمدوك منها .. بالطبع لا ارى فيها حليفا للدعم السريع ، ولكن شيئا من تحالف يبقي على جيش الوطن وضغط يؤدي في نهاية الامر تسوق به الدعم السريع ، عوضا عن التصريح الذي اكده وفدها المفاوض بضرورة تجاوز عبارة الاصلاح الى انشاء جيش جديد.
وحتى لا نقضي العمر بكاء على اللبن المسكوب ، فلنبن على اننا في كل الحروب السابقة تجاوزنا لنبقي ، فلا حملات الدفتردار الانتقامية ، او حملات التعايشي ، او الاقتتال بين القبائل او حتى داخل القبيلة الواحدة ، منعتنا من ابتلاع الحنظل لاستمرار وجودنا .. ولنبخث تحت ركام واقعنا على مشتركات نملكها.فبالامس فرحت كل البنادق بتاهل الفريق القومي.
واهمها طرا في نظري اتفاقنا على ضرورة الحكم الفدرالي. فالانقاذ قد سعت اليه وخربته الشمولية ، واعلان مبادي تقدم والدعم السريع وضعه بندا. وهو ما يطلبه الحذريون. فلماذا لا يلتئم خبراء قانون مستقلون لانجاز قانون للحكم المحلي تحترمه ومن انتخبوا عبره الاطراف المتقاتلة مهما تبدلت خرائط السيطرة؟ وقد يسأل سائل : وكيف يحترمون؟ فتكون الاجابة ، ان من شارك في وضع قانون سيحترمه قطعا. فلنحاول ان نوقد شمعة ، بدلا من لعن الظلام.