كلام الناس
نورالدين مدني
*لاأخفي إعجابي بروايات عبدالعزيز بركة ساكن المثيرة للجدل ، فهو يتمتع بإسلوب خاص في كتابة الرواية ، يغوص في أعماق النفس البشرية – الأمارة بالسوء- ، ويكتب بلغة الذين يعيشون في قاع المدينة أو على أطرافها ، وإن إعتذر عن بعض مفرداتهم الجارحة إلا أنه يوردها كما هي.
*لا أدري لماذا في روايته “مخيلة الخندريس – ومن الذي يخاف عثمان بشرى” قدم المؤلف إقراراً قال فيه أن أحداث هذه الرواية تجري في دولة خيالية ، رغم أنه لم يخرج من مجريات بعض ما يجري في قاع المدينة وفي قاع النفس البشرية ، حيث تقل الضوابط الدينية والأخلاقية إن لم نقل تنعدم.
*عندما تحدث عن شخوص الرواية ، سلوى عبدالله وأمها وعبدالبافي الخضر وادريس والفقية المتشرد وغيرهم ، قال في الفصل الأخير بعنوان “ذاكرة المؤلف” أن بعض هذه الشخوص من الواقع وبعضها شخصيات متخيلة بحتة أسماها شخصيات “حبرية”.
*لن أحدثكم عن مجريات الرواية التي قال مؤلفها أنها ليست رواية بوليسية مثل روايات أجاثا كريستي التي تعلمنا عبر رواياتها وروايات أرسين لوبين وشرلوك هولمز حب القراءة ، كما أنها ليست بحثاً أكاديميا حول مادة الميثانول ، وإن كانت الرواية بكل تفاصيلها المثيرة كانت تدور حول هذا العالم السفلي الذي تديره عصابات الإتجار بالبشر ، الذين يستثمرون في المتشردين ويحولونهم إلى “إسبيرات” بشرية أي قطع غيار إنسانية للبيع!!.
*يستعين عبد العزيز بركة ساكن ببعض الأحداث الحقيقية في حبك روايته ، ويذكر في مواقف أخرى أسماء شخصيات حقيقية وأماكن معروفة ليست مقصودة لذاتها ، لكنه يحاول عبر كل ذلك السرد الهجين بين الواقع والعالم المتخيل الغوص في قاع المدينة وفي دواخل شخوص روايته الذين يتعاطون الميثانول ومشتقاته أو يتعاملون فيه.
*أوضح لنا المؤلف أن بعض أبطال روايته إنما يعملون في منظمة مجتمع مدني تعمل في مجال حماية الطفولة ، وهم الباحثة الإجتماعية سلوى عبدالله وأمها وعبدالباقي الخضر والصحفي احمد باشا وحكمة رابح ذات الخلفية القانونية ، وأورد حادثة وفاة 76 متشرداً في يوم من أيام يوليو 2011م التي نشرتها صحف الخرطوم حينها ، وكيف كانت مغامرتهم البحثية وسط المتشردين أنفسهم.
*في تجربة إنسانية لاتخلو من مغامرة إحتضنت سلوى وأمها ما يمكن أن نطلق عليهم مجازاً أسرة من المتشردين ، هم الفقيه المتشرد الذي يدعي أنه زوج الصغيرة نونو وأنجب منها حسكا وجلجل ، قادتهم هذه التجربة إلى إكتشاف بعض خيوط الشبكة الإجرامية التي تتاجر في الأعضاء البشرية.
*من الإشارات الإيجابة التي توصلت لها الباحثة الإجتماعية سلوى عبدالله أن الفضل يرجع للمؤسسة الأسرية في التقليل من عدد المتشردين والأطفال خارج الرعابة الوالدية.
*ألم أقل لكم إن “مخيلة الخندريس” لعبد العزيز بركة ساكن ، رواية غير.
لم تقل لنا ما هي الخندريس…؟ وكيف تميزت الرواية؟
الخندريس هو العرقي