مقالات وآراء

الفيتوهات تحصيل حاصل .. هذه حروب سماسرة !!

محمد الصادق

الفضائيات والسوشل ميديا نقلت إلينا تباكي المعارضة علي الفيتو الروسي ، كونه يعني استمرار الحرب ، لكنها ليست إلا دموع التماسيح ، فنحن ندرك أن السياسيين والقادة العسكريين لا يتضررون من استمرار الحرب قيد أنملة، بل علي العكس ربما استفادوا من الميزانيات الضخمة للتنقل والسكن والإعاشة ، أنظر كيف يتنقلون بين نيويورك ونيروبي والرياض واديس أببا والقاهرة والدوحة ، فهل كانوا سيستمتعون بكل ذلك لو توقفت الحرب؟؟!! .

المواطن يعاني في التنقل أيما معاناة ، يدفع مبلغا كبيرا مقابل السفر مسافة ستين كيلومتر- مثلا؛ لكنه يقضي يومين في الطريق ، حيث يتم توقيف المركبات وتفتيش الركاب نحوا من ثلاثين مرة ، يتم تفتيش الشنط والأمتعة وتفتيش شخصي ، وفتح الرسائل الشخصية في الواتس والفيس واسترجاع الصور المحذوفة ؛ وطبعا يكون المبيت علي نفقته؛ بينما ضابط صغير بوحدة إدارية يركب عربة حكومية يقطع هذه المسافة في لمح البصر أو أقرب !! .

روسيا بالطبع مستفيدة من بيع الأسلحة، سواء كان بطريقة مباشرة أو بواسطة وكلائها في المنطقة ؛ ونفس الأمر ينطبق علي أمريكا ؛ ولذلك فإن سعي هذه الدول لإيقاف الحروب هو مجرد نفاق سياسي أصبح مكشوفا الآن ، بعد مجازر غزة البشعة التي ظلت تنقل علي الهواء مباشرة لأكثر من عام ، والتي تجرّب فيها إسرائيل أسلحة وتقنيات جديدة.

فى الصحافة العربية كاريكاتير للرئيس الأمريكي المنتخب وهو يحلب بقرة بينما اصحابها يمسكون له بقرونها ، وهذا بالطبع يشير إلي استنزاف المال العربي الذي يتم عن طريق صفقات السلاح. الدول العربية ذات الإقتصاديات الجيدة تشتري منظومات السلاح الكبيرة ، ولذلك قد تأمن شر الحروب ولو إلي حين ؛ لكن من يشتري المدافع والمدرعات لا بد أن يستهلكها ، فهنا لا بد من الحرب ؛ فإمريكا حتي لكي ترفع عقوباتها الإقتصادية غرّمتنا ملايين الدولارات مما سبّب لنا أزمات في الخبز والدواء.

قبل الحرب بأشهر ؛ كنت استعجب من الكميات المهولة من عبوات الغاز المسيل للدموع التي كانت تطلقها سلطات الخرطوم لفض التظاهرات ، لدرجة أن الامكنة كانت تحتفظ بالرائحة لعدة أيام ، حتي انني كنت أظن أنه منتج محليّ ، لكن تبين لي أنه مستورد ، وعالي التكلفة. الآن عندما تنظر إلي مباني الخرطوم التي صارت أطلالا ، بل حتي عندما تنظر الي الأرض تحت قدميك ، تدرك حجم وكمية الذخائر والقنابل التي استخدمت. لقد قُدرت أعداد قتلي الحرب من سكان الخرطوم وحدها بأكثر من ستين ألفا ، لكن يعتقد أن الأعداد أكثر من ذلك ، لأن إحصائيات طبية ذكرت أنه تم إجراء أكثر من ٢٢ ألف عملية استخراج أعيرة نارية في الخرطوم وحدها. من النادر جدا في الخرطوم أن تري حائطا يخلو من ثقوب المدافع الرشاشة ، هذا إن صمد أصلا ولم ينهار. كأن المعارك دائرة منذ مائة عام وليس عامين فقط. هذه كلها أسلحة وذخائر مستوردة بمليارات الدولارات ، وهي تستنزف معظم واردات البلاد إن لم يكن جلها تقريبا ؛ لتترك المواطنين حفاة عراة ، مرضي وجوعي.

لقد ظلت البلاد تنفق أموالا طائلة في التسلّح إبان حرب الجنوب لأكثر من عقدين من الزمان ؛ وما كادت تنتهي حرب الجنوب حتي بدأت حرب دارفور في نفس العام تقريبا. عندما تلقيت اخبار اندلاع الحرب الحالية في الأيام الأولي قابلتها بالتكذيب ، فلم أكن لأصدق أن تدور حرب ثالثة في غضون نصف قرن من الزمان ، لكني تذكرت أن السودان صار زبونا دائما لموردي السلاح ، وقد بات واضحا منذ قرابة العام أنه ليس فقط الجيش من يرفض إيقاف الحرب ولكن كذلك الدعم عندما رفض قائده لقاء نظيره لأسباب “فنية”. القائدان لا يملكان وقف الحرب ، ولو كانا يملكان ايقافها لما أشعلاها اصلا ، والقول بأن المشكلة بين جنرالين نعتقد بأنه تبسيط ساذج للأمر. فهذه حروب لها سماسرة وعملاء ، وكما حدث في دول اخري فهي ستأخذ وقتها ثم تقل وتيرتها عندما يظهر سماسرة وعملاء آخرون في أماكن أخري. اليوم يُستخدم الفيتو ضد وقف الحرب في غزة وبالأمس في السودان ، انظر كيف يتبادلون الأدوار في الحرص علي إستمرار الحروب ، والسبب هو الرغبة في تجريب وترويج أسلحة نوعية ، فإن لم يكن هنالك حروب فأين تُجرب هذه الأسلحة وكيف تُروج؟؟!! لقد اضطروا لإشعال حرب في أوربا نفسها من أجل ترويج المنظومات الهجومية والدفاعية المتطورة ، وها هي أمريكا تأذن لأوكرانيا باستخدام صواريخها داخل روسيا، ولكن – للعجب- تحدد لهم مقاطعة روسية معينة !! .

 

أذكر اننا كنا ندرس في الإبتدائي ثورات التحرر الوطني ضد الإستعمار ، ولذلك لم نفهم شيئا عندما قدم لنا مدير المدرسة تهنئة بمناسبة “تحرير الكرمك”، فهذا النوع من “التحرير” لم يعطوه لنا في المنهج الدراسي! وحتي عندما كبرنا وهرمنا ، كنا بالكاد نستوعب الأناشيد الحماسية بالتلفزيون -زمن القناة الواحدة :

جندينا جسور … يثور

حرّر فشلا ويرول

وحرّر بيبور !! .

 

□■□■□■□■

>>> تذكرة متكررة<<<

 

نذكّر بالدعاء علي الظالمين

في كل الأوقات .. وفي الصلاة

وخاصة في القنوت

-قبل الركوع الثاني

في الصبح

علي الذين سفكوا الدماء

واستحيوا النساء

واخرجوا الناس من ديارهم

بغير حق

واسترهبوا الناس

النساء والاطفال وكبار السن

وساموهم سوء العذاب

وعلي كل من أعان علي ذلك

بأدني فعل أو قول

(اللهم اجعل ثأرنا

علي من ظلمنا)

فالله .. لا يهمل

ادعوا عليهم ما حييتم

ولا تيأسوا ..

فدعاء المظلوم مستجاب

ما في ذلك شك :

{قُلۡ مَا یَعۡبَؤُا۟ بِكُمۡ رَبِّی

لَوۡلَا دُعَاۤؤُكُم}.

 

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. للاسف تحليل واقعي لما يحدث ..كل الدول تنظر لمصالحها في السودان..و لا تريد لهذه الحرب إن تنتهي ..انظر لمواقف كل الدول حتي التي كنا نظنها شقيقة و جارة..انتظر لمواقفهم..السودان ظل يفتح ابوابه للفارين من الحروب و الان تفرض علينا الرسوم و التاشيرات من دول الجوار…للاسف حروب مخطط لها لاستنزاف ثروات السودان و نحن نشارك فيها بغباء و تتناحر فيما بيننا و ننسي العدو الذي يتربص بنا …حتي الحرب لم توحدنا..فمتي نتحد و نعمل من اجل الوطن…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..