مقالات وآراء

أين تقف .. مع مليشيات الجيش أم مليشيا الدعم السريع؟

طلعت محمد الطيب

 

رأينا ومنذ بدء هذه الحرب القذرة كيف ظل إعلام الفلول يثابر في إلصاق تهمة إنحياز تنسيقية تقدم إلي قوات الدعم السريع وإتهامها بأنها جناح سياسي له ، ولكن دون تقديم حجج مقنعة.

الواقع ان تقدم وغيرها من قوي سياسية ومدنية وافراد ومنظمات تبذل ما تستطيع من جهد لوقف العدائيات وعودة الفريقين إلي طاولة المفاوضات. هذا المقال لا يهدف إلى مناقشة هذا الأمر ، بل هو محاولة لتقديم رؤية أقرب لواقع الوجدان السوداني تجاه الفريقين المتحاربين وهي حرب نعلم جميعا إن الوطن والمواطن هو من يدفع تكلفتها الباهظة جدا ويسعى كل العقلاء إلى إيقافها ، بل يتوق الناس إلى العودة لحياتهم الطبيعية قبل الحرب رغم ما كان بها من معاناة وشقاء.

حتي نفهم مشاعر الناس تجاه الفريقين المتقاتلين لا بد من الاستعانة بنظرية التطور والحداثة الثانية (استخدمها في مقابل الحداثة الاولي) ، لأنها تبنت موقف يرتكز علي حقيقة أن المعرفة ثنائية وهي معرفة العقل مقابل الفطرة. والاستعانة بالتطور لا علاقة له بالقضايا الوجودية الكبري مثل الإيمان والإلحاد بل إنها استعانة ذات طابع معرفي أو ابستمولوجي ودليلي علي ذلك هو وقوف العديد من الدعاة الإسلاميين بحماس شديد مع نظرية التطور بحكم ان العلم الحديث والحفريات ظلت تؤكد صحتها في مجملها. هناك مثلا الشيخ عدنان ابراهيم في أوروبا وهناك عبد الصبور شاهين في مصر وهو للمفارقة كان ممن قدموا دعوة ضد الكاتب الراحل نصر حامد أبو زيد يكفره فيها ويؤيد ضرورة التفريق بينه وبين زوجته!.

بل حتي رموز الإسلام السياسى من أمثال القرضاوي كان قد صرح في لقاء تلفزيوني شهير فيما يتعلق بنظرية التطور ، أنه علي إستعداد لإعادة تأويل النصوص الدينية لتستوعب نظرية التطور. وقبل ذلك كان الشهيد محمود محمد طه له موقف واضح مؤيد لنظرية تشارلز داروين بمعني أن أبو البشرية آدم كان له اب وام.

التطور يعني أن اسلاف الإنسان عاشوا ملايين السنين قبل ان يظهر الإنسان بشكله الحديث قبل عشرات الالاف إلي مائة الف سنة تقريبا. ومن المعروف أن غرائز الإنسان تطورت لتعزيز تناسله وتطوره وانطبعت تلك الغرائز في تلافيف الدماغ وهي قوية جدا لأنها ارتبطت ببقاء الإنسان. ومن المعروف ايضا أن الإنسان كان قد عاش آلاف السنين في مجموعات صغيرة ومن الغرائز القوية لديه هي غريزة الانتماء لمجموعته وحمايتها لأن في ذلك حماية لنفسه ولذلك أصبحت غريزة (نحن) ضد (الآخرين) لحماية أنفسنا منهم ، قوية جدا ، بحيث لا يقل تاثيرها علي سلوك الإنسان عن غرائزه الجنسية والبيولوجية الأخري.

تطور العقل بمعني السببية والمنطق كان تطورا لاحقا وبطيئا في مقابل الفطرة intuition حتي ان أحدهم قال أن نمو ريش الطيور بعد أن تطورت من الزواحف كان بغرض التدفئة وليس الطيران وإن الطيران جاء عرضا. عقل الإنسان لانه مازال ضعيفا واسيرا لفطرته الحيوانيه يحتاج إلي روافع مثل المؤسسات والقيم وكل ما شانه تعزيز وترقية التفكير الجماعي. وقد شبه عالم النفس الامريكي الشهير جوناثان هيدت العقل براكب الفيل ، والفيل في هذه الحالة هي الفطرة ، وإنت لا تملك سوي توجيه ذلك الفيل الضخم إلي الوجهات الصحيحة ولا يمكنك تجاهله لانه سيكون من يقودك في هذه الحالة. مشكلة الحداثة الاولي إنها اعتقدت بقدرة العقل علي السيادة بل تحول دعاتها حتي إلي شئ شبيه ب ” عبادة السبب” وهذا ما فعله الناس اثناء الثورة الفرنسية حينما دخلوا إحدى كاتدرائيات باريس وقاموا بتكسير تصاوير العذراء والسيد المسيح وكل الرموز الدينية واستبدلوها بشعارات تمجد السبب reason والعقل.

مع أن الواقع يقول أن القيم الدينية وكل القيم الإنسانية هي ضالة المجتمعات الإنسانية التي تسعى إلي الإستقرار والاحساس بالأمان والسعادة.

غريزة (نحن) و(هم) هي المتحكمة بقوة الآن في الشهد السوداني ، فهناك من يميل وجدانه إلى تأييد مليشيات الجيش لانه ينتمى إلي مجموعات وسط وشمال السودان المهدد ب (الآخر) او حتي وهم إفتراض قومية الجيش رغم ان كل الدلائل تشير وبقوة الي غير ذلك. هناك من يقف مع قوات الدعم السريع ايضا بحكم الانتماء الجغرافي لغرب السودان وهناك من ينطلق من الانتماء إلي (قبيلته الايديولوجية) في انحيازه إلي هذا الفريق أو ذاك .

ولذلك علينا أن نساعد عقلنا علي التحكم في (فيل المعرفة الفطرية) وتوجيهها إلي الطريق الصحيح ، طريق التفاوض من اجل السلام والامن والتفاهم والاستقرار.

 

[email protected]

‫8 تعليقات

  1. الوقوف مع الجيش رغم ( علاته ) هو القرار الصحيح ففي حال انتصر الجيش و هذا هو المتوقع و بعدها حاول الجيش الانفراد بالسلطة أو محاولة تدوير حكم الكيزان الشعب موجود و كذلك الشارع و الرتب العسكرية الصغيرة والمتوسطة و الجنود سيقفون مع الشعب كما حدث من قبل في ثلاثة انتفاضات و لكن إذا إنتصرت مليشيا مرتزقة عربان الشتات الإفريقي و بعدها انفردوا بالسلطة و تكوين دولتهم كما هو مخطط له و خرج الشعب الي الشارع مطالباً بالتغيير فهل الأوباش الذين شاهدناهم في الخرطوم و دارفور و الجزيرة و تمثيلهم بجثة والي غرب دارفور و نسائهم ( يزغرتن ) هل من الممكن أن يقفون بجانب الشعب ؟ لهذا السبب و اسباب اخرى تقف الغالبية العظمي من الشعب مع الجيش رغم الخلل الذي فيه و رغم علاته…

    1. صدقت. لا بد و لا مفر من الوقوف مع الجيش رغم علاته الواضحة و علي قادة الجيش إن يتقوا الله و يعملوا لوحدة الصف

      1. الاخ حسن صالح… هناك بعض المغيبين من القطيع إياهم و بعض الذين لديهم فجور في الخصومة السياسية
        لا ينظرون إلي ما بعد إنتهاء الحرب في حال انتصار مرتزقة جرذان و كلاب عربان الشتات الإفريقي و إنهيار الجيش و ماسكين في اسطوانة الكيزان و الفلول و هي نفس اسطوانة الجيش العراقي جيش حزب البعث فتاكلبوا علي الجيش العراقي و بعدها حدث ما حدث و لا تظن أن هتاف ( معليش… معليش ما عندنا جيش ) هتاف جاء بالصدفة بل هتاف مقصود و معروف الغرض منه…

      2. (وعلى قادة الجيش أن يتقوا الله…) يعني في عقلك الباطن إنت عارف انهم ما بتقوا الله! طيب هم ما عاوزين يتقوا الله تعمل ليهم شنو؟ لو كان عندك نصيحة للجيش قول ليهم امشوا الحدود من أكبر ضابط إلى أصغر عسكري نفر، فهناك مكانهم الطبيعي مع قيادتهم العامة نفسها

    2. الما قادر تفهموا إنه جيش الكيزان دا لو إنتصر
      أضرب وحشية وهمجية الجنجا في مليون
      ما أظنه حيخلوا مواطن عايش في السودان
      حتشوفوا بشاعة وغل وحقد وإنتقام ما حصل
      وحيواصلوا نهب من اليوم الأول بعد الحرب
      الشفناه من كيزان الجيش في الحلفايا والدندر والتمثيل بالجثث وقطع الرؤوس
      وضح لينا أننا امام مرضي نفسيين نتمني من الله العزيز الرحيم أن لا يسلطهم علينا مجددا

      1. سوداني بيحب السودان.. دي اسطوانة مشروخة يرددها أبواق مرتزقة جرذان و كلاب عربان الشتات الإفريقي لتخويف الشعب من الكيزان و الشعب السوداني أقوي من الكيزان و الكيزان مهما بلغوا من سوء و وحشية فلا مقارنة بينهم و بين المرتزقة و ماحدث من مرتزقة جرذان و كلاب عربان الشتات الإفريقي لم يحدث في تاريخ السودان..

        1. علي الأقل الدعم السريع عنده معتقلين
          كتائب البراء في يوم واحد في الحلفايا قتلوا أكثر من مية شخص
          بتهمة التعاون مع الدعم وفي الدندر قتلوا أكثر من ألف …لا محاكمات ولا معتقلات ولا وجع دماغ.
          زي ما قال أحمد هارون لمن كان حاكم أكسح أمسح ما تحيبوا حي
          تفتكر الشعب السوداني حينسي المسمار في رأس الطبيب والسيخة
          في دبر المعلم، وضابط الأمن الذي كان تخصصه مغتصب ؟؟؟
          نحن عارفين الكيزان كويس وما في زول بيحرشنا
          صبرنا عليهم كم وتلاثين سنة وتاني ما بيرجعوا يحكمونا
          نطقة سطر جديد
          وهسع نقول ليك، يفوتوا يخلو الجيش في حاله كلنا بندعم الجيش

  2. دى “جدادة الفلسفة’” ذاتها
    الحاصل الأن أن هناك جزء من البلد يجد فبه المواطن الأمن و ينزح اليه من لا يجده
    و جزء “محتل” تنتهك فيه كل حقوق المواطن فيهرب أو يموت
    جدادة الفلسفة دى اكلها أنت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..