مع تزايد فرص التهدئة في لبنان.. هل يصبح الحوثيون هدف إسرائيل التالي؟
وسط تصاعد مؤشرات “التفاؤل الحذر” تجاه تهدئة مرتقبة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، يبرز تساؤل حول الهدف التالي لـ”تل أبيب” في حال نجاح المساعي الدبلوماسية في وقف إطلاق النار.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توعد في سبتمبر/أيلول الماضي، ميليشيا الحوثي بـ”دفع ثمن باهظ” عقب إحدى هجماتهم الصاروخية على تل أبيب، فيما أكد الجيش الإسرائيلي في الشهر ذاته أن “وقت الحوثيين آتٍ، لكن التركيز الآن منصب على مواجهة حزب الله”.
وتباينت آراء الخبراء العسكريين والمحللين السياسيين بشأن إمكانية تنفيذ إسرائيل وعيدها بعد الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، بين خيار تنفيذ ضربة مباشرة ضد الحوثيين، وخيار دعم عملية عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة لإزاحة التهديد الحوثي القادم من أقصى جنوب الجزيرة العربية، خاصة في ظل قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة وتغير سياساتها تجاه إيران وأذرعها في المنطقة.
ظروف مهيأة
ويرى المحلل السياسي أنور التميمي، أن ضرب قدرات ميليشيا حزب الله وحالة الاهتزاز التي تعيشها تنعكس بشكل طبيعي على ميليشيا الحوثي، نظرًا لعلاقة الطرفين غير المتكافئة والقائمة على تبعية الحوثيين لحزب الله الذي أشرف قادته وخبراؤه على نشأة الميليشيا في اليمن وتأهيلها عسكريًا وتنظيميًا.
وقال التميمي لـ”إرم نيوز”، إن هذا التأثير المباشر يقلّص قدرات الحوثيين على الاستمرار في هجماتهم وعملياتهم العسكرية على المدى المتوسط، في ظل بقاء عدد من خبراء حزب الله والحرس الثوري الإيراني في الداخل اليمني.
وأشار إلى أن التوجهات الدولية، إن كانت جادة في شلّ القدرات العسكرية للأذرع الإيرانية في المنطقة، “فإن الظروف مهيأة لاستهداف الحوثيين، حتى من خلال قوات محلية، بشرط أن تكون عملياتها متزامنة مع الضربات التي يتلقاها حزب الله أو تأتي بعدها مباشرة”.
وأضاف أن استمرار غياب المواقف الحاسمة من قبل المجتمع الدولي، وتحديدًا الولايات المتحدة، تجاه الحوثيين قد يدفع إيران إلى إحالة المهام الموكلة إلى حزب الله في المنطقة إلى الميليشيا الحوثية، ما يعزز من قدراتها ويزيد من تهديداتها الإقليمية.
استراتيجية مشتركة
يرى المحلل العسكري العميد ثابت حسين أن مساعي إسرائيل للتوصل إلى اتفاق مع حزب الله تهدف إلى فصل جبهة لبنان (حزب الله) عن غزة (حماس)، ومن المتوقع أن تُطبق الاستراتيجية نفسها مع ميليشيا الحوثي “لتجنب تشتيت جهودها في أكثر من جهة في الوقت ذاته”.
وذكر في حديثه لـ”إرم نيوز” أن التعامل الإسرائيلي مع الحوثيين مرتبط بشكل وثيق بالاستراتيجية الأمريكية تجاه إيران وأذرعها في المنطقة، حيث يبدو أن التركيز الأكبر سيخصص في المرحلة القادمة للتعامل مع ميليشيا الحوثي.
وفيما يتعلق بالمسافة الجغرافية بين إسرائيل واليمن، والمتطلبات اللوجستية لتنفيذ عمليات عسكرية هناك، أوضح العميد ثابت أن تل أبيب قد تعتمد على الطيران الحديث، بما في ذلك الطائرات المسيرة، لتنفيذ طلعات جوية تستهدف التهديدات الحوثية ضمن بنك أهداف يتم تحديثه باستمرار.
وفي المقابل، تستبعد الباحثة السياسية ميساء شجاع الدين قيام إسرائيل باستهداف الحوثيين، حتى في حال انتهت عملياتها العسكرية ضد حزب الله، إلا إذا استهدف الحوثيون العمق الإسرائيلي بشكل مؤثر، كما حصل سابقًا، مما استدعى ردًا إسرائيليًا محدودًا على ميناء الحديدة.
وقالت في حديثها لـ”إرم نيوز” إن اليمن يمثل بالنسبة لإسرائيل فرصة لدفع الولايات المتحدة نحو انخراط أكبر في المنطقة، من خلال الدخول في مواجهة مباشرة مع الحوثيين الذين يهددون قواعد الملاحة العالمية، وهي مسؤولية تتولاها واشنطن بوصفها “شرطي العالم”.
وأضافت أن مواصلة الحوثيين هجماتهم على السفن في المياه الدولية تعد “إهانة لهيبة الولايات المتحدة”، ما يعزز أهمية استمرار الحضور الأمريكي في المنطقة وانخراطه في الصراع بشكل مباشر.
تقييم الأخطار
وأشار المحلل السياسي الدكتور حسين القور إلى أن إسرائيل لم تتقدم بشكوى رسمية ضد الحوثيين إلى مجلس الأمن، كما فعلت مع الفصائل الموالية لإيران في العراق، ما يعكس تقييما استراتيجيًا مختلفًا للأخطار والتهديدات المحيطة بها.
وذكر القور في تدوينة على منصة “إكس” أن إسرائيل تعتبر إيران وحلفاءها المباشرين، مثل حزب الله والفصائل العراقية، تهديدًا مباشرًا لأمنها، في حين ترى أن الحوثيين، رغم ارتباطهم بإيران، لا يشكلون نفس المستوى من التهديد بسبب بعدهم الجغرافي النسبي.
وأضاف أن إسرائيل قد تتجنب الانخراط في صراع بعيد قد يشتت انتباه العالم عن مواجهتها الرئيسية مع حزب الله وإيران، وتفضل التركيز على التهديدات الأكثر إلحاحًا والأقرب إلى حدودها.