أخبار السودان

فيم اهتمامنا باطراف الحرب .. واهمال الحرب نفسها؟

معمر حسن محمد نور

 

منذ اليوم الاول لاندلاع الحرب ، بت على قناعة تامة ، بان ( الحرب) التي اشتعل اوارها في العاصمة القومية ، لا محالة ذاهبة الى بقية ارجاء الوطن ، سواء ممن بدأ القتال او من اطراف اخرى. فالحروب على امتداد تاريخ البشرية ، كانت نتاج انسداد الافق وبلوغ تناقض المصالح الى ذروته. ولئن لم يستشعر المتقاتلون فداحة ما يقومون به ، ودماء واموال الضحايا ، وقدموا تنازلات مؤلمة ، ستستمر حتى يسحق طرف الآخر ويرضخه او عند توازن الضعف. لكن الحروب على مر التاريخ ، تحدث تغييرات راديكالية في الواقع. فهل كان يمكن توقع مصير اوربا بدون عسرات الملايين الذين قضوا في حروبها. ومالنا نذهب بعيدا وتاريخنا ملئ بالعبر. اولم تؤد الحروبات القبلية وآثارها ودخول المستعمر التركي فالمهدية والاستعمار المصري ، وحرب الجنوب وحروب دارفور الى تغيرات جذرية في واقع بلادنا؟ عليه فمجتمعنا ليس بدعا من المجتمعات البشرية. بل واثبتت الحرب الحالية ، زيف ادعائنا بأننا متميزون. بل تملؤنا الخصال المفارقة لقيم انسانية تسم مجتمعنا بالعدالة. فنحن قبليون وجهويون ونشأنا على الانتقام وعدم التسامح وعدم تقبل الآخر وصفات اخرى سالبة كثيرة فضحتها حربنا ، ودونكم تجار الازمات وانعدام الضمير والاحساس بمعاناة الآخر كما في ايجارات المنازل وسرقة الجار الغائب واسواق المسروقات والسعداء بشراء ما سرق من الغير وامراء الحرب وعمولاتهم. ذلك جنبا الى جنب مع اصحاب المبادرات الخيرة..

ولئن كان كلل ما سبق دواع لصراع المصالح يؤدي الى الاقتتال بمجرد توقف لغة الحوار وامتلاك السلاح ، فإن نهاية تحالف الدولة التي حكمتنا منذ التركية وفساده ، كان عاملا موضوعيا اظهر هذه المثالب. واعني بالفساد هنا معناه العام وليس ما صرفناه في ثقافتنا الى المال والاخلاقي قاصدين ما له علاقة بالجنس. فالفساد ببساطة ، هو تحول طبيعة الشئ من نافع الى ضار كما في الفواكه والخضروات. فأن كنت تخرج بسيارتك بلا ترخيص ولا تحمل رخصة فانت فاسد. ورجل المرور الذي لا يطبق القانون نظير عطية فاسد. بل ومستقل مركبتك وهو يعلم ذلك فاسد. وقس على ذلك في كل المجالات.

بالعودة الى تحالف الحكم ، فقد كان بين رأس المال والدين وطوائفه والخدمة المدنية والقبيلة وتحميهم جميعهم القوات المسلحة. وكان رأس المال قادرا على مكافأة كل هؤلاء مع فساد اقل. الا ان تبني الانقاذ لاقتصاد طفيلي اعاد توزيع رئوس الاموال بين اطراف النحالف. فلا غرابة في ثراء موظف مرتش او نظامي يستغل وضعه او زعيم قبيلة يغتني بعلاقته بالسلطة او زعيم طائفة دينية يتنعم بما قسمته الدولة له وجهل الاتباع او حتى امام مسجد يعمل بالسمسرة وتجارة العملة. كل هرلاء تنافسوا على جهد المنتجين واستغلالهم زراعا كانوا او رعاة او معدنين تقليديين وغيرهم.

لذ، ليس غريبا ان الاسواق ورأس المال اول ضحايا وصول الحرب الى منطقة ما.عليه مع تشابه عوامل الفساد وصراع المصالح ، فإن (الحرب) ستنتقل للاسف لتصيب كل ارجاء البلاد ان لم نتغير نحن فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم كم اوضح لنا جل شأنه. والا سنافرج بلا مبالاة على احتفالات كل طرف بانتصاره ظون اعتبار لتخريب الدولة ومتعهدي سفك الدماء .وكل يوم تتناسل الاطراف التى ستزيد اوار الحرب.

عليه يجب ان ندرك ان الحرب تتوقف بوعينا بمثالبنا وانتقالنا الى القدرة على تقبل الاخر وتقديم التنازلات المؤلمة. والا فابشري بطول اقامة ام قشعم.

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..