مقالات وآراء سياسية

الممارسة السياسية بين لجان المقاومة والأحزاب السودانية – الفروق والمفاهيم

زهير عثمان حمد

 

جذور الممارسة السياسية , تمثل لجان المقاومة والتنسيقيات ظاهرة سياسية حديثة نسبياً في السودان ، برزت كاستجابة لقمع سياسي طويل استهدف الأحزاب التقليدية والنشاط السياسي العام. ورغم كونها امتدادًا للمطالب الجماهيرية ذات الطابع السياسي ، تختلف هذه اللجان في تكوينها وممارساتها عن الأحزاب التقليدية. بينما تمثل الأحزاب السياسية تاريخًا يمتد لعقود ، تعكس لجان المقاومة ظاهرة شبابية محلية تركز على القواعد الشعبية وحشدها حول قضايا محددة.

الأحزاب السودانية الإرث التقليدي والواقع السياسي

ظهرت الأحزاب السودانية في منتصف الأربعينيات ، متأثرة بالصراع الأيديولوجي العالمي آنذاك بين الماركسية ، الليبرالية ، والقومية. كان لهذه الأحزاب دور رئيسي في حركة التحرر الوطني ، لكنها عانت لاحقًا من التشظي والصراعات الداخلية ، مما جعلها أكثر ارتباطًا بالرموز التاريخية والأيديولوجيات الجامدة مقارنة بالتحولات الاجتماعية والسياسية الحديثة.

الأزمات البنيوية للأحزاب

التخندق الأيديولوجي , مثلاً ، تأثر الحزب الشيوعي السوداني بأطروحات عبد الخالق محجوب ، الذي أُعجب بالماركسية كإطار تفسيري شامل ، إلا أن هذا الخيار جعله غافلاً عن تحولات أوسع مثل فكر ماكس فيبر حول عقلانية الرأسمالية والتطور المجتمعي.

البنية التقليدية أن معظم الأحزاب السودانية بنيت على الولاءات الطائفية أو الأيديولوجية الضيقة ، مما جعلها أقل قدرة على استيعاب الديناميكيات الشبابية أو فهم تطور مفاهيم مثل الدولة الحديثة والسلطة.

لجان المقاومة ما بين التنظيم القاعدي والفعل الثوري

ظهرت لجان المقاومة كآلية محلية في الأحياء السكنية ، مستفيدة من العجز الذي أصاب الأحزاب السياسية في تبني قضايا الشارع.

مزايا لجان المقاومة

اللامركزية , وتعتمد هذه اللجان على التنظيم القاعدي ، مما يمنحها مرونة في التحرك والابتكار بعيدًا عن البيروقراطية.

التركيز على القضايا اليومية , انخرطت لجان المقاومة في قضايا معيشية مباشرة ، مثل توفير الخدمات أو فضح الفساد ، مما أكسبها تأييدًا شعبيًا واسعًا.

التواصل مع الشباب وجذبت قطاعات شبابية غير مسيسة سابقًا ، مستغلة وسائل التواصل الاجتماعي وأدوات التعبئة الحديثة.

الاختلاف عن الأحزاب ورفض الانتماء الحزبي وغالبًا ما تنأى لجان المقاومة بنفسها عن الانتماءات الحزبية ، مؤكدة استقلاليتها عن التيارات الأيديولوجية التقليدية.

شعارات حاسمة

رفعت شعارات مثل “لا تفاوض ، لا مساومة”، مما يعكس نزعتها الثورية غير التصالحية مع المؤسسات التقليدية.

الاشتباك بين الرؤيتين من خلال التحليل السياسي في مفاهيم الدولة والسلطة

الأحزاب التقليدية ، مثل الحزب الشيوعي ، تعاني من تأخر في فهم تحول مفاهيم السلطة والدولة ، حيث استمرت في تأطير الدولة ضمن الصراعات الطبقية أو القومية. في المقابل ، لجان المقاومة تقدم نمطًا جديدًا يركز على الاحتياجات المحلية دون التزام بفلسفة شاملة للدولة.

في التحديات التنظيمية

غياب جسم قيادي موحد للجان المقاومة يجعلها عرضة للتفكك أو الانقسامات في حالة طول أمد الأزمات مقارنة بالأحزاب التي تمتلك تاريخًا تنظيميًا وإن كان متعثرًا.

نحو تكامل سياسي

رغم اختلاف المرجعيات ، تبقى الحاجة إلى تكامل بين رؤية الأحزاب السودانية القائمة على الخبرة التاريخية ، وحراك لجان المقاومة الذي يعكس واقعًا شبابيًا طموحًا. إن مستقبل العمل السياسي في السودان يتطلب إعادة قراءة للواقع الفكري والسياسي ، خاصة في ظل تحديات بناء دولة حديثة ذات عقلانية مؤسسية تعتمد على مفاهيم جديدة للدولة والسلطة ، تتجاوز أيديولوجيات القرن الماضي وتستلهم فكرًا حداثيًا قادرًا على الاستجابة لتطلعات الحاضر.

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..