محورها السنغال.. “حرب” روسيا وأوكرانيا تحتدم في غرب أفريقيا
سلطت رغبة السنغال في تنويع شركائها الدوليين مع إحكام الرئيس باسيور ديوماي فاي قبضته على البرلمان، الضوء على الاهتمام الخاص الذي تبديه روسيا بهذا البلد الواقع غرب أفريقيا، في ظل التضييق على تحرك فرنسا في المنطقة، فيما دخلت اوكرانيا على الخط أيضًا عبر تقديم مغريات لداكار.
وبدت السنغال ساحة صراع جديدة بين روسيا وأوكرانيا، وسط رغبة من القوتين المتحاربتين في كسب حلفاء في منطقة غرب أفريقيا.
وأفاد المكتب الصحفي للكرملين بأن محادثات هاتفية بين الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره السنغالي والتي جاءت ببادرة من الأخير، تطرقت إلى “الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا على خلفية استمرار عدم الاستقرار الناجم عن أعمال الجماعات المتطرفة”.
ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره السنغالي باسيرو ديوماي فاي لزيارة موسكو وهي الدعوة التي حظيت بقبول فاي مطلع العام 2025.
والتقارب بين داكار وموسكو آخذ في التزايد، ما سمح لرئيسي البلدين بتأكيد رغبتهما في تعزيز العلاقات الثنائية، الودية تاريخيا، في القطاعات الرئيسية مثل التجارة والاقتصاد والاستثمار والطاقة والنقل والزراعة.
ومع وجود أغلبية كبيرة في البرلمان لدى الحزب الحاكم، أصبح لدى الرئيس السنغالي وحكومته الآن الحرية في تنفيذ ما يصفونه بسياسة “القطيعة”، فقد اعترف كبار زعماء المعارضة بهزيمتهم في الانتخابات التشريعية المبكرة التي ستحدد ما إذا كان باسيرو ديوماي فاي قادرا على تنفيذ الإصلاحات الطموحة التي وعد بها خلال حملته الانتخابية.
وقال فاي، الذي انتخب في مارس الماضي إن عدم الحصول على الأغلبية البرلمانية منعه من تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها، بما في ذلك مكافحة الفساد، ومراجعة تصاريح الشركات الأجنبية وتأمين حصة أكبر من الموارد الطبيعية لصالح السكان والخروج من منطقة الفرنك الأفريقي.
ومن المؤكد أن الرئيس السنغالي يرغب في تجديد علاقاته مع فرنسا، التي تظل شريكه التجاري الأول، لكنه يهدف أيضا إلى إعادة التوازن إلى شراكات دكار الدولية. ومن هذا المنظور فإن روسيا هي الشريك المفضل، إلى حد الآن، مع سعي موسكو إلى استعادة النفوذ السابق للاتحاد السوفييتي في القارة الأفريقية.
ولا تزال فرنسا تحتفظ بنحو 500 جندي في السنغال، وهو عدد محدود مقارنة بقواتها التي سحبتها من منطقة غرب أفريقيا، ومن غير الواضح ما إذا ستستبق أي قرار من دكار بسحب عساكرها كما فعلت في مالي والنيجر.
وتوجهت المجالس العسكرية الحاكمة في باماكو ونيامي وواغادوغو، نحو التحالف مع موسكو حيث باتت اليوم الشريك الأول لدول الساحل الأفريقي في مجال الحرب على التطرف، بدلا من الحلفاء الغرب التقليديين.
وتكثفت الزيارات بين موسكو ودكار مؤخرا، ففي أغسطس أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف محادثات ثنائية مع نظيرته السنغالية ياسين فال في موسكو. وخلال المؤتمر الصحفي المشترك، قال لافروف إن روسيا مستعدة لمساعدة كلّ من السنغال والدول الأفريقية الأخرى في تعزيز قدراتها الدفاعية، وزيادة استعداد القوات المسلحة والخدمات الخاصة لمكافحة التطرف.
وبرغم حالة التقارب، فقد أعلنت السنغال اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، ولوحظ ذلك من خلال طلبها من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش الذي يقوده الرئيس الانتقالي عاصيمي غويتا.
أوكرانيا على الخط
وفي الأثناء دخل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على الخط، معلنا عن نيته تكثيف العلاقات مع القارة الأفريقية، وخاصة مع السنغال.
وخلال لقاء مع الصحفيين الأفارقة يوم السبت 23 نوفمبر في كييف، أعلن أنه سيقيم اتصالات رسمية بسرعة مع السلطات السنغالية الجديدة.
وقال ردًّا على سؤال صحفي: “لم أُجرِ اتصالات بعد مع الزعيم الجديد للسنغال، لكنني أنوي القيام بذلك بسرعة لأنها دولة إستراتيجية”. وعلى الفور، أعطى رئيس الدولة الأوكرانية تعليماته لوزير خارجيته الحاضر في القاعة، للإسراع في هذا الملف.
وأكد زيلينسكي مجددا التزامه بتعزيز التعاون مع أفريقيا وكشف عن افتتاح 10 سفارات أوكرانية في القارة. وقد تم حتى الآن افتتاح سبع سفارات، في حين يجري العمل على إنشاء ثلاث سفارات أخرى.
وعلى خطى موسكو، يهدف الرئيس الأوكراني إلى تقديم “الخبرة الزراعية والتكنولوجية” التي تتمتع بها بلاده لأفريقيا، فضلا عن الحلول في مجال الدفاع. وقال: “يمكننا مشاركة التقدم التكنولوجي الذي أحرزناه، بما في ذلك في المجال العسكري، لمواجهة التهديدات مثل مجموعة فاغنر”.
ارم نيوز