مقالات وآراء سياسية

هل بدأت فرنسا تفقد نفوذها في إفريقيا الفرانكوفونية ودورها في الشأن السوداني؟

زهير عثمان حمد

 

على مدى عقود ، شكّلت إفريقيا الفرانكوفونية محورًا رئيسيًا للنفوذ الفرنسي بفضل روابط تاريخية وثقافية ولغوية بين باريس ومستعمراتها السابقة. ومع ذلك ، التطورات الأخيرة مثل قرار تشاد بإلغاء اتفاقيات التعاون الدفاعي مع فرنسا ، وتصريحات الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي بضرورة إغلاق القواعد العسكرية الفرنسية في بلاده ، إلى جانب الدور الفرنسي المثير للجدل في الأزمة السودانية ، تعكس تغيرات جوهرية في طبيعة العلاقة بين فرنسا ودول القارة الإفريقية.

أسباب التراجع

صعود النزعات الوطنية والسيادية

دول مثل السنغال وتشاد تسعى لإنهاء ما تبقى من الوجود الفرنسي العسكري والسياسي في أراضيها ، باعتباره يمثل هيمنة استعمارية جديدة.

خطاب القيادات السياسية في إفريقيا بات يركّز على تحقيق السيادة الكاملة ، بما يعكس مطالب المواطنين بالاستقلال التام عن التأثير الفرنسي.

التنافس الدولي المتزايد

دخول قوى مثل الصين وروسيا وتركيا إلى إفريقيا وسعيها لتوسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي أدى إلى تآكل الهيمنة الفرنسية التقليدية.

التحالفات الجديدة مع أطراف مثل مجموعة “فاغنر” في مالي وبوركينا فاسو تؤكد تحولًا جذريًا في أولويات الشركاء الأفارقة.

ضعف النتائج الفرنسية

العمليات العسكرية الفرنسية ، مثل “برخان” في منطقة الساحل ، لم تحقق الاستقرار المطلوب. هذه الإخفاقات دفعت الدول الإفريقية للبحث عن بدائل أكثر فعالية.

يُنظر إلى التعاون الفرنسي على أنه يخدم مصالح فرنسا الاقتصادية والسياسية أكثر مما يخدم شعوب إفريقيا.

التدخل الفرنسي في السودان

الأزمة السودانية تمثل مثالًا جديدًا على محاولات فرنسا الحفاظ على نفوذها عبر مبادرات سياسية مثل اجتماعات “المائدة المستديرة” في جنيف والقاهرة ، التي نسّقتها منظمة فرنسية (بروميديشن).

فرنسا تحاول لعب دور وسيط بين القوى السياسية والمدنية السودانية بهدف وقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية. ومع ذلك ، يُنظر إلى هذا التدخل بحذر ، حيث تخشى أطراف عديدة أن يكون جزءًا من استراتيجية فرنسية لإعادة تشكيل المشهد السياسي السوداني بما يخدم مصالحها ، بدلًا من مصلحة الشعب السوداني.

الرفض الشعبي العام

في دول مثل مالي وتشاد، وحتى بين بعض القوى السياسية في السودان، هناك شعور متزايد بأن الوجود الفرنسي يعوق التنمية السياسية والاقتصادية الحقيقية.

دلالات التحول

إعادة تعريف العلاقات الدولية : الأحداث الأخيرة تعكس رغبة إفريقية عامة في إعادة صياغة العلاقات مع فرنسا على أسس جديدة تقوم على الشراكة المتساوية ، بدلًا من التبعية التقليدية.

التحديات في السودان : بينما تسعى فرنسا للعب دور محوري في تسوية النزاعات السودانية ، فإن غياب الإجماع بين الأطراف السودانية على هذه المبادرات قد يحدّ من فعالية الدور الفرنسي ، ويكشف عن تراجع القدرة الفرنسية على فرض حلول في الأزمات الإقليمية.

 

ويتضح أن فرنسا تواجه تحديات متصاعدة في الحفاظ على نفوذها في إفريقيا الفرانكوفونية ، ويتجلى ذلك بوضوح في التوجهات الوطنية المناهضة لتدخلاتها ، سواء في تشاد أو السنغال أو حتى السودان. التدخل الفرنسي في الشأن السوداني عبر اجتماعات المائدة المستديرة يظهر رغبة باريس في البقاء لاعبًا رئيسيًا في القارة ، لكنه قد يُفسَّر أيضًا على أنه محاولة لتعويض خسائرها في مناطق أخرى. مستقبل النفوذ الفرنسي يعتمد بشكل كبير على مدى قدرتها على تبني سياسات جديدة تحترم السيادة الوطنية وتدعم التنمية الفعلي .

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..