مقالات وآراء

عبث لا ينتهي .. فَنَّانِي حمدوك!

منعم سليمان

تعوّدت الشعوب المقهورة على مواجهة الكبت والقهر والديكتاتورية بالسخرية والضحك، والقفز فوق عهر الواقع السياسي بالنكات والأغاني الفكهة التي تنتقد الأوضاع السائدة وتتهكم على السلطة الغاشمة وسدنتها وفسادها. ولكن أن تصبح السلطة نفسها هي التي تبتذل ذاتها، وتسخر من ذاتها، وتحتكر التنكيت والضحك على ذاتها، فهذا لم يحدث في كل عصور التاريخ، إلا بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021. وقد تفاقمت الحالة أكثر بعد حرب 15 أبريل من العام الماضي، وتحديداً بعد تأسيس سلطة بورتسودان، التي أصبحت أكبر منجم لإنتاج الضحك والسخرية في البلاد، وربما في المنطقة بأكملها!

وأصدقكم القول، إنني لم أرَ في حياتي جماعة من الناس يحملون هذا الكم من التسطيح والجهل وغياب البصيرة بقدر ما رأيت في جماعة هذه السلطة. ولم أرَ من يحرصون على التقليل والحط من شأن أنفسهم بهذا الشكل الدؤوب بقدر ما رأيتهم يحرصون. ولم أرَ مجموعة من المسؤولين يتشابهون شكلاً وصفات مثلهم: يلبسون ويتصرفون ويتحدثون ويفكرون ويقررون بنفس الشكل والأسلوب، وكأنهم توائم متماثلة تشترك في الجنس والجين!

آخر ما تفتّقت عنه ذهنية السلطة البليدة هو ما نشرته صحف ومواقع سلطة بورتسودان المجرورة كيزانيًا – علامة جرها الكسرة الظاهرة على وجه قائد الجيش حين تحدث عن مؤتمرهم العام الذي أقيم في مدينة عطبرة – حيث جاء في صحفهم أمس الخميس أن أحدهم، ويدعى هاشم عبد السلام، ومنصبه أمين عام مجلس المهن الموسيقية، أصدر قرارًا بسحب ومراجعة تراخيص الفنانين الذين وصفهم بـ”خونة الوطن” بسبب مشاركتهم في أنشطة تتعلق بتنسيقية (تقدّم) – وُصفت في الخبر بأنها “تنسيقية حمدوك” – مما يُعد تأييدًا لقوات الدعم السريع، ويُصنَّف ضمن “الغناء الفاحش” الذي يضر بالبلاد وثقافتها، الأمر الذي يستوجب تقديم المخالفين للعدالة وسحب تراخيصهم. – انتهى الخبر.

لا أعرف هل يجب على المرء أن يقهقه ويضحك حين يقرأ الخبر أم يسب ويلعن. لقد حولوا السودان إلى مكان موحش ومنفّر، مجرد الدخول إليه يخلق في النفس مشاعر متناقضة هي مزيج من الخوف والقلق والضحك. وصارت البلاد في وجودهم أشبه بسيرك في عبثه وضجيجه وصخبه، سيرك يجمع حواة ومشعوذين ومجانين ومغامرين وفاسدين مع بعض الباحثين عن التسلية الرخيصة.

ولا ريب إن اجتمع في هذا المناخ الكئيب حاوٍ ومغامر ومشعوذ مثل “الأعيسر”، الذي يتنكّر في زي وزير إعلام، مع ثمانيني مسنّ دفعه فراغ ما بعد التقاعد إلى التسلّي في سيرك البرهان بلعب دور وزير الخارجية، مع بقية رهط الأراجوزات الذين يحمل بعضهم لقب “دكتور” – وهو لقب رخيص في “سودان الكيزان” – لا يفوقه في الرخص سوى الألقاب العسكرية. بل إن “مهبولاً” وممسوسًا أصبح أنصاره الآن ينادونه بلقب “فيلد مارشال”، وهي أعلى رتبة عسكرية في جيوش العالم، لم ينلها قائد عسكري من قبل؛ من عهد مونتغمري وحتى عصر شوارتسكوف وكولن باول، ونالها في السودان جاهل لم يتلقَّ أي تعليم إعدادي نظامي أو عسكري، يدعى “سليمان أركو”، واسم الدلع “مني مناوي”!

كنت أظن أن الفتق قابل للرتق، وأن حالة الجنون محصورة في ميادين القتال ولم تنتقل إلى سدّة السلطة. لكن خاب فألي وظني؛ فالجنون صار جماعيًا، والفتق أصبح أكبر من أي رتق. وكل شيء صار قذرًا ومتسخاً، أكثر من قدرة الإنسان على الكنس والتنظيف.

لقد دنسوا كل طاهر، وتبولوا على كل مقدس!

 

‫11 تعليقات

  1. انت لاتملك حاسة الانتماء للوطن
    اما التعابير والمفردات التي تستخدمونها كلكم ملت اليسار هي لغة مواخير ومومسات والعياذة بالله
    الا لعنة الله عليكم هذا الوطن الذي انجب ابوعاج دراج المحن الذي ادب الشيوعيين خير ادبه
    عيشو في المنافي انتم لاتشبهون السودان هو أكبر واعظم من الحثالة والرمم

    1. يا عبدالكافي
      استاذ منعم سليمان يكفيه فخرا ان من ينتقده يفتخر بالدكتاتور نميري. كثير الشرور التي يعاني منها السودان اليوم سببه نميري وأول هذه الشرور مصالحته الكيزان الذين بخبثهم تمكنوا ثم انقلبوا على الحكومة الديمقراطية و نحن نجني ثمار ذالك الان

      1. السطحي عبد السلام وي قونا سري ناقمندو ، جعفر نميري اول من حقن السياسة بالدين وهذه الحقنة السامة لم تسطيع البلاد ان تتعافى منها حتي اليوم وذلك بعد التصالح مع مدمر السودان الفاجر حسن الترابي

    2. ومن الذي جاء بأب عاج للسلطة؟ إنهم الذين من انقلب عليهم أب عاج فانقلبوا عليه؛ وبمساعدة القذافي رجع أب عاج وأعدمهم…إنها حركات جيش!!!

  2. مثل هذا التكبر والتعالي هما اللذان يجعلا الحرية والتغير فى ذيل القائمة.
    علينا ان نعترف اننا نقاتل طواحين الهواء وان سلطة بورتسودان التى نحن لانعترف بها يعترف بها العالم قاطبة، واننا فى احزاب الحرية والتغير ارتكبنا خطأ فادح بتسليم رقاب احزابنا الى حفنة من المغامرين الصغار، وان هولا الصغار هم الذين تسببوا فى انصراف قواعدنا وابتعادعم عننا بسبب مواقفنا المخزية فى الحرب، ونعلنها صراحة اننا كقواعد حزب الامة بالداخل نشجب وندين ونستنكر مواقف تنسيقية حمدوك، وندعو قيادة حزبنا للاستماع الى صوت العقل والخروج من تنسيقية حمدوك ،هذا اذا كان قيادة الحزب تريد الاستمرار فى القيادة.

  3. اشرت في صدر المقال الي ما معناه “لم أرَ في حياتي جماعة يحرصون على التقليل والحط من شأن أنفسهم بهذا الشكل الدؤوب بقدر ما رأيت في جماعة هذه السلطة” …
    صدقت والله يا استاذ منعم سليمان … وتأكيداً لما ذهبت اليه الاخبار تتري عن الخلافت والانقسامات المستعرة بين حلفاء الامس !!

    و قد جاء في الاسافير آخر ما يؤكد فصائح الحط من شأن الذات واهانة النفس وذلك علي مفتي الشيطان الكويز القمئ الني عبد الحي -حرامي الدولارات- يوسف ..
    يسمي نفسه شيخ وهو لص متاجر ومجاهر بمتاجرته بالدين والفتاوي الباطلة العاطلة من المنطق وابسط ابجديات الفقه وما هو معلوم بالضرورة وبالفطرة ..

    ولكن اخيراً صدق عبد الحي وهو الكوز اذ اصدر فتوي تكفيرية في بهلوان بورتسودان البرهان وقال عنه بصريح العبارة “البرهان لا دين له” !!

    يبدو انه في تركيا الهوا قلب والتنظيم الدولي كرب يا جماعة !!
    عبد الحي يوسف “البرهان كاذب لا دين له وشخصية غير محترمة …
    البرهان وحميدتي كلاهما على علاقة بالصهاينة، حميدتي ارتبط بالموساد، أما البرهان فذهب مباشرة إلى نتنياهو والتقاءه في عنتيبي”
    باختصار يصف البرهان بأنه غير محترم، لا دين له، والحركة الإسلامية لا تثق فيه.
    وهو أصغر من القضاء على الحركة الإسلامية، وأنهم موجودون حتي داخل مكتبه.
    يحمله مسؤولية الحرب و دعم حميدتي، والسماح له بالتجنيد والتسليح …

    https://fb.watch/w9uRDwifhW/

    وللمزيد من التأكيد والتهديد ..
    عبد الحي يبين موقفه من البرهان:
    يصفه بأنه غير محترم، لا دين له، والحركة الإسلامية لا تثق به. وهو أصغر من القضاء على الحركة الإسلامية، وأنهم موجودون حتي داخل مكتبه !!.

    https://x.com/i/status/1862280342272422191

    يعني بالواضح المقدم ركن مدثر عثمان عبد الرحمن “مدثر القصير” -نسيب كرتي- … و معه طاقم الحراسة اللصيقة يا برهان جاهزين يكرفسوك في اي لحظة وباشارة من اصبع كرتي …

    1. كلما في الامر أمريكا ضغطت على تركيا وقطر وحتى المصريين هددوهم بإيقاف الرغيف عنهم ضغطت عليهم للاسراع بإيقاف الحرب نقطة سطر جديد ماعلى عملاء أمريكيا الا إيقاف الحرب

  4. أهذا كل أمرك يا عبدالكافي؟
    تشكر في جعفر الحمار كأي قونة أو حكامة لأنه قد حارب الشيوعيين؟
    أما المواخير والمومسات فهن منك وإليك ومن بيئتك أنت لا غيرك.

  5. مشكور يا شرفي على الفيديو الذي لم اشاهده من قبل بسبب عدم المتابعه و المشغوليات .

    لا تصدق الكيزان اطلاقاً .. و في لقاء مع سناء حمد تقول ان البرهان بعثي و لم يكن يوما في تنظيم الاخوان المسلمين .. هولاء يكذبون و لا تصدقهم و لا تصدق ان هناك خلاف بينهم و البرهان .. الكيزان من اشعل هذه الحرب لتصفية الثورة و لاذلال المواطن السوداني الذي خرج في هذه الثورة و ما البرهان كان و ما زال اداة في يد هولاء و لا خلاف بينهم .. ألم يكن البشير من سلم عبدالحي يوسف مبلغ الاثنين مليون دولار ؟ ألم يكن البشير نفسه و الذي تعاون نظامه مع الأمريكان ؟ كذب كذب و نفاق .. اعوذ بالله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..